هاريس تضع ترمب في موقف دفاعي... وتحظى بصوت تايلور سويفت

رؤيتان متعارضتان تماماً حول تحديات الهجرة والاقتصاد ومكانة القيادة الأميركية عالمياً

TT

هاريس تضع ترمب في موقف دفاعي... وتحظى بصوت تايلور سويفت

أشخاص يتابعون المناظرة الأولى بين ترمب وهاريس في لاس فيغاس (أ.ب)
أشخاص يتابعون المناظرة الأولى بين ترمب وهاريس في لاس فيغاس (أ.ب)

شاهد ملايين الأميركيين أوضح صورة حتى الآن عن خطط المرشحين للانتخابات الرئاسية، بعد 8 أسابيع، خلال مناظرة حامية الوطيس، هي الأولى، وربما تكون الأخيرة، بين نائبة الرئيس كامالا هاريس، والرئيس السابق دونالد ترمب، اللذين قدما رؤيتين متعارضتين تماماً في شأن قضايا أساسية، مثل الاقتصاد والإجهاض والهجرة والديمقراطية في الولايات المتحدة، فضلاً عن مكانة القيادة الأميركية عبر العالم.

التقى المرشحان في مدرج صغير مضاء بالأزرق، جرى تحويله إلى استوديو لمناظرة من دون جمهور. وعند الدخول إليه، تقدمت هاريس بضع خطوات لمصافحة ترمب. وبعد بداية ظهرت فيها علامات التشنج، انطلقت المناظرة التي استمرت 90 دقيقة في مدينة فيلادلفيا، خلال وقت الذروة، عبر شبكة «إيه بي سي» الأميركية للتلفزيون.

وتمكنت هاريس خلال المناظرة من استدراج ترمب واستفزازه لوضعه في موقف دفاعي، بما في ذلك عبر تذكيره بخسارة انتخابات عام 2020 التي لا يزال ينكر نتائجها، وتقديم تعليقات ساخرة على ادعاءاته الأخرى. وهذا ما دفع ترمب إلى شن هجمات شخصية حاول مستشاروه وأنصاره إبعاده عنها.

نائبة الرئيس كامالا هاريس خلال المناظرة (أ.ف.ب)

وحملت هاريس بشدة على ترمب بسبب إداناته الجنائية، وطريقة تعامله مع جائحة «كوفيد 19»، واستفزّته بحجم الحشود في التجمعات الانتخابية، وصولاً الى «الانتقادات» التي سمعتها من القادة الأجانب والعسكريين الذين قالت إنهم وصفوه بأنه «عار». ولكنها توجت هذا الإداء العدائي باستلهام من حياتها كمدعية عامة، إذ قالت: «حان الوقت لطي الصفحة».وغالبا ما كان ترمب المتجهم يبتلع الطُعم، ويرد على انتقادات هاريس بوابل من الادعاءات غير الصحيحة أو المعلومات المضللة والهجمات الشخصية.

تايلور سويفت مع هاريس

ولكن رغم وجود كثير من نقاط النقاش الحامي الوطيس، لم تكن هناك ضربة قاضية يمكن أن تغير بشكل أساسي ديناميكيات الانتخابات المتقاربة للغاية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بما في ذلك خيارات الناخبين، علماً بأن المناظرة تزامنت مع إعلان نجمة «البوب» الأميركية تايلور سويفت في حسابها على «إنستغرام» لمتابعيها البالغ عددهم 283 مليوناً، أنها تدعم نائبة الرئيس، وستصوت لها في الانتخابات.

نجمة البوب الأميركية تايلور سويفت (أ.ف.ب)

وبالنسبة للسيدة هاريس، كانت مناظرة يوم الثلاثاء فرصة لتعريف نفسها بشكل أكبر في عيون الناخبين؛ حيث قال كثيرون إنهم يريدون معرفة المزيد عن أهداف سياستها.

بالنسبة للسيد ترمب، قدمت الأمسية فرصة لإظهار الانضباط في مهاجمة نائب الرئيس، دون اللجوء إلى الطعنات الجنسية والعنصرية التي فضلها غالباً في مسار الحملة الانتخابية. لقد تمكن إلى حد بعيد من تجنب تكرار تلك الإهانات، حتى عندما سأله المنسقون عن التعليقات التي أدلى بها، والتي شكك فيها في الهوية العرقية للسيدة هاريس. وكذلك حدد المرشحان رؤى متعارضة بشكل حاد حول مكان الولايات المتحدة، وأين يعتزمان أخذها إذا انتُخبا. ووعدت هاريس بتخفيضات ضريبية تستهدف الطبقة المتوسطة، مضيفة أنها ستدفع لاستعادة الحق الفيدرالي المضمون في الإجهاض الذي ألغته المحكمة العليا قبل عامين؛ بينما قال ترمب إن التعريفات الجمركية التي اقترحها ستساعد الولايات المتحدة على منع خداع الحلفاء في التجارة. وأكد أنه سيعمل على إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا بسرعة، حتى لو كان ذلك يعني أن أوكرانيا لم تحقق النصر في ساحة المعركة.

عكس بايدن

وكانت هذه المناظرة السابعة لترمب بوصفه مرشحاً رئاسياً، في ثالث سباق له إلى البيت الأبيض، مقابل أول سباق لهاريس، وربما أفضل فرصة لها لتعريف نفسها وتقديم خططها للناخبين. وانتهت مناظرتهما قبل ساعات من بدء إرسال بطاقات الاقتراع الأولى للانتخابات بالبريد، اليوم (الأربعاء) في ألاباما، أي قبل 55 يوماً من الانتخابات، في 5 نوفمبر المقبل.

وبكل المقاييس تقريباً، بدا أداء هاريس عكس الأداء البائس للرئيس جو بايدن في يونيو (حزيران) الماضي؛ إذ إن نائبة الرئيس قدَّمت إجابات حادة ومركزة، مصممة للضرب على الأوتار الحساسة لترمب، خلافاً لحال التشوش التي ظهرت على بايدن خلال مواجهته ترمب. واستخدمت هاريس تعبيرات وجهها لمواجهة ترمب، والتعبير عن استيائها من إجاباته «السخيفة» أو غير ذات القيمة.

وفي لحظة، التفتت هاريس إلى ترمب وقالت له إنها تحدثت بوصفها نائبة للرئيس مع زعماء أجانب «وصفوك بأنك عار». وحاول ترمب بدوره ربط هاريس ببايدن، متسائلاً عن سبب عدم تحركها بوصفها نائبة للرئيس. وسألها: «لماذا لم تفعلي شيئاً» للتعامل مع الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية؟ ووصفها مراراً بأنها وبايدن «ضعيفان». واستشهد بثناء رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، لإظهار أنه يحظى باحترام كبير ورهبة واسعة النطاق من القادة في كل أنحاء العالم.

المرشح الرئاسي الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب (أ.ب)

ونفى ترمب مجدداً حقيقة أنه خسر الانتخابات أمام بايدن قبل 4 سنوات، عندما ألهمت جهوده لقلب النتيجة تمرد «الكابيتول» في 6 يناير (كانون الثاني) 2021. وقالت هاريس: «جرى طرد دونالد ترمب (من البيت الأبيض) من قبل 81 مليون شخص، لذا دعونا نكون واضحين في شأن ذلك. ومن الواضح أنه يواجه وقتاً عصيباً للغاية في معالجة ذلك». ومع ذلك أكدت أن «الوقت حان لقلب الصفحة»، مناشدة الجمهوريين والمستقلين الذين انزعجوا من أسلوب ترمب وجهوده قبل 4 سنوات لقلب الانتخابات الرئاسية لعام 2020، قائلة إن هناك مكاناً لهم في حملتها من أجل «الدفاع عن البلاد، والدفاع عن ديمقراطيتنا، والدفاع عن سيادة القانون، وإنهاء الفوضى».

ورفض ترمب مرتين القول إنه من مصلحة الولايات المتحدة أن تنتصر أوكرانيا في حربها ضد روسيا. وقالت هاريس إن هذا مثال على سبب امتنان حلفاء أميركا في حلف شمال الأطلسي لعدم وجوده في منصبه؛ حيث أرسلت هي وبايدن عشرات المليارات من الدولارات لمساعدة كييف في صد الغزو الروسي.

يأكلون القطط والكلاب!

وبينما أدلى الرئيس السابق بسلسلة من الادعاءات حول المهاجرين، ومنها أنهم يأكلون الكلاب والقطط، كانت هاريس تبتسم بسخرية عندما قال إن المهاجرين «يأخذون الوظائف التي يشغلها الآن الأميركيون من أصل أفريقي واللاتينيون». وردت: «يتحدث عن التطرف؟!»، مشيرة إلى ادعاءاته غير المسندة حول أن المهاجرين في أوهايو يأكلون كلاب وقطط جيرانهم. وبينما بدا أن هاريس تحاول التدخل خلال أحد ردوده، قال ترمب: «أنا أتحدث الآن، هل يبدو ذلك مألوفاً؟»، في إشارة إلى اللحظة التي أوقفت فيها هاريس مقاطعة من نائب الرئيس آنذاك مايك بنس.

وانتقدت هاريس ترمب بشدة بسبب حالة الاقتصاد والديمقراطية عندما ترك منصبه؛ حيث اجتاح وباء «كوفيد-19» البلاد، وبعد اقتحام أنصاره مبنى «الكابيتول». وقالت: «ما فعلناه هو تنظيف فوضى دونالد ترمب». وافتتحت إجابتها بقولها إنها تتوقع سماع «مجموعة من الأكاذيب والمظالم والشتائم» من خصمها الجمهوري.

غير أن ترمب سارع إلى مهاجمة هاريس لتخليها عن بعض مواقفها الليبرالية السابقة. وقال: «ستذهب إلى فلسفتي الآن. في الواقع، كنت سأرسل لها قبعة (ماغا)»، وهي شعاره المختصر لعبارة «فلنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى». وقابلت هاريس ذلك بابتسامة. وسعت هاريس للدفاع عن تحولاتها بعيداً عن القضايا الليبرالية إلى مواقف أكثر اعتدالاً في شأن استخراج النفط بتقنية التكسير الهيدروليكي، وتوسيع الرعاية الطبية للجميع، وبرامج إعادة شراء الأسلحة الإلزامية.

المرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس تصافح المرشح الرئاسي الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)

هاريس «ماركسية»

وفي تركيز على واحدة من أكبر نقاط ضعف ترمب الانتخابية، حملت هاريس ترمب مسؤولية إنهاء الحق الفيدرالي في الإجهاض، من خلال تعيينه 3 من قضاة المحكمة العليا الأميركية، تاركين أكثر من 20 ولاية في البلاد بما سمَّته «حظر ترمب للإجهاض».

واستخدمت هاريس سؤالاً حول خططها لتحسين الاقتصاد، قائلة إنها ستمدد التخفيض الضريبي للأسر التي لديها أطفال، والخصم الضريبي للشركات الصغيرة، بينما هاجمت خطط ترمب لفرض تعريفات جمركية واسعة النطاق باعتبارها «ضريبة مبيعات» على السلع التي سيدفعها الشعب الأميركي في النهاية. وتجمد وجه ترمب خلال إجابتها؛ لكنه رد: «ليست لدي ضريبة مبيعات. هذا بيان غير صحيح. وهي تعرف ذلك». واتهمها ترمب مجدداً بأنها «ماركسية»، وقال: «الجميع يعرفون أنها ماركسية».

تعاطف هاريس مع الفلسطينيين... وتحذير ترمب من زوال إسرائيل

واتهم ترمب منافسته الديمقراطية كامالا هاريس بأنها «تكره إسرائيل». وقال خلال المناظرة الرئاسية في فيلادلفيا إنه «في الوقت نفسه، وبطريقتها الخاصة، فهي تكره السكان العرب؛ لأن المكان بأكمله سينفجر: العرب، والشعب اليهودي، وإسرائيل. إسرائيل ستختفي».

من جهتها، حملت هاريس «حماس» عواقب هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقالت: «سأمنح إسرائيل دوماً الفرصة للدفاع عن نفسها»، مضيفة أن كيفية حدوث ذلك مهمة أيضاً: «لأنه صحيح أيضاً، قُتل عدد كبير جداً من الفلسطينيين الأبرياء، من أطفال وأمهات، وما نعرفه هو أن هذه الحرب يجب أن تتوقف». واستطردت أنه يجب إنشاء دولة فلسطينية على أساس حل الدولتين. وقالت: «نحن بحاجة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن». وادعى ترمب أن الحرب لم تكن لتحدث لو كان رئيساً. وقال: «سأقوم بتسوية هذا الأمر وبسرعة. سأقوم بذلك حتى قبل أن أصير رئيساً».


مقالات ذات صلة

ترمب يتخلص من مشكلاته القانونية قبل تنصيبه

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يتخلص من مشكلاته القانونية قبل تنصيبه

بعد فوزه في الانتخابات، يبدو أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سيتخلّص من مشكلاته القانونية بعد طلب الادعاء إسقاط دعوى قلب نتائج انتخابات 2020.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

أسقطت وزارة العدل الأميركية قضيتين جنائيتين رفعتا ضد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بتهم محاولته قلب نتائج انتخابات عام 2020، ونقل وثائق سرية إلى منزله في فلوريدا.

علي بردى (واشنطن)
الاقتصاد ترمب يلقي خطاباً خلال تجمع انتخابي في أرينا سانتاندر في ريدينغ بنسلفانيا (رويترز)

تعريفات ترمب الجمركية تضع شركات عالمية في المكسيك تحت المجهر

مع تزايد المخاوف من اندلاع حرب تجارية، ستواجه العديد من الشركات التي لديها حضور تصنيعي في المكسيك تحديات جديدة، وخاصة تلك التي تصدر إلى الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (عواصم )
الاقتصاد مخطط لمؤشر أسعار الأسهم الألمانية داكس في بورصة فرانكفورت (رويترز)

قطاع السيارات يقود تراجع الأسهم الأوروبية وسط تصاعد التوترات التجارية

افتتحت الأسهم الأوروبية على انخفاض يوم الثلاثاء متأثرة بتراجع أسهم شركات السيارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)

تعهدات ترمب بفرض تعريفات جمركية تدفع الدولار للارتفاع

ارتفع الدولار الأميركي بعد أن أعلن الرئيس المنتخب دونالد ترمب عن خطط لفرض تعريفات جمركية على المنتجات القادمة إلى الولايات المتحدة من المكسيك وكندا.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

تقرير: مرشح ترمب لمنصب وزير الدفاع يهاجم الأمم المتحدة و«الناتو» ويحث على تجاهل اتفاقيات جنيف

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يدلي بتصريح قبل الانتخابات مع مقدم البرامج في «فوكس نيوز» بيت هيغسيث الذي رشحه لمنصب وزير الدفاع (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يدلي بتصريح قبل الانتخابات مع مقدم البرامج في «فوكس نيوز» بيت هيغسيث الذي رشحه لمنصب وزير الدفاع (رويترز)
TT

تقرير: مرشح ترمب لمنصب وزير الدفاع يهاجم الأمم المتحدة و«الناتو» ويحث على تجاهل اتفاقيات جنيف

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يدلي بتصريح قبل الانتخابات مع مقدم البرامج في «فوكس نيوز» بيت هيغسيث الذي رشحه لمنصب وزير الدفاع (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يدلي بتصريح قبل الانتخابات مع مقدم البرامج في «فوكس نيوز» بيت هيغسيث الذي رشحه لمنصب وزير الدفاع (رويترز)

استعرضت صحيفة «الغارديان» البريطانية وجهات نظر بيت هيغسيث، مرشح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لمنصب وزير الدفاع، تجاه كثير من التحالفات الأميركية الرئيسة؛ مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ودول حليفة مثل تركيا، ومؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة، في كتابين صدرا مؤخراً.

وأضافت أن هيغسيث الذي سيقود الجيش الأميركي ربط السياسة الخارجية الأميركية بالكامل تقريباً بأولوية إسرائيل، التي يقول عنها: «إذا كنت تحب أميركا، فيجب أن تحب إسرائيل».

وذكر أن الجيش الأميركي يجب أن يتجاهل اتفاقيات جنيف وأي قوانين دولية تحكم سلوك الحرب، وبدلاً من ذلك «يجب إطلاق العنان له ليصبح قوة قاسية وفتاكة ومجهزة لكسب حروبنا وفقاً لقواعدنا الخاصة».

وقالت إن وجهات نظر هيغسيث السياسية قد تثير مخاوف بشأن مستقبل حلف شمال الأطلسي، وتصعيد التوترات مع إيران، العدو اللدود لإسرائيل، وإفلات مجرمي الحرب الأميركيين من العقاب، مثل أولئك الذين أقنع ترمب بالعفو عنهم في ولايته الأولى.

وقال توم هيل، المدير التنفيذي لمركز السلام والدبلوماسية، لـ«الغارديان»، إن ترشيح هيغسيث يعكس حقيقة مفادها أن «أحد أسس الدعم التي يدين بها دونالد ترمب هي الحركة الإنجيلية القومية المسيحية».

وقال هيل إن هيغسيث «يقدم سياسة إسرائيل وتشويه السياسة الخارجية لصالح إسرائيل مكافأة لهذه القاعدة القومية المسيحية».

وفي كتابه «الحملة الصليبية الأميركية»، الذي نُشر عام 2020، يسأل هيغسيث: «لماذا نمول الأمم المتحدة المناهضة لأميركا؟ لماذا تركيا الإسلامية عضو في (الناتو)؟».

وفي هذا الكتاب، ينتقد هيغسيث قوة حفظ السلام التابعة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والتي أُرسلت إلى أفغانستان في عام 2006، مع ادعاءات تستند إلى خدمته الخاصة في أفغانستان: «على زي التمويه الخاص بي، ارتديت العلم الأميركي على كتفي وشارة إيساف على الآخر»، يكتب، مضيفاً: «كانت النكتة الجارية للقوات الأميركية في أفغانستان أن شارة إيساف تعني في الواقع (رأيت الأميركيين يقاتلون)».

ومثل ترمب، يصف هيغسيث حلفاء «الناتو» بأنهم لا يدفعون أموالاً: «حلف (الناتو) ليس تحالفاً، إنها ترتيبات دفاعية لأوروبا، تدفعها وتمولها الولايات المتحدة».

كما يدمج هيغسيث انتقاداته لحلف شمال الأطلسي في مزاعم عن نهاية العالم على غرار «الاستبدال العظيم» للهجرة الأوروبية.

ويقول: «لقد سمحت أوروبا لنفسها بالفعل بالغزو. لقد اختارت عدم إعادة بناء جيوشها، وتقبلت بسعادة استعداد أميركا للقتال والفوز بالحروب».

ويشعر هيغسيث بالغضب بشكل خاص من ضم تركيا إلى حلف شمال الأطلسي، ويزعم أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان «يحلم علانية باستعادة الإمبراطورية العثمانية»، وهو «لديه رؤى إسلامية للشرق الأوسط».

وكتب هيغسيث: «إن الدفاع عن أوروبا ليس مشكلتنا؛ لقد كنا هناك وفعلنا ذلك مرتين»، مضيفاً: «حلف شمال الأطلسي هو من بقايا الماضي ويجب إلغاؤه وإعادة صياغته من أجل الدفاع عن الحرية، وهذا ما يقاتل من أجله ترمب».

من ناحية أخرى، يصف الأمم المتحدة بأنها «منظمة عالمية بالكامل تعمل بقوة على تعزيز أجندة معادية لأميركا وإسرائيل والحرية، وهذه مجموعة من القواعد للولايات المتحدة وإسرائيل، ومجموعة أخرى للجميع».

وعن وصف هيغسيث لتركيا بأنها «إسلامية»، وهو الوصف نفسه الذي يستخدمه لتنظيمات مسلحة مثل «داعش»، قال هيل: «هذا خطاب متطرف يحاول تصوير الحلفاء باعتبارهم جهات فاعلة غير شرعية».

ويعكس اعتقاد هيغسيث بتحيز الأمم المتحدة ضد إسرائيل أعمق التزاماته الواضحة: أي رؤية للتعاون الدولي متجذرة في دعمه لإسرائيل، الذي يصوغه في بعض الأحيان بمصطلحات دينية.

ففي فقرة بكتابه «العالم في زمن الحرب»، يقدم دعمه لإسرائيل باعتباره تجديداً للحروب الصليبية في العصور الوسطى.

وذكر: «لحظتنا الحالية تشبه إلى حد كبير القرن الحادي عشر، ونحن لا نريد القتال، ولكن مثل إخواننا المسيحيين قبل ألف عام، يجب أن نفعل ذلك. نحن بحاجة إلى حملة صليبية أميركية».

ويضيف: «نحن المسيحيين - إلى جانب أصدقائنا اليهود وجيشهم الرائع في إسرائيل - بحاجة إلى الدفاع عن أنفسنا، وبالنسبة لنا كصليبيين أميركيين، تجسد إسرائيل روح حملتنا الصليبية الأميركية».

وتابع: «إذا كنت تحب هذه الأشياء: الإيمان، والأسرة، والحرية، فتعلم أن تحب دولة إسرائيل».

صورة أرشيفية لبيت هيغسيث خلال توجهه إلى المصعد للقاء الرئيس المنتخب دونالد ترمب بنيويورك في 15 ديسمبر 2016 (أ.ب)

وقال هيل إن القومية المسيحية التي يتبناها هيغسيث، والتي ترجع جذورها إلى المسيحية الأصولية، تشكل مفتاحاً لفهم وجهة نظره بشأن إسرائيل.

وأضاف: «هو يركز على إسرائيل في كل شيء بسبب اللاهوت ونهاية العالم وتفسير نبوي لسفر الرؤيا - المجيء الثاني، وهرمجدون، وعودة المسيح، وهو أمر مهم حقاً، وإسرائيل تشكل محوراً لهذا العلم نهاية العالم».

وذكرت الصحيفة في وقت سابق أن هيغسيث، يحمل وشماً لشعار الصليبيين على نحو مماثل للصراع ضد «الأعداء الداخليين» بوصفه «حملة صليبية» أو «حرباً مقدسة».

وفي كتابه «الحرب الصليبية»، يربط بشكل صريح بين هذه الحملة الصليبية المحلية ودعمه لإسرائيل، فكتب: «لدينا أعداء محليون، ولدينا حلفاء دوليون، لقد حان الوقت للوصول إلى الأشخاص الذين يقدرون المبادئ نفسها، وإعادة تعلم الدروس منها، وتكوين روابط أقوى».

وأضاف أن «النزعة الأميركية حية في إسرائيل، حيث يقف بنيامين نتنياهو بجرأة ضد معاداة السامية الدولية والإسلاموية».

وتابع: «النزعة الأميركية حية في قلوب مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالمملكة المتحدة الذين يتوقون إلى السيادة الوطنية. والنزعة الأميركية حية في أماكن مثل بولندا، التي ترفض الرؤى العالمية للبيروقراطيين اليساريين في أوروبا القديمة، وفي الوقت نفسه تواصل إسرائيل هزيمة أعدائها الإسلاميين - بفضل الجدار الكبير الجميل والجيش الكبير الجميل الذي بنته».

وفي كتاب «الحرب على المحاربين» الصادر في عام 2024، يزعم هيغسيث أن القوات الأميركية لا بد أن تتجاهل اتفاقيات جنيف وغيرها من عناصر القانون الدولي التي تحكم سلوك الحرب.

ويتساءل هيغسيث: «إن السؤال الرئيسي الذي يطرحه جيلنا عن الحروب في العراق وأفغانستان أكثر تعقيداً: ماذا تفعل إذا لم يحترم عدوك اتفاقيات جنيف؟ ولم نحصل على إجابة قط، فقط المزيد من الحروب، والمزيد من الضحايا ولا انتصار»، وكانت إجابة هيغسيث أنه لا بد أن نتجاهل الاتفاقيات.

وقال: «ماذا لو تعاملنا مع العدو بالطريقة التي تعاملوا بها معنا؟ وألا يشكل هذا حافزاً للطرف الآخر لإعادة النظر في همجيته؟ مهلاً، أيها القاعدة: إذا استسلمتم فقد ننقذ حياتكم، وإذا لم تفعلوا فسوف ننزع أسلحتكم ونطعمها للخنازير».

وكتب هيغسيث، الذي أقنع ترمب في عام 2019 بالعفو عن الجنود الأميركيين المتهمين أو المدانين بارتكاب جرائم حرب: «سترتكب قواتنا أخطاء، وعندما تفعل ذلك، يجب أن تحصل على الاستفادة الساحقة من الشك».