للتغلب على ترمب في لعبة يجيدها... هاريس تستخدم سلاح «الفرح» وليس «السياسة»

يبدو أن أسلوب مخاطبة المشاعر ينجح في السباق الرئاسي الأميركي

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)
TT

للتغلب على ترمب في لعبة يجيدها... هاريس تستخدم سلاح «الفرح» وليس «السياسة»

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)

يبدو أن المرشحة للانتخابات الرئاسية الأميركية كامالا هاريس تنتهج أسلوب منافسها دونالد ترمب من ناحية التركيز على إثارة المشاعر بدلاً من الخوض في السياسات في الحملة الانتخابية، وتأمل أن تساعدها دعوتها «للفرح» على إلحاق الهزيمة بالجمهوري في اللعبة التي يجيدها، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

منذ انسحاب الرئيس جو بايدن من الانتخابات وترشيح الحزب الديمقراطي لها في يوليو (تموز) لخوض المعركة، تتسارع حملة هاريس فيما لم يبق سوى شهرين على الاستحقاق في نوفمبر (تشرين الثاني).

وبخلاف استثناءات قليلة تجنبت المؤتمرات الصحافية والمقابلات والنقاشات المطولة بشأن السياسات، بل إن المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الذي سماها رسمياً، ركز على شعار بث «الفرح». ويبدو أن أسلوب مخاطبة المشاعر ينجح.

فبينما كان ترمب يتقدم بفارق كبير عن بايدن، حققت هاريس تقدماً وبات المرشحان متقاربين في 6 ولايات رئيسية بحسب أحدث استطلاعات الرأي. والتحول في الأسلوب لبث رسالة تثير المشاعر، بحسب خبراء، استراتيجية سياسية فعالة.

وقالت أستاذة الاتصالات في جامعة «إيه آند إم» بتكساس، جنيفر ميرسيكا: «نظنُّ أننا نفكر مثل العلماء، نحسب الأدلة والوقائع أمامنا بانتباه وموضوعية».

ومخاطبة ما يسمى بالحقائق العاطفية، أي الأشياء التي «تبدو حقيقية»، حتى لو لم تدعمها الأدلة التي خلصت إليها التجارب، أمر قوي، وفق ميرسيكا. و«عندما يحاول المتحدثون الإقناع بناءً على حقائق مؤثرة، يصبح من الصعب مساءلتهم؛ لأنه من الصعب النقاش ضد مشاعر ما».

الابتعاد عن بايدن

والابتعاد عن حملة بايدن التي اعتمدت بشدة على كون ترمب «تهديداً للديمقراطية»، كان مدهشاً. ومنذ انسحابه من السباق الانتخابي أظهر استطلاع أجرته «نيويورك تايمز» وجامعة «سيينا»، «تراجع الغضب والاستسلام بين الناخبين من الحزبين، فيما ارتفع منسوب الفرح».

وقالت الأستاذة المساعدة في مجال القانون والعلوم السياسية بجامعة «هارفارد»، مشاعل مالك، إن انعطافة هاريس يمكن تفسيرها من خلال «الإرهاق» الذي يمكن أن تسببه المشاعر السلبية.

وأضافت: «أعتقد أن الخوف فشل في إلهام شريحة أوسع من الناخبين الديمقراطيين المحتملين، والذين استنفدت طاقة كثير منهم نتيجة السلبية التي سيطرت على الأخبار». وتابعت: «يبدو أن الرسالة حول الفرح تسعى لتخفيف بعض هذا الإرهاق وتقديم بديل للخوف». ورأت في ذلك وسيلة لهاريس لتمييز نفسها عن رئيسها الحالي بايدن.

ويصبح الأمر أكثر صعوبة عند التعمق في القضايا وليس التركيز على الأجواء.

وفيما يتعلق بدعم الولايات المتحدة لحرب إسرائيل في غزة على سبيل المثال، حاولت هاريس إرضاء المنتقدين الديمقراطيين بشكل كبير من خلال تغيير النبرة بشأن الأعداد الكبيرة للقتلى المدنيين الفلسطينيين. لكن من غير المرجح أن يؤدي هذا إلى حل الخلاف الصغير ولكن المهم في الحزب.

«غزو» المهاجرين

يستخدم المرشح الجمهوري منذ سنوات أسلوب مخاطبة المشاعر، وكثيراً ما كانت خطاباته مشبعة بالبلاغة وتنقصها الحقائق، أو يملأها الخيال.

في هذه الحملة ركز الرئيس السابق على ما سمّاه «غزو» المهاجرين للولايات المتحدة. ويطلِق على مدن أميركية «مناطق حرب».

في خطاب خلال حملته مؤخراً في ميشيغان، قال ترمب إن «كامالا هاريس ستجلب الجريمة والفوضى والدمار والموت».

وفي مقابلة أجريت في 27 أغسطس (آب) مع مقدم البرامج الحوارية، فيل ماكغرو، كرر ترمب عبارة من خطابه الانتخابي «إذا فازت، فسوف يدمرون بلدنا».

قد تكون الرسالة مضللة لكنها تخاطب مشاعر يعدها أنصار ترمب حقيقية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت مشاعل مالك، إن خطاب ترمب بشأن الفخر والاستياء «يشبه إلى حد كبير خطاب الشعبويين في جميع أنحاء العالم، ليس فقط في أوروبا ولكن أيضاً في أميركا اللاتينية وجنوب آسيا». وعدَّت ذلك «قصة مألوفة... وعادة لا تنتهي الأمور على خير».


مقالات ذات صلة

بحث عن مكاتب «حزب الله»... ترحيل مواطن إسرائيلي من لبنان بعد توقيفه في الضاحية

المشرق العربي طائرة تقلع من مطار بيروت في 7 أكتوبر 2024 (رويترز)

بحث عن مكاتب «حزب الله»... ترحيل مواطن إسرائيلي من لبنان بعد توقيفه في الضاحية

أوقفت السلطات اللبنانية شخصاً يحمل الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية في بيروت، الأسبوع الماضي، ورحّلته، وفق ما أفاد مصدران أمني وقضائي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جانب من القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ب)

أميركا نقلت أكثر من 1000 مواطن بعيداً عن لبنان عبر تركيا

قالت جولي أيديه، القنصل العام الأميركي في إسطنبول، اليوم (الخميس)، إن أكثر من ألف أميركي وأفراد عائلاتهم فروا من لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ سيارة تمر أمام حطام ناجم عن فيضانات إعصارَي «هيلين» و«ميلتون» في 9 أكتوبر (أ.ب)

4 قتلى في الساحل الشرقي لفلوريدا جراء الإعصار «ميلتون»

تأكّد مقتل 4 أشخاص على الأقل بسبب زوبعتين تسبب بهما الإعصار «ميلتون» في الساحل الشرقي لولاية فلوريدا الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري السابق دونالد ترمب يتحدث في تجمع انتخابي في سانتاندير أرينا في ريدينغ بنسلفانيا الأربعاء 9 أكتوبر 2024 (أ.ب)

حملة ترمب تعاني تراجع تمويلها من المتبرعين الصغار

انخفضت مساهمات المتبرعين الصغار لحملة الرئيس السابق دونالد ترمب الرئاسية، في حملته الأخيرة للبيت الأبيض، مما وضع الرئيس السابق أمام تحدٍّ مالي للحاق بحملة هاريس

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة أرشيفية للقاء بين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين (أرشيفية - رويترز)

«لوغان» يهدده بالسجن 3 أعوام... هل انتهك ترمب القانون باتصاله ببوتين؟

لفتت أنباء التواصل المزعوم بين ترمب وبوتين انتباه خصومه باعتبار ذلك انتهاكاً محتملاً لـ«قانون لوغان»، بحسب ما نقله موقع «أكسيوس» الإخباري.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

4 قتلى في الساحل الشرقي لفلوريدا جراء الإعصار «ميلتون»

سيارة تمر أمام حطام ناجم عن فيضانات إعصارَي «هيلين» و«ميلتون» في 9 أكتوبر (أ.ب)
سيارة تمر أمام حطام ناجم عن فيضانات إعصارَي «هيلين» و«ميلتون» في 9 أكتوبر (أ.ب)
TT

4 قتلى في الساحل الشرقي لفلوريدا جراء الإعصار «ميلتون»

سيارة تمر أمام حطام ناجم عن فيضانات إعصارَي «هيلين» و«ميلتون» في 9 أكتوبر (أ.ب)
سيارة تمر أمام حطام ناجم عن فيضانات إعصارَي «هيلين» و«ميلتون» في 9 أكتوبر (أ.ب)

أحدث إعصار «ميلتون»، الذي ضرب ولاية فلوريدا الأميركية، دماراً واسع النطاق من غرب الولاية إلى شرقها، حيث تسبّب بزوابع أدّت إلى مصرع أربعة أشخاص على الأقل وانقطاع الكهرباء عن ملايين الأشخاص، الخميس. وضرب «ميلتون» اليابسة، مساء الأربعاء، على ساحل خليج فلوريدا كعاصفة قوية من الفئة الثالثة. وعصفت رياح عاتية بالمناطق الداخلية التي لا تزال تعاني من آثار الإعصار «هيلين» الذي ضرب المنطقة قبل أسبوعين، قبل أن تعبر قبالة الساحل الشرقي لولاية فلوريدا إلى المحيط الأطلسي. وقالت كاري إليزابيث، المقيمة في ساراسوتا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» عندما خرجت لتفقد آثار الكارثة: «كانت الرياح هي الشيء الأكثر إثارة للخوف؛ لأن المبنى كان يتأرجح والنوافذ تهتز، على الرغم من أنها نوافذ مقاومة للعواصف».

زوابع مميتة

وقال حاكم ولاية فلوريدا، رون ديسانتيس، إن العاصفة تسبّبت بحدوث زوابع متفرقة قاتلة وانقطاع الكهرباء عن أكثر من ثلاثة ملايين شخص. وفي بيان على موقعها الإلكتروني، أكدت مقاطعة سانت لوسي على الساحل الشرقي «مقتل أربعة أشخاص نتيجة لهذه الزوابع».

وتسبّبت الرياح في اقتلاع أشجار كبيرة وتحطيم سقف ملعب «تروبيكانا فيلد للبيسبول»، التابع لفريق «تامبا باي رايز» في سان بطرسبرغ، كما تسببت بسقوط رافعة بناء على مبنى قريب في وسط المدينة. وفي مدينة كليرواتر، على الساحل الغربي، خرجت طواقم الطوارئ في قوارب إنقاذ عند الفجر لإخراج السكان العالقين في منازلهم بسبب مياه الفيضانات.

جانب من الدمار الذي خلّفه إعصار «ميلتون» بفلوريدا (أ.ف.ب)

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن حذّر، مساء الأربعاء، من أنه يُنتظر أن يكون «(ميلتون) من أكثر الأعاصير تدميراً منذ قرن في فلوريدا». وتسبّب «ميلتون» منذ بلوغه اليابسة بأمطار غزيرة وفيضانات «مباغتة»، على ما أوضحت نشرة المركز الأميركي للأعاصير. وأغلقت متنزهات «ديزني» الشهيرة أبوابها، في حين توقّفت حركة الملاحة أيضاً في مطارَي تامبا وساراسوتا. وسُجّلت زوابع أيضاً في وسط الولاية وجنوبها، بحسب محطة «ويذر تشانيل» المتخصصة.

توالي الكوارث الطبيعية

وبعد أسبوعين على مرور الإعصار «هيلين» في المنطقة نفسها، والذي أسفر عما لا يقل عن 236 قتيلاً في جنوب شرقي الولايات المتحدة، بينهم 15 على الأقل في فلوريدا، حذّرت دايان كريسويل مديرة الوكالة الفيدرالية للاستجابة للكوارث الطبيعية، من أن «ميلتون» هو «عاصفة قاتلة وكارثية». ومنذ أيام، تحُضّ السلطات سكان المناطق المعنية بتعليمات إخلاء على المغادرة، مؤكدة: «إنها مسألة حياة أو موت». والأعاصير شائعة في فلوريدا، ثالث كبرى الولايات المتحدة من حيث عدد السكان والتي تجذب الكثير من السياح.

تراجع إعصار «ميلتون» من الدرجة الخامسة إلى الثالثة قبل وصوله إلى فلوريدا (أ.ف.ب)

ويقول مختصّون وخبراء البيئة إن ارتفاع حرارة مياه البحار، بفعل التغير المناخي، يزيد من قوة الأعاصير بسرعة. ورأى الأستاذ الجامعي، جون مارشام، الخبير في علوم الغلاف الجوي، أن «الكثير من جوانب (هيلين) و(ميلتون) تتماشى تماماً» مع ما يتوقعه العلماء على صعيد التغير المناخي، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية». وأضاف: «تحتاج الأعاصير إلى محيطات دافئة لتتشكل، في حين تغذي درجات الحرارة القياسية في المحيطات العواصف المدمرة. فالأجواء الحارة تحبس المزيد من المياه، ما يتسبب بأمطار أكثر غزارة وبمزيد من الفيضانات». وأوضح أيضاً أن «ارتفاع مستوى مياه البحر الناجم عن التغير المناخي يؤدي إلى تفاقم الفيضانات الساحلية». ومنذ أكثر من سنة تسجل حرارة مياه شمال الأطلسي بشكل متواصل مستويات قياسية، على ما تفيد الوكالة الأميركية لمراقبة المحيطات والغلاف الجوي (نوا).

قضية انتخابية

تسبّبت الرياح في تحطيم سقف ملعب «تروبيكانا فيلد للبيسبول» بسان بطرسبرغ في 10 أكتوبر (أ.ف.ب)

وبينما يستمر الديمقراطيون والجمهوريون في تبادل الاتهامات بشأن إدارة كارثة الإعصارين من جانب الحكومة الفيدرالية، ندّد الرئيس جو بايدن بـ«وابل الأكاذيب» التي يطلقها سلفه دونالد ترمب المرشح للبيت الأبيض مجدداً، والذي يتهم إدارته بعدم بذل جهود كافية، وبأن تحركها أتى متأخراً. ويتهم ترمب منذ أيام الديمقراطيين بـ«سرقة أموال» من الوكالة الأميركية للاستجابة للكوارث الطبيعية، «وتحويلها إلى المهاجرين بطريقة غير نظامية». وقالت منافسته في الانتخابات الرئاسية نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، إن هذه الادعاءات «خطرة» و«غير مقبولة»، مطالبة المواطنين بالامتثال لتوجيهات السلطات وطواقم الإنقاذ.