هاريس تطلق مسيرتها الرئاسية بالتحذير من «خطورة» انتخاب ترمب

رسمت ملامح سياسة قوية حيال إيران ودعت لمنح الفلسطينيين حق تقرير المصير

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو (أ.ب)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو (أ.ب)
TT

هاريس تطلق مسيرتها الرئاسية بالتحذير من «خطورة» انتخاب ترمب

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو (أ.ب)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو (أ.ب)

باتت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس أول امرأة من أصول أفريقية وهندية يرشحها حزب رئيسي رسمياً لقيادة الولايات المتحدة، لتنطلق من شيكاغو حيث انعقد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في سباق انتخابي طاحن مع خصمها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب، للعودة إلى البيت الأبيض هذه المرة بلقب الرئيسة الأميركية.

ولئن حظيت هاريس (59 عاماً) ومرشحها لمنصب نائب الرئيس على بطاقتها حاكم مينيسوتا تيم والز (61 عاماً) بزخم استثنائي تعاظم خلال الأيام الأربعة للمؤتمر الذي بدأ الاثنين الماضي، فإن الذروة جاءت ليلة الخميس حين شهدت القاعة العملاقة ترحيباً هادراً بصعودها إلى المنصة لمخاطبة الأميركيين جميعاً والطلب منهم أن يتحدوا، وأن يمنحوها - أصواتهم في صناديق الاقتراع في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل - فرصة لدخول التاريخ مجدداً من باب البيت الأبيض بعدما دخلته عام 2020 لأول مرة بصفتها امرأة غير بيضاء تحتل منصب نائبة الرئيس.

نائبة الرئيس الأميركي المرشحة الرئاسية الديمقراطية كامالا هاريس تتحدث في اليوم الرابع والأخير من المؤتمر الوطني الديمقراطي في إلينوي - شيكاغو (أ.ف.ب)

ومع قبولها الترشيح رسمياً، أنعشت هاريس آمال الديمقراطيين في النصر على ترمب (78 عاماً) ورفيقه لمنصب نائب الرئيس السناتور جاي دي فانس (40 عاماً)، بعد تحوّل دراماتيكي وصفته بنفسها بأنه «غير معتاد» تمثل بانسحاب الرئيس جو بايدن الشهر الماضي من السباق وتسليمها الشعلة الرئاسية.

وفي خطابها المصمم لإظهار قوتها، قدمت هاريس للمرة الأولى تصوراً شاملاً لرئاستها المحتملة، محاولةً شق طريق جديدة إلى الأمام، ومحذرة من الأخطار التي تحملها أفكار ترمب على أميركا. وقالت في خطابها التاريخي: «أميركا، إن الطريق التي قادتني إلى هنا في الأسابيع الأخيرة كانت بلا شك غير متوقعة»، مؤكدة أنها «ليست غريبة عن الرحلات غير المتوقعة».

واستشهدت بتاريخ أسرتها، قائلة إن «والدتي شيامالا هاريس كانت لديها رحلة خاصة بها»؛ إذ إنها كانت في الـ19 من عمرها عندما عبرت العالم بمفردها، مسافرة من الهند إلى كاليفورنيا «بحلم لا يتزعزع بأن تكون العالمة التي ستعالج سرطان الثدي». وعرضت طريقة العيش البسيطة لوالدتها قبل أن تتمكن من شراء منزل عند خليج كاليفورنيا.

الحملة على ترمب

المرشحة الديمقراطية للرئاسة كامالا هاريس وزوجها دوغ إيمهوف برفقة المرشح لمنصب نائب الرئيس تيم والز وزوجته غوين (أ.ف.ب)

كذلك، قالت هاريس إنه «مع هذه الانتخابات، تحظى بلادنا بفرصة ثمينة وعابرة لتجاوز المرارة والسخرية ومعارك الماضي الانقسامية»، معتبرة أن تلك «فرصة لرسم طريق جديدة للمضي قدماً. ليس كأعضاء في أي حزب أو فصيل، ولكن كأميركيين». وأضافت: «أعلم أن هناك أشخاصاً لديهم وجهات نظر سياسية مختلفة يشاهدوننا الليلة. وأريدكم أن تعرفوا: أعدكم بأن أكون رئيسة لجميع الأميركيين». ووعدت: «سأكون رئيسة توحد (الأميركيين) حول أعلى تطلعاتنا. رئيسة تقود - وتستمع، واقعية، عملية، وتتمتع بالفطرة السليمة. وتقاتل دائماً من أجل الشعب الأميركي. من المحكمة إلى البيت الأبيض، كان هذا هو عمل حياتي».

وانطلقت هاريس من هذه النقطة لتقريع ترمب على كل سياسته، متهمة إياه مراراً بأنه سيقضي على القيم الديمقراطية للولايات المتحدة بشكل منهجي إذا عاد إلى البيت الأبيض. وخاطبت الأميركيين: «فكّروا بما ينوي القيام به إذا منحناه السلطة مرة أخرى. فكّروا في نيته الصريحة في إطلاق المتطرفين العنيفين الذين اعتدوا على ضباط إنفاذ القانون في الكابيتول»، في إشارة إلى أنصار ترمب الذين اقتحموا الكونغرس في 6 يناير (كانون الثاني) 2021؛ سعياً إلى منع المشرعين من المصادقة على انتخاب جو بايدن رئيساً عام 2020. ورأت أن «نيته الصريحة كانت سجن الصحافيين والمعارضين السياسيين وأي شخص يراه عدواً. نيته الصريحة نشر قواتنا العسكرية ضد مواطنينا». وأضافت: «تخيلوا فقط (...) لا رباط على دونالد ترمب». وأوضحت أنه «من نواحٍ كثيرة، دونالد ترمب رجل غير جاد. لكن عواقب إعادة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض خطيرة للغاية». وقالت للأميركيين: «فكّروا في القوة التي سيتمتع بها - وخصوصاً بعدما قضت المحكمة العليا للولايات المتحدة للتو بأنه سيكون محصناً من الملاحقة الجنائية».

الطبقة الوسطى

واتهمت خصمها تكراراً بأنه يدعم الأثرياء على حساب الطبقة الوسطى، ويعرقل مشروع قانون الحدود بين الحزبين لأنه سيكون مؤذياً لفرصه الانتخابية، ويسعى إلى حظر الإجهاض في كل أنحاء البلاد وإجبار الولايات على الإبلاغ عن حالات الإجهاض. وإذ تطرقت إلى أحوال الأميركيين الاقتصادية، أكدت هاريس أن «الطبقة الوسطى القوية كانت دائماً حاسمة لنجاح أميركا»، مضيفة أن «بناء هذه الطبقة الوسطى سيكون هدفاً محدداً لرئاستي». وزادت أن «هذا أمر شخصي بالنسبة لي»؛ لأن «الطبقة الوسطى هي المكان الذي أتيت منه». وقالت إن أنصاره «ببساطة، فقدوا عقولهم».

السياسة الخارجية

وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، حاولت هاريس إيجاد أرضية مشتركة في شأن قضية تفرق حزبها: الحرب بين إسرائيل و«حماس»، فتعهدت أنها تضمن ألا تضطر إسرائيل مرة أخرى إلى مواجهة «الرعب الذي أحدثته منظمة إرهابية تسمى (حماس) في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي». لكنها قالت أيضاً إن «ما حدث في غزة على مدى الأشهر العشرة الماضية مدمر» ويجب أن يتوقف على الفور، وإنه يجب في نهاية المطاف منح الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير.

وأكدت أنها «كرئيسة، سأقف بقوة إلى جانب أوكرانيا وحلفائنا في حلف شمال الأطلسي، (ناتو)»، موضحة تباينها مع سياسة ترمب، الذي ضغط على دول الحلف للمساهمة بشكل أكبر في «ناتو» بعدما «هدد ترمب بالتخلي» عنه.

واتهمته أيضاً بالرغبة في أن يكون «ديكتاتوراً» يفشل في محاسبة المستبدين. وفي إشارة إلى زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، قالت: «لن أتقرب من الطغاة والدكتاتوريين، مثل كيم جونغ أون الذي يشجع ترمب».

وفي بعض أقوى تصريحاتها حتى الآن في شأن السياسة الخارجية، قالت إنها ستتخذ أي إجراء ضروري للدفاع عن المصالح الأميركية ضد إيران، ولن تتقرب من الطغاة والدكتاتوريين.

«أنا مستعدة»

البالونات الاحتفالية تتساقط من سقف مركز يونايتد في شيكاغو بعد قبول نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس ترشيحها الرئاسي من المؤتمر الوطني العام للحزب الديمقراطي (رويترز)

وخاطبت مواطنيها الأميركيين، قائلة: «أحب بلادنا من كل قلبي. وفي كل مكان أذهب إليه - ومع كل من ألتقيه -أرى أمة مستعدة للمضي قدماً. أنا مستعدة للخطوة التالية، في الرحلة المذهلة التي تدعى أميركا»، مؤكدة التمسك بما سمته «قوة بالإيمان الشجاع الذي بنى أمتنا، والذي ألهم العالم». وذكّرت العالم بأن «كل شيء ممكن هنا، في هذه البلاد. لا شيء بعيد المنال».

واختتمت كلمتها بمناشدة الناخبين اختيار التفاؤل بدلاً من الظلام في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.


مقالات ذات صلة

مؤلف كتاب «الانتقام»: تهديد إيران باغتيال ترمب كان أكثر خطورة مما كشف عنه

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب على باب الطائرة الرئاسية «غير فورس ون» (أ.ب) play-circle

مؤلف كتاب «الانتقام»: تهديد إيران باغتيال ترمب كان أكثر خطورة مما كشف عنه

ذكر موقع «أكسيوس» الأميركي أن تهديد إيران باغتيال دونالد ترمب خلال حملته الانتخابية في عام 2024 كان أكثر خطورة بكثير مما نشر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
حصاد الأسبوع من حفل تنصيب مادورو (أ.ب)

فترة مادورو الثالثة في فنزويلا مهدّدة برياح واشنطن

كل ما كان متوقعاً حصل صباح العاشر من يناير (كانون الثاني) الحالي في العاصمة الفنزويلية كاراكاس عندما نصّب الرئيس نيكولاس مادورو نفسه رئيساً لفنزويلا من غير أن يقدّم أي دليل يثبت فوزه المزعوم في الانتخابات الرئاسية التي أجريت أواخر يوليو (تموز) الفائت. مادورو، وهو وريث الزعيم اليساري الراحل هوغو تشافيز، كان قد أعلن فوزه في نهاية اليوم الانتخابي بعد عملية فرز غامضة قدّمت فيها المعارضة وثائق تثبت فوز مرشحها إدموندو غونزاليس أورّوتيا بفارق كبير لم يتمكن النظام من دحضها. إلا أن سيطرة مادورو المطلقة على جميع مؤسسات الدولة، بما فيها جميع المحاكم العليا والقوات المسلحة، مهّدت الطريق لتنصيبه رئيساً لولاية ثالثة.

شوقي الريّس (مدريد)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب رئيس الولايات المتحدة يوقع أمراً تنفيذياً (أ.ب)

معارضة تعاني الإرهاق والخيبة في مواجهة ترمب

منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، خصوصاً منذ تنصيبه الاثنين، يكافح معارضوه لإسماع صوتهم في خضم خيبة أمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح زوجته ميلانيا خلال حفل تنصيبه بواشنطن (أ.ب)

بعد طرح تعديل دستوري... ما السيناريوهات المحتملة لتولي ترمب ولاية رئاسية ثالثة؟

قدّم عضو جمهوري في مجلس النواب الأميركي، أمس، اقتراحاً لتعديل دستور الولايات المتحدة للسماح للرئيس دونالد ترمب (وأي رئيس مستقبلي آخر) بالانتخاب لفترة ثالثة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مبنى انتخابات مقاطعة مولتوماه (أ.ب)

الشرطة الأميركية: هجوم على مكتب انتخابات بورتلاند يحطم عشرات النوافذ

حطمت مجموعة من الملثمين عشرات النوافذ ورشوا رسوم غرافيتي مناهضة للحكومة على مبنى انتخابات مقاطعة مولتوماه الأميركية.

«الشرق الأوسط» (بورتلاند (أميركا))

ترمب يمنح ماسك قوة ضاربة لاستكمال تطهير واشنطن

الرئيس دونالد ترمب يتحدث مع الصحافيين وبدا إيلون ماسك مستمعاً في المكتب البيضاوي في واشنطن (أ.ب)
الرئيس دونالد ترمب يتحدث مع الصحافيين وبدا إيلون ماسك مستمعاً في المكتب البيضاوي في واشنطن (أ.ب)
TT

ترمب يمنح ماسك قوة ضاربة لاستكمال تطهير واشنطن

الرئيس دونالد ترمب يتحدث مع الصحافيين وبدا إيلون ماسك مستمعاً في المكتب البيضاوي في واشنطن (أ.ب)
الرئيس دونالد ترمب يتحدث مع الصحافيين وبدا إيلون ماسك مستمعاً في المكتب البيضاوي في واشنطن (أ.ب)

منح الرئيس الأميركي دونالد ترمب صلاحيات إضافية لـ«دائرة الكفاءة الحكومية» («دوج» اختصاراً) بقيادة الملياردير إيلون ماسك، الذي ادعى أنه يعمل بشفافية لخفض الإنفاق الحكومي ولوقف الهدر الذي تسببه البيروقراطية في الوكالات الفيدرالية، في وقت واجهت فيه هذه الإجراءات تحديات جدية أمام المحاكم.

ووقع الرئيس ترمب على قرار تنفيذي جديد بحضور ماسك في المكتب البيضاوي، ليمنح «دوج» قوة ضاربة أكبر مما حصلت عليه منذ بدء ترمب ولايته الثانية قبل أكثر من 3 أسابيع، ومكنها من تنصيب مسؤول منها في كل وكالة فيدرالية للإشراف على قرارات التطهير والتوظيف. وكذلك يأمر قادة الوكالات الفيدرالية بتوظيف شخص واحد فقط مقابل كل 4 موظفين يجري تسريحهم، مع استثناءات للموظفين والوظائف «المتعلقة بالسلامة العامة، أو تنفيذ قوانين الهجرة، أو تنفيذ القانون». ويطلب من قادة الوكالات «القيام على الفور بالاستعدادات لبدء تخفيضات واسعة النطاق في القوة العاملة، بما يتفق مع القانون المرعي».

وحتى الآن، استهدف ماسك العاملين في مجال المساعدات، والمفتشين العامين، والمحققين في هجمات 6 يناير (كانون الثاني) 2021 ضد الكابيتول، والعاملين في برامج التنوع والإنصاف والدمج، بالإضافة إلى إجراءات أخرى في أكثر من 12 وكالة. وأدى ذلك إلى إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وتسريح أكثر من 10 آلاف من العاملين لديها. وبدأ بعملية استهداف لموظفي مكتب حماية المستهلك المالي، الذين يزيد عددهم على 1700 شخص.

وطردت إدارة ترمب أيضاً قائد خفر السواحل الأميركي بتهمة سوء الإدارة. كما أقال مفوضين ديمقراطيين والمستشار العام من لجنة تكافؤ فرص العمل. وأدت حملته الانتقامية إلى طرد القائم بأعمال وزير العدل وأكثر من 12 مدعياً عاماً عملوا على التحقيقين الجنائيين ضد ترمب. وكذلك طردت وزارة العدل أكثر من 12 مدعياً عاماً في مكتب المدعي العام في واشنطن، حققوا في أعمال الشغب ضد الكابيتول. وأقيل ما لا يقل عن 9 مسؤولين رفيعي المستوى في مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي». وأقالت إدارة ترمب ما لا يقل عن 17 مفتشاً عاماً. وفصلت المفتش العام لدى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. كما أقال الأعضاء الثلاثة الذين اختارهم الديمقراطيون في مجلس مراقبة الخصوصية والحريات المدنية.

لافتات تطالب بالحفاظ على عمل الموظفين خلال احتجاج على قرارات الرئيس دونالد ترمب و«دائرة الكفاءة الحكومية» بقيادة إيلون ماسك أمام مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ف.ب)

كما نفذ أنصار ترمب الجدد عمليات إقالة واسعة النطاق للموظفين داخل وكالاتهم، وطردت وزارة الخارجية نحو 60 متعاقداً يعملون في مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل. وأرسل مستشار الأمن القومي نحو 160 موظفاً في مجلس الأمن القومي إلى منازلهم. كما اقترح ترمب إغلاق وكالات أخرى، بما في ذلك وزارة التعليم ووكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية، حيث أقال كبير المسؤولين الماليين وثلاثة آخرين.

خفض 1 في المائة

عاملان من إدارة الطوارئ الفيدرالية خلال عملهما في نورث كارولينا (رويترز)

ويستند القرار الجديد إلى القرارات التنفيذية والمذكرات الرئاسية السابقة التي تهدف إلى إعادة تشكيل البيروقراطية المكونة من 2.3 مليون موظف مدني إلى قوة عاملة أصغر موالية لترمب وأجندته «أميركا أولاً». وتحركت «دوج» حتى الآن لتفكيك بعض الوكالات، وطرد مئات الآلاف من الموظفين، وحصلت على إمكانية الوصول إلى بعض أنظمة الدفع الأكثر حساسية في الحكومة الفيدرالية، مما دفع إلى رد فعل عنيف في المحاكم. ويتوقع أن تؤدي قرارات ترمب إلى إلغاء 25 في المائة من عدد الموظفين الفيدراليين، وبالتالي إلى خفض الميزانية الإجمالية للحكومة الأميركية بنحو 1 في المائة.

وقبيل التوقيع على القرار التنفيذي، قال ترمب: «سنوقع على صفقة مهمة للغاية»، مشيراً إلى «دوج». ومن دون أن يقدم أي تفاصيل أو أدلة حول الفساد أو كيف يخطط لمعالجته، ادعى أن إدارته وجدت «مليارات ومليارات الدولارات في الهدر والاحتيال والإساءة». وإذ انتقد الأحكام القضائية التي أوقفت إجراءات «دوج» مؤقتاً، قال إنه «يبدو من الصعب تصديق أن القضاة يريدون محاولة منعنا من البحث عن الفساد»، ملوحاً بإعادة النظر في القضاة «لأن هذا أمر خطير للغاية». لكنه أضاف لاحقاً أنه «سيلتزم دائماً بالمحاكم» ويستأنف أحكامها.

وهو كان يشير بذلك إلى أحكام عدة اتخذها قضاة ومحاكم خلال الأسبوع الماضي لوقف إجراءات إدارة ترمب لتسريح الموظفين والعاملين الفيدراليين مقابل دفع أجور لهم حتى سبتمبر (أيلول) المقبل. واعتبر ترمب أن الموظفين والعاملين «يحصلون على صفقة جيدة. إنهم يحصلون على عملية شراء كبيرة. ما نحاول القيام به هو تقليص الحكومة. لدينا عدد كبير للغاية من الناس». وادعى أيضاً أن مساحات المكاتب الفيدرالية «مشغولة بنسبة 4 في المائة» فقط، في تعارض مع تقرير تلقاه الكونغرس في أغسطس (آب) الماضي من مكتب الإدارة والميزانية، ويفيد بأن الموظفين الفيدراليين المؤهلين للعمل عن بُعد يمضون أكثر من 60 في المائة من ساعات عملهم في مكاتبهم.

«الدولة العميقة»

وكرر أنه وماسك يتابعان ما وعد به في حملته: إصلاح جذري للحكومة الفيدرالية، علماً بأنه تعهد مراراً خلال حملته باستئصال ما سمّاه «الدولة العميقة» وتسهيل فصل الموظفين المدنيين. أمّا ماسك الذي ظهر في البيت الأبيض وهو يعتمر قبعة سوداء مكتوباً عليها «ماغا» اختصاراً لشعار «فلنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»، وبجانبه ابنه البالغ من العمر 4 سنوات، ليجيب للمرة الأولى عن أسئلة الصحافيين منذ بدء مهمة «دوج» في واشنطن، فقال إنه «إذا كانت البيروقراطية مسؤولة، فما معنى الديمقراطية في الواقع؟»، مضيفاً أنها «لا تتوافق مع إرادة الشعب، لذا فهي مجرد شيء يتعين علينا إصلاحه». ووصف أحكام القضاة بأنها «انقلاب قضائي» لوقف قرارات ترمب.

وقدّم ماسك ادعاءات بلا أدلة عن تلقي بعض المسؤولين في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية التي جرى حلّها الأسبوع الماضي «رشاوى»، مضيفاً أن «عدداً لا بأس به من الأشخاص» في البيروقراطية تمكنوا بطريقة ما من «تجميع عشرات الملايين من الدولارات في صافي الثروة أثناء وجودهم في هذا المنصب». وكذلك ادعى أن بعض المتلقين لشيكات الضمان الاجتماعي كانوا في سن 150 عاماً. وفي إشارة إلى نشره فريقه على منصته «إكس» للتواصل الاجتماعي، قال: «نحن نحاول في الواقع أن نكون شفافين قدر الإمكان. لذا فإن كل أعمالنا شفافة إلى أقصى حد». وأضاف: «لا أعرف حالة كانت فيها هيئة ما أكثر شفافية من (دوج)».

منتقدو ماسك

غير أن منتقدي الدائرة الجديدة التي أنشأها ترمب يؤكدون أن فريق ماسك يعمل بسرية تامة. وهو يفاجئ الموظفين الفيدراليين بالتوجه إلى الوكالات من دون سابق إذن أو إنذار للحصول على أنظمة البيانات الحساسة، علماً بأن ماسك نفسه معيّن بوصفه «موظفاً حكومياً خاصاً»، مما يعني أنه غير مضطر لتقديم إفصاح مالي، طبقاً لما أعلنه البيت الأبيض.

جاءت تصريحات ماسك وسط انتقادات متزايدة بأنه كان يعمل بسلطة غير مقيدة ومن دون مساءلة. ورداً على ذلك، رفعت عشرات الدعاوى القضائية ضد الجهود السريعة لإدارة ترمب لقلب البيروقراطية، وأمر العديد من القضاة الفيدراليين بوقف الإجراءات أثناء الاستماع إلى التحديات.

بلاستيك أسود يغطي عملية إزالة اسم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية من مقرها الرئيسي في واشنطن (إ.ب.أ)

وعلقت رئيسة نقابة موظفي الخزانة الوطنية دورين جرينوالد على كلام ترمب وماسك، قائلة، في بيان، إن «الفصل التعسفي لآلاف الموظفين عبر وكالات فيدرالية متعددة كما هو موضح في القرار التنفيذي من شأنه أن يدمر الخدمات الحكومية الحيوية للجمهور الأميركي». وأضافت أن «الموظفين الفيدراليين يحمون البيئة، ويحافظون على الصحة العامة، ويقدمون المساعدة للأميركيين المحتاجين، ويعززون النمو الاقتصادي، ويؤمنون الأمة» الأميركية.