بعدما أغلق المانحون «دفاتر شيكاتهم» بوجه بايدن... ما أهمية التبرعات في الانتخابات الأميركية؟

أنباء عن تعليق جمع التبرعات لحملة بايدن الانتخابية مع الضغط عليه ومطالبته بالانسحاب من السباق الرئاسي (أ.ف.ب)
أنباء عن تعليق جمع التبرعات لحملة بايدن الانتخابية مع الضغط عليه ومطالبته بالانسحاب من السباق الرئاسي (أ.ف.ب)
TT

بعدما أغلق المانحون «دفاتر شيكاتهم» بوجه بايدن... ما أهمية التبرعات في الانتخابات الأميركية؟

أنباء عن تعليق جمع التبرعات لحملة بايدن الانتخابية مع الضغط عليه ومطالبته بالانسحاب من السباق الرئاسي (أ.ف.ب)
أنباء عن تعليق جمع التبرعات لحملة بايدن الانتخابية مع الضغط عليه ومطالبته بالانسحاب من السباق الرئاسي (أ.ف.ب)

لكل من الرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيس السابق دونالد ترمب، مئات الملايين من الدولارات تحت تصرفهما، في السباق إلى البيت الأبيض، لكن أداء بايدن في المناظرة الأولى، والدعوات اللاحقة له للتنحي عن الترشح، قد يغيران وضع هذه الصورة تماماً.

وأمس، ذاعت الأنباء عن تعليق جمع التبرعات لحملة بايدن الانتخابية، مع الضغط عليه ومطالبته بالانسحاب من السباق. وحسب مصادر «رويترز»، فإن عدداً من كبار المانحين «أغلقوا دفاتر شيكاتهم» وسط تساؤلات عما إذا كان يجب أن يظل بايدن على رأس قائمة الحزب الديمقراطي، مستخدمين نفوذهم المالي لمطالبته بالانسحاب من سباق الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، ربما لصالح نائبته كامالا هاريس.

وعلى الرغم من ذلك، أعلن بايدن تمسكه بالترشح لولاية رئاسية ثانية.

«أطلق النار على جو بايدن» ملقاة على الأرض في اليوم الرابع من المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري (رويترز)

وكانت الحملة تأمل جمع نحو 50 مليون دولار من التبرعات الكبيرة في يوليو (تموز)؛ لكنها كانت في طريقها لجمع أقل من نصف هذا الرقم حتى أمس (الجمعة)، وفقاً لمصدرين مطلعين لـ«رويترز» على جهود جمع التبرعات.

في يوم المناظرة، وفي صباح اليوم التالي، قالت حملة بايدن إنها جمعت مجتمعة 14 مليون دولار، مع زيادة العدد إلى 33 مليون دولار في الأيام التالية.

وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز»، فإن بعض المانحين لأكبر لجنة عمل سياسية مؤيدة لبايدن، وهي «Future Forward»، سوف يجمِّدون مساهماتهم التي تبلغ قيمتها نحو 90 مليون دولار، إذا واصل بايدن حملته.

فما أهمية التبرعات في الانتخابات الرئاسية الأميركية؟

الترشح للمنصب يكلف المال. ويعد جمع التبرعات أحد المكونات الرئيسية للحملات السياسية. يقضي المرشحون فترة طويلة من الوقت في التحدث مع الجهات المانحة، وحشد التبرعات الشعبية، من أجل إبقاء حملاتهم الانتخابية حية.

إن استهداف الناخبين من خلال التلفزيون، أو عبر الإنترنت، أو البريد المباشر، وكذلك تعيين موظفين لإدارة الحملات الانتخابية، كل ذلك يكلف أموالاً، وأيضاً لن يتبرع أحد لحملة أو منظمة، ما لم يُطلب منه ذلك. وهذا هو الغرض من جمع التبرعات.

يُشرِك جمع التبرعات الأفراد والمنظمات في جمع الأموال لحملة سياسية. إنها شريان الحياة لكل حملة، ومبادرة ديمقراطية، وأجندة تقدمية.

الرئيس جو بايدن يسعل خلال حدث مع النائب الديمقراطي ستيفن هورسفورد من ولاية نيفادا (أ.ب)

وقال مايكل كانغ، أستاذ القانون في جامعة نورث ويسترن، والمتخصص في تمويل الحملات الانتخابية، لـ«إن بي آر» (National Public Radio)، إن «تمويل الحملات الانتخابية مهم. إنها الطريقة التي يستطيع بها المرشحون تمويل أساليب تواصلهم ورسائلهم إلى الناخبين».

بدورها، أوضحت شانا بورتس، كبيرة المستشارين القانونيين لتمويل الحملات في مركز الحملة القانونية، لـ«إن بي آر»، أن «هناك طرقاً جديدة للتكنولوجيا -خصوصاً حول الإنترنت والمنصات الرقمية- التي تريد الحملات أن تكون قادرة على إنفاق كثير من المال عليها للوصول إلى الناخبين، واستهداف الأشخاص بشكل دقيق برسائلها».

وتمثل الإعلانات الإعلامية جزءاً كبيراً من الإنفاق، وفقاً لكانغ، وأشار إلى أن «هذا حقاً ما يرفع التكاليف، ويثبت حقيقة أن الجميع يحصلون على تمويل جيد، ويقضون كثيراً من الوقت في جمع التبرعات».

الرئيس الأميركي جو بايدن أعلن أنه متمسك بالترشح لولاية رئاسية ثانية (أ.ف.ب)

لماذا جمع المال؟

إن الإعلانات التي تنقل رسالة المرشح إلى الناخبين عبر منصات إعلامية مختلفة، تتطلب أموالاً لإنتاجها وتشغيلها.

وأوضح كانغ أن «هناك الكثير الذي يمكنك القيام به دون دفع ثمن أي نوع من الإعلانات، سواء كان ذلك في التلفزيون أو الراديو أو الطباعة أو الإنترنت. كل هذه الأشياء تتطلب المال، وهي باهظة الثمن».

لكنه قال إن هناك أيضاً كثيراً من النفقات الأخرى التي لا تذهب إلى التواصل الإعلامي، مثل دفع تكاليف استطلاعات الرأي، وتعيين موظفي الحملة، وطباعة اللافتات والملصقات.

ما مصادر تمويل الانتخابات الأميركية؟

في الولايات المتحدة، يتم تمويل الانتخابات من خلال مصادر مختلفة، تشمل:

1- الأحزاب السياسية: وهي توفر المال للمرشحين، ويمكنها تمويل عرض إعلانات في وسائل الإعلام، ويمكنها المساعدة في تعبئة الناخبين.

2- لجان العمل السياسي (PACs): وهي تجمعات ترعاها شركات أو نقابات أو جماعات نشطة؛ حيث يجمعون المال ويعطونه لحملات المرشحين.

3- المتبرعون الأفراد: حيث يمكنهم إعطاء مبالغ غير محدودة لكثير من المرشحين والأحزاب كما يريدون.

4- الجماعات المستقلة: ويطلق عليها اسم «Super PAC»، وهي لا تساهم بصورة مباشرة في تمويل الانتخابات، وبدلاً من ذلك تنفق ما تريد من الأموال بشكل مباشر لمساعدة المرشح؛ حيث تعرض الإعلانات، وتضع لافتات، وتوزع مواد ترويجية؛ لكنها -وبشكل رئيسي- لا تستطيع التحدث إلى المرشح أو الحزب؛ لأنها مستقلة.

5- مساهمات الجهات المانحة الصغيرة: فمع ظهور المنصات الرقمية يتلقى المرشحون أيضاً أموالاً من الجهات المانحة الصغيرة التي تساهم بمبالغ صغيرة نسبياً عبر الإنترنت.

هل يزيد المال من فرص الفوز؟

وفق كانغ، فإن جمع التبرعات هو أحد العوامل المساهمة في نجاح الحملة، لكن هناك مسائل أخرى تسهم في ذلك، مثل جودة المرشح.

وقال: «عادة، إذا كنت تنفق كثيراً من المال، فغالباً ما ينفق الخصم أيضاً، وهذا لا يعني أن امتلاك المال ليس مهماً أو لا يساعد على الفوز؛ لأنه إذا كان الخصم ينفق كثيراً من المال، فمن الأفضل أن تفعل ذلك أيضاً».

وللتذكير، فإن في الانتخابات الرئاسية عام 2016، جمعت المرشحة هيلاري كلينتون أموالاً أكثر مما جمعه ترمب بكثير، لكنه هزمها.

صورة تجمع المرشحين المتنافسين جو بايدن ودونالد ترمب (أ.ب)

من يفوز في سباق جمع التبرعات بشكل عام؟

كان لدى لجنة حملة ترمب الرئيسية «دونالد جيه ترمب للرئاسة 2024» 116.5 مليون دولار نقداً في نهاية مايو (أيار) 2024، في حين كان لدى لجنة حملة بايدن الرئيسية «بايدن للرئاسة» 91.5 مليون دولار نقداً.

فيما يتعلق بالحزب السياسي، بدءاً من 31 مايو 2024، كان لدى اللجنة الوطنية الديمقراطية 65.1 مليون دولار نقداً، وكان لدى اللجنة الوطنية الجمهورية 54.1 مليون دولار نقداً، وفق «رويترز».

عند الأخذ في الاعتبار المجموعات الخارجية، مثل لجان العمل السياسي الكبرى التي لا يمكنها قانوناً التنسيق مع الحملات، ولكن يمكنها جمع الأموال وإنفاقها لدعمها، فإن إجمالي أموال ترمب المجمعة بلغ 261 مليون دولار، بدءاً من 21 يونيو (حزيران)، في حين يبلغ مبلغ بايدن 191 مليون دولار، وفقاً لـOpenSecrets.org.

ولا يأخذ إجمالي أموال ترمب في الاعتبار التقارير الأخيرة عن تبرعات رفيعة المستوى، مثل خطة إيلون ماسك المعلنة للتبرع بمبلغ 45 مليون دولار شهرياً، للجنة العمل السياسي الكبرى التي تدعم ترمب.

ما مقدار التبرعات التي جمعها بايدن؟

في 2 يوليو 2024، أعلنت حملة بايدن أن لديها 240 مليون دولار نقداً، وفقاً لشبكة «سي بي إس نيوز».

بالإضافة إلى ذلك، جمعت لجان العمل السياسي البارزة الداعمة لبايدن ملايين الدولارات الخاصة بها. كان لدى «Future Forward» ما يبلغ 92.3 مليون دولار نقداً، بدءاً من 31 مايو 2024، في حين جمعت مجموعة «American Bridge 21st Century»، أكثر من 33 مليون دولار، وفقاً لموقع OpenSecrets.org، وهو موقع لتمويل الحملات الانتخابية غير الربحية.

ماذا سيحدث لأموال حملة بايدن إذا انسحب؟

أوضح سوراف غوش، مدير إصلاح تمويل الحملات الفيدرالية في المركز القانوني للحملة، إن الأمر يعتمد على من هو المرشح الديمقراطي الجديد.

وقال غوش إن أبسط خيار من وجهة نظر تمويل الحملات الانتخابية، هو ترشيح نائبة الرئيس كامالا هاريس؛ لأنه «إذا ظلت هاريس على التذكرة، إما مرشحة للرئاسة أو لمنصب نائب الرئيس، فإن التذكرة الجديدة ستحتفظ بإمكانية الوصول إلى جميع الأموال في لجنة الحملة».

وأوضح أن سبب ذلك هو أن بايدن وهاريس يشتركان في لجنة الحملة؛ حيث يظهر كلا الاسمين في بيان ترشيح بايدن، وبيان التنظيم للجنة الانتخابات الفيدرالية.

ومع ذلك، أشار غوش إلى أنه إذا لم تتضمن القائمة الديمقراطية الجديدة بايدن أو هاريس، فإن الأمور ستصبح «أكثر تعقيداً».

وقال غوش إنه نظراً لأن ألفَي دولار هو الحد الأقصى لتحويل الأموال بين لجان الحملة الفيدرالية لكل دورة انتخابية، فإن حملة بايدن لا يمكنها قانوناً المساهمة بكل أموال حملتها لمرشح جديد.

وبدلاً من ذلك، سيتعين على حملة بايدن أن تعرض إعادة الأموال إلى الجهات المانحة التي يمكنها بعد ذلك المساهمة في حملة المرشح الجديد، أو تحويل مبلغ غير محدود إلى اللجنة الوطنية الديمقراطية التي يمكنها بعد ذلك إنفاق الأموال لدعم المرشح الرئاسي الجديد، وفقاً لغوش. وقال: «يمكن تنسيق ما يصل إلى 32.3 مليون دولار من هذا الإنفاق مع المرشح الجديد».

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

ترمب يهاجم هاريس في أول تجمع انتخابي له بالهواء الطلق منذ محاولة اغتياله

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للبيت الأبيض دونالد ترمب متحدثا من وراء زجاج مضاد للرصاص في كارولاينا الشمالية (أ.ب)

ترمب يهاجم هاريس في أول تجمع انتخابي له بالهواء الطلق منذ محاولة اغتياله

من خلف الزجاج المقاوم للرصاص اتّهم الملياردير الجمهوري نائبة الرئيس الديموقراطية بأنها "أكثر شخص يساري متطرف" يدخل السباق الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يصافح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماع في القدس 19 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

نتنياهو راوغ بلينكن تحسباً لليمين في إسرائيل وأميركا

كشفت مصادر سياسية بتل أبيب عن أن أسباباً متنوعة إسرائيلية وأميركية دفعت نتنياهو إلى المراوغة والتعبير عن التراجع عما أعلنه بلينكن من قبوله اتفاق تهدئة في غزة.

نظير مجلي (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)

ماسك وأوربان وفاراج في الصدارة... هل يشكل ترمب فريقه الخيالي المثالي؟

بدأ ترمب في بناء فريق الأحلام الذي يسعى من خلاله إلى استعادة البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد صورة خلال إطلاق «دار غلوبال» أحد مشاريعها الفاخرة في ماربيا الإسبانية 2023 (موقع الشركة)

«دار غلوبال» تتعاون مع «روتشيلد» لاستكشاف التوسع في السعودية ولندن

عيَّنت «دار غلوبال» شركة «روتشيلد آند كو» لاستكشاف فرص النمو في لندن والسعودية كجزء من استراتيجيتها التوسعية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ بايدن يمسح الدموع عن وجهه متأثراً بخطاب ابنته في المؤتمر الحزبي بشيكاغو في 19 أغسطس 2024 (أ.ب)

بعد التنحي: هل يتخطى عمالقة الديمقراطيين خلافاتهم؟

في حين اعتلى أوباما وزوجته ميشيل منصة المؤتمر الوطني الديمقراطي، غاب وجه هاريس من الحضور في موقف رآه البعض دليلاً على استمرار الخلافات الداخلية بعد تنحي بايدن

رنا أبتر (واشنطن)

بعد التنحي: هل يتخطى عمالقة الديمقراطيين خلافاتهم؟

بايدن وحوله أوباما وبيلوسي وهاريس بالبيت الأبيض في 5 أبريل 2022 (رويترز)
بايدن وحوله أوباما وبيلوسي وهاريس بالبيت الأبيض في 5 أبريل 2022 (رويترز)
TT

بعد التنحي: هل يتخطى عمالقة الديمقراطيين خلافاتهم؟

بايدن وحوله أوباما وبيلوسي وهاريس بالبيت الأبيض في 5 أبريل 2022 (رويترز)
بايدن وحوله أوباما وبيلوسي وهاريس بالبيت الأبيض في 5 أبريل 2022 (رويترز)

في حين اعتلى كل من الرئيس السابق باراك أوباما وزوجته ميشيل منصة المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو للإعراب عن دعمهما غير المشروط لمرشحة الحزب كامالا هاريس، غاب وجه هاريس من الحضور، فوقفت هي ونائبها تيم والز على منصة تبعد أكثر من 100 كلم عنهما للحديث مع الناخبين في ولاية ويسكنسن.

الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما وزوجته ميشيل على منصة المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو (إ.ب.أ)

موقف غريب ولافت رآه البعض دليلاً على استمرار الخلافات الداخلية في صفوف الحزب الديمقراطي التي دفعت قياداته الرئيس الحالي جو بايدن إلى التنحي والتخلي عن طموحاته في ولاية ثانية. فهاريس لا تزال نائبة الرئيس الأميركي، وأي ظهور لها برفقة أوباما وغياب بايدن من شأنه أن يعقّد المشهد الداخلي ويعمّق الشرخ الذي خلقه دفع الرئيس السابق وزوجته لبايدن إلى التنحي.

ويحمّل بايدن، الذي كان هو نفسه نائباً لأوباما، الرئيس السابق مسؤولية الجهود لدفعه خارج حلبه الصراع، ويراه كالرأس المدبر الذي جمع ما يكفي من الدعم من قيادات الحزب للضغط عليه للاستسلام وتسليم الشعلة لهاريس.

رأي وضع هاريس في موقف حرج، فهي اليوم ترتدي قبعتين: قبعة المرشحة الديمقراطية للرئاسة التي يقضي دورها برصّ الصف الديمقراطي، وقبعة نائبة الرئيس التي تتمثل مهامها بدعمه وتأييد أجندته، ومن هنا تسعى جاهدة لتوفير التوازن بين حملتها الرئاسية من جهة ومهامها الحالية في البيت الأبيض من جهة أخرى رغم تداخل الملفين وتقاطعهما، فالسباق إلى البيت الأبيض في حاجة إلى وحدة صف لا لبس فيها في صفوف الحزب، ومهمة هاريس ستقضي بلعب دور وسيط بين أقطاب الحزب وعمالقته لردم الانقسامات في البيت الديمقراطي.

بيلوسي وبايدن: هل تنجو العلاقة؟

بيلوسي تحمل لافتة كُتب عليه «نحب جو» في المؤتمر الوطني في 19 أغسطس 2024 بشيكاغو (أ.ب)

ولا يقتصر الخلاف على بايدن وأوباما فحسب، بل يتخطاهما ليشمل قطباً من أقطاب الحزب: رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي التي تحدثت علناً عن ضرورة تنحي بايدن، فيما وصفه الكثيرون في واشنطن بـ«الطعنة من الأمام». وتسعى بيلوسي جاهدة اليوم إلى لملمة الجراح ورأب الصدع في العلاقة المتينة والطويلة التي جمعتها بالرئيس الأميركي منذ عام 1970، فهما أمضيا عقوداً يعملان معاً في الكونغرس، هي في مجلس النواب، وهو في مجلس الشيوخ. وتعاونا على إقرار مشاريع وملفات أساسية للحزب الديمقراطي. لكن العلاقة تأزمت إلى حد القطيعة بعد موقف بيلوسي التي تحدثت عن حظوظ العلاقة بالنجاة لصحيفة «ذي نيويوركر» مطلع الشهر الحالي قائلة: «آمل أن يحصل ذلك، أُصلّي كي يحصل ذلك، وأبكي. لا يمكنني النوم...»، لتعود وتشرح موقفها لشبكة (سي إن إن) خلال المؤتمر الحزبي وتقول: «فعلت ما كان عليّ فعله. هو (بايدن) اتخذ القرار لمصلحة البلاد. قلقي لم يكن بسبب الرئيس بل بسبب حملته...».

أوباما وبايدن: التاريخ يعيد نفسه؟

أوباما ونائبه في المؤتمر الوطني الديمقراطي في 8 أغسطس 2008 بدنفر (أ.ب)

من ناحيته، يعلم أوباما، الذي أمضى 8 أعوام جنباً إلى جنب مع بايدن في البيت الأبيض، خيبة أمل الرئيس الحالي، وهو سعى بشكل واضح في خطابه إلى مد غصن الزيتون له فخصص جزءاً بارزاً فيه لبايدن قائلاً: «التاريخ سوف يتذكر جو بايدن رئيساً استثنائياً دافع عن الديمقراطية في وقت الخطر. وأنا فخور بأنه رئيسي، لكني فخور أكثر بأن يكون صديقي...».

كلمات واضحة تهدف إلى طمر الخلافات السياسية والتركيز على العلاقات الشخصية، وهذا ما يأمل أوباما تحقيقه، لكن جعبة الرئيس الحالي ممتلئة بذكريات الماضي، خصوصاً ذكريات عام 2016، حين سعى بايدن حينها للترشح لمنصب الرئاسة خلفاً لأوباما، في تقليد متعارف عليه في الإدارات المتعاقبة في حال وجود طموحات رئاسية لنائب الرئيس، وخير مثال على ذلك آل غور بعد انتهاء ولاية بيل كلينتون. لكن أوباما وبدلاً من تأييد نائبه ودفعه نحو الترشح، اختار حينها وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون ظناً منه أن حظوظها بالفوز ضد ترمب أكبر من حظوظ نائبه. وهذا ما تحدث عنه بايدن بشكل صريح في مقابلة مع المحقق الخاص روبرت هير عندما قال له: «لقد ظنّ (أوباما) أن حظوظها (كلينتون) بالفوز بالرئاسة أكبر من حظوظي...».

المرشح الجمهوري للانتخابات الأميركية دونالد ترمب ومرشحة الديمقراطيين كامالا هاريس (أ.ف.ب)

وأثبت هذا الظنّ خطأ فادحاً في التقييم، أدى إلى هزيمة كلينتون ووصول ترمب إلى البيت الأبيض، ليتساءل البعض ما إذا كان وجود بايدن على البطاقة بدلاً من السيدة الأولى السابقة ليغير المعادلة وينقذ الديمقراطيين من براثن خصمهم اللدود. وهو أمر على الأرجح ألا يتخطاه بايدن في حال أعاد التاريخ نفسه في هذه الجولة الانتخابية المصيرية، على حد وصف الديمقراطيين.