بعد المناظرة... بايدن يقرّ بالضعف ويتمسك بخوض السباق

أوباما جدّد دعمه للرئيس الديمقراطي... وترمب ينتقد كفاءته

جو وجيل بايدن خلال فعالية انتخابية برالي في نورث كارولاينا الجمعة (رويترز)
جو وجيل بايدن خلال فعالية انتخابية برالي في نورث كارولاينا الجمعة (رويترز)
TT

بعد المناظرة... بايدن يقرّ بالضعف ويتمسك بخوض السباق

جو وجيل بايدن خلال فعالية انتخابية برالي في نورث كارولاينا الجمعة (رويترز)
جو وجيل بايدن خلال فعالية انتخابية برالي في نورث كارولاينا الجمعة (رويترز)

أكّد الرئيس الأميركي، جو بايدن، مساء الجمعة، عزمه على مواصلة خوض السباق الرئاسي، رغم أدائه الذي وُصف بـ«الكارثي»، في المناظرة التي خاضها، الخميس، أمام منافسه الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب.

وقال بايدن أمام تجمّع لأنصاره في ولاية كارولاينا الشمالية: «لم أعد أسير بسهولة كما كنت أفعل سابقاً، لم أعد أتكلم بطلاقة كما كنت أفعل سابقاً، لم أعد أُناظر بالجودة السابقة نفسها، لكنني أعلم كيفية قول الحقيقة».

وأضاف: «أعلم الصواب من الخطأ، أعلم كيفية تأدية هذه المهمة، أعلم كيفية إنجاز الأمور، أعلم كما يعلم ملايين الأميركيين أنك حين تسقط فإنك تنهض مجدداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية»، وتحدثت وسائل الإعلام الأميركية عن «ذعر» حقيقي خلّفته المناظرة في صفوف الديمقراطيين، قبل 4 أشهر من الانتخابات، ونحو 6 أسابيع من المؤتمر المفترض أن يُنصَّب فيه الرئيس الأميركي مرشّحاً رسمياً للحزب، لكن حالياً لم تُعبّر أي شخصية وازنة في الحزب الديمقراطي عن هذا الشعور علناً.

«ترمب الكاذب»

بدا، الجمعة، في كارولاينا الشمالية أن بايدن يقول الكلمات التي شاء أنصاره أن يقولها خلال المناظرة، لكنه لم يتمكن من ذلك بسبب تلعثمه، وإرهاقٍ بدا واضحاً على محيّاه. وتابع الرئيس الأميركي: «هل شاهدتُم ترمب الليلة الماضية؟ أعتقد أنه حقّق رقماً قياسياً جديداً لأكبر عدد من الأكاذيب في مناظرة واحدة». وقال أيضاً: «لم أكُن لأترشّح مجدداً لو لم أكُن مؤمناً من كل قلبي بأنّني قادر على تأدية هذه المهمة».

الخصمان بايدن وترمب في مناظرة «سي إن إن» (رويترز)

وشدّد بايدن على أن «ترمب أكبر تهديد لهذه الأمّة، إنّه تهديد لحرّيتنا، إنّه تهديد لديمقراطيّتنا، إنّه حرفياً تهديد لكلّ شيء تدافع عنه أميركا».

ولتبيان مدى سوء الوضع إثر المناظرة، تكفي المقالة اللاذعة لتوماس فريدمان الذي يطرح نفسه «صديقاً» للرئيس الأميركي، الصادرة، الجمعة، في صحيفة نيويورك تايمز، وكتب الصحافي أنّ بايدن «رجل طيّب، رئيس جيّد، لكنّه ليس في وضع يسمح له بالترشّح لولاية ثانية»، كاشفاً أنه «بكى» لدى رؤيته الرئيس الديمقراطي البالغ 81 عاماً، والذي بدا مُنهَكاً في بعض الأحيان، ومتلعثماً خلال مناظرة استمرت 90 دقيقة أمام كاميرات شبكة «سي إن إن» الإخباريّة.

وكتبت ماريا شرايفر، ابنة شقيقة جون كينيدي، الرئيس الأميركي الذي اغتيل عام 1963، وحليفة بايدن، على منصة إكس، «قلبي مفطور»، أما رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، فأكّد أنّ بايدن «ليس قادراً على أن يكون رئيساً، ولا يمتعنا قول ذلك؛ لأنّ الأمر خطير جداً».

من جهته، دعم الرئيس الديمقراطي الأسبق، باراك أوباما، بايدن على «إكس»، وقال: «يُمكن أن تحدث مناظرات سيّئة»، لكن الانتخابات «لا تزال خياراً بين شخص ناضَل من أجل الناس العاديين طوال حياته، وشخص لا يهتمّ إلا بنفسه، بين شخص يقول الحقيقة، ويعرف الصواب من الخطأ... وشخص يكذب من أجل مصلحته الخاصة».

وأضاف أوباما: «الليلة الماضية لم يتغيّر ذلك؛ لذا فإنّ أموراً كثيرة على المحكّ في نوفمبر (تشرين الثاني)».

سيناريو الانسحاب

من جهتها، دعت هيئة تحرير صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، الجمعة، بايدن إلى الانسحاب من السباق إلى البيت الأبيض غداةَ المناظرة، وكتبت الصحيفة في افتتاحية، نُشرت مساء الجمعة: «بايدن كان رئيساً مثيراً للإعجاب، في ظل قيادته ازدهرت الأمة، وبدأت في معالجة سلسلة تحديات طويلة الأمد، وبدأت الجروح التي فتحها ترمب في الالتئام، لكن أعظم خدمة عامة يمكن أن يؤديها بايدن الآن هي أن يعلن أنه لن يستمر في الترشح لإعادة انتخابه».

أحد أنصار بايدن لدى متابعته المناظرة الرئاسية مساء الخميس (أ.ب)

وفي هذا المقال الافتتاحي، بعنوان «لخدمة البلاد... يجب على الرئيس بايدن أن يغادر السباق»، وصفت «نيويورك تايمز» بايدن بأنه «ظل زعيم»، بعد أن «فشل» الرئيس البالغ 81 عاماً «في اختباره الخاصّ»، ويرى محلّلون أن اختيار الديمقراطيين بديلاً من بايدن سينطوي على مخاطر سياسية عدة، وسيتعين على بايدن أن يقرّر بنفسه الانسحاب؛ لإفساح المجال أمام مرشح آخر قبل مؤتمر الحزب.

والمرشّحة الأبرز للحلول محلّه هي نائبته، كامالا هاريس، التي دافعت بإخلاص عن أدائه الخميس، مع اعترافها بأنّ انطلاقته كانت «صعبة»، وإذا قرّر بايدن الانسحاب سيجتمع الديمقراطيون في أغسطس (آب) في شيكاغو فيما يُعرف بالمؤتمر «المفتوح»، حيث سيُعاد خلط الأوراق، ولا سيّما أصوات المندوبين الذي صوّتوا للرئيس، وسيكون هذا السيناريو غير مسبوق منذ عام 1968، حين تعيّن على الحزب إيجاد بديل من الرئيس ليندون جونسون، بعد أن سحب الأخير ترشّحه في خضم حرب فيتنام، وتم ترشيح نائب الرئيس حينها هوبرت همفري، الذي خسر الانتخابات أمام الجمهوري ريتشارد نيكسون.

«بايدن المحتال»

ترمب مخاطباً أنصاره في فعالية انتخابية بفرجينيا الجمعة (أ.ف.ب)

عاد ترمب أيضاً إلى الحملة الانتخابية، الجمعة، وخاطب تجمّعاً حاشداً في فيرجينيا، وجدّد شنّ هجماته المألوفة على بايدن، وقال ترمب إن «الأمر لا يتعلّق بعمره، بل بكفاءته». وأضاف: «السؤال الذي يجب على كل ناخب طرحه على نفسه اليوم، ليس إذا كان جو بايدن يستطيع النجاة من أداء مناظرة مدتها 90 دقيقة، لكن إذا كان بإمكان أميركا البقاء أربع سنوات أخرى تحت حكم المحتال جو بايدن».

وتابع ترمب: «يقول كثير من الناس إنه بعد أداء الليلة الماضية سيترك جو بايدن السباق، لكن في الحقيقة أنا لا أصدّق ذلك؛ لأنه يحقق في استطلاعات الرأي نتائج أفضل من أيّ من الديمقراطيين الآخرين الذين يتحدّثون عنهم».

معتقلو 6 يناير

إلى ذلك، قال الرئيس الأميركي السابق إن الأشخاص الذين جرى اعتقالهم فيما يتعلق بهجوم السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، على مبنى الكونغرس يجب إطلاق سراحهم فوراً، واستند ترمب في ذلك إلى الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا لصالح أحد الأشخاص، بعد أن طعن في الاتهام الموجَّه ضده بعرقلة سير العدالة، وهو الاتهام الذي يواجهه ترمب أيضاً، وقال ترمب خلال التجمع الجماهيري: «أطلِقوا سراح رهائن السادس من يناير الآن... يجب إطلاق سراحهم الآن لما مرّوا به»، وذلك وسط هتاف من الحشد، وأضاف: «إنهم ينتظرون هذا القرار منذ وقت طويل».

أنصار ترمب ينتظرون خطابه في شيسابيك بفرجينيا الجمعة (أ.ف.ب)

وقضت المحكمة، بأغلبية 6 مقابل 3، بإلغاء قرار محكمة أدنى سمح بتوجيه تهمة عرقلة الإجراءات الرسمية ضد المدَّعى عليه؛ جوزيف فيشر، وهو ضابط شرطة سابق، وترتبط هذه التهمة بتصديق الكونغرس على فوز الرئيس جو بايدن في الانتخابات عام 2020، الذي سعى مثيرو الشغب إلى عرقلته، وقد وجّهت المحكمة العليا الآن المحكمة الابتدائية بإعادة النظر في القضية مرة أخرى، كما نقلت وكالة رويترز.

ويُعد الحكم بمثابة دَفعة محتملة لترمب الذي يواجه اتهامين يتعلقان بعرقلة سير العدالة، في إطار لائحة اتهام جنائية مكوّنة من 4 تهم في قضية رفعها العام الماضي المستشار الخاص، جاك سميث، وقد دفع ترمب بالبراءة في القضية.

في سياق متصل، من المتوقع أن تُصدر المحكمة العليا، الاثنين، حكمها في مطالبة ترمب بالحصانة الرئاسية من الملاحقة القضائية في دعوى «العرقلة الانتخابية» التي أقامها المستشار الخاص جاك سميث.


مقالات ذات صلة

مرشحة ترمب لوزارة التعليم مُتهمة بـ«تمكين الاعتداء الجنسي على الأطفال»

الولايات المتحدة​ ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)

مرشحة ترمب لوزارة التعليم مُتهمة بـ«تمكين الاعتداء الجنسي على الأطفال»

لا تزال الاتهامات تلاحق الفريق الذي اختاره الرئيس الأميركي المنتخب لتشكيل إدارته؛ حيث زعمت دعوى قضائية أن ليندا مكماهون سمحت بالاعتداء الجنسي على الأطفال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مساء الخميس، بام بوندي المقربة منه والعضوة في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لمنصب وزيرة العدل.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مركّبة لدونالد ترمب وستورمي دانيالز (رويترز)

إرجاء إصدار الحكم في قضية ترمب بنيويورك إلى «أجل غير مسمى»

أمر القاضي في قضية الاحتيال المالي ضد دونالد ترمب، الجمعة، بتأجيل النطق بالحكم إلى أجل غير مسمى، ما يمثل انتصاراً قانونياً للرئيس المنتخب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا سكان أمام منزل متضرر بهجوم طائرة مسيّرة في منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا (أ.ف.ب)

موسكو حذرت واشنطن قبل 30 دقيقة من إطلاق صاروخ «أوريشنيك» متوسط ​​المدى

قالت وزارة الدفاع الروسية إنها استخدمت صاروخاً «باليستياً» متوسط ​​المدى من طراز «أوريشنيك» لأول مرة في أعمال قتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي «مستعد» لأي عودة للتوتر في عهد ترمب

أعلنت سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى الولايات المتحدة، يوفيتا نيلوبشينه، اليوم (الجمعة)، أن الاتحاد الأوروبي مستعد للتعامل مع أي عودة للتوتر التجاري.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إرجاء إصدار الحكم في قضية ترمب بنيويورك إلى «أجل غير مسمى»

صورة مركّبة لدونالد ترمب وستورمي دانيالز (رويترز)
صورة مركّبة لدونالد ترمب وستورمي دانيالز (رويترز)
TT

إرجاء إصدار الحكم في قضية ترمب بنيويورك إلى «أجل غير مسمى»

صورة مركّبة لدونالد ترمب وستورمي دانيالز (رويترز)
صورة مركّبة لدونالد ترمب وستورمي دانيالز (رويترز)

أمر القاضي في قضية الاحتيال المالي ضد دونالد ترمب، الجمعة، بتأجيل النطق بالحكم إلى أجل غير مسمى، ما يمثل انتصاراً قانونياً للرئيس المنتخب بينما يستعد للعودة إلى البيت الأبيض.

وأدين ترمب بارتكاب 34 تهمة جنائية في مايو (أيار) بعد أن خلصت هيئة محلفين إلى أنه قام بالتلاعب بشكل احتيالي بسجلات تجارية للتغطية على دفع مبالغ لنجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز، مقابل صمتها عن علاقة جنسية مفترضة حتى لا تضر بحملته في انتخابات عام 2016.

وعدّ الادعاء أن إخفاء العلاقة المفترضة كان يهدف إلى مساعدته على الفوز بأول ولاية رئاسية له، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وجاء هذا التطور، وفقاً لصحيفة «الغارديان»، بعد تقديم ملفات من قبل المدعين ومحامي الدفاع حول آرائهم بشأن كيفية مضي قضية ترمب قدماً بعد فوزه في انتخابات 2024 ضد كامالا هاريس.

وكان من المقرر أن يصدر الحكم على ترمب في 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، وقد بذل قصارى جهده لإرجاء صدور الحكم قبل عودته إلى الرئاسة في يناير (كانون الثاني).

وقال القاضي خوان ميرشان في قراره: «أمرت المحكمة بالموافقة على الطلب المشترك بإرجاء إصدار الحكم».

طلب محامو ترمب، يوم الثلاثاء، من ميرشان، إلغاء القضية، متمسكين بأن الإلغاء ضروري «لتسهيل انتقال السلطة التنفيذية بشكل منظم».

ارتكز الفريق القانوني لترمب في طلبه إلى حكم صادر عن المحكمة العليا يمنح الرؤساء حصانة شاملة فيما يتعلق بأفعالهم الرسمية.

وقد أكد الحكم التاريخي للمحكمة العليا التي يعد غالبية أعضائها من القضاة المحافظين، أن الرؤساء يتمتعون بحصانة شاملة من الملاحقة القضائية عن مجموعة من الأفعال الرسمية التي ارتكبوها في أثناء توليهم مناصبهم.

في قراره، الجمعة، منح القاضي ترمب الإذن بالسعي إلى إلغاء الإدانة، وهو ما يعني على الأرجح عقد عدة جلسات استماع أخرى قد تتأخر بمجرد أداء ترمب اليمين الدستورية.

وفي قضية منفصلة تتعلق بالتدخل في انتخابات عام 2020، طلب المدعي العام جاك سميث إلغاء المواعيد النهائية، ما أدى إلى تأخير القضية إلى أجل غير مسمى، ولكن لم يتم إسقاطها بعد.

تأتي هذه الخطوة تماشياً مع سياسة وزارة العدل الأميركية القائمة منذ فترة طويلة على عدم مقاضاة الرؤساء الأميركيين المباشرين لمهامهم.

وقد سخر ترمب مراراً من قضية الأموال السرية، ووصفها بأنها جاءت في إطار حملة سياسية، قائلاً: «يجب إسقاطها».

إلى جانب قضية نيويورك التي رفعها ممثلو الادعاء على مستوى الولاية، يواجه ترمب قضيتين فيدراليتين: واحدة تتعلق بجهوده في قلب نتائج انتخابات عام 2020، والأخرى مرتبطة بوثائق سرية يتهم بأنه أساء التعامل معها بعد ترك منصبه. لكن بصفته رئيساً سيكون بوسعه التدخل لإنهاء القضيتين الفيدراليتين.