حقّق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب نصرين معنويين كبيرين سعى إليهما طويلاً، إذ بات مؤكداً أن المحاكمتين الجنائيتين المرتقبتين في كل من جورجيا وفلوريدا لن تجريا قبل الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وسط تجدد المخاوف من معاقبة خصومه السياسيين إذا عاد إلى البيت الأبيض.
ولطالما سعى ترمب إلى إرجاء الدعاوى الجنائية المرفوعة ضده إلى ما بعد الانتخابات، معتبراً أنها تعيق حملته بصفته مرشحاً مفترضاً عن الحزب الجمهوري، في مواجهة المرشح الديمقراطي المرجح الرئيس جو بايدن بعد أقل من خمسة أشهر.
وبعد إدانته في قضية «أموال الصمت» بعد محاكمة استمرت ستة أسابيع في نيويورك، لا يزال يواجه دعويين في كل من واشنطن العاصمة وجورجيا، على خلفية اتهامات عن سعيه إلى قلب نتائج انتخابات عام 2020 التي فاز فيها بايدن، بالإضافة إلى دعوى في فلوريدا بسبب نقل وثائق بالغة السريّة من البيت الأبيض إلى منزله في «مارالاغو» واحتفاظه بها بعد انتهاء ولايته الرئاسية.
وبينما لا تزال مواعيد المحاكمة في واشنطن معلقة بانتظار حكم المحكمة العليا الأميركية في شأن طلبه «الحصانة المطلقة» كرئيس، حقق ترمب نصره المعنوي الأول بالأمر الذي أصدرته محكمة الاستئناف في جورجيا بوقف الإجراءات ضده في قضية التدخل في انتخابات الولاية لعام 2020، ريثما تبتّ في طلبه تنحية المدعية العامة لمقاطعة فولتون فاني ويليس.
ويعني الأمر أن موعد المحاكمة في القضية التي تتهم ترمب وثمانية آخرين بالتآمر الإجرامي لمحاولة قلب نتيجة انتخابات 2020، لن تحدد قبل انتخابات 2024. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت القضية ستتواصل ضد ستة متهمين آخرين لم يوقعوا على طلب الاستئناف.
والمتهمون الثمانية الآخرون الذين سعوا إلى استبعاد ويليس وموظفيها هم: رئيس موظفي البيت الأبيض السابق مارك ميدوز، ومحامي ترمب السابق رودي جولياني، والمسؤول السابق بوزارة العدل جيفري كلارك، ومساعد حملة ترمب السابق مايك رومان، ومحامي حملة ترمب السابق روبرت تشيلي، واثنان من ناخبي ترمب لعام 2020 ديفيد شيفر وكاثي لاثام، والزعيم السابق لمنظمة «أصوات سود من أجل ترمب» هاريسون فلويد.
وكانت المحكمة حددت أكتوبر (تشرين الأول) المقبل موعداً للمرافعات الشفهية في استئناف حكم للقاضي سكوت مكافي، يسمح للمدعية العامة فاني ويليس بمتابعة القضية. وبعد ذلك، يمكن لمحكمة الاستئناف أن تقرر ما إذا كان تثبيت الحكم ببقاء ويليس مشرفة على القضية. وهذا يعني أن المحاكمة لا يمكن أن تبدأ قبل الانتخابات.
وحكم مكافي بأن ترمب والآخرين «فشلوا في تحمّل أعباء» إثبات أن علاقة ويليس الرومانسية مع المدعي الخاص ناثان وايد أدت إلى «تضارب مصالح» يوجب استبعادها من القضية.
«إلى أجل غير مسمى»
وجاء هذا الإعلان وسط إرجاء محاكمة ترمب في فلوريدا إلى أجل غير مسمى، بعدما أعلنت القاضية آيلين كانون أنها ستنظر في دفوع قانونية ذات صلة تقدم بها وكلاء الدفاع، قبل تحديد موعد للمحاكمة بتهمة إساءة التعامل مع وثائق سرية وعرقلة الجهود الحكومية لاستعادتها.
ولم يكن مرجحاً أن تكون لخطوة القاضية كانون تأثير كبير على المسار العام للقضية، لكن العدد الكبير من الطعون دفعها الشهر الماضي إلى إلغاء موعد المحاكمة من دون أن تحدد موعداً جديداً بسبب الأسئلة «التي لا تعد ولا تحصى» التي قدمتها هيئة الدفاع عن ترمب، ولم تتمكن بعد من النظر فيها. ولكنها حافظت على موعد لجلسة استماع في 21 يونيو (حزيران) الجاري لمناقشة طلب محامي ترمب نقض القرار الاتهامي، على أساس أن المستشار القانوني الخاص جاك سميث عيّنته وزارة العدل «بشكل غير قانوني».
ورفض القضاء الأميركي طلبات مماثلة في قضايا سابقة، مثل المستشار الخاص روبرت مولر الثالث، الذي حقق في العلاقات بين روسيا وحملة ترمب عام 2016، والمستشار الخاص ديفيد فايس، الذي رفع قضيتين جنائيتين ضد هانتر بايدن، نجل الرئيس بايدن.
معاقبة الخصوم
في غضون ذلك، كرر ترمب أنه مستعد لمحاكمة خصومه السياسيين إذا أعيد انتخابه هذا الخريف.
وقال خبراء قانونيون إن مجرد إطلاق هذه التهديدات يلحق ضرراً حقيقياً بسيادة القانون، موضحين أن ترمب، إذا فاز، سيكتسب سلطة هائلة لتنفيذ أنواع الانتقام القانوني التي يروج لها، بما في ذلك عبر وزارة العدل، التي ستكون جزءاً من سلطته التنفيذية، وبالتالي سيكون قادراً على مطالبة المسؤولين بالتحقيق مع منافسيه ومحاكمتهم، وسيكون قادراً على طرد الذين يرفضون ذلك.
ويرى رئيس مركز برينان للعدالة، مايكل والدمان، أن «أمر ترمب بمحاكمة معارضيه سيكون بمثابة إساءة استخدام ملحمية للسلطة».
ولطالما فكر ترمب في إرسال وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون إلى السجن، وعاد إلى هذا الموضوع الثلاثاء في مقابلة مع «نيوزماكس»، إذ تساءل: «ألن يكون من الفظيع إلقاء زوجة الرئيس ووزيرة الخارجية السابقة (...) في السجن؟». وأضاف: «يريدون أن يفعلوا ذلك بي. إنها طريق رهيبة وفظيعة تقودوننا إليها».