المحلّفون يدققون في «الشهادات» قبل الحكم على ترمب

المداولات قد تستمر ساعات أو أسابيع... وطبيعة الحكم «مسؤولية القاضي»

الرئيس السابق دونالد ترمب مغمضاً عينيه خلال التعليمات من القاضي خوان ميرشان لهيئة المحلفين في محكمة الجنايات في مانهاتن (أ.ف.ب)
الرئيس السابق دونالد ترمب مغمضاً عينيه خلال التعليمات من القاضي خوان ميرشان لهيئة المحلفين في محكمة الجنايات في مانهاتن (أ.ف.ب)
TT

المحلّفون يدققون في «الشهادات» قبل الحكم على ترمب

الرئيس السابق دونالد ترمب مغمضاً عينيه خلال التعليمات من القاضي خوان ميرشان لهيئة المحلفين في محكمة الجنايات في مانهاتن (أ.ف.ب)
الرئيس السابق دونالد ترمب مغمضاً عينيه خلال التعليمات من القاضي خوان ميرشان لهيئة المحلفين في محكمة الجنايات في مانهاتن (أ.ف.ب)

استعادت هيئة المحلفين في محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أجزاء من إفادات بعض الشهود حول قضية «أموال الصمت»، في إطار جهودها لاتّخاذ قرار «مصيري» في شأن التهم الجنائية التي يواجهها أول رئيس أميركي سابق والمرشح الرئاسي الجمهوري المفترض، قبل خمسة أشهر فحسب من يوم الانتخابات.

وخلال اليوم الثاني من المداولات، الخميس، استكملت هيئة المحلفين المؤلفة من 12 شخصاً (سبعة رجال وخمس نساء من نيويورك) وستة بدلاء، الاستماع إلى ثلاثة أجزاء من إفادة الناشر السابق لصحيفة «ناشونال إنكوايرير» ديفيد بيكر، وهو صديق ترمب، حول شراء قصص يمكن أن تكون ضارة عن ترمب بهدف عدم نشرها خلال الحملات الانتخابية عام 2016. ولا سيما أقواله عن اتصال هاتفي مع ترمب، وكذلك حول المناقشات بين شركة «منظمة ترمب» وشركة بيكر، في شأن مبلغ 150 ألف دولار دُفع لشراء قصة عارضة الأزياء السابقة لدى مجلة «بلاي بوي» كارين ماكدوغال عن علاقتها مع ترمب.

ترمب في قاعة المحكمة بينما يستأنف المحلفون مداولاتهم في مانهاتن (أ.ف.ب)

كذلك، أرادت هيئة المحلفين إعادة الاستماع إلى شهادة بيكر حول اجتماع رئيسي عقد في أغسطس (آب) 2015 في برج ترمب للاتفاق على خيوط المؤامرة. واستمع المحلفون إلى جزء مهم من شهادة محامي ترمب السابق مايكل كوهين حول الاجتماع نفسه.

ماكدوغال وستورمي

وتلقي هذه الجزئيات من شهادتي كوهين وبيكر الضوء على جوانب مهمة في طريقة تعامل ترمب، مما يمكن أن يمنح المحلفين صورة عن «أموال الصمت» ذات الصلة بالممثلة الإباحية ستورمي دانيالز، التي دفع لها كوهين 130 ألف دولار عام 2016 لشراء صمتها خلال حملة الانتخابات التي أوصلت ترمب إلى البيت الأبيض في العام نفسه، على حساب المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون. ويؤكد الادعاء أن ترمب شارك في مؤامرة لإخفاء عملية الدفع هذه عبر تزوير سجلات شركته، وتسجيل الدفعات على أنها نفقات قانونية مشروعة كـ«بدل أتعاب» لكوهين.

وفي لحظة حاسمة خلال المحاكمة، عرض المدعون العامون توقيع ترمب بالحبر السميك على تسعة شيكات منفصلة بقيمة 35 ألف دولار لكوهين، مؤكدين أن هذه المدفوعات كانت بمثابة تعويضات عن مكافأة دانيالز، لكنها كانت مقنعة بوصفها رسوماً قانونية لتجنب تسجيل المساهمة غير القانونية المزعومة في الحملة الانتخابية. وشهد كوهين بالفعل أن هذه المدفوعات كانت تهدف إلى تعويضه عن مكافأة دانيالز، وليس العمل القانوني.

مدة المداولات

الرئيس السابق دونالد ترمب يصل إلى محكمة الجنايات في مانهاتن (أ.ب)

وبالنسبة إلى المحلفين، تتعلق الأحجية الرئيسية بالأسباب التي قادت ترمب إلى دفع أموال لمنع نشر هذه القصص المؤذية في هذه الأوقات بالذات. وعندما يطلب المحلفون إعادة تلاوة شهادة ما أو جزء منها، يجب أن تُقرأ عليهم في المحكمة، لأن النصوص لا تعطى إلى المحلفين. وتعكس هذه القاعدة القلق من أنه إذا أعطيت النصوص المطبوعة في أثناء مداولات هيئة المحلفين، فستكون للأوراق الأسبقية على فهم المحلفين وذاكرتهم للأدلة التي قدمت في أثناء المحاكمة.

وبينما كان المحامون يتشاورون في شأن الأجزاء المحدّدة من نص الشهادات التي يجب قراءتها عليهم، أرسل المحلفون مذكرة أخرى، يطلبون فيها الاستماع مجدداً إلى التعليمات القانونية من القاضي، وهذا ما أدى تمضية فترة قبل ظهر الخميس في الاستماع إلى ما طلبه المحلفون. ويمكن لمداولات المحلفين أن تنتهي في غضون ساعات قليلة أو أيام، إذا تمكنوا من التوصل إلى إجماع على الحكم. ولكن هذه المهمة يمكن أن تطول أيضاً لأسابيع.

ترمب في الانتظار

وكانت مداولات المحلفين بدأت بعد ظهر الأربعاء بعدما أعطى القاضي خوان ميرشان، المشرف على القضية، تعليمات قانونية نهائية، قائلاً للمحلفين: «أنتم حكّام الحقائق، وأنتم مسؤولون عن تقرير ما إذا كان المدعى عليه مذنباً أو غير مذنب»، مشدداً على أن الحكم يعود إليهم وحدهم، وأنه ينبغي لهم ألا يأخذوا أي شيء قاله أو فعله من على مقعده بوصفه قاضياً على أنه يوحي بما إذا كان ينبغي إدانة ترمب بالتهم الـ34. وذكّر المحلفين بأنه لا يمكن تبرئة ترمب لمجرد أن كوهين أقر بالذنب في المحكمة الفيدرالية في انتهاك تمويل الحملة الانتخابية المتعلق بالدفعة نفسها.

كما أكد القاضي ميرشان، الذي وبخ وكيل الدفاع عن ترمب المحامي تود بلانش، الثلاثاء، لقوله للمحلفين إن ترمب قد يذهب إلى السجن إذا أدين، أنه من غير المناسب لهم أن يفكروا في أي نتيجة محتملة لإدانة ترمب. وقال: «إذا كان الحكم بالإدانة، فستكون مسؤوليتي فرض العقوبة المناسبة». وقال إنه يمكن إدانته إذا ثبت أنه «استدرج أو طلب أو أمر أو ألح على شخص أو ساعده عمداً على القيام بهذا السلوك».

وبينما كان القاضي يشرح للمحلفين تعليماته، أغمض ترمب عينيه على نحو متقطع.


مقالات ذات صلة

إسبانيا: السجن 18 عاماً لرجل بعث برسائل مفخخة إلى رئيس الوزراء وسفارتين

أوروبا الشرطة تقف خارج السفارة الأوكرانية بعد أن قالت الشرطة الإسبانية إن انفجاراً في مبنى السفارة أدى إلى إصابة موظف خلال تعامله مع رسالة بمدريد 30 نوفمبر 2022 (رويترز)

إسبانيا: السجن 18 عاماً لرجل بعث برسائل مفخخة إلى رئيس الوزراء وسفارتين

قضت محكمة في إسبانيا، الثلاثاء، بالسجن 18 عاماً على متقاعد بعث في 2022 برسائل مفخخة إلى رئيس الوزراء والسفارتين الأميركية والأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
آسيا طلبت السلطات الهندية في منطقة مظفرناجار من المطاعم على طول الطريق المؤدية للأماكن الهندوسية المقدسة عرض أسماء مالكيها (رويترز)

محكمة هندية تمنع إجبار مطاعم على عرض أسماء أصحابها

ألغت المحكمة العليا في الهند قرارا مثيرا للجدل يقضي بأن تعرض المطاعم الواقعة على طول الطريق المؤدية للأماكن الهندوسية المقدسة أسماء مالكيها ومشغليها.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
أوروبا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز (أ.ف.ب)

استدعاء رئيس وزراء إسبانيا للمثول كشاهد في إطار التحقيق بحق زوجته

يمثل رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بصفة شاهد يوم 30 يوليو أمام القاضي الذي يحقق في اتهامات الفساد واستغلال النفوذ الموجهة إلى زوجته بيغونيا غوميز.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش المتهم بالتجسس خلال مثوله أمام محكمة بموسكو في 23 أبريل 2024 (رويترز)

محاكمة صحافي أميركي في روسيا تصل إلى مراحلها الأخيرة

تختتم محكمة روسية، الجمعة، مرافعاتها في المحاكمة العاجلة للصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش المتهم بالتجسس، وهي محاكمة ندّد بها البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (إيكاتيرينبورغ)
تحليل إخباري وزيرة العدل بحكومة «الوحدة» خلال زيارتها مقار قضائية بدائرة اختصاص محكمة استئناف جنوب طرابلس (وزارة العدل)

تحليل إخباري جرائم «الإخفاء القسري» في ليبيا ما زالت تنتظر العقاب

سلطت عمليات الخطف والتوقيف المتكررة لنشطاء وصحافيين في ليبيا، الضوء على جرائم «الإخفاء القسري» المنتشرة بالبلاد، وسط انتقادات حقوقية.

جمال جوهر (ليبيا )

حريق غابات ضخم يجبر آلافاً على مغادرة منازلهم في كاليفورنيا (صور)

رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
TT

حريق غابات ضخم يجبر آلافاً على مغادرة منازلهم في كاليفورنيا (صور)

رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

اضطر نحو 4 آلاف شخص إلى مغادرة منازلهم في كاليفورنيا جراء حريق ضخم وعنيف كان يواصل تمدده بشكل خطير، (الجمعة)، على الرغم من تدخل 1700 من عناصر الإطفاء، ما يثير قلق السلطات.

ودمر حريق «بارك فاير» أكثر من 720 كيلومتراً مربعاً من الغابات و134 مبنى منذ اندلاعه بعد ظهر الأربعاء، في شمال الولاية التي يطلق عليها «غولدن ستايت».

عربة محاطة بألسنة اللهب في ولاية كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وأعلنت إدارة الغابات والحماية من الحرائق في كاليفورنيا عدم السيطرة على الحريق، وأن نسبة «احتوائه 0 في المائة».

ويتمدّد الحريق بسرعة رجل يمشي، في منطقة ريفية تقع على بعد ثلاث ساعات بالسيارة شمال شرقي سان فرانسيسكو.

وأفاد مصور في «وكالة الصحافة» بأن الحريق يولّد عموداً هائلاً من الدخان الأسود، كبيراً جداً لدرجة أنه يشبه السحب خلال العواصف الشديدة في الغرب الأميركي.

وأعلن حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم، مساء (الجمعة)، حالة الطوارئ في مقاطعتين مهددتين بالحرائق، بهدف تسريع إجراءات السلطات.

جانب من حريق الغابات في كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وأجبرت النيران أربعة آلاف شخص على إخلاء قريتي كوهاسيت وفوريست رانش، بعد تمدّد النيران إلى بلدة تشيكو الصغيرة.

وتقع بلدة تشيكو على بعد نحو 20 كلم إلى الغرب من بلدة بارادايز التي دمّرها في عام 2018 حريق غابات قضى فيه 85 شخصاً، وكان الحريق الأكثر حصداً للأرواح في تاريخ كاليفورنيا. والمنطقة حالياً في حالة تأهب، ويستعد سكانها لأي احتمال.

وقال كوري هونيا، عمدة مقاطعة بوتي، مساء الخميس، للسكان: «عليكم أن تكونوا مستعدين للمغادرة». وأضاف: «إذا تمدّد الحريق. لا أستطيع أن أعدكم أو أضمن لكم أننا قادرون على إنقاذ حياتكم».

«سوريالي»

وشدّد هونيا، الجمعة، خلال مؤتمر صحافي جديد، على أن «الوضع متغيّر»، مذكراً بأن الحريق «اجتاز» قرية كوهاسيت خلال الليل.

وتحدّث سكان لوسائل إعلام محلية عن فرارهم الصعب من النيران عبر الطريق الوحيد في الغابات الذي يمكن سلوكه في المنطقة، حيث بالكاد اخترقت إنارة مصابيحهم الأمامية الدخان الأسود. وقال نيكو شيلتون لصحيفة «ساكرامنتو بي» إنه «كان من المقلق بالطبع معرفة أن هذا هو السبيل الوحيد للخروج». وقالت جوليا ياربو، التي دمرت النيران منزلها، عبر قناة «سي بي إس»: «أنا في حالة صدمة. الأمر سوريالي».

وترى السلطات أن الحريق سببه إجرامي. وتم توقيف رجل يبلغ 42 عاماً، صباح الخميس، يشتبه بأنه أشعل الحريق «بعدما شوهد رجل مجهول يدفع سيارة تشتعل فيها النيران» إلى موقع قريب من المكان الذي اندلع فيه الحريق، وفق بيان للمدعي العام في مقاطعة بوتي مايك رامزي.

تظهر مركبة مشتعلة بينما يستمر حريق بارك في الاشتعال بالقرب من باينز كريك في مقاطعة تيهاما غير المدمجة - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وميدانياً، أُرسلت تعزيزات من عدة مناطق في كاليفورنيا. وأصدرت الأرصاد الجوية الوطنية، الجمعة، إنذاراً باللون الأحمر، بسبب رياح قوية قد تعزز تمدد الحريق.

وقال مسؤول جهاز الإطفاء بيلي سي، الجمعة، بشأن الحريق: «نشهد تصاعداً هائلاً في الشمال». وأكد أن عمّال الإطفاء يبذلون ما في وسعهم، ويركزون جهودهم على حماية المناطق المأهولة.

وقال: «نأمل أن تتحسن الظروف الجوية بشكل ملحوظ بدءاً من نهاية هذا الأسبوع، مع انخفاض درجات الحرارة وزيادة الرطوبة النسبية، ما سيسمح لنا بالوصول بسهولة أكبر إلى مكان (الحريق) نفسه، بدلاً من البقاء في موقف دفاعي».

«أرقام قياسية»

وقال دانييل سوين، المتخصص في ظواهر الطقس المتطرفة في جامعة كاليفورنيا، مساء الخميس: «إنه فعلاً أول حريق خلال السنوات الأخيرة في كاليفورنيا يمكنني أن أصفه بأنه غير عادي، وهذا ليس بالأمر الجيد».

وقارن الخبير هذا الحريق الضخم بالحرائق التي دمرت كاليفورنيا في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وكانت من بين الأسوأ في تاريخ هذه الولاية الأميركية الغربية.

استمرار حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

وأضاف: «الخبر السار الوحيد هو أنه لا توجد مدن رئيسية في المسار المباشر للحريق»، مقدراً أن يستمر الحريق «لأسابيع أو حتى أشهر».

وبعد فصلي شتاء ممطرين، يشهد الغرب الأميركي منذ يونيو (حزيران) موجات حر أدت إلى جفاف الغطاء النباتي، ما يساعد على انتشار النيران.

وقال الخبير: «حطمنا أرقاماً قياسية (في درجات الحرارة)، وذلك في منطقة واسعة جداً، تمتد من شمال غربي المكسيك إلى غرب كندا».

وتشتعل حالياً مئات الحرائق في كل أنحاء المنطقة، لا سيما في ولاية أوريغون وفي كندا.

ويقول علماء إن موجات الحرّ المتكررة دليل على ظاهرة الاحتباس الحراري المرتبطة بتغير المناخ الناجم عن اعتماد البشرية على الوقود الأحفوري.