دخلت محاكمة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب في مانهاتن، الاثنين، أسبوعاً ثالثاً وصف بأنه «حاسم» لبعض جوانب قضية «أموال الصمت»، التي يُتهم بأنه اشترى بها سكوت الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز عن علاقته المزعومة بها خلال حملته للانتخابات الرئاسية عام 2016، مع إصدار القاضي خوان ميرشان حكماً بتغريم ترمب تسعة آلاف دولار بسبب «ازدراء» المحكمة.
وفي مستهل جلسة مقررة لمواصلة الاستماع إلى المصرفي غاري فارو الذي كان وسيطاً في عملية الدفع لدانيالز، أعلن القاضي ميرشان أنه قرر إدانة ترمب بتهمة «ازدراء» المحكمة، التي طلبت منه الامتناع عن مهاجمة الشهود والأشخاص المعنيين بالقضية، غير أن الرئيس السابق واصل هذه الهجمات. وطلب الادعاء الأسبوع الماضي تغريم ترمب مبلغ ألف دولار عن كل واحدة من المخالفات الـ14 التي علق فيها تصريحاً أو كتابة على المعنيين بالقضية. وفيما استمع إلى جانبي الادعاء والدفاع في عشرة من هذه المنشورات، قرر القاضي إدانة ترمب في تسعة من هذه المنشورات. وحدد جلسة استماع إضافية الخميس للنظر في أربعة منشورات أخرى ذات صلة بأمر منع النشر.
الحكم الفرعي
وفي حكم فرعي مكتوب، قال القاضي ميرشان إن الغرامة قد لا تكون كافية لتكون بمثابة رادع لترمب، وهو المرشح الجمهوري الرئيسي للانتخابات الرئاسية المقبلة. وكتب ميرشان أنه «جرى تحذير المدعى عليه من أن المحكمة لن تتسامح مع الانتهاكات المتعمدة لأوامرها القانونية، وأنها ستفرض عقوبة السجن إذا لزم الأمر».
وكان ميرشان قد فرض أمر حظر النشر لمنع ترمب من انتقاد الشهود وغيرهم من المشاركين في القضية.
وبات ترمب أول رئيس أميركي سابق يواجه محاكمة جنائية بـ34 تهمة تتعلق بتزوير سجلات تجارية من أجل طمس دفع 130 ألف دولار لدانيالز، واسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد، عبر محاميه مايكل كوهين عام 2016. وهناك ثلاث قضايا جنائية أخرى ضد ترمب تتعلق جميعها بمحاولته قلب نتائج الانتخابات لعام 2020 التي فاز فيها الرئيس جو بايدن. غير أنه لا يرجح صدور أي أحكام في هذه المحاكمات الثلاث قبل الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
شركات واجهة
وكان فارو، الذي كان مديراً رفيعاً في «فيرست ريبابليك بنك»، ساعد كوهين في فتح الحساب الذي استخدم لدفع هذا المبلغ نيابة عن ترمب. وعرض، عندما وقف للمرة الأولى أمام المحكمة، الجمعة، كيف جرى تكليفه بالعمل مع كوهين، نيابة عن ترمب لمدة ثلاث سنوات، ويرجع ذلك جزئياً إلى «قدرته على التعامل مع الأفراد الذين قد يمثلون تحدياً بعض الشيء»، مضيفاً أنه لم يجد كوهين صعباً. وأوضح أمام المحلفين كيف ساعد كوهين في إنشاء حسابات لشركتين ذواتي مسؤوليات محدودة «سوليوشن كونسالتانت» و«أسينشال كونسالتانت» لحماية الشخص الذي يقف وراء الحساب من المسؤولية والديون وغير ذلك من القضايا.
وعرض ممثلو الادعاء رسائل بريد إلكتروني يصف فيها كوهين فتح حساب شركة «سوليوشن كونسالتانت» بأنه «مسألة مهمة». واعترف كوهين منذ عام 2018، بأن الشركة تأسست لإرسال أموال إلى شركة «أميركان ميديا» الناشرة لصحيفة «ناشيونال إنكوايرير». وكان يفترض أن يستخدم هذا الحساب لدفع ثمن شراء قصة ماكدوغال. لكن ذلك لم يحصل. وقال فارو إن الحساب لم يفتح عملياً لأنه لم يمول مطلقاً. وبدلاً من ذلك، ركز كوهين على إنشاء حساب «أسينشال كونسالتانت» الذي استخدمه لاحقاً لدفع مبلغ 130 ألف دولار لدانيالز.
إحباط وتذمر
ومن غير الواضح حتى الآن متى سيدلي كوهين بشهادته في المحاكمة التي يتوقع أن تمتد إلى نهاية مايو (أيار) المقبل، وربما إلى يونيو (حزيران) المقبل. ويشعر ترمب بإحباط متزايد بسبب الوقت الذي يمضيه في المحكمة عوض أن يكون في حملته مع اقتراب موعد انتخابات 5 نوفمبر المقبل. وقال في الردهة الموصلة إلى قاعة المحكمة إن «بلادنا ستذهب إلى الجحيم، ونحن نجلس هنا يوماً بعد يوم بعد يوم، وهذه هي خطتهم، لأنهم يعتقدون أنهم قد يكونون قادرين على الفوز بالانتخابات».
وركز ممثلو الادعاء على بيكر، وهو صديق قديم لترمب، لشرح ترتيبات ما يسمى عملية «القبض والقتل» التي تستخدمها الصحف الشعبية للحصول على قصص سيئة بشكل حصري عن المرشح بهدف شرائها وعدم نشرها. ووصف بيكر كيف دفع 30 ألف دولار للحصول على قصة من بواب ادعى أن لترمب ابناً من زواج غير شرعي، و150 ألف دولار لعارضة «بلاي بوي» السابقة كارين ماكدوغال، ولكنه لم يشترك في دفع مبلغ الـ130 ألف دولار لدانيالز.
وبينما أبقى المدعي العام في نيويورك، ألفين براغ، لائحة الشهود المحتملين طي الكتمان للحيلولة دون تعرضهم للهجمات من ترمب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومنها منصته «تروث سوشال»، يتوقع استدعاء كل من المحامي كيث ديفيدسون الذي مثل دانيالز، وكوهين ودانيالز، وكذلك الناطقة باسم ترمب خلال حملة عام 2016 وفي البيت الأبيض هوب هيكس، التي يمكن أن تواجه أسئلة عن الأحداث الفوضوية التي سبقت الدفع، بما في ذلك إصدار تسجيل «أكسيس هوليوود» السيئ السمعة، وفيه تفاخر ترمب بعلاقاته بالنساء.
وتخلل الأسبوع الثاني من المحاكمة شهادات رئيسية أمام هيئة المحلفين، وبينهم المساعدة التنفيذية السابقة لترمب منذ فترة طويلة روت رونا غراف، التي تذكرت ذات مرة رؤية دانيالز في برج ترمب، معبرة عن اعتقادها أن الممثلة كانت منافسة محتملة في برنامج «آبرانتيس» الذي أنشأه ترمب. وكذلك جرى الاستماع إلى الناشر السابق لصحيفة «ناشونال إنكوايرير» الشعبية ديفيد بيكر، الذي وافق على أن يكون بمثابة «عيون وآذان» لحملة ترمب من خلال المساعدة في إخفاء الإشاعات والادعاءات المضرة عن علاقة ترمب بالنساء.
وكذلك نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن أربعة أشخاص مطلعين أن ترمب يتذمر من وكيل الدفاع عنه المحامي تود بلانش، وبدأ يصب جام غضبه عليه، علماً أن بلانش كان لفترة المحامي المفضل لديه. واشتكى ترمب من أن بلانش، وهو مدع فيدرالي سابق، لم يتبع تعليماته من كثب، ولم يكن عدوانياً بما فيه الكفاية لكي يهاجم الشهود والمحلفين وميرشان نفسه.