شي وبلينكن يتحادثان بـ«لغة تصالحية» عن الخلافات الأميركية - الصينية

واشنطن تضغط على بكين لوقف دعم روسيا عسكرياً وثني إيران عن توسيع الحرب

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في قاعة مؤتمر الشعب الكبرى في بكين (أ.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في قاعة مؤتمر الشعب الكبرى في بكين (أ.ب)
TT

شي وبلينكن يتحادثان بـ«لغة تصالحية» عن الخلافات الأميركية - الصينية

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في قاعة مؤتمر الشعب الكبرى في بكين (أ.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في قاعة مؤتمر الشعب الكبرى في بكين (أ.ب)

توّج وزير الخارجية أنتوني بلينكن رحلته الصينية بلقاء الرئيس شي جينبينغ الجمعة، في سياق جهود مكثفة من إدارة الرئيس جو بايدن لصون العلاقات بين البلدين العملاقين واحتواء الخلافات الكثيرة بينهما من مجالات الاقتصاد والتجارة إلى قضايا الأمن القومي، لا سيما حول تايوان ودعم بكين للصناعات الدفاعية الروسية، بالإضافة إلى دورها المحتمل في تخفيف توترات الشرق الأوسط.

وبدرجة نسبية، تحسنت علاقات واشنطن وبكين بعد فترة توتر شديد بسبب عبور منطاد تجسس صيني فوق الأراضي الأميركية وإسقاطه في أوائل عام 2023. غير أن الطرفين أملا منذ ذلك الحين في إحراز تقدم، ولو ضئيلاً، في مجالات عملية، ومنها الاتصالات بين الجيشين الأميركي والصيني وتخفيف قيود السفر بين البلدين.

وأدت القمة بين الرئيسين بايدن وشي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى استئناف الاتصالات العسكرية الثنائية، وبذل جهود جديدة للحد من الدور الذي تضطلع به الشركات الصينية في التجارة العالمية في الفنتانيل، ومناقشات حول مخاطر الذكاء الاصطناعي.

ورغم المحادثات «العميقة» و«البناءة» التي أجراها كبير الدبلوماسيين الأميركيين مع الرئيس الصيني، وكذلك مع نظيره وانغ يي وعدد آخر من المسؤولين الصينيين الكبار، بقيت المواقف متباعدة على مجموعة من القضايا الاستراتيجية الشائكة، بما في ذلك حيال طموحات بكين بإعادة ضم جزيرة تايوان إلى الأرض الأم، وخلافاتها مع دول أخرى على السيادة على بحر الصين الجنوبي، والمساعدات التي تقدمها لروسيا في صناعة الأسلحة والحرب في أوكرانيا، فضلاً عن المخاوف الأميركية من الصادرات الصينية الرخيصة، مقابل هواجس لدى بكين من محاولات تطويق المصالح الصينية في منطقة المحيط الهادي.

لغة تصالحية

وزير الخارجية الصيني وانغ يي وعضو من المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني خلال المحادثات مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بكين (إ.ب.أ)

ورغم هذه التوترات، تحدث الرئيس الصيني بلغة تصالحية خلال استقباله كبير الدبلوماسيين الأميركي، فقال إن «الصين سعيدة برؤية الولايات المتحدة واثقة ومنفتحة ومزدهرة وناجحة. نأمل في أن تنظر الولايات المتحدة أيضاً إلى تنمية الصين بطريقة إيجابية». وأضاف أنه ينبغي للبلدين أن «يكونا شريكين وليسا متنافسين»، وأن «يساعد كل منهما الآخر في تحقيق النجاح بدلاً من إيذاء بعضهما، والسعي إلى أرضية مشتركة وتنحية الخلافات بدلاً من الانخراط في منافسة شرسة، وتكريم الأقوال بالأفعال بدلاً من قول شيء ما والقيام بعكسه».

وكذلك تحدث بلينكن بلغة إيجابية عن التقدم الأخير في التعاون الثنائي، بما في ذلك الاتصالات العسكرية ومكافحة المواد المخدرة، وكذلك الذكاء الاصطناعي الذي اتفق الطرفان على بدء حوار حول كيفية تخفيف الأخطار التي يمكن أن تنشأ عنه. وقال: «نحن ملتزمون المحافظة على خطوط الاتصال وتقويتها من التقدم في هذه الأجندة، والتعامل تكراراً بمسؤولية مع خلافاتنا لكي نتجنب أي سوء اتصالات، أي سوء فهم، أي سوء حسابات». بيد أنه شدد على أنه «حتى مع سعينا إلى تعميق التعاون، حيث تلتقي مصالحنا، فإن الولايات المتحدة ترى بوضوح التحديات الماثلة (من الصين) وحول رؤيتنا المتضاربة للمستقبل. أميركا ستدافع دوماً عن مصالحنا وقيمنا الرئيسية».

الصين وروسيا

وأكد بلينكن أنه أثار المخاوف المتواصلة من نقل الصين المعدات العسكرية والإلكترونيات لتمكين روسيا عسكرياً، عادّاً أن الأخيرة «ستكافح لمواصلة هجومها على أوكرانيا من دون دعم الصين».

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتسلم كيساً بعد شراء تسجيلات في بكين (أ.ف.ب)

ويقول المسؤولون الأميركيون إن الصين زودت موسكو بالبصريات والإلكترونيات الدقيقة ومحركات الطائرات المسيرة وغيرها من المواد التي، رغم أنها ليست أسلحة فتاكة، عززت الصناعة العسكرية الروسية في مرحلة حرجة من الحرب مع أوكرانيا. وكشفوا أنه خلال عام 2023، جاءت 90 في المائة من واردات روسيا من الإلكترونيات المهمة لإنتاج الصواريخ والدبابات والطائرات، من الصين، التي ساعدت أيضاً في تحسين القدرات الفضائية الروسية لاستخدامها في الحرب.

واشتكى بايدن من الصادرات ذات الاستخدام المزدوج بمكالمة مع شي في وقت سابق من هذا الشهر. وفي الوقت نفسه، شجع المسؤولون الأميركيون الدول الأوروبية، التي لديها علاقات تجارية واسعة النطاق مع الصين، على الضغط على بكين في شأن هذه المسألة أيضاً.

الضغط على إيران

وكشف المسؤول الأميركي أنه حض الصين على استخدام نفوذها «لثني إيران ووكلائها عن توسيع النزاع في الشرق الأوسط»، وإقناع كوريا الشمالية بـ«إنهاء سلوكها الخطير والانخراط في الحوار».

ونشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» هذا الأسبوع أن مسؤولين أميركيين يعكفون على إعداد عقوبات من شأنها عزل بعض المصارف الصينية عن النظام المالي العالمي إذا رفضت بكين مطالبها.

وفي المقابل، اشتكى المسؤولون الصينيون من أن الولايات المتحدة تسعى إلى عرقلة تنمية بلادهم من خلال الحد من وصولها إلى الرقائق المتقدمة وملاحقة بعض شركات التكنولوجيا الرائدة، مثل «بايت دانس» المالكة لـ«تيك توك».

«بدأت تستقر»

وظهرت اللغة التصالحية أيضاً خلال الاجتماع بين بلينكن ووانغ. وقال الأخير إنه «بشكل عام، العلاقات بين الصين والولايات المتحدة بدأت تستقر»، مستدركاً أنه «في الوقت نفسه، لا تزال العوامل السلبية في العلاقة تزداد وتتراكم... لقد تم قمع حقوق التنمية المشروعة للصين بشكل غير معقول، وتواجه مصالحنا الأساسية تحديات».

ومع ذلك، حذر وانغ من أن العوامل السلبية في العلاقة «تزداد وتتراكم»، لأن الولايات المتحدة «تبنت سلسلة لا نهاية لها من الإجراءات لقمع الاقتصاد الصيني والتجارة والعلوم والتكنولوجيا. هذه ليست منافسة عادلة، ولكنها احتواء، ولا تؤدي إلى إزالة المخاطر، بل تخلق المخاطر».

وزير الأمن العام الصيني وانغ شياوهونغ مرحباً بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بكين (رويترز)

وأفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، بأن بلينكن ووانغ، الذي يتولى أيضاً منصب مدير لجنة الشؤون الخارجية المركزية للحزب الشيوعي الصيني، أجريا «مناقشات معمقة وموضوعية وبناءة حول مجالات الاختلاف، وكذلك مجالات التعاون»، بما في ذلك الخطوات التي ينبغي القيام بها بعد قمة بايدن وشي في شأن «مجموعة من الالتزامات التي تعهدها الزعيمان لتعزيز هذا التعاون».

ومن المجالات التي يتوقع تحقيق تقدم تدريجي فيها مكافحة المخدرات. وقال بلينكن لوزير الأمن العام الصيني وانغ شياو هونغ خلال اجتماع منفصل يوم الجمعة: «نحن نقدر العمل الذي أنجز منذ ذلك الحين لبناء هذا التعاون»، ولكن «هناك الكثير الذي يتعين علينا القيام به لتحقيق تأثير مستدام».


مقالات ذات صلة

سجن صحافي في الصين بتهمة التجسس بعد «لقاء مع دبلوماسيين يابانيين»

آسيا الصحافي الصيني دونغ يويو (شبكة «سي إن إن» الأميركية)

سجن صحافي في الصين بتهمة التجسس بعد «لقاء مع دبلوماسيين يابانيين»

قضت محكمة في بكين، اليوم (الجمعة)، بسجن الصحافي الصيني دونغ يويو 7 سنوات بتهمة التجسس، وفق ما أفادت عائلته.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق رجل الأعمال الصيني الأميركي جاستن صن يأكل عملاً فنياً على شكل موزة مكون من موزة طازجة ملتصقة بالحائط بشريط لاصق في هونغ كونغ في 29 نوفمبر 2024 بعد شراء العمل الفني الاستفزازي في مزاد في نيويورك مقابل 6.2 مليون دولار (أ.ف.ب)

«إنها فعلا لذيذة»... صيني يأكل موزة اشتراها بـ6 ملايين دولار

أوفى رجل اشترى عملاً فنياً يمثل موزة مثبتة على حائط لقاء 6.2 مليون دولار، بوعده الجمعة، وأقدم على تناول قطعة الفاكهة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
العالم تظهر هذه الصورة التي التقطتها قوات الدفاع الجوي اليابانية قاذفة صينية من طراز «H  -6» تحلق فوق بحر الصين الشرقي في 24 مايو 2022 (رويترز)

الجيشان الروسي والصيني ينفّذان دورية جوية مشتركة فوق بحر اليابان

قال التلفزيون المركزي الصيني (سي سي تي في)، إن الجيشَين الصيني والروسي نفَّذا الدورية الجوية الاستراتيجية المشتركة التاسعة في المجال الجوي فوق بحر اليابان.

«الشرق الأوسط» (بكين - موسكو)
آسيا مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)

تايوان ترصد 41 طائرة عسكرية صينية في محيطها قبل أول رحلة خارجية لرئيسها

أعلنت وزارة الدفاع التايوانية، اليوم (الجمعة) أنها رصدت 41 طائرة عسكرية وسفناً صينية حول الجزيرة، وذلك قبل زيارة للرئيس التايواني لاي تشينغ تي، إلى الخارج.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
آسيا الصين تقول إن واشنطن أعادت إليها 4 محتجَزين «لأسباب سياسية» (أ.ب)

الصين تقول إن واشنطن أعادت إليها 4 محتجَزين «لأسباب سياسية»

أعلنت الحكومة الصينية، اليوم الخميس، أن الولايات المتحدة أعادت أربعة أشخاص إليها، منهم ثلاثة مواطنين صينيين على الأقل قالت إنهم كانوا محتجَزين «لأسباب سياسية».

«الشرق الأوسط» (بكين)

فريق ترمب الجديد يتلقى «تهديدات»

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

فريق ترمب الجديد يتلقى «تهديدات»

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

أعلنت المتحدثة باسم الرئيس الأميركي المنتخب، اليوم (الأربعاء)، أن عدداً من أعضاء إدارة دونالد ترمب العتيدة تلقوا «تهديدات»، وعلى وجه الخصوص «إنذارات بوجود قنبلة».

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت كارولين ليفيت، في بيان: «مساء أمس، وصباح اليوم، تلقى عدد من الأشخاص الذين عينهم الرئيس ترمب لينضموا إلى فريقه تهديدات عنيفة ومناهضة لأميركا».

وذكرت المتحدثة باسم دونالد ترمب تهديدات مثل «إنذارات بوجود قنبلة» و«إرسال وحدة شرطة إلى منازل الضحايا» من دون مزيد من التفاصيل.

وأكد مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) أنه «على علم بالعديد من الإنذارات بوجود قنبلة، وحوادث إرسال وحدات شرطة إلى منازل الأشخاص المتوقع انضمامهم إلى الإدارة المقبلة».

وقال في بيان: «نأخذ جميع التهديدات المحتملة على محمل الجد».

وقالت إليز ستيفانيك، التي عينها دونالد ترمب سفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، في بيان، إنها «تلقت تحذيراً من وجود قنبلة في منزلها».

وكانت الحملة الرئاسية إحدى أكثر الحملات توتراً في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، بعد أن تعرّض دونالد ترمب لمحاولتي اغتيال.