عاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى محكمة الجنايات في ضاحية مانهاتن بنيويورك، الخميس، لحضور اليوم الثالث من عملية اختيار هيئة المحلفين في محاكمته التاريخية بـ34 تهمة مرتبطة بتزوير وثائق لطمس دفعه 130 ألف دولار لإسكات ستيفاني كليفورد، وهي ممثلة إباحية معروفة باسم «ستورمي دانيالز» تدعي أنها كانت على علاقة معه، خلال الحملة الانتخابية الرئاسية في عام 2016.
ومع دخول عملية اختيار المحلفين الـ12 والبدلاء الستة مرحلة محورية وربما نهائية، يمكن أن تبدأ المرافعات الأولية الأسبوع المقبل للبت في القضية المعروفة بـ«أموال الصمت»، مما يجعل من ترمب، وهو المرشح الأفضل حظاً لنيل بطاقة الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أول رئيس أميركي سابق يواجه تهماً جنائية. وسيكون على المحلفين من سكان نيويورك أن يقرروا في نهاية هذه المحاكمة اتخاذ قرار: «مذنب» أو «غير مذنب».
وكانت عملية اختيار المحلفين بدأت الاثنين من دون اختيار أي شخص من مجموعة تضم 96 شخصاً، ثم اختير سبعة أشخاص من 96 شخصاً آخرين الثلاثاء.
وتواصلت هذه العملية الخميس لاختيار المحلفين الخمسة الباقين، وكذلك البدلاء الستة، من سلة مختلفة تضم 96 شخصاً. ولكن محلفة من السبعة الذين جرى اختيارهم الثلاثاء طلبت من القاضي خوان ميرشان إعفاءها من هذه المهمة بعد نشر اسمها عبر وسائل الإعلام. ووافق القاضي على طلبها. ثم توجه إلى الصحافيين طالباً منهم عدم نشر أمكنة العمل الخاصة بالمحلفين. وتعد هذه الحادثة خطوة إلى الوراء في المحاكمة.
سلاسة وعراقيل
وعلى رغم ذلك، سادت توقعات بأن تتواصل عملية اختيار المحلفين بسلاسة. وبعد ذلك، يعتزم القاضي ميرشان أن يأذن للمدعين العامين ووكلاء الدفاع عن ترمب بمباشرة تقديم مطالعاتهم الأولى، ربما الاثنين أو الثلاثاء المقبلين، فيما يشكل ذلك لحظة حاسمة في القضية، ومما يمهد الطريق لمحاكمة يمكن أن تستمر لأسابيع، ومن شأنها أن تضع الأخطار القانونية التي يتعرض لها الرئيس السابق في قلب حملته الرئاسية ضد المرشح الأوفر حظاً عند الديمقراطيين الرئيس جو بايدن، وأمام عودته المحتملة إلى البيت الأبيض إذا فاز في الانتخابات المقررة في 5 نوفمبر المقبل. وتتضمن هذه المحاكمة شهادة قد تكون غير سارة حول حياة ترمب الخاصة في السنوات التي سبقت توليه الرئاسة عام 2016.
وتركز «أموال الصمت» على رشاوى لستورمي دانيالز، التي تلقت 130 ألف دولار من محامي ترمب السابق مايكل كوهين، قبل وقت قصير من انتخابات 2016 للتكتم عن لقاء مع ترمب في الأيام الأخيرة من السباق الرئاسي الذي انتهى بفوزه بفارق ضئيل ضد منافسته الديمقراطية وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.
كذلك، تسلط القضية الضوء مجدداً على عارضة مجلة «بلاي بوي» كارين ماكدوغال، التي ادعت أيضاً أنها كانت على علاقة مع ترمب خارج نطاق الزواج قبل سنوات، بالإضافة إلى بواب برج ترمب الذي يدعى أن لديه قصة عن طفل يزعم أنه ابن ترمب من علاقة خارج إطار الزواج. ويؤكد ترمب أن أياً من هذه اللقاءات المفترضة لم تحصل.
وإذا كانت عملية اختيار هيئة المحلفين في قضية «أموال الصمت» الخاصة بترمب تتبع نمطاً مألوفاً، إلا أنها يمكن أن تؤدي إلى نتائج غير متوقعة، بما في ذلك المخاوف التي دفعت عدداً كبيراً من المحلفين المحتملين إلى طلب عدم انتقائهم بسبب مخاوف من ردات فعل معادية ضدهم من أنصار ترمب.
ويقول ممثلو الادعاء إن ترمب حجب الطبيعة الحقيقية للمدفوعات في السجلات الداخلية عندما قامت شركته بتعويض كوهين، الذي اعترف بالذنب في التهم الفيدرالية عام 2018، ويتوقع أن يكون شاهداً رئيسياً في الادعاء.
ونفى ترمب وجود أي لقاء عاطفي مع دانيالز. ويؤكد محاموه أن المدفوعات لكوهين كانت نفقات قانونية مشروعة.
تهمة الازدراء
وفي مستهل اليوم الثالث من عملية اختيار المحلفين، طلب ممثلو الادعاء من القاضي خوان ميرشان بمحاسبة الرئيس السابق بتهمة ازدراء المحكمة، وتغريمه بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتهك أمر حظر النشر الذي أصدره القاضي.
ونشر ترمب على منصته «تروث سوشال» للتواصل الاجتماعي. وقال المدعي العام كريستوفر كونروي إن العديد من المنشورات تضمنت إشارات إلى كوهين بوصفه «محلفاً متسلسلاً»، وكرر لاحقاً ادعاء أحد مضيفي شبكة «فوكس نيوز» عن أن النشطاء الليبراليين كانوا يكذبون للانضمام إلى هيئة المحلفين.
ورد وكيل الدفاع عن ترمب، المحامي أميل بوف بأن كوهين «كان يهاجم الرئيس ترمب في تصريحاته العامة»، وأن ترمب يرد فقط.
وفي حال الإدانة بالتهم الأساسية، يمكن أن يواجه ترمب عقوبة السجن لمدة تصل إلى أربع سنوات عن كل تهمة، على ألا تتعدى فترة السجن 20 عاماً حتى لو تمّت إدانته بكل التهم الـ34، علماً بأنه ليس من الواضح ما إذا كان القاضي ميرشان سيختار وضعه خلف القضبان. ومن المؤكد أن ترمب سيستأنف ضد أي إدانة.
وقضية «أموال الصمت» واحدة من أربع محاكمات جنائية يواجهها ترمب خلال حملته للعودة إلى البيت الأبيض، ولكن من المحتمل أن تكون القضية الوحيدة التي يصدر حكم فيها قبل الانتخابات.
وتسببت الطعون والمشاحنات القانونية الأخرى في تأخير القضايا التي تتهم ترمب بالتخطيط لقلب نتائج انتخابات 2020 وتخزين وثائق سرية بشكل غير قانوني.