هجمات إيران توحد الموقف الأميركي الداعم لإسرائيل

قائد القيادة الوسطى السابق لـ«الشرق الأوسط»: أقلق من صراع إقليمي واسع النطاق

مضادات صواريخ إسرائيلية في طريقها لاعتراض مسيّرات وصواريخ إيرانية بسماء إسرائيل (رويترز)
مضادات صواريخ إسرائيلية في طريقها لاعتراض مسيّرات وصواريخ إيرانية بسماء إسرائيل (رويترز)
TT

هجمات إيران توحد الموقف الأميركي الداعم لإسرائيل

مضادات صواريخ إسرائيلية في طريقها لاعتراض مسيّرات وصواريخ إيرانية بسماء إسرائيل (رويترز)
مضادات صواريخ إسرائيلية في طريقها لاعتراض مسيّرات وصواريخ إيرانية بسماء إسرائيل (رويترز)

تترقب إدارة جو بايدن، ومعها المشرّعون الأميركيون في «الكونغرس»، طبيعة الرد الإسرائيلي على الهجوم الذي شنّته إيران بمئات الصواريخ والمُسيّرات، ليلة السبت إلى الأحد.

وفي حين اتّفق مسؤولون أميركيون سابقون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، على ضرورة منع تصعيد عسكري أوسع بالمنطقة، وحّد الهجوم الإيراني صفوف المشرّعين الديمقراطيين والجمهوريين في دعم إسرائيل، وخفتت الأصوات المنتقدة للحرب التي يشنّها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضد «حماس» في غزة.

قلق وترقّب

أعرب قائد القيادة الوسطى السابق، جوزيف فوتيل، عن قلقه الشديد من قيام إيران بشنّ الهجمات على إسرائيل من أراضيها. ورجّح فوتيل، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تعتقد، بناءً على حجم الهجوم ونطاقه، أنها يجب أن ترد». وتابع فوتيل: «أنا قلِق من أن هذا سوف يؤدي إلى جولة أخرى من التصعيد، وإلى صراع إقليمي أوسع نطاقاً، ما سيؤدي بالتالي إلى مزيد من عدم الاستقرار».

وعن الرد الأميركي رأى فوتيل أن الرد «كان مناسباً في هذه المرحلة، إذ إنه أظهر دعماً قوياً في الدفاع عن إسرائيل، لكنه شدّد، في الوقت نفسه، على ضرورة عدم اتّساع رقعة النزاع وإعادة الأمور إلى المسار الدبلوماسي».

وفي إطار التخوف من التصعيد، قال الجنرال مارك كيميت، مساعد وزير الخارجية السابق، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يأمل أن «يتمكن الرئيس الأميركي وحكومة الحرب الإسرائيلية من منع رئيس الوزراء الإسرائيلي من التصعيد أكثر».

من جانبه، قال آدم كليمينتس، مدير الاستراتيجية والسياسة السابق لقطر والكويت بوزارة الدفاع الأميركية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مستوى الدقة وحجم الهجوم بالمُسيّرات والصواريخ في الرد الإيراني المباشر يُعدّ سابقة جديدة في حرب الظل بين طهران وإسرائيل». وأشار كليمينتس إلى أن إسرائيل كانت تعلم أن إيران ستحتاج إلى الرد بطريقة تُمكّنها من «حفظ ماء الوجه»، ردّاً على قصف مرافقها الدبلوماسية في سوريا، وعدّ أنه من المهم أن طهران تحدثت علناً بعد الهجمات عن نيتها عدم تصعيد الوضع أكثر.

وعن الموقف الأميركي، يُحذر كليمينتس من أن التصعيد في الصراع سيضر الأمن والتنمية الاقتصادية في المنطقة بأكملها، مشيراً إلى أنه يجب النظر إلى رد فعل الولايات المتحدة؛ «ليس فقط من ناحية التزامها بمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ولكن أيضاً من زاوية حماية المنطقة من مزيد من الصراعات».

بقايا محرك من صاروخ إيراني أطلق في اتجاه إسرائيل (رويترز)

بدوره، قال غابرييل نورونها، مستشار وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، إن «إطلاق إيران أكثر من 300 طائرة بدون طيار وصاروخ ضد إسرائيل يمثّل تصعيداً كبيراً، خصوصاً وأنها انطلقت من الأراضي الإيرانية». وقدَّر نورونها، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون الهجوم الإيراني قد كلّف إسرائيل أكثر من مليار دولار أميركي في الأسلحة الدفاعية المستخدمة لاعتراضه. لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن «إيران لم تتمكن من قتل أي إسرائيليين أو إصابة أي أهداف ذات أهمية»، عاداً أن ذلك شكّل «انتصاراً تكتيكياً لإسرائيل التي أظهرت تفوق بنيتها الدفاعية، كما أظهر حدود قدرات إيران الفعلية على تعريض إسرائيل للخطر».

وعن الموقف الأميركي، قال نورونها إن «إدارة بايدن لا تشعر بأي حاجة كي ترد على الهجوم، بالنظر إلى أنه لم يضر بشكل مباشر بالعناصر أو البنية التحتية الأميركية». ومع ذلك، يقول نورونها إن «إسرائيل لا تزال تشعر بالحاجة إلى الرد على هذا الهجوم، لأنها لا يمكن أن تترك الانطباع بأن إيران يمكنها شن هجوم ضخم كهذا دون عواقب»، مشيراً إلى أن السيناريو الأفضل سيكون «أن تجد إسرائيل طريقة لإظهار عزمها بطريقة تحافظ على الضغط الدبلوماسي على إيران».

وفي حين أكّد فوتيل وغيره من المسؤولين السابقين الذين تواصلت معهم «الشرق الأوسط» أن عنوان المرحلة الحالية هو الانتظار لرؤية الرد الإسرائيلي، فإن هذه الضبابية لم تنعكس على ردود الأفعال من «الكونغرس».

كان الرد الأميركي مناسباً في هذه المرحلة إذ أظهر دعماً قوياً في الدفاع عن إسرائيل لكنه شدّد في الوقت نفسه على ضرورة عدم اتّساع رقعة النزاع

قائد القيادة الوسطى السابق جوزيف فوتيل

مواقف موحدة

من الواضح ودون أدنى شك أن الهجمات الإيرانية أدت إلى لحمة الصفين الجمهوري والديمقراطي الداعمين لتل أبيب، فمحت أي ردود أفعال منتقدة أو داعية لوضع قيود على المساعدات لتل أبيب، على خلفية الحرب في غزة التي خلّفت أكثر من 33 ألف قتيل، خلال ستة أشهر.

فبمجرد ورود أنباء الهجمات، توالت ردود الأفعال الداعية إلى إقرار حزمة المساعدات العالقة لإسرائيل في مجلس النواب، والتي تبلغ قيمتها نحو 17 مليار دولار.

وسرعان ما أعلن ستيف سكاليس، زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس النواب، عن تغيير في جدول المجلس للأسبوع، والتصويت على حزمة المساعدات. وقال سكاليس، في بيان، إنه «على ضوء الهجوم غير المبرَّر من إيران على إسرائيل، سوف يغير مجلس النواب جدوله التشريعي للأسبوع المقبل، وينظر في تشريع يدعم حليفتنا إسرائيل ويحاسب إيران ووكلاءها الإرهابيين».

وأعرب سكاليس، على غرار بقية زملائه، عن دعم المجلس الكامل لإسرائيل، مضيفاً: «يجب أن تكون هناك عواقب لهذا الهجوم غير المبرَّر». 

بايدن في مرمى الانتقادات

موقف يتناغم مع موقف رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، الذي دعا البيت الأبيض إلى «رد مناسب»، واتّهم إدارة بايدن بالمساهمة في هذه «التطورات الرهيبة بسبب تقويضها إسرائيل وطمأنتها إيران». وهذا ما وافق عليه السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، الذي أكد أن هجوماً من هذا النوع ما كان ليحصل لو كان الرئيس السابق دونالد ترمب في البيت الأبيض، على حد تعبيره، متهماً إدارة بايدن بفقدان سياسة الردع مع إيران.

من ناحيته، دعا ميتش ماكونيل، زعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ، مجلس النواب إلى إقرار حزمة المساعدات في أسرع وقت، مشيراً إلى أن «طهران ووكلاءها يتشجعون عندما يرون انقسامات بين أميركا وإسرائيل».

تصريح يستهدف بشكل غير مباشر زميله في الشيوخ؛ زعيم الأغلبية الديمقراطية تشاك شومر، الذي وجّه، في السابق، انتقادات لاذعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بسبب حرب غزة، لكن هذه الانتقادات تلاشت بعد الهجمات الإيرانية، إذ أعرب شومر عن دعمه الشديد «لإسرائيل وشعبها» قائلاً: «فيما تتعرض إسرائيل لهجوم من إيران، نحن نقف مع إسرائيل وشعبها، وسوف تقوم الولايات المتحدة بما بوسعها لدعم دفاعات إسرائيل ضد إيران».

آمل أن يتمكن بايدن من منع نتنياهو من التصعيد

الجنرال مارك كيميت مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق

دعم أميركي ثابت

وبدا التغيير في المواقف المنتقدة سابقاً، واضحاً في تصريح للسيناتور الديمقراطي كريس كونز، الذي كان قد أعرب عن انفتاحه في السابق لفرض قيود على المساعدات العسكرية لإسرائيل، لكنه دعا بعد الهجمات مجلس النواب إلى إقرار المساعدات سريعاً؛ «للحرص على أن حلفاءنا الإسرائيليين لديهم ما يحتاجون إليه للدفاع عن أنفسهم من الاعتداءات من قِبل إيران ووكلائها».

وفي ظلّ كل هذا الدعم، حذّر بعض المشرّعين من تصعيد خطير بالمنطقة. وقال السيناتور الديمقراطي كريس فان هولان إن دعمه لإسرائيل «ضدّ الهجوم الإيراني» يترافق مع دعمه «جهود بايدن في الحيلولة دون اتساع رقعة النزاع بالمنطقة».

لكن هذه المواقف الداعية لضبط النفس لا تشمل الجميع، فقد دعا جون بولتون، السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة، إدارة بايدن وإسرائيل إلى استعادة سياسة الردع مع إيران، وحث تل أبيب على الرد. وقال بولتون، في مقابلة مع شبكة «سي.إن.إن»: «أعتقد أن من بين الأهداف الكثيرة التي يجب على إسرائيل النظر فيها هي فرصة تدمير برنامج الأسلحة النووية الإيراني. وآمل ألا يحاول الرئيس بايدن إقناع رئيس الوزراء نتنياهو بعدم القيام بذلك».


مقالات ذات صلة

ترمب وهاريس يتبادلان الانتقادات في قضية الإجهاض

الولايات المتحدة​ تختلف سياسات ترمب وهاريس تجاه إيران (أ.ف.ب)

ترمب وهاريس يتبادلان الانتقادات في قضية الإجهاض

يعد تغيير مواقف المرشحين في انتخابات الرئاسة الأميركية أمراً شائعاً، خصوصاً في السباقات المتقاربة قبيل اقتراب موعد التصويت.

إيلي يوسف (واشنطن)
شؤون إقليمية تختلف سياسات ترمب وهاريس تجاه إيران (أ.ف.ب)

التفاوض أم الردع؟... إيران بين هاريس وترمب

يستعرض تقرير واشنطن، أوجه التشابه والاختلاف في سياسيات المرشحَين دونالد ترمب وكامالا هاريس تجاه طهران.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ سوليفان برفقة السفير الأميركي لدى الصين نيكولاس بيرنز يلتقي الرئيس الصيني برفقة وزير الخارجية الصيني وانغ يي في قاعة الشعب الكبرى في بكين (أ.ب)

زيارة سوليفان «تعيد الدفء» للعلاقات الأميركية الصينية

أعادت زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان ولقاءاته مع الرئيس الصيني وكبار المسؤولين بعض الدفء إلى العلاقات مع الولايات المتحدة

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يتوعد مؤسس «فيسبوك» بالسجن إذا تدخل في الانتخابات

اتهم الرئيس الأميركي السابق، والمرشح الجمهوري الحالي في السباق الرئاسي دونالد ترمب، مؤسس «فيسبوك»، مارك زوكربيرغ، بتوجيه دفة الانتخابات ضده في عام 2020.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ بايدن يتحدث في البيت الأبيض

جمهوريون يطالبون بايدن بـ«رد حاسم» على خروقات طهران

بعد خروقات إيرانية أمنية متعددة للحملات الانتخابية الأميركية، أعرب جمهوريون عن استيائهم من غياب رد حاسم على ممارسات طهران.

رنا أبتر (واشنطن)

غولدريتش لـ«الشرق الأوسط»: لا انسحاب أميركياً من سوريا

غولدريتش لـ«الشرق الأوسط»: لا انسحاب أميركياً من سوريا
TT

غولدريتش لـ«الشرق الأوسط»: لا انسحاب أميركياً من سوريا

غولدريتش لـ«الشرق الأوسط»: لا انسحاب أميركياً من سوريا

نفى إيثان غولدريتش، مساعد نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى والمسؤول عن الملف السوري بالخارجية الأميركية، وجود أي خطط لدى إدارة الرئيس جو بايدن لسحب القوات الأميركية من سوريا.

وقبل مغادرة منصبه، قال غولدريتش في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط»: «حالياً، يَنْصَبُّ تركيزنا على الهدف، وهو عدم ظهور (داعش)»، مضيفاً: «لا نزال ملتزمين الدور الذي نلعبه في ذلك الجزء من سوريا، وبالشراكة التي تجمعنا مع القوات المحلية التي نعمل معها والحاجة لمنع ذلك الخطر (داعش) من العودة مجدداً».

وحول التطبيع مع نظام بشار الأسد، أكد غولدريتش أن أميركا لن تطبع معه حتى «حصول تقدم صادق ومستدام في أهداف القرار 2254»، داعياً البلدان التي انخرطت مع الأسد إلى توظيف هذه العلاقات للدفع نحو الأهداف الدولية المشتركة تحت القرار «2254».