ترمب يعود في أبريل إلى نيويورك لمواجهة «عاصفة ستورمي» دانيالز

دفع 175 مليون دولار كفالة والقاضي يقيّد تصريحاته قبل موعد آخر لمحاكمة جنائية

شعار منصة «تروث سوشال» التابعة للرئيس السابق دونالد ترمب (رويترز)
شعار منصة «تروث سوشال» التابعة للرئيس السابق دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب يعود في أبريل إلى نيويورك لمواجهة «عاصفة ستورمي» دانيالز

شعار منصة «تروث سوشال» التابعة للرئيس السابق دونالد ترمب (رويترز)
شعار منصة «تروث سوشال» التابعة للرئيس السابق دونالد ترمب (رويترز)

دفع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب كفالة قضائية قيمتها 175 مليون دولار بقضية احتيال مدنية قيد الاستئناف في نيويورك، في حين وسّع قاض في الولاية أمراً يمنع الرئيس السابق من الإدلاء بتصريحات في شأن أولى محاكماته الجنائية في منتصف الشهر الحالي، حين تبدأ «عاصفة ستورمي» دانيالز، الممثلة الإباحية التي تدعي أنها كانت على علاقة معه، وأنه «اشترى صمتها» خلال حملته لانتخابات 2016 التي أوصلته إلى البيت الأبيض.

ومع أنه يواجه متاعب قانونية في كل من واشنطن العاصمة وولايتي جورجيا وفلوريدا، فإن القضية التي تشهدها نيويورك هذا الشهر سترغمه على تمضية الكثير من الوقت في الولاية التي تخلى عن الإقامة فيها منذ سنوات، في ما يصفه كثيرون بأنه «عودة مشؤومة» إلى المكان، الذي نشأ فيه وشهره وانطلق منه للوصول إلى البيت الأبيض.

وإذا كان ترمب بدأ الشهر بـ«كذبة أبريل» (نيسان) حول تعليق حملته الانتخابية، فإن الحقيقة الصريحة في ذلك اليوم تمثلت بدفعه سندات بقيمة 175 مليون دولار في قضية الاحتيال المدني في نيويورك، لوقف تحصيل أكثر من 454 مليون دولار في حكم ضده، وبالتالي الحيلولة دون مصادرة الولاية لأصوله بهدف تسديد الديون أثناء عملية الاستئناف.

وكانت المحكمة أمهلت ترمب عشرة أيام لدفع الكفالة التي تهدف إلى ضمان الدفع إذا أيدت محكمة الاستئناف الحكم بدفع المبلغ الكامل البالغ 454 مليون دولار. في هذه الحال، سيتعين على ترمب أن يدفع كامل المبلغ مع الفوائد. ولكن إذا ربح ترمب الاستئناف، فلن يضطر إلى دفع أي مبلغ وسيستعيد الكفالة التي دفعها.

ولولا القيام بهذه الخطوة، كانت المدعية العامة في نيويورك ليتيسيا جيمس على استعداد لبدء الجهود لجمع المبلغ المطلوب، بما في ذلك عن طريق الاستيلاء على بعض ممتلكات ترمب.

ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن رئيس شركة «نايت» للتأمين الملياردير دون هانكي، أن شركته اكتتبت سند الكفالة لأن «هذا ما نفعله (...) ويسعدنا القيام بذلك لأي شخص يحتاج إلى سندات».

ويحاول ترمب إلغاء الحكم الذي أصدره القاضي في 16 فبراير (شباط) بأنه كذب في شأن ثروته أثناء قيامه بتعزيز الإمبراطورية العقارية التي أوصلته إلى النجومية والرئاسة.

وقالت دائرة الاستئناف بمحاكم الولاية إنها ستستمع إلى المرافعات في سبتمبر (أيلول) المقبل، أي قبل أسابيع فقط من الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

رسم للقاضي خوان ميرشان خلال جلسة استماع في محاكمة الرئيس دونالد ترمب (رويترز)

ردود ترمب

وفي منشور مطول على منصته «تروث سوشال» للتواصل الاجتماعي، جادل ترمب بأن الحكم عليه سيضر نيويورك، داعياً إلى طرد القاضي آرثر إنغورون الذي حكم عليه في القضية، والمدعية العامة في نيويورك ليتيسيا جيمس من السلك القضائي. وكتب الاثنين: «قمت للتو بدفع سندات بقيمة 175 مليون دولار لولاية نيويورك الفاشلة والمضطربة للغاية؛ بناءً على قاضٍ فاسد ومدعية عامة فاسدة استخدما قانوناً لم يستخدم مطلقاً لهذا من قبل، حيث لم يُسمح بوجود هيئة محلفين»، مضيفاً أن «القضية عبارة عن عملية نصب ملفقة للتدخل في الانتخابات، وهي سيئة للغاية بالنسبة لنيويورك، حيث تفرّ الشركات وتزدهر جرائم العنف (...) قدر القاضي المحتال، بما يتناسب مع روايته، قيمة منتجع مارالاغو في بالم بيتش بولاية فلوريدا بمبلغ 18 مليون دولار، في حين أن قيمته تساوي 50 إلى 100 ضعف هذا المبلغ. حكم بأنني مذنب قبل أن يرى القضية». ورأى أنه «يجب شطب إنغورون، وعزل ليتيسيا جيمس، التي قامت بحملة من أجل النيل من ترمب».

المدعية العامة في نيويورك ليتيسيا جيمس خلال مؤتمر صحافي (أ.ب)

وبالإضافة إلى مبلغ الـ175 مليون دولار الذي دفعه في هذه القضية، قدم ترمب سندات تزيد قيمتها على 97 مليون دولار لتغطية الأموال التي يدين بها للكاتبة أي. جين كارول، بعدما أدانته هيئة محلفين فيدرالية بالاعتداء عليها في التسعينات من القرن الماضي، وشهّر بها عندما أعلنت هذا الادعاء عام 2019.

وكذلك دفع ترمب في فبراير (شباط) رسوماً قانونية تصل قيمتها إلى نحو 400 ألف دولار لتغطية تكاليف دعوى فاشلة ضد صحيفة «نيويورك تايمز» وثلاثة مراسلين بسبب قصة حائزة على جائزة «بوليتزر» عام 2018 حول ثروة عائلته وممارساتها الضريبية.

وفي مارس (آذار)، أمرت محكمة بريطانية ترمب بدفع رسوم قانونية قدرها 300 ألف جنيه إسترليني (382 ألف دولار) لشركة رفع دعوى قضائية ضدها بلا طائل حول «ملف ستيل» الذي يحتوي على مزاعم بذيئة عنه.

عاصفة «ستورمي»

المدعي العام في نيويورك ألفين براغ يدخل إلى قاعة المحكمة التي تحاكم الرئيس السابق دونالد ترمب (أ.ب)

غير أن «عاصفة ستورمي» ستكون الأسوأ حتى الآن؛ لأنها يمكن أن تؤدي ليس فقط إلى دفع مبالغ طائلة، بل أيضاً إلى الحكم بسجنه لسنوات طويلة. وإذا كانت هذه القضية بدأت بحكم من القاضي خوان ميرشان المشرف على «قضية ستورمي دانيالز ضد دونالد ترمب» يمنع الأخير من الإدلاء يمكن أن تؤثر على المعنيين أو الشهود في الدعوى، فإن القاضي وسّع نطاق حكمه هذا بسبب سلسلة تغريدات من ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، هاجم فيها ابنة القاضي لورين ميرشان. وبات حظر النشر يشمل الآن أفراد عائلة القاضي مارشان وعائلة المدعي العام ألفين براغ الذي يطارد الرئيس السابق في هذه القضية.

وكتب القاضي مارشان في حكم توسيع الحظر على ترمب إن «هذا النمط من مهاجمة أفراد عائلات المحلفين والمحامين المكلفين بقضاياه لا يخدم أي غرض مشروع»، مضيفاً أن الغرض من ذلك هو «مجرد بث الخوف في نفوس أولئك المعينين أو المدعوين للمشاركة في الإجراءات، ليس فقط هم، ولكن أفراد أسرهم أيضاً، بوصفهم: لعبة عادلة لانتقادات المدعى عليه».

واتخذت هذه الإجراءات لتقييد خطاب ترمب قبل أسبوعين من الموعد المحدد لمحاكمته في 15 أبريل (نيسان) الحالي.

وكان فريق ترمب القانوني عارض توسيع الحظر، معللين ذلك بأن ما ينشره الرئيس السابق محمي بموجب التعديل الأول من الدستور الأميركي الذي يكفل حرية التعبير. ولكن القاضي وصف تلك الحجة بأنها «هزلية» لأن تصريحات ترمب «تشكل هجوماً مباشراً على سيادة القانون نفسها».

وعلى غرار هجماته السابقة، انتقد ترمب القاضي ميرشان، فقال: «تبلغت للتو أن قاضياً فاسداً آخر في نيويورك، وهو خوان ميرشان، أسكتني كي لا أستطيع التحدث عن الفساد والصراعات التي تحدث في قاعة المحكمة»، مضيفاً: «يمكنهم التحدث عني، لكن لا أستطيع التحدث عنهم؟ (...) هذا يبدو عادلاً، أليس كذلك؟». ولذلك «يجب إعفاء هذا القاضي وإسقاط القضية».

وإذا لم تحصل مفاجآت غير متوقعة يمكن أن تؤدي إلى إرجاء المحاكمة مجدداً، سيواجه ترمب بدءاً من منتصف الشهر الحالي 34 تهمة مرتبطة بدفع مبالغ غير مشروعة للممثلة الإباحية ستورمي دانيالز بهدف التستر على علاقة غرامية مزعومة معها قبل انتخابات 2016.

مواعيد متضاربة

ومن المقرر أن تبدأ هذه المحاكمة باختيار هيئة المحلفين، في مهمة يمكن أن تكون شاقة بالنظر إلى الدعاية المحيطة بالقضية وعدم شعبية ترمب الشديدة في مانهاتن ذات الغالبية الديمقراطية.

وكان ترمب دفع بأنه غير مذنب في «قصص كاذبة» عن إقامة علاقة خارج نطاق الزواج، مكرراً أنه «طريد الساحرات» في القضية التي يقول ممثلو الادعاء إن ترمب «سجل كذباً» المدفوعات لوكيل الدفاع عنه عامذاك المحامي مايكل كوهين، بوصفها «رسوماً قانونية في دفاتر شركة ترمب، لكنها كانت في الحقيقة «مقابل عمله في التستر على قصص يمكن أن تحرج ترمب»، ويشمل ذلك مبلغ 130 ألف دولار دفعها للممثلة الإباحية نيابة عن ترمب، حتى لا تنشر ادعاءها في شأن علاقتها معه قبل سنوات. ويرد محامو ترمب أن المدفوعات لكوهين كانت «نفقات قانونية مشروعة، وليست شيكات تستر».

وكان كوهين اعترف بأنه مذنب عام 2018 في انتهاكات تمويل الحملات الفيدرالية المتعلقة بمكافأة دانيالز، كاشفاً عن أن ترمب أمره بترتيب ذلك. وأشار المدعون الفيدراليون إلى أنهم يصدقون كوهين، الذي انقلب ضد ترمب، وصار «الشاهد الملك» في هذه القضية الجنائية.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)

وسيضطر ترمب إلى الحضور شخصياً خلال المحاكمة الجنائية في نيويورك بدءاً من 15 الحالي؛ مما سيمنعه عملياً من المشاركة في حملاته الانتخابية المتزايدة في المواجهة المتوقعة مع المرشح المفترض للديمقراطيين حتى الآن الرئيس جو بايدن. وتشير كل التطورات القضائية الحالية إلى أن الضوء سيتركز حالياً على مكانة نيويورك بوصفها مركزاً للخطر القانوني الذي يواجهه ترمب، على رغم أن قضية أموال «الصمت» تعدّ الأقل أهمية من محاكماته الأخرى المتعلقة بالتآمر لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020 والاحتفاظ بشكل غير قانوني بوثائق سريّة، وذلك نظراً لأن قضية ستورمي دانيالز هي الوحيدة التي جرى فيها تحديد موعد ثابت للمحاكمة، قبل انتخابات عام 2024.


مقالات ذات صلة

فترة مادورو الثالثة في فنزويلا مهدّدة برياح واشنطن

حصاد الأسبوع من حفل تنصيب مادورو (أ.ب)

فترة مادورو الثالثة في فنزويلا مهدّدة برياح واشنطن

كل ما كان متوقعاً حصل صباح العاشر من يناير (كانون الثاني) الحالي في العاصمة الفنزويلية كاراكاس عندما نصّب الرئيس نيكولاس مادورو نفسه رئيساً لفنزويلا من غير أن يقدّم أي دليل يثبت فوزه المزعوم في الانتخابات الرئاسية التي أجريت أواخر يوليو (تموز) الفائت. مادورو، وهو وريث الزعيم اليساري الراحل هوغو تشافيز، كان قد أعلن فوزه في نهاية اليوم الانتخابي بعد عملية فرز غامضة قدّمت فيها المعارضة وثائق تثبت فوز مرشحها إدموندو غونزاليس أورّوتيا بفارق كبير لم يتمكن النظام من دحضها. إلا أن سيطرة مادورو المطلقة على جميع مؤسسات الدولة، بما فيها جميع المحاكم العليا والقوات المسلحة، مهّدت الطريق لتنصيبه رئيساً لولاية ثالثة.

شوقي الريّس (مدريد)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب رئيس الولايات المتحدة يوقع أمراً تنفيذياً (أ.ب)

معارضة تعاني الإرهاق والخيبة في مواجهة ترمب

منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، خصوصاً منذ تنصيبه الاثنين، يكافح معارضوه لإسماع صوتهم في خضم خيبة أمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح زوجته ميلانيا خلال حفل تنصيبه بواشنطن (أ.ب)

بعد طرح تعديل دستوري... ما السيناريوهات المحتملة لتولي ترمب ولاية رئاسية ثالثة؟

قدّم عضو جمهوري في مجلس النواب الأميركي، أمس، اقتراحاً لتعديل دستور الولايات المتحدة للسماح للرئيس دونالد ترمب (وأي رئيس مستقبلي آخر) بالانتخاب لفترة ثالثة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مبنى انتخابات مقاطعة مولتوماه (أ.ب)

الشرطة الأميركية: هجوم على مكتب انتخابات بورتلاند يحطم عشرات النوافذ

حطمت مجموعة من الملثمين عشرات النوافذ ورشوا رسوم غرافيتي مناهضة للحكومة على مبنى انتخابات مقاطعة مولتوماه الأميركية.

«الشرق الأوسط» (بورتلاند (أميركا))
رياضة عالمية إنفانتينو خلال حضوره حفل تنصيب ترمب أمس (أ.ف.ب)

إنفانتينو رئيس «فيفا» حضر حفل تنصيب ترمب

حضر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جياني إنفانتينو، حفل تنصيب دونالد ترمب في العاصمة الأميركية واشنطن، أمس (الاثنين) وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».

The Athletic (واشنطن)

تنديد دولي وترحيب إسرائيلي بعقوبات ترمب على «الجنائية»

الرئيس ترمب مستقبلا رئيس الوزراء الياباني أمس (رويترز)
الرئيس ترمب مستقبلا رئيس الوزراء الياباني أمس (رويترز)
TT

تنديد دولي وترحيب إسرائيلي بعقوبات ترمب على «الجنائية»

الرئيس ترمب مستقبلا رئيس الوزراء الياباني أمس (رويترز)
الرئيس ترمب مستقبلا رئيس الوزراء الياباني أمس (رويترز)

حذّرت 79 دولة عضواً في الجنائية الدولية، أمس، من أنّ العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على هذه المحكمة «تزيد من خطر الإفلات من العقاب على أخطر الجرائم وتهدّد بتقويض سيادة القانون الدولي».

وقالت الدول الأعضاء في بيان مشترك وقّعت عليه وخصوصاً بريطانيا وفرنسا وألمانيا وجنوب أفريقيا والسلطة الفلسطينية وكندا وتشيلي وبنما: «بعدّنا من المؤيدين الأقوياء للمحكمة الجنائية الدولية، فإنّنا نأسف على أيّ محاولة لتقويض استقلال المحكمة».

وفرض الرئيس الأميركي عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية لاتهامها بـ«مباشرة إجراءات قضائية لا أساس لها ضد الولايات المتحدة وحليفنا المقرّب إسرائيل»، وعدّ تحقيقاتها بأنها «تُهدد الأمن القومي» للولايات المتحدة وحلفائها.

وأشادت إسرائيل بالرئيس الأميركي لخطوته، واصفة المحكمة بـ«اللاأخلاقية».