واشنطن تعلن تفكيك شبكة قرصنة إلكترونية مركزها الصين... وبكين تنفي

يشتبه بأن الشبكة التي تنشط منذ عام 2021 مجهّزة لشل قطاعات تتراوح من الاتصالات إلى النقل والحكومة (أرشيفية - رويترز)
يشتبه بأن الشبكة التي تنشط منذ عام 2021 مجهّزة لشل قطاعات تتراوح من الاتصالات إلى النقل والحكومة (أرشيفية - رويترز)
TT

واشنطن تعلن تفكيك شبكة قرصنة إلكترونية مركزها الصين... وبكين تنفي

يشتبه بأن الشبكة التي تنشط منذ عام 2021 مجهّزة لشل قطاعات تتراوح من الاتصالات إلى النقل والحكومة (أرشيفية - رويترز)
يشتبه بأن الشبكة التي تنشط منذ عام 2021 مجهّزة لشل قطاعات تتراوح من الاتصالات إلى النقل والحكومة (أرشيفية - رويترز)

أعلنت السلطات الأميركية تفكيك شبكة من القراصنة الإلكترونيين تتمركز في الصين وتعرف باسم «فولت تايفون»، متهمة إياها باختراق بنى تحتية رئيسية في الولايات المتحدة بهدف تعطيلها حال نشوب نزاع، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

إلا أن بكين شددت، اليوم (الخميس)، على أن الولايات المتحدة وجّهت لها «اتهامات لا أساس لها وشوّهت سمعة الصين من دون أي أدلة».

تحدث مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) كريستوفر راي عن العملية في شهادة أمام لجنة بالكونغرس، أمس، بشأن المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، وعرضت وزارة العدل مزيداً من التفاصيل في بيان.

يشتبه بأن الشبكة التي تنشط منذ عام 2021 مجهّزة لشل قطاعات تتراوح من الاتصالات إلى النقل والحكومة.

في مايو (أيار) 2023، اتهمت الولايات المتحدة وحلفاؤها مجموعة «فولت تايفون» التي توصف بأنها «مجموعة قرصنة ترعاها الدولة» الصينية، باختراق شبكات بنى تحتية أميركية حيوية، وهي اتهامات نفتها بكين حينذاك أيضا.

وقال راي للمشرّعين إن الولايات المتحدة وحلفاءها حددوا خلال عملية «مئات أجهزة التوجيه التي استولت عليها مجموعة القرصنة التي ترعاها جمهورية الصين الشعبية والمعروفة باسم فولت تايفون».

وأضاف أن «البرمجيات الخبيثة التي تستعملها فولت تايفون مكّنت الصين من بين أمور أخرى، من إخفاء أعمال استطلاع سابق للعمليات واستغلال للشبكات ضد بنى تحتية حيوية مثل قطاعات الاتصالات والطاقة والنقل والمياه لدينا».

واتهم راي القراصنة بالإعداد «لإحداث فوضى والتسبب في ضرر حقيقي للمواطنين الأميركيين».

وتابع: «متى وإذا قررت الصين أن الوقت حان للضرب، فإنها لا تركز فقط على الأهداف السياسية أو العسكرية»، مؤكداً أن «استهداف المدنيين جزء من خطتها».

من جهته، قال مساعد وزير العدل ماثيو أولسن الذي يعمل في قسم الأمن القومي بالوزارة إن الوصول إلى البنى التحتية الأميركية الذي سعت إليه «فولت تايفون» هو أمر «يفيد الصين خلال أزمة مستقبلية».

«الاستعداد للحرب»

ولفت الباحث لدى «مؤسسة جيمستاون» ماثيو برازيل إلى أن إعلان الأربعاء قد يعني أن الولايات المتحدة حيّدت القراصنة مباشرة في المصدر، رغم أن ذلك ما زال غير واضح.

وأضاف: «إذا كانت الحال كذلك، فإن المخاطر تزداد على ما يبدو... مع اتخاذ الصين قرار الاستعداد للحرب عبر الانخراط في هذه الأعمال العدائية، وتحرّك الولايات المتحدة وتعطيل هذه القدرات».

قالت وزارة العدل الأميركية، في بيانها، إن العملية الأميركية لتفكيك شبكة القراصنة حصلت على إذن من محكمة فدرالية في تكساس.

وأضافت أنه من خلال السيطرة على المئات من أجهزة التوجيه التي كانت معرضة للخطر لأنها لم تعد مدعومة بالتصحيحات الأمنية أو تحديثات البرامج الخاصة بالشركة المصنعة لها، سعى القراصنة إلى إخفاء أصل أنشطة القرصنة المستقبلية المرتبكة انطلاقاً من الأراضي الصينية.

وأكدت الوزارة أن العملية نجحت في مسح البرامج الضارة من أجهزة التوجيه، من دون التأثير على وظائفها المشروعة أو جمع أي معلومات، لكنها قالت إنه لا يوجد ضمان بعدم إمكانية اختراق أجهزة التوجيه مرة أخرى.

«غير مسؤولة»

يشير باحثون ومسؤولو أجهزة استخبارات غربية إلى أن القراصنة الصينيين أصبحوا ماهرين في اختراق الأنظمة الرقمية للدول الخصمة لجمع أسرار تجارية.

وعام 2021، اتهمت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وحلفاء آخرون، الصين بتوظيف «قراصنة يعملون بعقود» لاستغلال ثغرة في أنظمة البريد الإلكتروني التابعة لشركة «مايكروسوفت»، ما سمح لوكلاء الأمن التابعين للدولة بالوصول إلى معلومات حساسة.

وذكرت بيانات حكومية أميركية وتقارير إعلامية أن الجواسيس الصينيين اخترقوا وزارة الطاقة الأميركية وشركات المرافق العامة وشركات اتصالات وجامعات.

وأفاد الباحث الرفيع لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بنجامن ينسن، الكونغرس، العام الماضي، بأن بكين مرتبطة بـ90 عملية تجسس عبر الإنترنت تمّت منذ مطلع الألفية، أي أكثر بنسبة 30 في المائة من تلك التي تورطت بها شريكتها المقرّبة روسيا.

من جانبه، وصف الناطق باسم الخارجية الصينية وانغ ونبين الاتهامات الأميركية بأنها «غير مسؤولة إلى حد كبير وتخلط بين الصحيح والخطأ»، معتبراً أن «الولايات المتحدة هي مصدر الهجمات الإلكترونية والطرف الخبير بها»، علماً بأن «إف بي آي» يشدد على أن الصين تملك أكبر برنامج قرصنة في العالم.

وتتجسس الولايات المتحدة بالفعل بطرقها الخاصة على الصين؛ إذ تنشر أجهزة رقابة وتستخدم تقنيات تنصت وشبكات مخبرين.

في يوليو (تموز) الماضي، أفاد مسؤولون أمنيون في ووهان بأنهم اكتشفوا هجوماً إلكترونياً استهدف مركز مراقبة الزلازل التابع للمدينة الواقعة وسط الصين، قالوا إن مصدره الولايات المتحدة.

وأشارت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ آنذاك إلى أن الهجوم مثّل تهديداً خطيراً للأمن القومي.

وقالت: «تنخرط الحكومة الأميركية في عمليات إلكترونية خبيثة لا تستهدف الصين وحدها... بينما تحمّل الصين مسؤولية ما تطلق عليها هجمات قرصنة».



«الشيوخ» يتأهب للمصادقة على فريق ترمب

التجهيزات جارية لحفل تنصيب ترمب أمام مبنى الكابيتول (إ.ب.أ)
التجهيزات جارية لحفل تنصيب ترمب أمام مبنى الكابيتول (إ.ب.أ)
TT

«الشيوخ» يتأهب للمصادقة على فريق ترمب

التجهيزات جارية لحفل تنصيب ترمب أمام مبنى الكابيتول (إ.ب.أ)
التجهيزات جارية لحفل تنصيب ترمب أمام مبنى الكابيتول (إ.ب.أ)

أيام قليلة تفصل الرئيس المنتخب دونالد ترمب عن الجلوس بمقعده في المكتب البيضاوي. ففي العشرين من يناير (كانون الثاني)، سيقف ترمب أمام كبير قضاة المحكمة العليا جون روبرتس للإدلاء بقسم اليمين في حفل تنصيبه بالجهة الغربية من مبنى الكابيتول، في حين يسعى الجمهوريون جاهدين داخل المبنى للمصادقة على تعييناته الوزارية، واستكمال فريقه الذي تنتظره مهمات شاقة ومتشعبة في الإدارة الجديدة.

ويواجه هذا الفريق أسبوعاً حافلاً في مجلس الشيوخ؛ إذ يسابق أعضاء المجلس الزمن للنظر في الأسماء الكثيرة المطروحة أمامهم والتصويت عليها. وقد جرت العادة أن يسعى المجلس إلى تقديم الترشيحات المرتبطة بالأمن القومي في عملية المصادقة، كي يبدأ الرئيس الأميركي عهده بفريق مكتمل نسبياً في هذا الإطار.

مهمة صعبة

مرشح ترمب لمنصب وزير الدفاع بيت هيغسيث في الكونغرس برفقة زوجته في 5 ديسمبر 2024 (أ.ب)

لكن هذه المهمة صعبة، خصوصاً بالنسبة لبعض الأسماء المثيرة للجدل، كالمرشح لمنصب وزير الدفاع بيت هيغسيث، وقد بدا هذا واضحاً في جلسة الاستماع التي عقدتها لجنة القوات المسلحة للمصادقة عليه في منصبه، وهي الجلسة الأولى ضمن سلسلة طويلة من جلسات الاستماع هذا الأسبوع في الشيوخ، التي ستشمل 13 مرشحاً أمام 11 لجنة.

لكن رغم التوقيت المبكر لجلسته فإن هيغسيث، مذيع «فوكس نيوز» السابق، يواجه موجة من الانتقادات من قِبَل الديمقراطيين، بسبب سجله المثير للجدل واتهامات بالتحرش الجنسي.

وسوف تؤدي هذه الاعتراضات إلى تأخير التصويت على المصادقة من دون أن تؤثر فعلياً على حظوظه بالمصادقة النهائية؛ نظراً لسيطرة الجمهوريين على الأغلبية في مجلس الشيوخ.

أرقام وأسماء

ترمب إلى جانب مرشحه لمنصب وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والتز خلال لقائهم برئيسة الوزراء الإيطالية في 4 يناير 2025 (رويترز)

فالمصادقة تحتاج إلى الأغلبية البسيطة في المجلس، أي 51 صوتاً، ويتمتع الجمهوريون بـ53 صوتاً، ما يعني أن أي مرشح لا يستطيع خسارة أكثر من 3 أصوات جمهورية (لنائب الرئيس جاي دي فانس، الصوت الحاسم في حال التعادل بصفته رئيساً للشيوخ). وجلّ ما يمكن للديمقراطيين فعله في هذه الحالة هو تأخير موعد التصويت في مجلس الشيوخ، خصوصاً إذا تمكّن الجمهوريون من رصّ صفهم، والتصويت لصالح المرشحين.

ولعلّ المرشح الأوفر حظّاً في المصادقة السريعة هو السيناتور الجمهوري ماركو روبيو في منصب وزير الخارجية، فهو يتمتع بتأييد واسع من الحزبين، ما ينعكس بشكل واضح على مجريات جلسة المصادقة عليه في لجنة العلاقات الخارجية في الشيوخ يوم الأربعاء.

اسم آخر يحظى بدعم الحزبين، وهو مرشح ترمب لمنصب مدير الاستخبارات المركزية جون راتكليف، الذي يُمثل أمام لجنة الاستخبارات في الشيوخ يوم الأربعاء. وهي ليست المرة الأولى التي يخوض فيها راتكليف مسار المصادقة، فقد سبق للشيوخ أن صادق عليه في منصب مدير الاستخبارات الوطنية في إدارة ترمب الأولى، ما يُعزز حظوظه ويُسرّع العملية.

مرشحة ترمب لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية تلسي غابارد في الكونغرس في 18 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

لكن هذا لا ينطبق على تلسي غابارد، مرشحة ترمب لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية، التي تخوض طريقاً صعباً نحو المصادقة. فموعد جلسة الاستماع المتوقعة أمام لجنة الاستخبارات لم يُقرَّر بعد، وفي انتظار انتهاء إجراءات التدقيق بخلفيتها وأوراق اعتمادها.

وقد سجّل الديمقراطيون اعتراضاتهم، مشككين بتقييمها للسياسة الخارجية وعلاقتها مع خصوم الولايات المتحدة، وهذا ما تحدّث عنه السيناتور الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا، آدم شيف، الذي أعرب عن تحفظه في إصدار موقف تجاه غابارد قبل استكمال الوثائق المطلوبة، لكنه قال: «هناك عاملان مثيران للقلق بالنسبة إليها، أولاً غياب خبرتها التام في مجال الاستخبارات، وثانياً: لقد أظهرت تقييماً متهوراً وخاطئاً في عدد من الأمور، كمواقفها القريبة من بشار الأسد والكرملين، وأنا قلق من وجود شخص يتحدث مباشرة مع الرئيس خلال أزمات الأمن القومي، من دون أي خبرة وبتقييم خاطئ».

اسم آخر يسائله المشرعون، وهو مرشحة ترمب لمنصب وزيرة العدل بام بوندي، التي اختارها بعد انسحاب مرشحه الأول المثير للجدل، مات غايتس. ورغم أن حظوظ بوندي بالمصادقة عالية نسبياً فإن ولاءها لترمب خلال تمثيلها له في محاكمة عزله الأولى أمام الكونغرس أثار أسئلة حول استقلاليتها من قبل الديمقراطيين.

فريق البيت الأبيض

موقع حفل التنصيب الذي سيجري في 20 يناير بالجهة الغربية من الكابيتول (أ.ب)

وبانتظار اكتمال فريق ترمب، من وزراء وسفراء ومديرين، يمهد فريقه الذي لا يحتاج للمصادقة، كمستشار الأمن القومي مايك والتز، لإعادة هيكلة واسعة لفريقه في البيت الأبيض، وقد أكد والتز أنه سيُغير فريق مجلس الأمن القومي بكامله، مشيراً إلى أنه يتوقع استقالة كل الفريق القديم بحلول منتصف نهار العشرين من يناير، موعد تسلم ترمب رسمياً مهامه الرئاسية.

كما أشار والتز إلى أن هذا الأمر سينطبق على وكالات الاستخبارات كذلك. ولعلّ السبب الرئيسي في قرار من هذا النوع يعود إلى علاقة ترمب المضطربة بفريقه في إدارته الأولى، والتسريبات والانتقادات العلنية التي واجهها من داخل البيت الأبيض، وهو ما يسعى لتجنبه قدر المستطاع في إدارته الثانية.