دنيس روس يتظاهر مع عائلات الأسرى في تل أبيب

إسرائيل شهدت المظاهرات الكبرى منذ بداية «حرب غزة»

مظاهرة في تل أبيب الخميس نظمتها حركة «السلام معاً» العربية اليهودية في إسرائيل للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة (أ.ف.ب)
مظاهرة في تل أبيب الخميس نظمتها حركة «السلام معاً» العربية اليهودية في إسرائيل للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة (أ.ف.ب)
TT

دنيس روس يتظاهر مع عائلات الأسرى في تل أبيب

مظاهرة في تل أبيب الخميس نظمتها حركة «السلام معاً» العربية اليهودية في إسرائيل للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة (أ.ف.ب)
مظاهرة في تل أبيب الخميس نظمتها حركة «السلام معاً» العربية اليهودية في إسرائيل للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة (أ.ف.ب)

انضمّ دنيس روس؛ الدبلوماسي الأميركي السابق والمساعد الخاص للرئيس الأسبق باراك أوباما، إلى مظاهرات عائلات الأسرى في تل أبيب، وألقى خطاباً يدعو فيه إلى إعادة الرهائن.

وعلى الرغم من أن مظاهرات ليل السبت - الأحد، كانت هذه المرة أكبر وأضخم من كل المظاهرات التي شهدتها إسرائيل منذ بداية الحرب على غزة وأشدها وضوحاً في رسائلها، ساد على شعاراتها النداء العاجل إلى رئيس الوزراء نتنياهو، بأن يستقيل فوراً، فإن أهالي الأسرى أنهوا السنة بشعور خانق بأن أمامهم طريقاً طويلة قبل أن يروا الأسرى محررين وعلى قيد الحياة.

وقرر الأهالي إنهاء السنة بإضاءة المباني الشهيرة باللون الأصفر، تعبيراً عن الإحباط من جهة، وعن التضامن معهم من جهة أخرى. والمباني التي اختيرت هي مقر الكنيست (البرلمان)، واستاد كرة القدم «تيدي»، وجسر الأوتار في القدس ومسرح هبيما وأبراج عزرئيلي في تل أبيب، ومباني البلديات الكبرى... وغيرها.

وكانت المظاهرة الأضخم أمام وزارة الدفاع في تل أبيب، لمناصرة عائلات الأسرى، غير أن المظاهرة أمام مسرح هبيما أيضاً كانت مهيبة، ويقدر عدد المشاركين فيها بأكثر من 20 ألفاً. الأولى رفعت شعارات أيضاً ضد الحكومة تتهمها بإهمال موضوع الأسرى، وطالبت بوقف الحرب حتى يتاح إنجاز صفقة مع «حماس». لكن مظاهرة هبيما كانت أوضح، وطالبت نتنياهو بالاستقالة. ومثلها نظمت مظاهرات في قيسارية (أمام بيت نتنياهو) وفي حيفا والقدس وهرتسليا ورعنانا. وبعد ساعة ونصف الساعة، انضمت مظاهرة هبيما إلى مظاهرة العائلات، وتوحدت الشعارات.

دنيس روس يتحدث خارج قاعدة «كيريا» العسكرية في تل أبيب السبت خلال احتجاج يدعو إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم «حماس»... (إ.ب.أ)

وتميزت مظاهرة العائلات، هذا السبت، بحضور شخصية أميركية بارزة؛ هو دنيس روس، المعروف برصيده الثري في إدارة مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، فقد ألقى خطاباً عُدَّ رسالة احتضان من رئيسه للرأي العام الإسرائيلي من جهة؛ ورسالة انتقاد لحكومة نتنياهو من جهة ثانية، ورسالة عداء لقيادة «حماس» من جهة ثالثة.

قال روس: «أريد أن أعبّر عن دعمي للعائلات. إنني أشعر بالتضامن معكم. لقد رأيت الصور في كل مكان، إنها تدل على أن الدولة كلها تشعر بالارتباط العميق بكم. وأنتم هنا اليوم وأنا معكم لكي نقول لهم إنهم ليسوا وحدهم، وإننا معهم. ليس عندي حل سحري. لكنني أعرف شيئاً ما عن المنطقة وعن (حماس) وعن السنوار، فلا يمكن إغراؤهم بشيء يجعلهم يطلقون سراح المخطوفين. تجب ممارسة الضغط عليهم، وأن يكون الضغط عسكرياً».

وأكد روس أن «حماس» تريد أن يكون محط الاهتمام العالمي هو ذلك الموت والدمار الحاصل في قطاع غزة وليس المخطوفين؛ لذلك يجب أن نعمل كي يصبح موضوع الأسرى هو محط الاهتمام، وأنه يجب التوجه إلى أئمة المساجد ليعلنوا أن خطف الأطفال والمسنين منافٍ للإسلام، وأيضاً يجب التوجه إلى الدول التي تناصر الحق الفلسطيني والقول إن «حماس» تمس الطموحات الفلسطينية بتمسكها بالمخطوفين، وإنه يجب إطلاق سراحهم فوراً.

إسرائيليون يحتجون على حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تل أبيب إسرائيل السبت (أ.ب)

بهذا عبّر روس عن موقف الرئيس بايدن الذي يدعم إسرائيل في حربها على «حماس»، لكنه يرى أنه يجب تكريس الجهود للأسرى، وبذلك يشير إلى أن حكومة نتنياهو لا تضع قضية الأسرى في رأس الاهتمام.

وكان بين المتكلمين يارون برتوك، أحد رجال الأعمال من سكان كريات شمونة، الذي قال إنه كان نشيطاً في «الليكود»، ودعم نتنياهو بكل قوته منذ أن أصبح واعياً، لكنه غيّر رأيه: «بيبي، إنني لا أصدق كيف انخدعت بك كل هذه السنوات. الآن استيقظت. أنت هدام ومدمر لإسرائيل. أنت تقود حكومة هدم؛ لذلك يجب أن تعود العصمة إلى الشعب ليقرر أي حكومة تستحق ثقته. نريد انتخابات فوراً».

وتكلم اللواء غاي تسور، القائد لقوات اليابسة في جيش الاحتياط، فقال: «لو كانت لدينا قيادة حقيقية لعملت على تحقيق نتائج سياسية للعمليات العسكرية المحترمة. هكذا يكون الانتصار. واجب الحكومة للأجيال المقبلة أن تتوقف عن سياستها المدمرة التي تغلب مصلحتها الحزبية على المصالح القومية. لقد صنف نتنياهو نفسه على أنه سيد الأمن، ولكنه في الواقع لم يقدم أمناً إلا لـ(حماس)، هو الذي أتاح بسياسته بناء قوة (حماس) لخدمة سياسة رفاقه في اليمين حتى لو تم ذلك على حساب تفكيك الدولة العبرية».

وقالت عوفري تسور، التي فقدت شقيقها الضابط أمير من وحدة «الكوماندوز» التابعة لرئاسة الأركان، إن كلمة بطولة تتردد كثيراً في الحرب، وهي تصلح للضباط والجنود الذين نسوا الخلافات بينهم، وحاربوا موحدين، يميناً ويساراً، مستوطنين ومدنيين، وتغلبوا معاً على الخوف، لكن كلمة بطولة لا تصلح للقادة. لدينا قيادة ضحلة وجبانة ومغرورة.

العميد في الاحتياط، إساف أغمون، قال: «يتكلمون عن اليوم التالي. بالنسبة لمن يقرأ الخريطة جيداً يعرف أن اليوم التالي كان في 8 أكتوبر (تشرين الأول). فمنذ ذلك اليوم ونتنياهو وزمرته يقودون إسرائيل إلى كارثة قومية. إنه يمنع إطلاق سراح الأسرى ويدير على أكتافهم حملة حزبية انتخابية، ويطلق أتباعه لإدارة حملة ضد العائلات التي تتظاهر وينعتونها باليسارية. إنه يدير سياسة عنصرية، ويفشل يومياً في تحقيق أهداف الحرب، ويضيع البوصلة، ويلحق بنا أضراراً كبيرة».

الرئيس الأميركي جو بايدن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب يوم 18 أكتوبر (أ.ب)

وفي الوقت الذي كان فيه عشرات آلاف المتظاهرين يرفعون شعارات تطالب باستقالته، فوراً، بوصفه مسؤولاً رئيسياً عن إخفاق 7 أكتوبر، كان نتنياهو يعقد مؤتمراً صحافياً في مكتبه في تل أبيب أعلن فيه أنه لن يستقيل، وأن «الحرب ستستمر شهوراً طويلة حتى تحقيق أهدافها بالقضاء على حركة (حماس) وإطلاق سراح جميع المختطفين، حيث حققنا نجاحات كبيرة، لكن توجد أيضاً أثمان موجعة».

وأكد أن «هناك ضغوطاً دولية من أجل وقف الحرب وأنا أرفض ذلك، إذ إن القوات تقاتل إرهابيي (حماس) بقوة ووسائل جديدة فوق الأرض وتحتها. نخوض حرباً معقدة لكن أيادينا العليا فيها».


مقالات ذات صلة

بريطانيا تتواصل مع إسرائيل وإيران لتجنب تصعيد «كارثي» في الشرق الأوسط

شؤون إقليمية وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي (إ.ب.أ) play-circle 00:50

بريطانيا تتواصل مع إسرائيل وإيران لتجنب تصعيد «كارثي» في الشرق الأوسط

قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إنه تحدث هاتفياً إلى نظيريه الإسرائيلي والإيراني على نحو منفصل، الأحد، سعياً لتجنب تصعيد الصراع إلى حرب إقليمية «كارثية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)

السيسي: مصر اقترحت هدنة ليومين بغزة

قدّم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، مقترحاً جديداً لوقف إطلاق النار في غزة ليومين مقابل الإفراج عن 4 رهائن إسرائيليين، وبعض الأسرى الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في مدينة غزة (رويترز)

الأمم المتحدة تعبّر عن صدمتها «لمستويات القتل والدمار» في شمال غزة

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، الأحد، عن شعوره «بالصدمة لمستويات القتل والإصابات والدمار الهائلة» في شمال قطاع غزة، حيث تشنّ القوات الإسرائيلية هجمات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث خلال مراسم تذكارية بمناسبة هجوم السابع من أكتوبر (رويترز)

أقارب قتلى هجوم السابع من أكتوبر يقاطعون خطاباً لنتنياهو بهتافات: «عار عليك»

قاطع أقارب قتلى في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال إحياء الذكرى السنوية الأولى للهجوم، وفق التقويم العبري.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي متظاهرون يحملون لافتات عليها صور الرهائن في تل أبيب (رويترز)

محادثات في الدوحة من أجل وقف لإطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن

مسؤول يقول إن مدير المخابرات المركزية الأميركية ورئيس الموساد الإسرائيلي ورئيس الوزراء القطري يعقدون محادثات بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)

كيف دفعت إدارة بايدن إسرائيل إلى «دوزنة» ضرباتها على إيران؟

صورة التقطتها أقمار اصطناعية للضرر في قاعدة عسكرية إيرانية قرب طهران جراء الضربات الإسرائيلية (رويترز)
صورة التقطتها أقمار اصطناعية للضرر في قاعدة عسكرية إيرانية قرب طهران جراء الضربات الإسرائيلية (رويترز)
TT

كيف دفعت إدارة بايدن إسرائيل إلى «دوزنة» ضرباتها على إيران؟

صورة التقطتها أقمار اصطناعية للضرر في قاعدة عسكرية إيرانية قرب طهران جراء الضربات الإسرائيلية (رويترز)
صورة التقطتها أقمار اصطناعية للضرر في قاعدة عسكرية إيرانية قرب طهران جراء الضربات الإسرائيلية (رويترز)

بعد ساعات من سقوط الصواريخ الإيرانية على إسرائيل، في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أرسلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن رسالة عاجلة إلى إسرائيل: «تريَّثي».

ووفق تقرير نشرته وكالة «رويترز»، كانت واشنطن ترى أن إسرائيل تملك الوقت، ولديها الوقت لاتخاذ القرار بشأن أفضل طريقة للرد على ضربة إيرانية، والتي قدَّرت الولايات المتحدة أنها كانت ستقتل الآلاف لو لم تتمكن إسرائيل، بدعم عسكري أميركي، من صدّ هجوم عدوّتها اللدود.

وخشي المسؤولون من أن يؤدي مثل هذا الهجوم الإيراني الضخم إلى إثارة رد فعل إسرائيلي حاد وسريع، مما قد يدفع الشرق الأوسط إلى شفا صراع إقليمي شامل، قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأميركية.

تشرح هذه الرواية، الصادرة عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، كيف سعت الولايات المتحدة إلى التأثير على إسرائيل، خلال أكثر من ثلاثة أسابيع، قبل أن يردَّ جيشها أخيراً، يوم السبت الماضي، بضربات جوية كانت موجهة أكثر بكثير نحو أهداف عسكرية مما كانت تخشى واشنطن في البداية.

ودمَّرت الضربات الإسرائيلية دفاعات جوية إيرانية رئيسية ومرافق لإنتاج الصواريخ، الأمر الذي يُضعف الجيش الإيراني. لكن الأهم من ذلك أنهم تجنبوا المواقع النووية الحساسة والبنية الأساسية للطاقة في إيران، مما أدى إلى تلبية المطلبين الرئيسيين لبايدن.

وقال جوناثان بانيكوف، النائب السابق للمسؤول المعنيّ بشؤون الشرق الأوسط في المخابرات الأميركية الوطنية، إن «الضغوط الأميركية كانت بالغة الأهمية».

وأضاف: «كانت عملية صنع القرار في إسرائيل ستكون مختلفة تماماً، لو لم تتخذ إدارة بايدن إجراءات لدفع إسرائيل إلى عدم ضرب المواقع النووية أو مواقع الطاقة».

ونفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن تكون إسرائيل تجنبت ضرب منشآت الغاز والنفط الإيرانية بسبب الضغوط الأميركية.

وقال إن «إسرائيل اختارت مسبقاً أهداف الهجوم وفقاً لمصالحها الوطنية، وليس وفقاً للإملاءات الأميركية».

ويقول المسؤولون إن الخطوة الأولى التي اتخذتها إدارة بايدن كانت الاعتراف بأن إيران ستضطر إلى دفع ثمن الهجوم، الذي وقع في الأول من أكتوبر.

وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن: «في الساعات التي أعقبت ذلك الهجوم، وعدنا بعواقب وخيمة على إيران».

وأجرى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن نحو اثنتي عشرة مكالمة هاتفية مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، منذ الأول من أكتوبر. وناقش أوستن وجالانت الرد المحتمل.

وقال مسؤول أميركي، معلقاً على محادثات أوستن وغالانت: «كنا نعلم أنهم يستعدون للقيام بشيء، وكان (أوستن) يحث على أن يكون متناسباً».

وأجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، مثل غيره من كبار المسؤولين في الإدارة، اتصالات هاتفية مع حلفاء أوروبيين وعرب، في الأيام التي أعقبت الهجوم الإيراني في الأول من أكتوبر، موضحاً أن إسرائيل ستضطر إلى الرد، لكنه أكد لهم أن واشنطن تعمل على ضبط ذلك.

لكن ما الرد المتناسب الذي يمكن أن يردع إيران عن شن هجوم آخر؟

رغم أن الضربة الإيرانية في الأول من أكتوبر لم تسفر إلا عن مقتل شخص واحد، وهو فلسطيني تُوفي بسبب سقوط حطام، فإن الدفاعات الجوية الإسرائيلية أو الأميركية لم تتمكن من اعتراض كثير من الصواريخ الإيرانية.

وقال جيفري لويس، الخبير في مجال الحد من الانتشار النووي بمعهد «ميدلبري» للدراسات الدولية، إن تحليل صور الأقمار الاصطناعية أظهر وقوع ما لا يقل عن 30 اصطداماً بقاعدة نيفاتيم الجوية الإسرائيلية وحدها.

وقال لويس إن هذا قد يشير إلى أن إسرائيل إما تحاول الحفاظ على دفاعاتها الجوية الآخذة في التراجع، أو أنها تعتقد ببساطة أن تكلفة إصلاح المنشأة المحصَّنة ستكون أقل من تكلفة صد كل قذيفة تطلقها إيران. وأضاف: «ربما قررت إسرائيل أن المخزونات بدأت النفاد، أو أن الصواريخ الاعتراضية أصبحت باهظة التكلفة جداً بحيث لا يمكن استخدامها ضد الصواريخ الباليستية».

الدفاعات الجوية

قال مسؤول أميركي إن واشنطن عندما بدأت التحدث مع الإسرائيليين، كانت المواقع النووية والمواقع النفطية الإيرانية من بين الأهداف المحتملة، رغم تأكيده أن إسرائيل لم تقرر بشكل قاطع المُضي قُدماً في ضرب هذه الأهداف.

لكن المسؤولين الأميركيين عملوا على تقديم خيار بديل يتضمن مجموعة من التدابير المختلفة: عملت واشنطن على فرض عقوبات نفطية تستهدف ما يُعرف باسم «الأسطول الشبح» الإيراني؛ وذلك لتقديم بديل للإسرائيليين، الذين أرادوا إلحاق الضرر بعائدات النفط الإيرانية بضربة حركية.

وقال المسؤول الكبير في إدارة بايدن إن الولايات المتحدة عملت على تعزيز الدفاعات الجوية الإسرائيلية قبل هجومها على إيران، يوم السبت الماضي. وشمل ذلك نشراً أميركياً نادراً لمنظومة الدفاع الصاروخي للارتفاعات العالية «ثاد» في إسرائيل، إلى جانب نحو 100 جندي أميركي؛ لتشغيلها.

وقبل نشر المنظومة، أرادت الولايات المتحدة معرفة خطط الهجوم الإسرائيلية.

وقال مسؤولون إن بايدن أجرى اتصالاً هاتفياً مع نتنياهو، في التاسع من أكتوبر، مما أعطى الولايات المتحدة فكرة حول كيفية الرد الإسرائيلي، الأمر الذي سمح بالمضي في نشر منظومة «ثاد».

النووي محظور

وفي حين عَدَّه كثير من الخبراء رسالة إلى إيران، نفذ الجيش الأميركي أيضاً ضربة ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن، باستخدام قاذفات الشبح بعيدة المدى من طراز «بي-2».

وقال أوستن، في ذلك الوقت، إن الضربة كانت تعد دليلاً فريداً على قدرة وزارة الدفاع الأميركية على ضرب منشآت يصعب الوصول إليها، «بغض النظر عن مدى عمقها تحت الأرض، أو مدى تحصينها».

وبينما تدور التكهنات حول ما إذا كانت إسرائيل قد تضرب المواقع النووية الإيرانية، كانت رسالة واشنطن إلى إسرائيل هي أنها تستطيع الاعتماد على مساعدتها إذا اختارت طهران، ذات يوم، صنع سلاح نووي، وهو الأمر الذي لا تعتقد دوائر المخابرات الأميركية أن طهران فعلته حتى الآن.

وقال بانيكوف: «كان المضمون هو أنه إذا كانوا يريدون، على المدى الطويل، مساعدة الولايات المتحدة لتدمير مثل هذه الأهداف، إذا جرى اتخاذ قرار للقيام بذلك، فسوف يتعين عليهم أن يكونوا أكثر تحفظاً، هذه المرة».

ويرى بلينكن أن الهجوم الإسرائيلي المضاد المدروس ضد إيران قد يفتح الفرصة لتحقيق أهداف دبلوماسية بعيدة المنال منذ فترة طويلة في منطقة تعاني بالفعل حرباً مستمرة منذ عام في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس» المدعومة من إيران، وحرباً متصاعدة بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني؛ وهو حليف آخر لإيران.

وخلال جولة في الشرق الأوسط، الأسبوع الماضي، قال بلينكن، لوزراء الخارجية العرب، إن المناقشات الأميركية مع إسرائيل وصلت إلى مرحلة بحيث لن تضرب إسرائيل سوى أهداف عسكرية. وقال بلينكن، في رسالة يأمل أن تصل إلى طهران، إن إيران، في المقابل، ينبغي ألا تفعل أي شيء آخر.

وأمس، ومع استقرار الوضع بعد الهجوم، لم يُشِر أي من الجانبين إلى مزيد من التصعيد. وقال نتنياهو إن الهجمات الجوية الإسرائيلية «ضربت بقوة» دفاعات إيران وإنتاجها الصاروخي. وقال المرشد الإيراني علي خامنئي إنه ينبغي عدم تضخيم الأضرار الناجمة عن هجوم يوم السبت.

وفي حين أنه من المستحيل التنبؤ بما إذا كانت إسرائيل وإيران ستخفضان مستوى التصعيد، يقول المسؤولون الأميركيون إن إدارة بايدن عملت بجِد لخلق فرصة لوقف التبادل غير المسبوق للهجمات المباشرة والمضادة الذي بدأ في أبريل (نيسان) الماضي.

وقال المسؤول الكبير في إدارة بايدن: «إذا اختارت إيران الرد مرة أخرى، فسنكون مستعدين، وستكون هناك عقوبات لإيران مرة أخرى. ومع ذلك لا نريد أن نرى ذلك يحدث».

وتُواجه استراتيجية بايدن في محاولة كبح جماح إسرائيل منتقدين، بما في ذلك الجمهوريون المعارضون في الولايات المتحدة مثل مايك تيرنر، عضو الكونغرس الجمهوري، الذي يرأس لجنة المخابرات بمجلس النواب.

وقال تيرنر، لشبكة «فوكس نيوز»، إن «الإدارة الأميركية حدّت من قدرة إسرائيل على التأثير فعلياً على إيران وقدرتها على مواصلة تهديد إسرائيل».

وقال آرون ديفيد ميلر، الباحث الكبير بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إن نتيجة الضربات المتبادلة هي، على نحو متناقض، توسع في القدرة على تحمل المخاطر في إسرائيل، والتي قد تتسع أكثر إذا فاز المرشح الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية، في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وقال ميلر: «إذا فاز ترمب في هذه الانتخابات، فأعتقد أن الإسرائيليين ربما يبحثون عن فرص، في الأشهر المقبلة، بعد أن أثبتوا أنهم قادرون على الإفلات من العقاب بتفكيك أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية، وإحداث قدر كبير من الضرر».