واشنطن: تمويل أوكرانيا عالق حتى العام المقبل

هل نكثت أميركا بوعودها لكييف؟

رفع الكونغرس جلسته للعام المقبل من دون تمويل أوكرانيا (رويترز)
رفع الكونغرس جلسته للعام المقبل من دون تمويل أوكرانيا (رويترز)
TT

واشنطن: تمويل أوكرانيا عالق حتى العام المقبل

رفع الكونغرس جلسته للعام المقبل من دون تمويل أوكرانيا (رويترز)
رفع الكونغرس جلسته للعام المقبل من دون تمويل أوكرانيا (رويترز)

رفع الكونغرس الأميركي جلساته لعام 2023 من دون إقرار تمويل الحرب في أوكرانيا. فبعد عملية شد حبال طويلة بين الديمقراطيين والجمهوريين، فشل الطرفان في التوصل إلى اتفاق يضمن إقرار حزمة التمويل الضخمة التي أرسلها البيت الأبيض إلى الكونغرس في العشرين من أكتوبر (تشرين الأول)، والتي وصلت قيمتها إلى 110 مليارات دولار منها 61 مليار مخصصة لأوكرانيا.

وبهذا يغادر المشرعون واشنطن لقضاء فترة الأعياد في ولاياتهم، مخلفين وراءهم وعوداً عالقة لكييف التي تعتمد بشكل أساسي على المساعدات الأميركية العسكرية للاستمرار بالقتال. ولم تنفع تحذيرات البيت الأبيض للكونغرس من نفاد التمويل لأوكرانيا بنهاية العام، ولا زيارة الرئيس الأوكراني زيلينسكي إلى واشنطن، في دفع أعضائه إلى رأب صدع خلافاتهم المتجذرة لإقرار التمويل، فرغم المفاوضات التي لم تتوقف في مجلس الشيوخ لمحاولة التوصل إلى تسوية، فإن مجلس النواب رفع جلساته نهاية الأسبوع الماضي، في إشارة واضحة إلى أن النواب لن يقروا أي تمويل هذا العام.

زعيما الأغلبية والأقلية في مجلس الشيوخ مع زيلينسكي خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن في 12 ديسمبر 2023 (أ.ب)

ويرتكز جزء كبير من الاختلاف على إصرار الجمهوريين على ربط أمن الحدود بالتمويل، وأعرب عدد كبير منهم عن استيائهم الشديد من تركيز الإدارة على أمن أوكرانيا و«تجاهل أمن الولايات المتحدة»، محذرين من تداعيات أزمة الحدود على الأمن القومي الأميركي.

وعدّ السيناتور الجمهوري جيمس لانكفورد الذي ترأس جهود التفاوض مع الديمقراطيين أن ثمة تقدما تحقق «عندما اعترف الديمقراطيون أخيراً أن حدودنا هي أزمة أمن قومي... يجب أن نعمل لحماية الحدود».

لكن ربط أزمة الحدود بتمويل أوكرانيا هو أزمة بحد ذاته، فقضية المهاجرين غير الشرعيين قضية متجذرة في الولايات المتحدة، سعت الإدارات المتعاقبة منذ أكثر من عشرين عاماً إلى حل لها من دون انفراجات تذكر. ولهذا السبب يشكك الكثيرون في أن يتمكن الكونغرس بمجلسيه من التوصل إلى اتفاق يحظى بدعم في مجلسي الشيوخ والنواب.

يحذر بعض المشرعين من انعكاس الخلافات على سمعة أميركا مع حلفائها (إ.ب.أ)

وقد تعهدت القيادات الديمقراطية والجمهورية بالعمل على مدار الساعة، رغم عطلة الأعياد، للتوصل إلى تسوية تضمن إقرار تمويل أوكرانيا. وقال زعيما الأغلبية الديمقراطية تشاك شومر، والأقلية الجمهورية ميتش مكونيل في بيان مشترك: «المفاوضون سيعملون بجد طوال ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني)، وهدفنا هو تحقيق شيء ما عندما نعود من الإجازة..»“ كلمات تحمل في طياتها تفاؤلاً حذراً، وتعكس التحديات الجمّة التي تنتظر الكونغرس لدى عودته، فبالإضافة إلى حزمة المساعدات، على المشرعين إقرار تمويل المرافق الحكومية الذي سينفذ في 19 يناير، وهذا ما تحدث عنه السيناتور الديمقراطي ديك دربن الذي وصف الوضع بـ«الفوضوي» قائلاً: «هناك الكثير من التواريخ الحاسمة التي تواجهنا في أول أسابيع العام المقبل، وليس لدينا سجل جيد في الالتزام بالمواعيد...».

لكنّ زعيم الديمقراطيين تشاك شومر حذّر قائلاً: «مهما طال الأمر، يجب أن ننجح لأن الرهان كبير...» يقصد شومر بهذا تمويل أوكرانيا العالق، والذي يدلّ على تراجع الدعم الأميركي لكييف رغم تعهد بايدن بالاستمرار فيه، وهو جدل يتخوف البعض، مثل السيناتور الديمقراطي مايكل بينيت من أن ينعكس سلباً على سمعة أميركا مع حلفائها، فيقول محذراً: «إن صورة عدم الكفاءة التي نظهرها للعالم هي بحد ذاتها المشكلة هنا».


مقالات ذات صلة

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)

موسكو تؤكد عزمها الرد على التصعيد الأميركي «غير المسبوق»

أكدت موسكو، الأحد، عزمها الرد على ما سمّته التصعيد الأميركي «غير المسبوق»، فيما دعا الرئيس الأوكراني إلى تعزيز الدفاعات الجوية لبلاده بعدما أسقطت وحدات الدفاع…

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

قال الكرملين، الأحد، إن موسكو يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته واشنطن، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»
TT

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

التقى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في بالم بيتش في ولاية فلوريدا، وفق ما أعلنت الناطقة باسم «الناتو» اليوم (السبت).

وقالت فرح دخل الله في بيان مقتضب: «ناقشا كل القضايا الأمنية العالمية التي تواجه حلف شمال الأطلسي».

وكان رئيس الوزراء الهولندي السابق أشار إلى رغبته في لقاء ترمب بعد يومين من فوز الجمهوري في الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأكّد وقتها أنه يريد أن يبحث معه «التهديد» الذي يمثّله تعزيز العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية.

وقال في 7 نوفمبر على هامش قمة للزعماء الأوروبيين في بودابست «أنا أتطلع إلى الجلوس مع الرئيس ترمب للبحث في كيفية ضمان مواجهة هذا التهديد بشكل جماعي».

ومذاك يحذّر روته بصورة متواصلة من التقارب بين الصين وكوريا الشمالية وإيران، وهي ثلاث دول متهمة بمساعدة روسيا في حربها على أوكرانيا.

واختار ترمب يوم الأربعاء مات ويتاكر، القائم بالأعمال السابق بمنصب المدعى العام، سفيرا لبلاده لدى حلف شمال الأطلسي.

وأوضح الرئيس المنتخب في بيان إن ويتاكر «محارب قوي ووطني وفي، وسيضمن الارتقاء بمصالح الولايات المتحدة والدفاع عنها، وتعزيز العلاقات مع حلفائنا في الناتو، والوقوف بثبات في مواجهة التهديدات للأمن والاستقرار».

ويعد اختيار ويتاكر ممثلا للبلاد لدى الحلف العسكري اختيارا غير اعتيادي، نظرا لخلفيته كمحام وعدم تمتعه بخبرة في السياسة الخارجية.

مبعوث خاص لأوكرانيا

كشفت أربعة مصادر مطلعة على خطط انتقال السلطة أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يدرس اختيار ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية خلال ولايته السابقة مبعوثاً خاصاً للصراع بين روسيا وأوكرانيا.

ومن المتوقع أن يلعب غرينيل، الذي شغل منصب سفير ترمب لدى ألمانيا وكان أيضاً قائماً بأعمال مدير المخابرات الوطنية خلال فترة ترمب من 2017 إلى 2021، دوراً رئيساً في جهود ترمب لوقف الحرب إذا تم اختياره في نهاية المطاف لهذا المنصب، حسبما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.

ورغم أنه لا يوجد في الوقت الراهن مبعوث خاص معني بحل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، فإن ترمب يفكر في إنشاء هذا الدور، وفقاً للمصادر الأربعة التي طلبت عدم الكشف عن هويتها.

ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية (أ.ب)

وقالت المصادر إن ترمب قد يقرر في نهاية المطاف عدم تعيين مبعوث خاص للصراع في أوكرانيا، رغم أنه يفكر جدياً في القيام بذلك. وإذا فعل ذلك، فقد يختار في النهاية شخصاً آخر لهذا الدور، ولا يوجد ما يضمن أن يقبل غرينيل هذا المنصب. وكان ترمب قد تعهد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الصراع سريعاً، رغم أنه لم يوضح كيف سيفعل ذلك.

وقد تؤدي بعض مواقف غرينيل إلى إثارة حفيظة زعماء أوكرانيا. فخلال مائدة مستديرة عقدتها وكالة «بلومبرغ» في يوليو (تموز)، دعا إلى إنشاء «مناطق ذاتية الحكم» كوسيلة لتسوية الصراع، الذي بدأ بعد غزو روسيا للأراضي الأوكرانية ذات السيادة. كما أشار إلى أنه لن يؤيد انضمام أوكرانيا إلى منظمة حلف شمال الأطلسي في المستقبل القريب، وهو الموقف الذي يتقاسمه مع العديد من حلفاء ترمب.

ويشير أنصار غرينيل إلى أنه يتمتع بمسيرة دبلوماسية طويلة ولديه معرفة عميقة بالشؤون الأوروبية. فبالإضافة إلى عمله سفيراً لدى ألمانيا، كان غرينيل أيضاً مبعوثاً رئاسياً خاصاً لمفاوضات السلام في صربيا وكوسوفو.

ورفضت كارولين ليفات، المتحدثة باسم فريق ترمب الانتقالي، التعليق، وقالت إن القرارات المتعلقة بموظفي إدارة الرئيس المنتخب «سوف يستمر في الإعلان عنها بنفسه عندما يتخذها».