لقاء بايدن وشي: انفراجة سياسية أم هدنة مؤقتة؟

الاتفاق على بعض الملفات العالقة مهّد لتحسين العلاقات

بايدن وشي في سان فرنسيسكو في 15 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)
بايدن وشي في سان فرنسيسكو في 15 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)
TT

لقاء بايدن وشي: انفراجة سياسية أم هدنة مؤقتة؟

بايدن وشي في سان فرنسيسكو في 15 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)
بايدن وشي في سان فرنسيسكو في 15 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)

في لقاء جمع لأول مرة منذ أكثر من عام، الرئيس الأميركي جو بايدن بنظيره الصيني شي جينبينغ، سعت القوتان المتنافستان لتخطي الخلافات المتجذرة بينهما، والنظر بشكل براغماتي إلى تداعيات الصراعات المستعرة على مصالحهما الفردية والمشتركة.

يستعرض تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق»، أبرز الملفات التي تم التوصل إلى تسويات بشأنها، والملفات الأخرى العالقة، بالإضافة إلى مصير العلاقات الثنائية وتأثير هذا الانفتاح في قنوات الحوار على الأزمات الداخلية والصراعات الدولية.

اجتماع بين أميركا والصين على هامش قمة «أبيك» في ولاية كاليفورنيا (أ.ف.ب)

العلاقة الثنائية «الأهم»

وصف الدبلوماسي الأميركي السابق والأستاذ في الجامعة الأميركية، ويليام لورانس، اللقاء بين بايدن وشي بـ«الإيجابي»، عادّاً أن مجرد انعقاده هو مؤشر جيد مع وجود «لائحة طويلة من المسائل العالقة ونقاط توتر بين البلدين»، لكن لورانس أشار إلى أن التوصل إلى اتفاق بشأن مخدر الفنتانيل ليس لديه أهمية كبيرة مقارنة بالاتفاق على استئناف قنوات التواصل العسكري المباشر بين البلدين، مضيفاً: «هذا الحوار هو بغاية الأهمية، فمن الناحية الجيو-سياسية هذه أهم علاقة في العالم».

من ناحيته، أشار سوراب غوبتا كبير الباحثين في معهد الدراسات الصينية - الأميركية، إلى أهمية وجود «قنوات اتصال مفتوحة بين البلدين للسعي لحل مشكلات في حال حصولها»، وذكّر بحادثة المنطاد الصيني حين حاول بايدن التواصل مع نظيره الصيني، لكن من دون استجابة. وتحدث غوبتا عن أهمية التواصل العسكري، قائلاً: «غالباً ما تتردد الصين بإنشاء هذا النوع من التواصل العسكري؛ لأنها تشعر بأن ذلك يضفي الشرعية على وجود الولايات المتحدة بالقرب من حدودها. إذاً، هذا الاتفاق يشير إلى أن الصين تتعامل مع هذا الأمر كمقياس لبناء الثقة مع الولايات المتحدة، والرغبة في استقرار العلاقات للحد من المواجهة الخطرة».

الاستحواذ على شحنة من مخدر الفنتانيل في هندوراس في 8 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

مخدر الفنتانيل

وتوصل الطرفان إلى اتفاق حول مخدر الفنتانيل الذي أغرق الأسواق الأميركية، تضمن تعهداً صينياً بالسعي للحد من تصنيع شركات صينية لهذا المخدر.

وتحدثت زوي ليو الباحثة المتخصصة في الدراسات الصينية في مجلس العلاقات الخارجية، عن أهمية هذه القضية بالنسبة لبايدن في موسم انتخابي حامٍ يواجه فيه انتقادات لاذعة بشأن تعاطيه، مع انتشار المخدر الذي أودى بحياة الآلاف من الأميركيين، لكنها أشارت إلى أن القضية ليست بالأهمية نفسها بالنسبة للرئيس الصيني. وشككت بطبيعة تطبيق الاتفاق، قائلة: «لست متأكدة تماماً إن كان هذا الاجتماع على مستوى الرئاسة سيوفر الحل المطلوب، وذلك لسببين: أولاً؛ لأن الفنتانيل هو جزء من تجارة ذات هامش ربح مرتفع جداً. ثانياً، عندما ننظر إلى مصنعي الفنتانيل، فهم أفراد من القطاع الخاص، وقد وضعت الصين حظراً على الاستخدام والتجارة غير المشروعين للفنتانيل في البلاد في عام 2019. إذاً، صناعة المخدر في الصين أصبحت نوعاً ما غير قانونية».

ووافق لورانس على أهمية قضية الفنتانيل بالنسبة للرئيس الأميركي، مشيراً إلى أن الصين «لم تضطر إلى تقديم الكثير من التنازلات بهذا الخصوص». وقال: «شي لم يضطر إلى تقديم الكثير من التنازلات، فهو سيبدأ باتخاذ بعض الإجراءات البطيئة. إن الموافقة على اتفاق من هذا النوع هي خطوة رمزية لا تكلّفه كثيراً».

وتحدّث لورانس عن أن المخدر يدخل إلى الأراضي الأميركية عبر أميركا اللاتينية، عادّاً أن هذا يغيّر من القضية لتصبح قضية متعلقة بأمن الحدود التي يدفع الجمهوريون بشأن إصلاحها. وأضاف أن «قضية الحدود هي مسألة مهمة في الولايات المتحدة في وقت يواجه فيه بايدن دورة انتخابية صعبة، ومن المهم بالنسبة إليه أن يقول إنه نجح نوعاً ما في التطرق إلى مسألة الاتجار بالمخدرات عبر الحدود»، لكن غوبتا تحدث عن مقاربة مختلفة في قضية الفنتانيل، مشيراً إلى أن الصين طالبت الولايات المتحدة برفع العقوبات التي فرضتها إدارة ترمب على معهد شؤون الطب الشرعي، وهي هيئة إنفاذ القانون المتعلقة بالفنتانيل كشرط أساسي للتجاوب معها في قضية المخدر.

وهذا ما قامت به الإدارة الأميركية بعد الإعلان عن الاتفاق؛ إذ تم رفع العقوبات عن المعهد المذكور، مضيفاً: «هذه هي الطريقة التي يجب أن تُبنى عليها العلاقة، بشكل يعكس الاحترام المتبادل».

تعاني الصين من تدهور في اقتصادها بعد جائحة «كورونا» (أ.ف.ب)

اقتصاد «متعب»

يكرر المسؤولون الأميركيون التصريحات القائلة إن الصين تشكل منافساً استراتيجياً للولايات المتحدة. وتشير ليو إلى أن هذا التعبير بدأ في عام 2017، حين قام مجلس الأمن القومي بتحديد الصين كمنافس استراتيجي. وأضافت: «معظم هذه التصريحات مبنية على أساس أن الاقتصاد الصيني سيستمر بالنمو ويتخطى يوماً ما نمو الولايات المتحدة»، لكن الاقتصاد الصيني يمر اليوم بمراحل حرجة بسبب التعافي البطيء من تداعيات جائحة «كورونا»، ما أدى إلى «انقلاب زخم النمو بين الولايات المتحدة والصين»، على حد تعبير ليو. وأضافت: «ربما حان الوقت لواشنطن لكي تعيد النظر في سياستها حيال الصين: ماذا سيحصل إن أصبح الاقتصاد الصيني في حالة ركود، أو إن واجه نوعاً من التأثير الياباني؟ لذا من هذا المنظور، أعتقد أنه من المهم جداً أن يشدد الرئيس شي جينبينغ على رغبته باستقرار العلاقات بين الولايات المتحدة والصين لكي يمنح الثقة التي تشتد الحاجة إليها في الاقتصاد الصيني».

من ناحيته، أشار لورانس إلى أن الصين بدأت تسحب استثماراتها من أفريقيا ومن الشرق الأوسط، لتركز على آسيا الوسطى وإيران. وقال: «كل هذه التغييرات تخلق فرصاً عديدة للحوار والحلول وإعادة إحياء للعلاقة؛ لأن الأمر لا يتعلق بفوز أميركا وخسارة الصين، بل إن سياسات النمو الصيني تتغير بطريقة جذرية، وهذا ما تحتاج إليه السياسات الأميركية أيضاً... كجزء من هذه العلاقة بين أكبر سلطتين في العالم».

صراعات دولية

وفي ظل التقارب الصيني - الإيراني، سعت إدارة بايدن إلى الحصول على مساعدة بكين في الضغط على طهران لعدم توسيع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، خاصة مع التصعيد في الهجمات من وكلاء إيران على المصالح الأميركية في المنطقة. وأشار غوبتا إلى أن الصين رغم استثماراتها المهمة في المنطقة، فإنها لا تزال «لاعباً هامشياً نوعاً ما في الخطة الكبرى المتعلقة بسياسات الشرق الأوسط». وفسّر قائلاً: «الصين ليست في وضع التوسط... قد تلعب دور الميسر، لكن ما يريده الأميركيون هو أن توظف علاقاتها الجيدة مع إيران، لكبح جماحها». وأشار غوبتا إلى أن «الصين والولايات المتحدة تتمتعان بوجهتي نظر مختلفتين في مسألة إسرائيل وفلسطين، فرغم أنهما تؤيدان حل الدولتين، فإن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل هو أقوى بكثير».

قصف إسرائيلي على قطاع غزة في 15 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويقول غوبتا إن الاختلاف الأميركي - الصيني على صعيد السياسة الخارجية يمتد كذلك ليشمل الحرب الروسية - الأوكرانية. ويرفض مقاربة بعض السياسيين الأميركيين في مقارنة قضية تايوان بأوكرانيا، مشيراً إلى وجود اختلافات شاسعة بينهما. يوضح غوبتا: «بالحديث عن أوكرانيا، فإن موقف الصين في حرب أوكرانيا مشابه للحرب في غزة، فالصين تلعب دوراً هامشياً في هندسة الأمن الأوروبي وليس هناك الكثير الذي يمكن أن تقوم به. وهي تحاول أن تكون خلاقة في هذا السياق باستخدام العلاقات الجيدة التي تملكها مع روسيا، ويمكنها أن تلعب دوراً مفيداً في حال تم التوصل إلى وقف إطلاق نار. فإذا استطاعت فرنسا والولايات المتحدة جلب أوكرانيا إلى طاولة المفاوضات، يمكن للصين أن تضغط على روسيا لتحضر للتوصل إلى نوع من المساومة السياسية».


مقالات ذات صلة

بوتين يصدر مرسوماً لزيادة عدد الجيش الروسي 15 في المائة

أوروبا جندي روسي يطلق قذيفة مضادة للدبابات (الجيش الروسي عبر تلغرام)

بوتين يصدر مرسوماً لزيادة عدد الجيش الروسي 15 في المائة

أصدر الرئيس الروسي مرسوماً، الجمعة، لزيادة عدد القوات العسكرية بنسبة 15 في المائة في خطوة قال الجيش إنها ترجع إلى «تهديدات» مرتبطة بالهجوم في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال الإنقاذ يعملون في موقع مبنى سكني تضرر بشدة جراء ضربة صاروخية روسية على بلدة بمنطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تعلن تحقيق تقدّم على كل جبهات القتال الأوكرانية

رئيسة لجنة برلمانية في كييف: أكثر من 170 ألف مبنى تضرر في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف) «الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تستخدم الأوضاء وسط بحثها عن مُسيرات في سماء كييف خلال غارة روسية (رويترز)

أوكرانيا تُسقط 18 مُسيرة روسية وسط غارة ليلية

قالت السلطات إن الجيش الأوكراني أسقط 18 من أصل 25 طائرة مسيرة هجومية أطلقتها روسيا خلال الليل في أحدثت هجوم لها.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في 20 نوفمبر (أ.ب)

هل يستغل مؤيدو أوكرانيا حقيقة أن أموال المساعدات تنفق بمعظمها في أميركا؟

دعا مؤيدو أوكرانيا إلى الضغط على المشرّعين عبر إظهار الفوائد الاقتصادية التي يجنيها مواطنو تلك الولايات.

إيلي يوسف (واشنطن) «الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يزور مركز قيادة الجيش الأوكراني في كوبيانسك بمنطقة خاركيف (أ.ف.ب)

زيلينسكي يزور جنوده على خط جبهة خاركيف

شارل ميشال: الاتحاد الأوروبي متأخر في الوفاء بتسليم أوكرانيا مليون طلقة ذخيرة.

«الشرق الأوسط» (كييف ) «الشرق الأوسط» (موسكو)

البيت الأبيض: إسرائيل ستسمح بدخول شاحنات المساعدات إلى غزة

جون كيربي (رويترز)
جون كيربي (رويترز)
TT

البيت الأبيض: إسرائيل ستسمح بدخول شاحنات المساعدات إلى غزة

جون كيربي (رويترز)
جون كيربي (رويترز)

قال البيت الأبيض، الجمعة، إنه يعتقد أن إسرائيل ستسمح لشاحنات المساعدات الإنسانية بدخول غزة بعد فترة توقف بسبب استئناف القتال بين إسرائيل و«حماس»، لكن من المرجح أن ينخفض ​​عدد الشاحنات.

وقال جون كيربي، المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض، نقلا عن تقارير واردة من الجانب الإسرائيلي، إن إسرائيل وافقت على استئناف السماح بمرور شاحنات المساعدات بناء على طلب من الولايات المتحدة. لكنه استدرك أن عدد الشاحنات من المرجح أن ينخفض ​​إلى العشرات يوميا بدلا من مئات الشاحنات التي دخلت غزة يوميا خلال هدنة استمرت أسبوعا وانتهت اليوم.

وقال كيربي إن غزة بحاجة إلى مزيد من المساعدات، لكن قرار استئناف تسليمها بعد عمليات تفتيش صارمة «يبدو وكأنه علامة جيدة للمضي قدما».

ويضغط المسؤولون الأميركيون من أجل استئناف الهدنة بهدف إطلاق المزيد من المحتجَزين لدى «حماس» في غزة. وقال كيربي إن الحركة هي المسؤولة عن انهيار الهدنة. وأضاف «بسبب حماس انتهت هذه الهدنة. المسؤولية تقع على عاتق حماس».

وعدل كيربي العدد الذي أعلنه في وقت سابق للمحتجزين الأميركيين الذين أطلقت حماس سراحهم حتى الآن من ستة إلى أربعة، وفق ما اوردته وكالة «رويترز» للأنباء.


محكمة أميركية تقضي بإمكانية مقاضاة ترمب بشأن هجوم «الكابيتول»

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أرشيفية - أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أرشيفية - أ.ب)
TT

محكمة أميركية تقضي بإمكانية مقاضاة ترمب بشأن هجوم «الكابيتول»

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أرشيفية - أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أرشيفية - أ.ب)

قضت محكمة استئناف فيدرالية أميركية، اليوم (الجمعة)، بإمكانية مقاضاة الرئيس السابق دونالد ترمب بشأن الاعتداء على مبنى «الكابيتول» الذي نفذه أنصار له في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، رافضين نتيجة الانتخابات الرئاسية التي فاز بها جو بايدن.

وقد يواجه ترمب الآن دعوى مدنية بسبب أعمال العنف التي اقتحم خلالها أنصاره مقرّ الكونغرس الأميركي. وتم توقيف أكثر من 1200 شخص خلال المواجهات، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقام شرطيان من «الكابيتول» وعدد من النواب الديمقراطيين بمقاضاة ترمب في 2021، عادّين أنه قد يكون قام بالتحريض على العنف في تصريحات علنية أمام مناصريه قبل توجههم إلى «الكابيتول».

وقال فريق ترمب القانوني إن الرئيس الأميركي السابق كان يتمتع، بصفته رئيساً، بالحصانة عن أفعاله، بما في ذلك تعليقات أدلى بها وطلب فيها من أنصاره «القتال بشراسة»، في حين كان الكونغرس يستعد للمصادقة على فوز الديمقراطي جو بايدن بالرئاسة الأميركية متغلباً على الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب.

وقال الحكم الصادر عن لجنة مؤلفة من ثلاثة قضاة في محكمة الاستئناف في واشنطن: «عندما يختار رئيس في فترة ولايته الأولى الترشح لولاية ثانية، فإن حملته للفوز بإعادة انتخابه ليست عملاً رئاسياً رسمياً».

وأضاف الحكم: «عندما يتحدث رئيس يترشح لولاية ثانية (...) في تجمع انتخابي تموله وتنظمه لجنة حملة إعادة انتخابه، فهو لا يقوم بواجبات رسمية رئاسية. إنه يتصرف كباحث عن منصب وليس كصاحب منصب».

وأشار الحكم إلى أن ترمب «أقرّ بأنه شارك في حملته للفوز بإعادة انتخابه، بما في ذلك جهوده بعد الانتخابات لتغيير النتائج المعلنة لصالحه، بصفته الشخصية كمرشح رئاسي، وليس بصفته الرسمية كرئيس حالي».

وسيُحاكَم ترمب في مارس (آذار) في واشنطن بتهمة التآمر لقلب نتائج انتخابات 2020.


وفاة القاضية الأميركية الأولى في المحكمة العليا

عضو المحكمة العليا الأميركية ساندرا داي أوكونور (أ.ب)
عضو المحكمة العليا الأميركية ساندرا داي أوكونور (أ.ب)
TT

وفاة القاضية الأميركية الأولى في المحكمة العليا

عضو المحكمة العليا الأميركية ساندرا داي أوكونور (أ.ب)
عضو المحكمة العليا الأميركية ساندرا داي أوكونور (أ.ب)

تُوفيت القاضية الأميركية السابقة ساندرا داي أوكونور، المرأة الأولى التي انضمت إلى المحكمة العليا، واعتبرت لفترة طويلة صوتاً لا يتزعزع للمحافظين المعتدلين، الجمعة، عن 93 عاماً في مدينة فينيكس، بعد مضاعفات مرتبطة بأمراض الخرف والجهاز التنفسي.

وكانت أوكونور قاضية في ولاية أريزونا، عام 1981، عندما اختارها الرئيس الجمهوري سابقاً رونالد ريغان؛ تنفيذاً لتعهده خلال حملته الانتخابية بكسر احتكار الذكور للمحكمة العليا، لتحل محل القاضي المتقاعد بوتر ستيوارت. وكان تعيينها بمثابة بشرى للنساء أوائل الثمانينات من القرن الماضي، جنباً إلى جنب مع رائدة الفضاء الأميركية الأولى سالي رايد، والمرأة الأولى على تذكرة رئاسية لحزب كبير جيرالدين فيرارو.

صورة من الأرشيف للرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان يقدم مرشحته للمحكمة العليا ساندرا داي أوكونور في البيت الأبيض، في 15 يوليو (تموز) 1981 (أ.ب)

وعبّر رئيس المحكمة العليا جون روبرتس عن حزنه، وقال، في بيان، إن «أوكونور، ابنة الجنوب الغربي الأميركي، شقت طريقاً تاريخية بصفتها قاضية هي الأولى في بلادنا. واجهت هذا التحدي بتصميم لا يهاب، وقدرة لا جدال فيها، وصراحة جذابة».

وفي عام 2018، أعلنت أوكونور أنه جرى تشخيص إصابتها بـ«المراحل الأولى من الخرف، وربما مرض ألزهايمر»، علماً بأن زوجها جون أوكونور تُوفي أيضاً بسبب مضاعفات ألزهايمر عام 2009.

وقد أنهى ترشيح أوكونور عام 1981، من قِبل الرئيس رونالد ريغان، ثم المصادقة عليه لاحقاً في «مجلس الشيوخ»، 191 عاماً من حصرية الذكور في المحكمة العليا.

وهي من مواليد أريزونا، ونشأت في مزرعة عائلتها المترامية الأطراف، لم تهدر أوكونور كثيراً من الوقت في بناء سُمعتها بصفتها عاملة مجتهدة تتمتع بنفوذ سياسي كبير في المحكمة المكوَّنة من تسعة أعضاء.


مجلس النواب الأميركي يطرد نائباً جمهورياً

النائب الجمهوري جورج سانتوس يتحدث مع الصحافيين بعد طرده من مجلس النواب في 1 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
النائب الجمهوري جورج سانتوس يتحدث مع الصحافيين بعد طرده من مجلس النواب في 1 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

مجلس النواب الأميركي يطرد نائباً جمهورياً

النائب الجمهوري جورج سانتوس يتحدث مع الصحافيين بعد طرده من مجلس النواب في 1 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
النائب الجمهوري جورج سانتوس يتحدث مع الصحافيين بعد طرده من مجلس النواب في 1 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

في خطوة استثنائية، طرد مجلس النواب النائب الجمهوري جورج سانتوس إثر تصويت رسمي، دفع خلاله 311 نائباً لطرده مقابل معارضة 114.

وبات سجلّ سانتوس، الذي يمثل مقاطعة نيويورك الثالثة في مجلس النواب، مشبعاً بالفضائح المتعلقة بالفساد، التي أدت إلى توجيه وزارة العدل الأميركية تهماً بحقه، وإصدار لجنة النزاهة في مجلس النواب تقريراً صارخاً عن ممارساته غير القانونية، شمل الاحتيال والكذب وغسل الأموال وسرقة الأموال الفيدرالية.

ورفض سانتوس، البالغ من العمر 35 عاماً، الاستقالة رغم دعوات القيادات الجمهورية، وذلك في محاولة منها لتجنب إحراج علني للحزب من خلال التصويت. لكن النائب الجمهوري رفض الانصياع لهذه المطالبات، داعياً زملاءه إلى الانتظار حتى محاكمته وإدانته رسمياً لطرح تصويت من هذا النوع.

رئيس مجلس النواب مايك جونسون خلال مؤتمر صحافي الخميس (رويترز)

وحذّر سانتوس من أن هذه الخطوة من شأنها أن تخلق سابقة في التاريخ الأميركي. فهذه هي المرة السادسة في التاريخ الأميركي التي يطرد فيها مجلس النواب أحد أعضائه، والأولى قبل إدانته رسميا في المحكمة. وقد تمهّد هذه الخطوة لإطلاق تحرّك في الكونغرس يسعى لطرد السيناتور الديمقراطي بوب مينانديز، الذي تم توجيه تهم بالتعامل مع جهات أجنبية بحقه.

وينفي سانتوس التهم الموجهة ضدّه من قبل المدعين الفيدراليين في نيويورك، بعدما أصدروا في مايو (أيار) 23 تهمة بحقه تتراوح ما بين النصب على المانحين، والكذب على لجنة الانتخابات الفيدرالية، والحصول على فوائد البطالة بشكل غير قانوني. ويتوقع أن تتم محاكمته في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.

ناشطون أمام الكونغرس يدعون لطرد سانتوس في 28 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

كما أصدرت لجنة النزاهة في المجلس، المعنية بالتحقيق بممارسات أعضائه، تقريراً شاملاً يدين أفعال سانتوس ويقول إنها «تمسّ بمكانة الكونغرس وتؤثر على سمعته»، الأمر الذي أدى إلى إعلان عدد كبير من النواب الجمهوريين عن تغيير موقفهم ودعمهم لمساعي الطرد.

وبحسب قوانين المقاطعة التي يمثّلها سانتوس، أمام حاكمة نيويورك كاثي هوتشل فترة 10 أيام قبل الدعوة لإجراء انتخابات خاصة لشغر المقعد بعد طرد سانتوس، على أن تجري الانتخابات في موعد لا يتخطى 80 يوماً من هذا الإعلان.

وقد واجه سانتوس موجة من الانتقادات منذ عام 2022 بعد انتخابه، إذ تسربت أنباء عن أنه كذب بشأن تعليمه وتاريخه المهني، وردد روايات مغلوطة عن ارتباط عائلته بضحايا الهولوكست. يشار إلى أن آخر مرة صوّت فيها المجلس لطرد نائب منه كانت في عام 2002، عندما طرد المجلس النائب الديمقراطي جايمس ترافيكانت بعد إدانته بتهم الرشاوى والتهرب الضريبي.


«النواب» الأميركي لمنع وصول إيران إلى 6 مليارات دولار في قطر

يتعين على مجلس الشيوخ تبني قرار مماثل للذي أقره مجلس النواب ليتحول إلى قانون (أ.ف.ب)
يتعين على مجلس الشيوخ تبني قرار مماثل للذي أقره مجلس النواب ليتحول إلى قانون (أ.ف.ب)
TT

«النواب» الأميركي لمنع وصول إيران إلى 6 مليارات دولار في قطر

يتعين على مجلس الشيوخ تبني قرار مماثل للذي أقره مجلس النواب ليتحول إلى قانون (أ.ف.ب)
يتعين على مجلس الشيوخ تبني قرار مماثل للذي أقره مجلس النواب ليتحول إلى قانون (أ.ف.ب)

أقر مجلس النواب الأميركي إجراءً مدعوماً من الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، من شأنه أن يمنع إيران من الوصول إلى مبلغ 6 مليارات دولار، كانت الولايات المتحدة قد حولته إلى قطر، في إطار صفقة تبادل سجناء مع طهران. فيما حذرت طهران واشنطن من العواقب الوخيمة لاستئناف الحرب على غزة.

ولا يزال يتعين على مجلس الشيوخ تبني قرار مماثل للذي أقره مجلس النواب، ليتحول إلى قانون، يمكن للرئيس الأميركي، جو بايدن، رفض التوقيع عليه باستخدام حق النقض، إلا إذا حظي بتصويت غالبية أعضاء مجلس الشيوخ.

واعترض الجمهوريون على صفقة تبادل السجناء، متهمين إدارة بايدن بالتواطؤ في «تمويل الإرهاب الذي ترعاه إيران» في الشرق الأوسط، وتمكينها من تمويل «الهجمات القاتلة» التي شنتها حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل.

وتم تمرير الإجراء، الذي يحمل اسم «قانون عدم تمويل الإرهاب الإيراني»، بأغلبية 307 مقابل 119 صوتاً في مجلس النواب.

وقال النائب مايكل ماكول، الرئيس الجمهوري للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، خلال جلسة المناقشة: «في ظل عدم الاستقرار هذا في المنطقة، فإن آخر شيء يتعين علينا القيام به هو إتاحة الوصول إلى 6 مليارات دولار لتحويلها إلى المزيد من الإرهاب الذي ترعاه إيران»، بحسب وكالة «أسوشييتد برس».

ورفض المسؤولون الأميركيون هذه الانتقادات، مشيرين إلى أنه لم يتم توفير أي دولار لإيران بعد، وأصروا على أنه، حتى عندما يتم ذلك، فلا يمكن استخدام الأموال إلا للاحتياجات الإنسانية.

الأموال لإيران تغذي الأزمات

لكن المنتقدين من أمثال ماكول يرفضون هذه التأكيدات.

وقال ريتشارد غولدبيرغ، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي في الشأن الإيراني، وكبير الباحثين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن نفهم الآن أنه عندما نضخ المزيد من الأموال إلى الجمهورية الإسلامية على أمل تجنب الأزمة أو الصراع، فإننا نحصل في الواقع على المزيد من الأزمات والصراع في المقابل».

أضاف غولدبيرغ: «الدليل موجود أمامنا. من مذبحة 7 أكتوبر، إلى توسيع إيران لمخزونها من اليورانيوم العالي التخصيب، إلى أكثر من 70 هجوماً على القوات الأميركية منذ 17 أكتوبر، إلى احتمال نقل الصواريخ الباليستية إلى روسيا، هناك إجماع متزايد بين الحزبين في واشنطن على أنه يجب علينا أن نفعل ذلك. واستبدال التهدئة والتسوية بالضغط والردع».

كما يعتقد كثير من المعترضين أنه على الرغم من اقتصار الأموال على المساعدات، فإنها قابلة للاستبدال، ويمكن أن توفر أموالاً أخرى لطهران لتقديم الدعم لـ«حماس» ولغيرها.

كلام الصورة: هنية يلتقي خامنئي في 21 يونيو الماضي (مكتب المرشد الإيراني)

وتوصلت الولايات المتحدة وإيران إلى اتفاق مبدئي في أغسطس (آب) الماضي، والذي شهد في النهاية إطلاق سراح 5 أميركيين محتجزين في طهران، وعدد غير معروف من الإيرانيين المسجونين في الولايات المتحدة، بعد تحويل مليارات الدولارات من الأصول الإيرانية المجمدة من بنوك في كوريا الجنوبية إلى قطر. لكن بعد أيام من هجوم 7 أكتوبر الذي شنته «حماس»، اتفقت الولايات المتحدة وقطر على أن إيران لن تكون قادرة على الوصول إلى الأموال في هذه الأثناء، من دون إعادة تجميد الأموال بالكامل.

إدارة بايدن تدافع

ورغم أن الديمقراطيين في مجلس النواب، دعموا القرار الذي قدمه الجمهوريون، فإنه من غير المرجح أن تدعمه الأغلبية الديمقراطية، في مجلس الشيوخ؛ لأنه سيفرض عقوبات جديدة لمنع تحويل أي أموال إلى إيران، ويهدد بمعاقبة أي حكومة أو فرد يشارك في معالجة تحويل الأموال.

ودافع العديد من الديمقراطيين، الذين عارضوا هذا الإجراء، عن قرار إدارة بايدن تحويل الأموال مقابل إطلاق سراح الرهائن الأميركيين، خاصة بعد احتجاز «حماس» للرهائن الأميركيين الآن في غزة.

أدوات تُستخدم لطلاء الأحذية موضوعة فوق علم أميركي مرسوم على الأرض في ساحة فلسطين بطهران في 29 نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)

وقال النائب الديمقراطي غريغوري ميكس، كبير الديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب: «إيران، بالطبع، مثل (حماس)، نظام قاتل وفاسد. إنهم ليسوا لطيفين. هذا ليس بالأمر السهل. ولكن بفضل هذا الاتفاق، عادت الآن خمس عائلات أميركية إلى وطنها». أضاف: «ولقد فقدت إيران القدرة على احتجاز هؤلاء الرهائن الأميركيين».

طهران: عواقب وخيمة

حذرت طهران، الجمعة، من «العواقب الوخيمة» لاستئناف «الحرب التي تشنها واشنطن وتل أبيب» على غزة، عقب انتهاء هدنة إنسانية مؤقتة استمرت 7 أيام.

وكتب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، على منصة «إكس»: «استمرار الحرب التي تشنها واشنطن وتل أبيب يعني إبادة جماعية جديدة في غزة والضفة الغربية».

أضاف: «يبدو أنهم لا يفكرون في العواقب الوخيمة للعودة إلى الحرب».

وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، كتب على منصة «إكس»: «المسؤولية السياسية والقانونية لاستمرار العدوان والمجازر» تقع على عاتق الحكومة الأميركية، و«بعض الحكومات الداعمة لنظام الفصل العنصري هذا».

وأشار كنعاني إلى «استئناف العدوان العسكري للنظام الصهيوني على غزة قبل دقائق من مغادرة وزير الخارجية الأميركي بلينكن الأراضي المحتلة».

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي التقى، الخميس، مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين، قد دعا إلى تمديد الهدنة وإلى وجوب حماية المدنيين الفلسطينيين إذا استؤنفت الأعمال القتالية.

وقال كنعاني إن «الدول والغالبية العظمى من حكومات العالم تطالب باستمرار بوقف إطلاق النار، والوقف الكامل لهجمات النظام الصهيوني ضد غزة والضفة الغربية».

وتدعم إيران حركة «حماس» التي شنت هجوماً غير مسبوق داخل الأراضي الإسرائيلية في السابع من أكتوبر، وردت عليه إسرائيل بحملة قصف مدمرة وهجوم بري واسع داخل قطاع غزة.


اهتمام أميركي واسع بمناظرة ديسانتيس ونيوسوم

صحافيون يتابعون مناظرة حاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي غافين نيوسوم وحاكم ولاية فلوريدا الجمهوري رون ديسانتيس في جورجيا (رويترز)
صحافيون يتابعون مناظرة حاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي غافين نيوسوم وحاكم ولاية فلوريدا الجمهوري رون ديسانتيس في جورجيا (رويترز)
TT

اهتمام أميركي واسع بمناظرة ديسانتيس ونيوسوم

صحافيون يتابعون مناظرة حاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي غافين نيوسوم وحاكم ولاية فلوريدا الجمهوري رون ديسانتيس في جورجيا (رويترز)
صحافيون يتابعون مناظرة حاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي غافين نيوسوم وحاكم ولاية فلوريدا الجمهوري رون ديسانتيس في جورجيا (رويترز)

حظيت المناظرة التلفزيونية، التي جَرَت بين حاكميْ أكبر وثالث ولاية أميركية من حيث عدد السكان، الديمقراطي غافين نيوسوم عن كاليفورنيا، والجمهوري رون ديسانتيس عن فلوريدا، بنسبة مشاهدة مرتفعة على قناة «فوكس نيوز»، مسلِّطة الأضواء على شخصيتين واعدتين في الحياة السياسية الأميركية.

حظوظ ديسانتيس

نجح ديسانتيس، وهو أحد المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية عن الحزب الجمهوري، في تقديم أداء قوي كان يطمح إليه لإعادة بناء شعبيته، قبل أيام من المناظرة الجمهورية الرابعة مع منافسيه الجمهوريين. غير أن كثيرين شكّكوا في تمكنه من تحقيق أي تقدّم في استطلاعات الرأي أمام الرئيس السابق دونالد ترمب، على الرغم من محاولته إظهار شراسته أمام الديمقراطي نيوسوم، بعدما تحولت المناظرة إلى «مباراة صراخ».

في المقابل، عُدّت المناظرة فرصة لنيوسوم، الذي لم يعلن نيته الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية، لإظهار شخصية هادئة وسلسة، والوصول إلى جمهور القناة المحافظ الذي قلّما يستمع إلى ديمقراطي من عيار نيوسوم.

وانضمّ مضيف المناظرة، شون هانيتي، إلى ديسانتيس في الضغط على نيوسوم في عدد من الملفات، كالضرائب المرتفعة في كاليفورنيا، ورحيل كثير من سكانها إلى فلوريدا، وارتفاع معدل الجريمة، والجدل حول كتب الهوية والجندر للأطفال. في المقابل، ردّ نيوسوم بالتهكم على ديسانتيس بشأن حملته الرئاسية. وقال إن «لدينا شيئاً واحداً مشتركاً: لن يكون أي منا مرشحاً لحزبنا في عام 2024»، ليُتبعه بتعليق ساخر عن تقدم ترمب في استطلاعات الرأي، حتى في ولاية فلوريدا. وقال له: «كيف تسير الأمور، بالنسبة لك يا رون؟ لقد تراجعت بمقدار 41 نقطة في ولايتك».

الدفاع عن بايدن

سعى نيوسوم إلى الدفاع عن سجل الرئيس جو بايدن في الاقتصاد والرعاية الصحية والهجرة، مخاطباً جمهور «فوكس نيوز» بأرقام. بَيْد أنه فشل في الرد على التساؤلات المتعلقة بسن بايدن وقدراته الذهنية، وفقاً لاتهامات ديسانتيس وهانيتي، لكنه قال إنه يفضّل دعم بايدن، حتى ولو بلغ 100 عام، مقابل دعم ديسانتيس. وأثار هذا التعليق غضب هانيتي الذي سأله: «هل يدفع لك جو بايدن، الليلة؟ اعتقدت أن هذه المناظرة كانت بين ولاية مقابل ولاية».

كان واضحاً أن نيوسوم لم يكن هدفه تقديم رؤيته عن أميركا، فهو لم يترشح للرئاسة، لكنه وصف ديسانتيس بالمتنمر الذي لا يبالي للتحرك من أجل تقييد قوانين الأسلحة، رغم عدد من حوادث القتل الجماعية في فلوريدا. كما انتقده لتغيير مواقفه من قضايا الهجرة والعلاقة مع الصين، قائلاً إنها كانت السبب من بين أمور أخرى، وراء تراجعه؛ ليس فقط أمام ترمب، بل أمام منافسيه الجمهوريين الآخرين؛ في إشارة إلى حاكمة ولاية ساوث كارولينا، نيكي هيلي.

وبالفعل، تواجه حملة ديسانتيس مشكلات جدية، قبل 6 أسابيع من المؤتمرات الحزبية بولاية أيوا، مع اندلاع الخلافات بين مسؤوليها. واستقال مديرها ليلتحق بحملة هيلي، في حين عمد ديسانتيس إلى تشكيل لجنة عمل جديدة خاصة بالحملة. ونقل عن مسؤولين في حملته أنهم متشائمون بشكل متزايد بالنسبة لفرصه. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن شخص مقرَّب من ديانتيس قوله: «يعتقد الناس بشكل متزايد أن الأمر انتهى». تأتي هذه الخلافات في وقت حرِج قبل الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، مع سيطرة ترمب على استطلاعات الرأي الوطنية والمبكرة في الولايات، وازدياد الشعور بأنه قد لا يمكن إيقافه.

وعلى الرغم من غياب ملفات السياسة الخارجية عن الموضوعات التي طرحها مُضيف المناظرة هانيتي على نيوسوم وديسانتيس، كان من الممكن التكهن بأن بعض العواصم السياسية مهتمة بنتائجها. هذا ما يمكن توقعه على الأقل من الصين، التي زارها نيوسوم أخيراً وقابل كبار مسؤوليها بشكل لافت، فهو حاكم الولاية الأميركية الرائدة في صناعة التكنولوجيا التي تُوليها بكين أهمية فائقة، واقتصادها وحده يُعدّ من بين أوائل وأكبر الاقتصادات العالمية، بعد أميركا والصين.


الولايات المتحدة «تواصل العمل» لتمديد الهدنة الإنسانية في قطاع غزة

دبابة إسرائيلية تتحرك قرب حدود قطاع غزة (د.ب.أ)
دبابة إسرائيلية تتحرك قرب حدود قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

الولايات المتحدة «تواصل العمل» لتمديد الهدنة الإنسانية في قطاع غزة

دبابة إسرائيلية تتحرك قرب حدود قطاع غزة (د.ب.أ)
دبابة إسرائيلية تتحرك قرب حدود قطاع غزة (د.ب.أ)

أكد البيت الأبيض، الجمعة، أن الولايات المتحدة تواصل العمل لتمديد الهدنة الإنسانية في قطاع غزة، مع استئناف الأعمال العسكرية في الأراضي الفلسطينية.

وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي: «نواصل العمل مع إسرائيل ومصر وقطر لتمديد الهدنة الإنسانية في غزة».

وأضاف، وفقاً لما بثته وكالة الصحافة الفرنسية: «لم تقدّم (حماس) حتى الآن قائمة بأسماء الرهائن من شأنها أن تسمح بتمديد الهدنة».

وأكد أن الرئيس الأميركي جو بايدن «ما زال يسعى جاهداً» لتحرير الرهائن المتبقين وزيادة المساعدات الإنسانية.

واستأنفت القوات الإسرائيلية القتال في قطاع غزة صباح اليوم بعد انتهاء هدن قصيرة لتبادل الأسرى استمرت مدة أسبوع، وبدأ الطيران الحربي الإسرائيلي في قصف أهداف متعددة جميع أنحاء قطاع غزة.

من ناحيتها، أطلقت الفصائل الفلسطينية صواريخ في اتجاه مستوطنات غلاف غزة، مع استمرار المواجهات المباشرة مع القوات الإسرائيلية في مناطق شمال قطاع غزة.


بلينكن يشيد بـ«كيسنجر» الذي ساهم بـ«تشكيل التاريخ»

وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر خلال حفل تكريم لمسيرته الدبلوماسية في 9 مايو 2016 في البنتاغون بالعاصمة الأميركية واشنطن (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر خلال حفل تكريم لمسيرته الدبلوماسية في 9 مايو 2016 في البنتاغون بالعاصمة الأميركية واشنطن (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يشيد بـ«كيسنجر» الذي ساهم بـ«تشكيل التاريخ»

وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر خلال حفل تكريم لمسيرته الدبلوماسية في 9 مايو 2016 في البنتاغون بالعاصمة الأميركية واشنطن (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر خلال حفل تكريم لمسيرته الدبلوماسية في 9 مايو 2016 في البنتاغون بالعاصمة الأميركية واشنطن (أ.ف.ب)

أشاد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الخميس، بـ«العقل الاستراتيجي» لهنري كيسنجر، قائلاً إن قلة ساهموا في تشكيل التاريخ كما فعل سلفه الذي رحل عن مائة عام، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال بلينكن خلال زيارته تل أبيب، وإلى جانبه الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، إن كيسنجر «كان سخياً بشكل استثنائي بحكمته ونصائحه. قلة من الناس كانوا طلاباً أفضل للتاريخ... بل إن عدداً أقل فعلوا أكثر لتشكيل التاريخ من هنري كيسنجر».

وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر (يسار) أثناء تسلّمه جائزة شارلمان في مدينة آخن في 28 مايو 1987... مُنحت إليه الجائزة لجهوده في إعادة توحيد أوروبا (د.ب.أ)

وفي بيان صدر في وقت لاحق، قال بلينكن إن كيسنجر غالباً ما كان يقدم له النصح، بما في ذلك خلال رحلة قام بها في وقت سابق من هذا العام إلى الصين التي زارها كيسنجر عام 1971 محدثاً تغييراً في مسار الحرب الباردة.

وقال بلينكن: «إن تولي رئاسة الدبلوماسية الأميركية اليوم يعني التحرك في عالم يحمل بصمة هنري الدائمة... من العلاقات التي صاغها إلى الأدوات التي كان رائداً فيها».

هنري كيسنجر يبتسم أثناء سيره إلى طائرة هليكوبتر في قاعدة أندروز الجوية بالقرب من العاصمة الأميركية واشنطن السبت 19 أغسطس 1972 (أ.ب)

وتابع: «كانت قدرة هنري ثابتة على استخدام عقله الاستراتيجي وفكره في مواجهة التحديات الناشئة في كل عقد يمر، ما يدفع الرؤساء ووزراء الخارجية ومستشاري الأمن القومي وغيرهم من المسؤولين من كلا الحزبين لطلب مشورته».

نال كيسنجر الذي عمل في إدارة الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، الثناء لدبلوماسيته المكوكية في الشرق الأوسط، بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973.

وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر يقف أمام لوحة فنية تحمل صورته في قاعة مدينة فيورث الألمانية مسقط رأسه... في 10 مايو 2010 (د.ب.أ)

وقال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الخميس، خلال لقائه بلينكن: «نحن معجبون بشدة بهنري كيسنجر» الذي من بين إنجازاته الأخرى «وضع حجر الأساس» لمعاهدة السلام الإسرائيلية مع مصر عام 1979.

أضاف: «في محادثتنا الأخيرة أنهي الاتصال بالقول: سيدي الرئيس، أرجو أن تعلم أنني أحببت واحترمت ودعمت دائماً دولة إسرائيل».

ونجح كيسنجر في إبعاد الدول العربية عن راعيها السوفياتي، وتثبيت دور الولايات المتحدة بوصفها وسيطاً رئيسياً وضامناً للأمن في المنطقة.


ترمب يدعو لإلغاء المناظرات الجمهورية... ولا منافس جدياً لبايدن لدى الديمقراطيين

ترمب يُحيِّي داعميه خلال فعالية رياضية بساوث كارولاينا في 25 نوفمبر (أ.ب)
ترمب يُحيِّي داعميه خلال فعالية رياضية بساوث كارولاينا في 25 نوفمبر (أ.ب)
TT

ترمب يدعو لإلغاء المناظرات الجمهورية... ولا منافس جدياً لبايدن لدى الديمقراطيين

ترمب يُحيِّي داعميه خلال فعالية رياضية بساوث كارولاينا في 25 نوفمبر (أ.ب)
ترمب يُحيِّي داعميه خلال فعالية رياضية بساوث كارولاينا في 25 نوفمبر (أ.ب)

يواصل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، مقاطعة المناظرات الجمهورية، مستفيداً من شعبيته الواسعة بين الناخبين الجمهوريين وتقدّمه الكبير على منافسيه.

وعلى غرار المرة الماضية، اختار ترمب تنظيم فعالية انتخابية في يوم المناظرة الجمهورية، في تأكيد جديد لثقته بالفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة. وفيما يواصل المرشحون الآخرون استعداداتهم للمناظرة الرابعة في ولاية ألاباما، أعلن ترمب حضوره حملة لجمع التبرعات في فلوريدا لمصلحة حملة «ماغا»، (شعار «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»). ودعت حملته الناخبين الجمهوريين إلى المشاركة فيها، مؤكدةً في رسالة نصية أن من يتبرع للرئيس السابق سيتمكن من مقابلته في حفل استقبال يوم 6 ديسمبر (كانون الأول)، موعد المناظرة الجمهورية.

نيكي هايلي خلال فعالية انتخابية في ساوث كارولاينا الاثنين (أ.ب)

ودعت حملة ترمب اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري إلى إلغاء المناظرات بسبب عدم وجود منافس حقيقي للرئيس السابق، على الرغم من تقدم المندوبة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، في استطلاعات الرأي على حساب حاكم فلوريدا رون ديسانتيس. غير أن اللجنة لم تستجب لهذا الطلب، وشددت معايير التأهيل للمناظرة الرابعة؛ من بينها قيمة التبرعات، وتأمين ما لا يقل عن نسبة 6 في المائة من استطلاعات التفضيل في استطلاعين وطنيين، أو في استطلاع وطني واحد، واستطلاعين في ولايات التصويت المبكر، أيوا أو نيوهامبشير أو ساوث كارولينا أو نيفادا.

صعوبة تحدي بايدن

على الجانب الآخر، يواصل الديمقراطيون التعبير عن قلقهم من استمرار تراجع شعبية الرئيس جو بايدن لأكثر من عام. وأظهرت استطلاعات الرأي احتمال خسارته أمام ترمب، مما دفع البعض إلى التساؤل عمّا إذا كان بالإمكان الدفع بمرشح ديمقراطي بديل من بين الأسماء البارزة، بدلاً من المرشحين المغمورين الذين أعلنوا ترشحهم، أمثال ماريان ويليامسون ودين فيليبس. غير أن صعوبات عدة تَحول دون الرهان على هذا الخيار، خصوصاً أنه من الصعب على أي منافس أن يتحدى رئيسا يسعى إلى ولاية ثانية، فضلاً عن صعوبة إدارة حملة ناجحة خلال فترة قصيرة، ما لم تكن متبناة من المؤسسة السياسية والحزبية. وحسب الخبير الاستراتيجي الديمقراطي، تيم هوغن، فإن المهمة «من الناحية اللوجيستية مستحيلة، ومن الناحية السياسية مهمة انتحارية».

بايدن متحدثاً خلال فعالية اقتصادية بكولورادو الأربعاء (أ.ف.ب)

عملياً انقضت المواعيد النهائية لتقديم طلبات الترشيح بالفعل في ولايتي ساوث كارولاينا ونيفادا، أول ولايتين في انتخابات الديمقراطيين، وفي نيوهامبشير، التي ستعقد انتخابات تمهيدية في يناير (كانون الثاني)، وفي ألاباما وأركنساس. أما ميتشيغان، وهي ولاية أخرى تصوِّت مبكراً، فقد أصدر الحزب قائمة مرشحيه في نوفمبر (تشرين الثاني). وبحلول منتصف ديسمبر (كانون الأول)، ستكون نافذة الإضافة إلى بطاقة الاقتراع قد أُغلقت. والموعد النهائي مماثل بالنسبة إلى ولاية كاليفورنيا، التي سيكون لها عدد من المندوبين أكبر من أي ولاية أخرى؛ ولأريزونا وكولورادو ولويزيانا وماين ونورث كارولاينا وأوكلاهوما وتينيسي، وتكساس، وفيرمونت، وفيرجينيا.

وما يجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة إلى المنافس المحتمل، هو أن بايدن لا يزال يتمتع بشعبية نسبية بين الناخبين الديمقراطيين. ووفقاً لاستطلاع حديث أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» مع كلية «سيينا»، فإن 79 في المائة من ناخبي الحزب في ست ولايات أساسية يوافقون إلى حد ما أو بقوة على أدائه، وهو ما لا يترك مجالاً كبيراً لديمقراطيٍّ آخر. كما أن حملته جمعت أكثر من 71 مليون دولار، في الربع الثالث من هذا العام، ولديه أكثر من 90 مليون دولار نقداً حتى نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، وهو ما من شأنه أن يضع أي مرشح جديد في وضع صعب جداً.

مناظرة بين آيديولوجيتين

في سياق آخر، يتابع الأميركيون، ليلة الخميس إلى الجمعة، مناظرة تلفزيونية لافتة تستضيفها محطة «فوكس نيوز»، بين غافين نيوسوم، الحاكم الديمقراطي لكاليفورنيا، أكبر ولاية أميركية، ورون ديسانتيس المرشح الرئاسي الجمهوري وحاكم فلوريدا، ثالث أكبر ولاية، التي يديرها نجم المحطة شون هانيتي، أحد أكبر الداعمين للمرشح الجمهوري الأول دونالد ترمب.

ديسانتيس متحدثاً خلال المناظرة الجمهورية الثالثة في 8 نوفمبر (رويترز)

ومنذ إعلان المحطة عن المناظرة، التي ستجري الساعة التاسعة مساءً في مقاطعة فولتون بضواحي مدينة أتلانتا بجورجيا، تفاعلت وسائل الإعلام والتحليلات السياسية مع دلالاتها. فعدّها البعض «تدريباً» مبكراً للرجلين في حال استبعاد ترمب عن الترشح بسبب الدعاوى القضائية المرفوعة ضده، وإحجام بايدن عن مواصلة ترشحه في ظل أرقام استطلاعاته المنخفضة. فيما عدّها آخرون تدريباً للسنوات المقبلة، في ظل فشل ديسانتيس في الاحتفاظ بموقعه الثاني في استطلاعات التفضيل لمصلحة حاكمة ولاية ساوث كارولاينا السابقة نيكي هيلي، ورهان الديمقراطيين على تمكن بايدن من تحسين أرقامه، خصوصاً أن نيوسوم استبعد الترشح لمنافسته في انتخابات 2024.

نيوسوم خلال مؤتمر صحافي بلوس أنجليس في 16 نوفمبر (أ.ب)

وسعى كل من نيوسوم (56 عاماً) وديسانتيس (45 عاماً)، الحاكمان الشابان نسبياً، لهذه المناظرة ولكل منهما أجندته الخاصة على المديين القريب والبعيد. فبالنسبة إلى ديسانتيس، فهو يسعى على الأقل لتحسين أرقامه قبل المناظرة الرابعة للجمهوريين الأسبوع المقبل. كما يسعى جاهداً لإظهار براعته الحوارية والدفاع عن إنجازاته في ولايته، قبل 7 أسابيع من بدء أول المؤتمرات الحزبية التمهيدية في ولاية أيوا.

في المقابل، فإن مشاركة نيوسوم، ستكون محاولة لإظهار قدرته على المساهمة في رفع حظوظ بايدن، وتقديم نفسه كمرشح واعد، سواء بقي رئيسه في السباق أو خرج منه لاحقاً، حسب تكهنات لا تزال تسري حتى اللحظة عن احتمال انسحابه من السباق في «وقت ما» العام المقبل.

لكن مع احتمال أن تكون انتخابات 2024 تكراراً لانتخابات 2020 بين ترمب وبايدن، يراهن ديسانتيس ونيوسوم على انتخابات 2028، عبر تقديم نفسيهما مرشحين يعبّران عن تطلعات حزبيهما سياسياً وآيديولوجياً، وسط الانقسام الكبير الذي تعيشه الولايات المتحدة. وقال شون هانيتي، مضيف المناظرة، في مقابلة: «أعتقد أن كلا الحاكمين لديه فرصة حقيقية لعرض فلسفته السياسية وآيديولوجيته، ولماذا يحكم بالطريقة التي يحكم بها».

ولا شك أن الرجلين سيبحثان في الكثير من القضايا الخلافية، من قضية الإجهاض، إلى الاقتصاد، والمناهج الجامعية، وسياسات المناخ.


هل يستغل مؤيدو أوكرانيا حقيقة أن أموال المساعدات تنفق بمعظمها في أميركا؟

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في 20 نوفمبر (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في 20 نوفمبر (أ.ب)
TT

هل يستغل مؤيدو أوكرانيا حقيقة أن أموال المساعدات تنفق بمعظمها في أميركا؟

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في 20 نوفمبر (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في 20 نوفمبر (أ.ب)

مع إعلان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن دعم أوكرانيا «لا يزال يلقى دعماً قوياً من الحزبين»، مشيراً إلى أن قيمة المساعدات الأميركية التي بلغت 77 مليار دولار، مقابل 110 مليارات من الحلفاء الأوروبيين، كشفت صحيفة «واشنطن بوست» عن «حقيقة» لافتة، قد تشكّل ورقة ضغط بيد إدارة الرئيس بايدن ومؤيدي أوكرانيا عموماً من الحزبين. وقال تقرير الصحيفة: إن معظم الأموال الأميركية المنفقة على المساعدات العسكرية لأوكرانيا، تذهب إلى المصانع الأميركية المنتجة للسلاح. وأوضح التقرير، أن الأموال التي يوافق عليها المشرّعون لتسليح أوكرانيا لا تذهب مباشرة إلى أوكرانيا، بل يتم استخدامها في الولايات المتحدة لإنتاج أسلحة جديدة أو لاستبدال الأسلحة المرسلة من المخزونات الأميركية.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

ووجد أحد التحليلات أن من بين 68 مليار دولار من المساعدات العسكرية والمساعدات ذات الصلة التي وافق عليها الكونغرس منذ غزو روسيا لأوكرانيا، يذهب ما يقرب من 90 في المائة منها إلى الأميركيين.

قال مساعد بمجلس الشيوخ الأميركي، اليوم (الخميس): إنه سيتم عقد إحاطة سرية أمام جميع أعضاء مجلس الشيوخ الي بشأن أوكرانيا وإسرائيل وعناصر من حزمة التمويل التكميلي للأمن القومي يوم الثلاثاء الخامس من ديسمبر (كانون الأول).

ضغوط على مشرّعي الولايات

وفي حين يخوض بعض الجمهوريين معارك سياسية ضد مواصلة تقديم المساعدات لأوكرانيا، دعا مؤيدوها إلى الضغط على هؤلاء المشرّعين في ولاياتهم، عبر إظهار الفوائد الاقتصادية التي يجنيها مواطنو تلك الولايات، من خلال تشغيل عجلة الإنتاج وإنعاش القطاعات الاقتصادية التي يرتبط بها الكثير من القطاعات المدنية.

ومع الأرقام التي تتجاوز عشرات، لا، بل مئات المليارات من الدولارات، يسعى الديمقراطيون للضغط على النواب الجمهوريين، وخصوصاً اليمينيين المتشددين في تلك الولايات للتحريض ضدهم، في هذا العام الانتخابي، في ظل محاولة الحزبين السيطرة على مجلسي الشيوخ والنواب، وليس فقط على البيت الأبيض، خصوصاً أن الاقتصاد، كان ولا يزال القضية الرئيسية التي تحدد اتجاهات الناخبين الأميركيين في اختيار مرشحيهم.

ومن بين المشرّعين الذين يمكن أن يواجهوا مشكلات مع ناخبيهم في ولاياتهم على قضية تقديم المساعدات لأوكرانيا، السناتور الجمهوري جي دي فانس، والنائب الجمهوري جيم جوردان، عن ولاية أوهايو، وهما من التيار اليميني المتشدد. وكذلك السيناتور الجمهوري جوش هاولي عن ولاية مونتانا، وتومي توبرفيل من ولاية ألاباما ومايك براون من ولاية إنديانا، بالإضافة إلى النواب الجمهوريين مات غايتز، وبيل بوسي، وآنا بولينا لونا من فلوريدا، ولانس غودن من تكساس. وبالإجمال، صوّت 31 من أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء مجلس النواب الذين تستفيد ولاياتهم أو مقاطعاتهم من التمويل لأوكرانيا، لصالح معارضة أو تقييد هذه المساعدات.

مصانع السلاح الأميركية المستفيد الأكبر

وفي حين تتمركز تلك المصانع في ولايات عدة، كشف التقرير عن 117 خط إنتاج في 31 ولاية على الأقل و71 مدينة أميركية، حيث يقوم العمال الأميركيون بإنتاج أنظمة أسلحة رئيسية لأوكرانيا. على سبيل المثال، تنتج دبابات «أبرامز» ومدرعات «سترايكر» القتالية في ولاية أوهايو، بينما تنتج طائرات «سويتشبليد» المسيّرة وكذلك مركبات برادلي القتالية في بنسلفانيا.

وتنتج مدافع «هاوتزر» في ساوث كارولينا وميشيغان ومينيابوليس وكذلك الصواريخ وأنظمة «هيمارس» في ويست فيرجينيا ونيوجيرسي وفلوريدا وتكساس، وصواريخ جافلين في نيومكسيكو... كما أن هناك ما لا يقل عن 13 خط إنتاج في 10 ولايات و11 مدينة أميركية تنتج أسلحة أميركية جديدة لحلفاء «الناتو» لتحل محل المعدات التي أرسلوها إلى أوكرانيا. وبحسب مارك كانسيان، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن «الكثير من الأموال التي تدعم أوكرانيا بشكل مباشر لا تُنفق في الخارج، بل هنا في الولايات المتحدة». وهذا يجعل من «التسمية الخاطئة» أن نطلق على مبلغ الـ68 مليار دولار الذي يحسب أننا أنفقناه لتسليح أوكرانيا على أنه «مساعدة».

وفي سياق متصل، سجل الإنفاق العسكري للاتحاد الأوروبي مستوى قياسياً بلغ 240 مليار يورو (260 مليار دولار) العام الماضي على وقع الحرب الروسية في أوكرانيا، على ما قالت وكالة الدفاع الأوروبية الخميس. ويمثل الرقم زيادة إجمالية نسبتها 6 في المائة عن 2021، في وقت زادت دول الاتحاد الـ27، مشترياتها العسكرية. وقالت وكالة الدفاع إن ست دول زادت إنفاقها بأكثر من 10 في المائة، بخلاف السويد الساعية للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي والتي عززت مشترياتها بأكثر من 30 في المائة.

وقال مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد جوزيب بوريل الذي يترأس أيضاً وكالة الدفاع: إن «على قواتنا المسلحة أن تكون مستعدة لحقبة جديدة أكثر تطلباً بكثير». وأضاف، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، أن «التكيف مع هذه الحقائق الجديدة يعني أولاً وقبل أي شيء الاستثمار بدرجة أكبر في الدفاع».

السفيرة الأميركية في كييف بريجيت برينك خلال حضورها تسليم معدات أميركية ثقيلة لخطوط القتال مع روسيا (رويترز)

غير أن بوريل حذّر من أنه رغم تلك الزيادات، لا يزال التكتل يواجه «فجوات رئيسية في القدرات» ويستمر في «التأخر عن اللاعبين العالميين الآخرين». شكّل الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022 جرس إنذار لأوروبا ونبّهها إلى الحاجة إلى ضخ المزيد في الدفاع لتكون قادرة على مواجهة تهديد جارتها الشرقية. وبعد تراجعه لعقود في نهاية الحرب الباردة، عاد الإنفاق للارتفاع كل عام منذ ضم روسيا القرم من أوكرانيا في 2014.

وكانت الحكومة الروسية قد أعلنت عن زيادة قياسية لإنفاقها العسكري بنسبة 68 في المائة لعام 2024؛ ما يمثل نحو ثلث النفقات. وأعلنت وكالة الدفاع الأوروبية في تقريرها السنوي، أن الاتحاد الأوروبي خصص مبلغ 58 مليار يورو لاستثمارات الدفاع في 2022 «غالبيتها الساحقة لشراء معدات جديدة». لكن تراجعت مبالغ الإنفاق على الأبحاث والتطوير التكنولوجي بشكل طفيف.

مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل (أ.ف.ب)

استنفدت دول الاتحاد الأوروبي مخزوناتها من الأسلحة وأرسلت إمدادات بعشرات مليارات اليوروات إلى أوكرانيا لمساعدتها في محاربة روسيا. وتسعى بروكسل جاهدة لإقناع شركات الدفاع الأوروبية بزيادة إنتاجها للتلبية المتطلبات الجديدة التي أفرزتها الحرب. وحضّ الاتحاد الأوروبي دوله الأعضاء على إبرام عقود مشتركة وبدأت الدول في ضم جهودها لطلب قذائف هاوتزر لأوكرانيا ولقواتها أيضاً. لكن بناء القدرة الصناعية يستغرق وقتاً، ومن المتوقع أن يعجز الاتحاد عن تحقيق هدف 12 شهراً المتمثل في إرسال مليون قذيفة إلى أوكرانيا بحلول مارس (آذار).