أظهر استطلاع جديد للرأي، أجرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، أن دونالد ترمب وسّع تقدّمه المهيمن على سباق ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، حيث يرى ناخبو الحزب، بأغلبية ساحقة، أن الاتهامات الجنائية الموجّهة له في 4 قضايا مختلفة «لا أساس لها من الصحة»، بينما عدّ نحو نصفهم أن لوائح الاتهام، هي التي تغذي دعمهم للرئيس السابق.
من جهة أخرى، طرحت مجلة «بوليتيكو» تساؤلاً عن مصير معركة قانونية يمكنها أن تحدد مصير انتخابات 2024، وتتعلق بأهلية ترمب للترشح. وطرح بعض منتقدي ترمب سيناريو لجوء ولايات لبند «التمرد» في التعديل الدستوري الرابع عشر؛ لشطب اسم ترمب من لوائح الاقتراع.
ترمب يعزز تقدّمه
يخلص الاستطلاع الجديد إلى أن ما كان يُعدّ في السابق منافسة بين مرشحَين اثنين تحوّل إلى منافسة غير متوازنة، حيث يهيمن ترمب على الساحة في غياب منافس واضح. وقال 59 في المائة من الناخبين الجمهوريين إن الرئيس السابق هو خيارهم المفضّل، بزيادة 11 نقطة مئوية منذ أبريل (نيسان).
وتضاعف تقريباً تقدّم ترمب على منافسه الرئيسي، حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، منذ أبريل إلى 46 نقطة مئوية. ومع تأييد لا يتجاوز 13 في المائة، بالكاد يحافظ ديسانتيس على تقدمه على بقية المنافسين، الذين لم يتمكن أي منهم من كسر مستوى الدعم إلى خانة العشرات.
وعند سؤالهم عن لوائح الاتهام الموجهة إلى ترمب، قال أكثر من 60 في المائة من الناخبين المستطلعين، إنها ذات دوافع سياسية ولا أساس لها من الصحة. كما عدّ نحو 78 في المائة أن تصرفات ترمب بعد انتخابات 2020 كانت جهوداً شرعية لضمان دقة التصويت. وقال 48 في المائة إن لوائح الاتهام غذّت احتمال تصويتهم لصالح ترمب، بينما قال 16 في المائة إنهم يترددون في دعمه لولاية ثانية.
وفي سياق السباق الرئاسي بشكل عام، وجد الاستطلاع أن ترمب حصل على دعم 40 في المائة من الناخبين، مقابل 39 في المائة لصالح الرئيس جو بايدن، في إعادة لسيناريو انتخابات 2020، مع تراجع الاهتمام بين الناخبين بمرشحين من حزب ثالث أو مستقلين.
وقال خبير استطلاعات الرأي الجمهوري توني فابريزيو، الذي أجرى الاستطلاع مع خبير استطلاعات الرأي الديمقراطي مايكل بوكيان، إنه «صُدم» من تقارب نتيجة انتخابات عامة محتملة بين الرئيس الأخير والرئيس الحالي إلى هذا الحد، في ضوء الاتهامات الموجهة لترمب.
تراجع ديسانتيس
كشف الاستطلاع عن نتائج أخرى بشأن السباق التمهيدي للحزب الجمهوري. فقد انهار ديسانتيس الذي تراجع دعمه من 24 في المائة إلى 13 في المائة. وقال بوكيان: «لقد انهار ديسانتيس، المرشح الوحيد الذي بدا في أبريل وكأنه منافس محتمل، ولديه قصة ليرويها. انهار تماماً، وذهبت تلك الأصوات إلى ترمب».
كما أن الناخبين يعتقدون بأن رجل الأعمال فيفيك راماسوامي، والمندوبة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، تجاوزا التوقعات، أكثر بقليل من بقية المرشحين، في المناظرة الرئاسية الأولى التي جرت في 23 أغسطس (آب) الماضي. ورغم ذلك، فإن أداءهما الجيد لم يترجم بدعم كبير لدى الناخبين، حيث لا يزالان يحققان نسبة استحسان لا تتجاوز 8 و5 في المائة على التوالي.
كما لم يحقق السيناتور تيم سكوت أي تقدم يذكر (2 في المائة)، بينما يرفض الجمهوريون على المستوى الوطني المرشَحين اللذين ينتقدان ترمب بشدة، وهما كريس كريستي وآسا هاتشنسون، حيث حصلا على 3 و1 في المائة على التوالي.
ورغم أن نائب الرئيس السابق مايك بنس تمكّن من تحسين أرقامه على المستوى الوطني، فإن الاستطلاع أظهر تراجع النظرة الإيجابية إليه، من 54 إلى 30 في المائة لدى الجمهوريين؛ بسبب رفضه طلب ترمب منع الكونغرس من التصديق على انتخابات 2020.
وفي حين أن استطلاع «وول ستريت جورنال» اختبر انطباعات الناخبين الجمهوريين في الانتخابات التمهيدية على المستوى الوطني، فإن عملية الترشيح عبارة عن منافسة بين كل ولاية على حدة تمتد على مدار أشهر، بدءاً من المؤتمرات الحزبية في ولاية أيوا في 15 يناير (كانون الثاني) المقبل.
جدل حول أهلية ترمب
تُثير أهلية الرئيس السابق جدلاً في بعض الأوساط الأميركية، وسط تساؤلات عن مصير معركة قانونية «نائمة» يمكنها أن تحدد مصير انتخابات 2024.
يقول خبراء قانونيون إن ترمب قد لا يكون مؤهّلاً بموجب بند «التمرد» في التعديل الدستوري الرابع عشر، حيث يمكن للمحاكم أن تتدخل في هذه القضية. وإذا كان ترمب يريد أن يكون على بطاقة الاقتراع في العام المقبل في جميع الولايات الخمسين، فقد يضطر أولاً إلى الفوز في معركة غير مسبوقة في قاعة المحكمة حول «شرط التمرد» في التعديل الرابع عشر.
وبموجب نظرية قانونية تكتسب زخماً بين الديمقراطيين والجمهوريين المناهضين لترمب، يمكن القول إن هذا البند الذي نادراً ما يستخدَم قد يحرم ترمب من تولي منصبه مرة أخرى؛ بسبب محاولاته تقويض انتخابات عام 2020، ودوره في تأجيج الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021.
ولاختبار هذه النظرية، ينبغي على السياسيين أو مجموعات مناصرة أو حتى ناخبين عاديين، رفع دعاوى قضائية أمام المحاكم للبت في أهلية الرئيس السابق. وهذه الاستراتيجية بالفعل في مراحلها الأولية، حيث رفع في الأيام الأخيرة، اثنان من المدعين دعاوى قضائية في ولايتي نيو هامبشير وفلوريدا.
بيد أن الخيار الأكثر خطورة سياسياً لاختبار هذه النظرية، هو أن تتبناها ولاية واحدة أو أكثر، بشكل كامل وترفض ببساطة إدراج اسم ترمب على بطاقات الاقتراع الخاصة بها. وقد يجبر ذلك ترمب على تحدّي القرار أمام المحاكم، وأن يطالب باستعادة ترشيحه في تلك الولايات.
ولم تتحرك أي ولاية حتى الآن لمحاولة شطب اسم ترمب من قائمة الاقتراع، على الرغم من أن وزراء خارجية الولايات في جميع أنحاء البلاد يناقشون القضية، بحسب مجلة «بوليتيكو». ويمكن لأي من السيناريوهين أن يدفع المحاكم، وحتى المحكمة العليا، إلى نقاش معنى بند «التمرد» في التعديل الدستوري، الذي تم التصديق عليه عام 1868، ونادراً ما تم تفسيره أو حتى اللجوء إليه منذ ذلك الحين.