جورجيا تستخدم قانوناً صمم لملاحقة المافيا لمقاضاة ترمب

هل يتسبب «ريكو» بسجن الرئيس السابق 20 عاماً؟ 

في الطريق إلى سجن فولتون (رويترز)
في الطريق إلى سجن فولتون (رويترز)
TT

جورجيا تستخدم قانوناً صمم لملاحقة المافيا لمقاضاة ترمب

في الطريق إلى سجن فولتون (رويترز)
في الطريق إلى سجن فولتون (رويترز)

يواجه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب 13 تهمة جنائية تضمنتها لائحة الاتهام التي صدرت بحقه يوم الثلاثاء في ولاية جورجيا، وتضمنت انتهاك قانون معروف في جورجيا باسم «ريكو»، وهو اختصار لـ«Racketeer Influenced and Corrupt Organization» الذي يحظر الابتزاز ويعاقب عليه بالسجن لمدة تصل إلى 20 عاماً، وأقرته الولاية عام 1970.

ويستهدف في الأصل، ملاحقة عصابات المافيا والجريمة المنظمة، واستخدمته فاني ويليس المدعية العامة لمقاطعة فولتون، لتوجيه لائحة بإجمالي 41 تهمة ضد ترمب و19 آخرين تقول إنهم «قاموا بجهود مستمرة كجزء من مؤامرة واسعة، لتخريب نتائج انتخابات 2020 في الولاية».

ويسمح القانون برصد أنشطة غير قانونية خارج جورجيا، مثل اجتماع ترمب مع حلفائه في ميتشيغان لإلغاء نتائج الانتخابات هناك، وبالتالي يسمح للمدعين العامين بتضمين عدد من الوقائع والأحداث، حتى لو بدت صغيرة أو ليس لها علاقة بالولاية.

المدعية العامة في فولتون بجورجيا فاني ويليس (رويترز)

وتشير أوراق الاتهام إلى أحداث في ولايات أريزونا وميتشيغان ونيفادا ونيو مكسيكو وبنسلفانيا وويسكنسن والعاصمة واشنطن، ويرصد 161 حدثا لمحادثات وتواصل بين ترمب ومستشاريه مع مشرعين لعكس خسارة ترمب الانتخابية، وأحداثا أخرى في ولايتي ويسكنسن وأريزونا وغيرهما لوضع قوائم ناخبين مزيفة، وهي جهود تصفها لائحة الاتهام بأنها «مؤامرة قام بها ترمب وحلفاؤه لقلب نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020».

وتقول لائحة الاتهام المؤلفة من 98 صفحة، إن المتهمين، بما فيهم مارك ميدوز رئيس طاقم الموظفين لدى الرئيس ترمب، والمحامي رودي جولياني «انتهكوا قوانين الانتخابات من خلال الإدلاء ببيانات كاذبة حول تزوير أصوات الناخبين، وقاموا بعقد اجتماعات لوضع استراتيجية لتعطيل عملية فرز الأصوات الانتخابية».

ويقول كلاك كننغهام أستاذ القانون بجامعة جورجيا، «إن قانون ريكو أوسع بكثير من القوانين الفيدرالية، وهو يسمح للمدعين العامين برصد أحداث في مقاطعات مختلفة. فلائحة الاتهام تشير إلى أن ميدوز قام بزيارة مقاطعة كوب، وحصل على رقم الهاتف الشخصي للمشرف على تدقيق بطاقات الاقتراع الغيابي، وهذا تصرف لا يمكن عده غير قانوني، لكن ميدوز أعطى رقم الهاتف للرئيس ترمب الذي استخدمه لمحاولة التأثير على نتائج الانتخابات».

ترمب في أيوا في 12 من أغسطس الحالي (أ.ب)

وبدوره، يقول أندرو فليشمان المحامي الجنائي بولاية جورجيا، «إن القضايا التي تستند إلى قانون ريكو تتضمن تعقيدات كثيرة قد تجعل مجريات القضية طويلة للغاية، وتجعل من الصعب من الناحية الإجرائية المضي قدما بها».

وترى المدعية العامة فاني ويليس «أن قانون ريكو يعد أداة تسمح لمكتب المدعي العام برواية القصة بشكل متكامل»... وهي تطمح إلى دفع بعض المتهمين إلى الإقرار بالذنب في مقابل تخفيف العقوبة.

المثير في الأمر أن المحامي الشهير رودي جولياني الذي يواجه اتهامات بموجب «قانون ريكو»، قام باستخدام قانون فيدرالي مشابه في جهوده لملاحقة رجال المافيا في ثمانينات القرن الماضي، حينما كان يشغل منصب المدعي العام للمنطقة الجنوبية من نيويورك، وهو ما ساهم في صعوده السياسي وبروز نجمه بعد ذلك.

100 تهمة تواجه ترمب

 

وبتوجيه لائحة اتهام رابعة للرئيس ترمب الذي يعد المنافس الرئيسي للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض سباق 2024، فإنه سيخوض السباق وهو يواجه ما يقرب من 100 تهمة جنائية في أربع قضايا في أربع ولايات، منها قضية تزوير سجلات تجارية، ودفع أموال لإسكات الممثلة الإباحية ستورمي دانيال في نيويورك، وقضية الاحتفاظ بوثائق سرية بشكل غير قانوني في فلوريدا، وقضية التآمر على الولايات المتحدة لإلغاء نتائج انتخابات 2020 في واشنطن العاصمة. وقد تم تحديد محاكمتين خلال شهري مارس (آذار) ومايو (أيار) من العام المقبل.

ويعتمد الأمر على قدرة فريق المحامين لدى ترمب على تأجيل المحاكمات أو تبرئته، لكن إذا تمت إدانته بتهم جنائية في أي من هذه القضايا قبل الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، فإن الولايات المتحدة ستدخل في منطقة جدلية شديدة الإثارة: إذا أدين فبإمكانه الاستمرار في الترشح (ربما لن يتمكن من التصويت في ولايته فلوريدا)، لكن الدستور لا ينص على أي شيء يتعلق بالسجل الجنائي للمرشح الرئاسي أو عقوبة السجن التي قد تقف في طريقه.

صورة جوية لسجن مقاطعة فولتون الذي يفترض بترمب والمتهمين الآخرين الحضور إليه (رويترز)

ويقول الخبراء القانونيون إنه إذا أدين ترمب وحكم عليه بالسجن في أي من القضايا المنظورة في نيويورك أو فلوريدا أو واشنطن العاصمة، فمن شبه المؤكد أنه سيستأنف الحكم، وسيكون الأمر متروكا للقاضي ليقرر سجنه، أو تركه حرا حتى موعد جلسات الاستئناف.

أما بالنسبة لولاية جورجيا، فإن «قانون ريكو» ينص بالسجن لمدة خمس سنوات إلى عشرين سنة في حالة الإدانة، وهنا لن يكون مؤهلا للإفراج عنه بكفالة أثناء تقديم طلب استئناف.

وهناك شكوك عالية في أنه يمكن إنهاء القضية في ولاية جورجيا قبل موعد الانتخابات في نوفمبر 2024، خاصة مع كثرة عدد المتهمين الآخرين في القضية، وما يمكن أن يقوم به المحامون من مناورات قانونية ولوجيستية لإطالة أمد التقاضي بما يجعل من الصعب صدور أحكام قبل نوفمبر 2024.

ويطرح الخبراء قضية جدلية أخرى، فبإمكان ترمب إذا فاز بالانتخابات أن يعفو عن نفسه في التهم الفيدرالية التي وجهها له المحقق الخاص جاك سميث في التدخل للتأثير على الانتخابات، ما أدى للهجوم على مبني الكابيتول. كما يمكنه أن يعفو عن نفسه في قضية الوثائق السرية في فلوريدا، وقد تنتهي قضية السجلات التجارية وإسكات ستورمي دانيال بالحكم بدفع مبالغ مالية، لكنه لا يستطيع العفو عن نفسه في ولاية جورجيا إذا تمت إدانته لأنها ستكون إدانة في تهم حكومية لا يجوز العفو عن الرؤساء فيها.


مقالات ذات صلة

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

الولايات المتحدة​ الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

أسقطت وزارة العدل الأميركية قضيتين جنائيتين رفعتا ضد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بتهم محاولته قلب نتائج انتخابات عام 2020، ونقل وثائق سرية إلى منزله في فلوريدا.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

القضاء يردّ دعوى التآمر المرفوعة ضد ترمب بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات

وافقت قاضية أميركية، الاثنين، على طلب النيابة العامة ردّ الدعوى المرفوعة ضدّ الرئيس المنتخب بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية التي خسرها قبل 4 سنوات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو (وسط) يحضر حفل تخرج للطلاب في أكاديمية عسكرية في ولاية ريو دي جانيرو بالبرازيل 26 نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)

الشرطة البرازيلية تتهم الرئيس السابق بولسونارو بمحاولة الانقلاب عام 2022

قالت الشرطة الفيدرالية البرازيلية، اليوم الخميس، إنها وجهت الاتهامات للرئيس السابق جايير بولسونارو و36 شخصاً آخرين بتهمة محاولة الانقلاب عام 2022.

«الشرق الأوسط» (ساو باولو)
أوروبا القاتل النرويجي أندرس بيرينغ بريفيك (إ.ب.أ)

«سفاح النرويج» يطلب الإفراج المشروط للمرة الثانية

مَثُل القاتل النرويجي، أندرس بيرينغ بريفيك، الذي قتل 77 شخصاً في حادث تفجير وإطلاق نار عشوائي عام 2011، أمام المحكمة، الثلاثاء، لحضور جلسة استماع بشأن إطلاق

«الشرق الأوسط» (أوسلو)

ترمب: القضايا المرفوعة ضدي «فارغة ولا أسس قانونية لها»

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب: القضايا المرفوعة ضدي «فارغة ولا أسس قانونية لها»

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الاثنين، على منصته «تروث سوشيال»، إن القضايا القانونية ضده «فارغة ولا أسس قانونية لها وما كان يجب رفعها»، في إشارة إلى تحرك وزارة العدل الأميركية من أجل إسقاط القضية المقامة ضده بشأن التدخل في انتخابات 2020 بعد فوزه في انتخابات الرئاسة الأخيرة.

وأضاف: «لقد تم إهدار أكثر من مائة مليون دولار من أموال دافعي الضرائب في معركة الحزب الديموقراطي ضد خصمهم السياسي، الذي هو أنا»، مشدداً على أن «أمراً كهذا لم يسبق أن حدث في بلدنا»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وفي خطوة مفاجئة، قرر المدعون الفيدراليون التخلي عن قضية الوثائق السرية ضد الرئيس الأميركي المنتخب في ضوء سياسة وزارة العدل الأميركية الراسخة التي تقول إن الرؤساء الأميركيين أثناء رئاستهم لا يمكن أن يواجهوا ملاحقة جنائية.

وجاء الإعلان في ملف قدمته محكمة الاستئناف في فلوريدا بعد وقت قصير من تقديم المدعين العامين في العاصمة واشنطن ملفاً مماثلاً، إذ طلبواً رفض القضية التي تتهم ترمب بالتخطيط لقلب نتائج انتخابات 2020، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وترقى هذه الخطوة إلى استنتاج متوقع لقضية جنائية كانت تعد قبل عام واحد فقط أخطر تهديد قانوني يواجه ترمب. وهي تعكس النتائج العملية لفوز ترمب بالانتخابات، مما يضمن دخوله منصبه خالياً من التدقيق بشأن تخزينه لوثائق سرية للغاية وسلوكه الذي قال المدعون العامون إنه عرّض التدقيق الوطني للخطر.

تقول آراء قانونية لوزارة العدل يعود تاريخها إلى عقود من الزمان إنه لا يمكن توجيه الاتهام إلى الرؤساء الحاليين أو محاكمتهم أثناء وجودهم في مناصبهم.

وطلب المستشار الخاص جاك سميث من قاضٍ فيدرالي، يوم الاثنين، رفض القضية التي تتهم ترمب بالتخطيط لقلب انتخابات عام 2020، مشيراً إلى سياسة وزارة العدل القديمة التي تحمي الرؤساء من الملاحقة القضائية أثناء وجودهم في مناصبهم. وتمثل الخطوة التي أُعلن عنها في أوراق المحكمة نهاية الجهود البارزة التي بذلتها وزارة العدل لمحاسبة ترمب على ما سمّاه المدعون مؤامرة إجرامية للتشبث بالسلطة في الفترة التي سبقت هجوم أنصار ترمب على مبنى الكابيتول الأميركي في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، حسب «أسوشييتد برس».

وقال ممثلو الادعاء في وزارة العدل، مستشهدين بتوجيهات الوزارة القديمة التي تقضي بعدم إمكانية محاكمة الرئيس الحالي، إن موقف الوزارة هو أن «الدستور يتطلب رفض هذه القضية قبل تنصيب المدعى عليه».

وكان القرار متوقعاً بعد أن بدأ فريق سميث في تقييم كيفية إنهاء قضية التدخل في انتخابات عام 2020 وقضية الوثائق السرية المنفصلة في أعقاب فوز ترمب على نائبة الرئيس كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية.

وصف ترمب القضيتين بأن وراءهما دوافع سياسية، وتعهد بطرد سميث بمجرد توليه منصبه في يناير.