محققة أممية تصف أوضاع معتقلي «غوانتانامو» بـ«القاسية وغير الإنسانية»

عرضت لأوضاع السجناء الـ30 الباقين وطالبت بإغلاق السجن «فوراً»

علم أميركي يرفرف على نصف عمود تكريماً للجنود الأميركيين والضحايا الآخرين الذين قُتلوا في الهجوم الإرهابي في كابل في معسكر العدالة بقاعدة خليج غوانتانامو البحرية (أ.ب)
علم أميركي يرفرف على نصف عمود تكريماً للجنود الأميركيين والضحايا الآخرين الذين قُتلوا في الهجوم الإرهابي في كابل في معسكر العدالة بقاعدة خليج غوانتانامو البحرية (أ.ب)
TT

محققة أممية تصف أوضاع معتقلي «غوانتانامو» بـ«القاسية وغير الإنسانية»

علم أميركي يرفرف على نصف عمود تكريماً للجنود الأميركيين والضحايا الآخرين الذين قُتلوا في الهجوم الإرهابي في كابل في معسكر العدالة بقاعدة خليج غوانتانامو البحرية (أ.ب)
علم أميركي يرفرف على نصف عمود تكريماً للجنود الأميركيين والضحايا الآخرين الذين قُتلوا في الهجوم الإرهابي في كابل في معسكر العدالة بقاعدة خليج غوانتانامو البحرية (أ.ب)

وصفت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في سياق مكافحة الإرهاب فيونوالا ني أولاين، بعد زيارة هي الأولى من نوعها من محقق أممي مستقل لمعتقل غوانتانامو في كوبا، الظروف التي يعيشها المعتقلون الـ30 في السجن الأميركي ذائع الصيت بأنها «قاسية وغير إنسانية ومهينة» بمعايير القانون الدولي، داعيةً إلى إغلاقه «فوراً».

وعقدت أولاين مؤتمراً صحافياً عرضت فيه لتقرير من 23 صفحة أعدّته لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بعد زيارة استمرت أربعة أيام لمعتقل غوانتانامو في فبراير (شباط) الماضي، وهي الأولى من محقق أممي إلى السجن منذ افتتاحه عام 2002، حيث أجرت مقابلات مع عدد من السجناء الـ30 المتبقين بالإضافة إلى معتقلين سابقين ومحامين، مؤكدةً أن هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في نيويورك وواشنطن وبنسلفانيا التي قُتل فيها نحو ثلاثة آلاف شخص كانت «جرائم ضد الإنسانية». لكنها أضافت أن استخدام الولايات المتحدة للتعذيب والأحكام ضد الجناة وشركائهم بعد الهجمات انتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، بل إنه حرم الضحايا والناجين من العدالة في كثير من الحالات لأن المعلومات التي جرى الحصول عليها عن طريق التعذيب لا يمكن استخدامها في المحاكمات.

صورة التُقطت في 16 أكتوبر 2018 تُظهر البوابة الرئيسية للسجن العسكري في قاعدة «غوانتانامو» البحرية الأميركية (أ.ف.ب)

وأصدرت أولاين تقريرها قبل شهر من انتهاء ولايتها كمقررة مستقلة، علماً بأن المقررين الخاصين ليسوا موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتلقون رواتب منها رغم أنهم يعيَّنون من مجلس حقوق الإنسان في جنيف.

وأشادت أولاين بإدارة الرئيس جو بايدن لمبادرتها فتح أبواب «غوانتانامو» لها وإظهار «الاستعداد لمعالجة أصعب قضايا حقوق الإنسان»، داعيةً الدول الأخرى التي منعت الأمم المتحدة من الوصول إلى مرافق الاحتجاز إلى أن تقتدي بذلك. وأكدت أن سلطات السجن سمحت لها بالوصول إلى كل ما طلبته، بما في ذلك الاجتماع في المنشأة مع محتجزين «من ذوي القيمة العالية» و«غير ذوي القيمة العالية». وأكدت أن «تحسينات كبيرة» أُدخلت على حبس المحتجزين، لكنها عبّرت عن «مخاوف جدية» حيال استمرار احتجاز 30 رجلاً يواجهون حالاً شديدة من انعدام الأمن والمعاناة والقلق، ومنها المراقبة شبه المستمرة والإبعاد القسري من زنازينهم والاستخدام الجائر للقيود. ولاحظت أنه «بعد عقدين من الاحتجاز، فإن معاناة المعتقلين شديدة ومستمرة»، إذ إن «كل محتجز قابلته يعاني أضراراً لا هوادة فيها تنجم عن ممارسات المحاكمة والتعذيب والاحتجاز التعسفي الممنهجة».

ورأت أولاين أن هناك «استجابة صادقة» من الكثير من المحتجزين لرؤية شخص ليس محامياً ولا مرتبطاً بمركز الاحتجاز، وبعضهم للمرة الأولى منذ 20 عاماً. وأوضحت أن الكثير من المحتجزين الذين التقتهم أظهروا أدلة على «الأذى النفسي العميق والضيق -بما في ذلك القلق العميق، والعجز، واليأس، والتوتر والاكتئاب، والتبعية». وعبّرت عن قلقها البالغ إزاء فشل حكومة الولايات المتحدة في توفير برامج إعادة التأهيل للمحتجزين، مؤكدة أن الرعاية المتخصصة والمرافق في غوانتانامو «ليست كافية لمواجهة مشكلات الصحة العقلية والبدنية المعقَّدة والعاجلة للمعتقلين». وأضافت أن بعض هؤلاء يعاني الحرمان من دعم عائلاتهم ومجتمعهم «في أثناء العيش في بيئة احتجاز من دون محاكمة بالنسبة للبعض، ومن دون تهمة لآخرين، لمدة 21 عاماً، والإضراب عن الطعام والتغذية القسرية، وإيذاء النفس والتفكير الانتحاري، وتسريع الشيخوخة». وعبّرت عن «القلق العميق» لأن 19 من أصل 30 رجلاً لا يزالون في غوانتانامو لم يُتهموا قط بارتكاب جريمة. وأكدت أن استخدام المعلومات التي جرى الحصول عليها عن طريق التعذيب محظور في المحاكمة.

توصيات

وقدمت أولاين سلسلة توصيات، مؤكدةً أنه يجب إغلاق السجن في خليج غوانتانامو على الفور. وأوصت حكومة الولايات المتحدة بتوفير إعادة تأهيل متخصصة للمحتجزين من التعذيب والصدمات، مع التأكد من أن جميع المحتجزين سواء كانوا «من ذوي القيمة العالية» أو «غير ذوي القيمة العالية» يتلقون مكالمة هاتفية واحدة على الأقل كل شهر مع أسرهم.

برج المراقبة في معسكر قاعدة خليج غوانتانامو البحرية في كوبا (أ.ب)

رد أميركي

وعلقت الولايات المتحدة على التقرير في مذكرة إلى مجلس حقوق الإنسان، مؤكدة أنها «تختلف في نواحٍ كبيرة مع الكثير من التأكيدات الواقعية والقانونية» في تقرير المقررة الخاصة، وهي أستاذة في جامعتي «مينيسوتا» الأميركية و«كوينز» في بلفاست بآيرلندا الشمالية. وأفادت السفيرة الأميركية لدى مجلس حقوق الإنسان ميشال تيلور، مذكّرة بمنح أولاين «وصولاً غير مسبوق» مع «الثقة بأن ظروف الحبس في خليج غوانتانامو إنسانية وتعكس احترام الولايات المتحدة لحقوق الإنسان وحمايتها لجميع من هم في عهدتنا». وأضافت: «يعيش المحتجزون بشكل جماعي ويحضّرون وجبات الطعام معاً، ويتلقون رعاية طبية ونفسية متخصصة، ويُمنحون حق الوصول الكامل إلى مستشار قانوني، والتواصل بشكل منتظم مع أفراد أسرهم». وزادت أنه «مع ذلك فإننا نراجع بعناية توصيات (المقررة الخاصة) وسنتخذ أي إجراءات مناسبة، حسب الاقتضاء».

وقالت الولايات المتحدة إن إدارة بايدن حققت «تقدماً كبيراً» نحو إغلاق معتقل غوانتانامو ونقل عشرة محتجزين من المنشأة، مضيفةً أنها تتطلع إلى إيجاد مواقع مناسبة للمعتقلين الباقين المؤهلين للنقل. وأطلقت الولايات المتحدة 741 معتقلاً حتى الآن.


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ترمب يكشف عن مرشحيه لتولي وزارات الخزانة والعمل والإسكان

سكوت بيسنت مؤسس شركة الاستثمار «كي سكوير غروب» يتحدث في مناسبة انتخابية للرئيس ترمب (رويترز)
سكوت بيسنت مؤسس شركة الاستثمار «كي سكوير غروب» يتحدث في مناسبة انتخابية للرئيس ترمب (رويترز)
TT

ترمب يكشف عن مرشحيه لتولي وزارات الخزانة والعمل والإسكان

سكوت بيسنت مؤسس شركة الاستثمار «كي سكوير غروب» يتحدث في مناسبة انتخابية للرئيس ترمب (رويترز)
سكوت بيسنت مؤسس شركة الاستثمار «كي سكوير غروب» يتحدث في مناسبة انتخابية للرئيس ترمب (رويترز)

رشّح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الجمعة، سكوت بيسنت، مؤسس شركة الاستثمار «كي سكوير غروب» وأحد المروجين المتحمسين لفرض رقابة سياسية على الاحتياطي الفدرالي، لتولي منصب وزير الخزانة، وفق ما ذكرت وسائل إعلام أميركية.

وكان اسم بيسنت قد ورد بين المرشحين المفضلين لتولي هذا المنصب، وهو مقرب من عائلة ترمب منذ فترة طويلة، وسيضطلع بدور رئيسي في تنفيذ البرنامج الاقتصادي للرئيس الأميركي المنتخب بالإضافة إلى السيطرة على الدين العام.

سكوت تيرنر (ا.ف.ب)

كما أعلن ترمب في بيان، أن لاعب كرة القدم الأمريكية السابق ومساعد البيت الأبيض سكوت تيرنر، هو مرشحه لمنصب وزير الإسكان والتنمية الحضرية.وكان تيرنر قد تولى إدارة مجلس الفرص والتنشيط في البيت الأبيض خلال فترة ولاية ترمب الأولى.

وكشف ترمب، أنه سيرشح النائبة الجمهورية لوري تشافيز دي ريمير، لتولي وزارة العمل.

لوري تشافيز دي ريمير (ا.ف.ب)

وتلقت عضو مجلس النواب عن ولاية أوريغون، والتي خسرت في محاولة إعادة انتخابها بفارق ضئيل في وقت سابق من الشهر الحالي، دعماً قوياً من أعضاء النقابات في منطقتها.

وقال ترمب في بيان، إن «دعم لوري القوي من مجتمعي الأعمال والعمال سيضمن أن تتمكن وزارة العمل من توحيد الأميركيين من جميع الخلفيات خلف أجندتنا لتحقيق نجاح وطني غير مسبوق - وجعل أميركا أكثر ثراء وقوة وازدهاراً من أي وقت مضى».