بلينكن إلى الصين لتجنب «الحسابات الخاطئة» ونزع فتيل التوتر

بكين مهتمة بتعزيز اقتصادها بعد أشهر من التباطؤ

وزير الخارجية الأميركي لدى استعداده للإقلاع نحو بكين مساء الجمعة (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي لدى استعداده للإقلاع نحو بكين مساء الجمعة (أ.ب)
TT

بلينكن إلى الصين لتجنب «الحسابات الخاطئة» ونزع فتيل التوتر

وزير الخارجية الأميركي لدى استعداده للإقلاع نحو بكين مساء الجمعة (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي لدى استعداده للإقلاع نحو بكين مساء الجمعة (أ.ب)

يصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الصين الأحد، في زيارة مؤجلة منذ نحو 5 أشهر، بعد حادثة إسقاط منطاد التجسس الصيني، الذي طاف فوق الولايات المتحدة. وقال مسؤول كبير في الخارجية الأميركية إن بلينكن سيعقد لقاءات مع كبار المسؤولين، بمن فيهم وزير الخارجية الصيني تشين غانغ، من دون تحديد ما إذا كان سيلتقي الرئيس شي جينبينغ، أم لا.

وفيما تصف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الزيارة، بأنها جزء من جهد طويل المدى، لتهدئة التوترات التي أدت عملياً إلى تجميد الحوار الدبلوماسي بين البلدين في الفترة الأخيرة، أعلن بلينكن الجمعة، أنه يسعى لـ«تجنب الحسابات الخاطئة» مع بكين. وصرح للصحافيين قبيل مغادرته واشنطن إلى الصين، بأن الزيارة تهدف إلى «فتح خطوط اتصال مباشرة، بحيث يتمكن بلدانا من إدارة علاقتنا بشكل مسؤول عبر تناول بعض التحديات والرؤى السيئة، وتجنب الحسابات الخاطئة».

انتقادات متبادلة

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في نوفمبر 2022 (د.ب.أ)

يقول مسؤولون أميركيون إن أجندة بلينكن في الصين ستشمل التوترات بشأن تايوان، والمواطنين الأميركيين المسجونين ظلماً، وموقف بكين من حرب روسيا على أوكرانيا. ورغم ذلك، يقلل المسؤولون من توقعاتهم، وقال مساعد وزيرة الخارجية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادي، دانييل كريتنبرينك للصحافيين يوم الأربعاء، إن «نوعاً من الاختراق أو التحول في الطريقة التي نتعامل بها مع بعضنا غير مرجح». وأضاف أن بلينكن «سيؤكد أيضاً على أهداف السياسة الاقتصادية الأميركية تجاه الصين، نحن مصممون جداً على التخلص من الأخطار... نحن لا نتحدث عن الانفصال. لسنا بصدد احتواء الصين... ولسنا بصدد محاولة كبح جماحها اقتصادياً».

في المقابل، يتوجه المسؤولون الصينيون إلى تلك الاجتماعات، حاملين انتقادات لسياسة واشنطن. ويوم الأربعاء، قال وزير الخارجية الصيني تشين غانغ، في قراءة لمكالمته الهاتفية مع بلينكن، إن الولايات المتحدة يجب أن «تتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للصين وتقويض أمنها السيادي ومصالح التنمية باسم المنافسة». والجمعة، كررت الصين موقفها، حيث قال المتحدث باسم الخارجية الصينية، وانغ وين بين، إن الحوار الناجح مع الصين يتطلب من الولايات المتحدة «التخلي عن وهم التعامل مع الصين من موقع قوة».

وفيما أشارت تقارير صحافية إلى أن قبول الصين زيارة بلينكن خطوة نحو تعزيز موقف وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، التي يرون أنها أكثر ملاءمة لأولوياتهم ومصالحهم، رفض المسؤول الأميركي هذا التصور، قائلاً: «إننا نقترب من هذه الزيارة، من موقع قوة وثقة». وأثار إعلان يلين أن «الانفصال عن الصين سيكون خطأ»، إعجاب الصين. وقالت خلال جلسة استماع للجنة الخدمات المالية بمجلس النواب، يوم الثلاثاء: «أعتقد أننا نربح، والصين تكسب، من التجارة والاستثمار المفتوحين قدر الإمكان، وسيكون كارثياً بالنسبة لنا محاولة الانفصال عن الصين».

بكين قلقة على اقتصادها

وزير الخارجية الصيني تشين غانغ (أ.ب)

ويرى كثير من المحللين الأميركيين أنه على الرغم من النجاحات السياسية والدبلوماسية التي حققتها الصين في الآونة الأخيرة، من استقبال الرئيس الفرنسي ورئيسة المفوضية الأوروبية، ووساطتها في حرب أوكرانيا، وصولاً إلى استقبالها الرئيس الفلسطيني، ومحاولتها تأكيد دورها القيادي في العالم، فإنها لا تزال بحاجة، وتريد بشدة الاستثمار والتجارة مع الولايات المتحدة. وتواجه بكين تباطؤاً في النمو وفي سوق العقارات، ومستويات قياسية لبطالة الشباب وتقلصاً للاستثمار الأجنبي. وخفض البنك المركزي الصيني هذا الأسبوع، أسعار الفائدة الرئيسية، فيما أظهرت بيانات اقتصادية جديدة أن التعافي بعد الوباء قد فقد الزخم.

ويرى هؤلاء أن هذا الأمر جزء رئيسي من سبب مغازلة المسؤولين الصينيين للمديرين التنفيذيين الأميركيين، مثل بيل غيتس، الذي التقى يوم الجمعة، الرئيس شي، ووصفه بأنه «أول صديق أميركي» يلتقيه هذا العام. وكذلك الاستقبال الحافل الذي لقيه جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لشركة «جي بي مورغان» المصرفية، ولاكسمان ناراسيمهان الرئيس التنفيذي لشركة «ستاربكس»، وإيلون ماسك الرئيس التنفيذي لـ«تسلا» و«تويتر».

وفيما تأمل الصين في تحسين علاقتها مع الولايات المتحدة، جزئياً، للمساعدة في انتعاشها الاقتصادي والتحديات الاقتصادية الأخرى، لا تزال تواجه إجراءات اقتصادية قاسية من إدارة الرئيس بايدن. فقد أدرجت واشنطن الاثنين، أكثر من 30 شركة صينية في القائمة السوداء، لبيعها التكنولوجيا الأميركية للجيش الصيني، بعدما حظرت واشنطن بالفعل بيع أشباه الموصلات الأميركية المتقدمة إلى الصين، ومن المتوقع أن تضع قيوداً جديدة على الاستثمارات الأميركية فيها.

في المقابل، تُتهم الصين بأنها ترسل رسائل مختلطة حول بيئة الاستثمار، بعد المداهمات والقيود التي وضعتها على عدد من الشركات الكبرى، الأمر الذي أدى إلى قلق المديرين التنفيذيين الأجانب، من أن العمليات التجارية العادية يمكن اعتبارها غير قانونية.

ورغم ذلك، يصر المسؤولون الصينيون على القول إن البلاد منفتحة مرة أخرى على الأعمال، وإن تسهيل العلاقات مع الولايات المتحدة سيساعد في تحقيق هدف الحكومة المتمثل في «تجارة خارجية واستثمار أجنبي مستقرين».


مقالات ذات صلة

تنديد أميركي - ياباني بتحركات بكين في بحر الصين الجنوبي

الولايات المتحدة​ وزيرا الدفاع والخارجية الأميركيان يلتقيان نظيريهما اليابانيين في طوكيو اليوم (أ.ب)

تنديد أميركي - ياباني بتحركات بكين في بحر الصين الجنوبي

يواصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم (الأحد) في اليابان جولة آسيوية ماراثونية تهدف إلى تعزيز تحالفات بلاده وشراكاتها في مواجهة الصين.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

الصين تدافع عن «الإفراط في التصنيع»

قال نائب وزير مالية الصين، إن القدرات الصناعية لبلاده تساعد العالم في مكافحة التغير المناخي، وفي جهود احتواء التضخم، في رد على انتقاد وزيرة الخزانة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (رويترز)

ميلوني تصل إلى الصين في زيارة رسمية

أعلنت وسيلة إعلام رسمية صينية أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني وصلت، بعد ظهر اليوم (السبت)، إلى الصين، في زيارة رسمية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى جانب لنظيره الصيني وانغ يي في لاوس (أ.ب)

إشادة أميركية بمحادثات «صريحة وبناءة» مع الصين

أشادت الولايات المتحدة بالمحادثات «الصريحة والمثمرة» بين وزير خارجيتها أنتوني بلينكن ونظيره الصيني وانغ يي في لاوس اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال مراسم وضع الأزهار على ضريح ضحايا الحرب الكورية (د.ب.أ)

كيم جونغ أون: العلاقات «الودية» مع الصين يجب أن تمضي قدماً «بقوة»

أعلن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون أن العلاقات «الودية» مع الصين ستمضي قدماً «بقوة»، وذلك في أثناء زيارته نصباً تذكارياً يرمز إلى العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (بيونغ يانغ)

حريق كاليفورنيا قد يصبح الأضخم في تاريخ الولاية

الحريق التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت (أ.ف.ب)
الحريق التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت (أ.ف.ب)
TT

حريق كاليفورنيا قد يصبح الأضخم في تاريخ الولاية

الحريق التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت (أ.ف.ب)
الحريق التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات الأميركية أنّ الحريق المستعر شمال كاليفورنيا منذ 3 أيام أصبح أحد أكبر الحرائق المسجّلة على الإطلاق في تاريخ هذه الولاية الواقعة غرب الولايات المتحدة.

يعد هذا الحريق سابع أكبر حريق في تاريخ هذه الولاية (رويترز)

وقالت وكالة «كال فاير» التابعة للولاية إنّ حريق «بارك فاير» - أشد حرائق الغابات التي تضرب كاليفورنيا هذا الصيف - التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت، ليصبح بذلك سابع أكبر حريق في تاريخ هذه الولاية.

والحريق الذي أجبر أكثر من 4000 شخص على إخلاء منازلهم اندلع في منطقة ريفية وجبلية بالقرب من بلدة تشيكو الصغيرة، على بُعد نحو 145 كيلومتراً شمال سكرامنتو، عاصمة الولاية.

في عام 2018 دُمر أكثر من 18 ألف مبنى وقتل 85 شخصاً في بلدة بارادايس القريبة عندما حاصر حريق كامب الآلاف من الناس وأصبح أعنف وأكثر الحرائق تدميراً في تاريخ كاليفورنيا (رويترز)

وأضافت الوكالة أنّ «الظروف القاسية لهذا الحريق لا تزال تمثّل تحدّياً لعناصر الإطفاء. في الوقت الحالي، لم تتمّ السيطرة عليه سوى بنسبة 0 في المائة فقط»، على الرغم من جهود نحو 2500 شخص وأكثر من 10 مروحيات وعدد من الطائرات، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويتمدّد الحريق بسرعة رجل يمشي، في منطقة ريفية تقع على بعد 3 ساعات بالسيارة شمال شرقي سان فرنسيسكو.

أدت الرياح القوية والنباتات الجافة إلى تأجيج الحريق الذي انفجر على مساحة 70 ألف فدان في أول 24 ساعة بعد أن دفع رجل سيارة مشتعلة في وادٍ لإشعال الحريق عمداً (أ.ف.ب)

وأعلن حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم مساء الجمعة، حالة الطوارئ في مقاطعتين مهددتين بالحرائق، بهدف تسريع إجراءات السلطات.

وتقع بلدة تشيكو على بعد نحو 20 كلم إلى الغرب من بلدة بارادايس التي دمّرها في عام 2018 حريق غابات قضى فيه 85 شخصاً، وكان الحريق الأكثر حصداً للأرواح في تاريخ كاليفورنيا. والمنطقة حالياً في حالة تأهب ويستعد سكانها لأي احتمال.