بلينكن: «السلام الحقيقي» هو أن تكون أوكرانيا أقوى

شدّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم (الجمعة) على ضرورة تعزيز قوة أوكرانيا قبل أي اتفاق سلام مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ظل تزايد الدعوات للتفاوض، محذراً من الأوهام ومن السلام الزائف المتمثل بوقف محتمل لإطلاق النار.

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قال بلينكن في خطاب في فنلندا التي سارعت إلى الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، إن «العدوان الذي يشنه بوتين على أوكرانيا فشل استراتيجي، إذ قلل بشكل كبير من القوة العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية لروسيا وتأثيرها لسنوات مقبلة».

وأضاف في كلمة ألقاها في مبنى بلدية هلسنكي وخلفه أعلام أميركية: «عند النظر إلى أهداف الرئيس بوتين الاستراتيجية البعيدة المدى، لا شك أن روسيا اليوم أسوأ بكثير مما كانت عليه قبل الغزو الواسع».

وتابع: «كشف بوتين عن ضعف حين أراد إظهار القوة. وأثار وحدة حين أراد التفريق».

في وقت سابق هذا الأسبوع، زار بلينكن السويد للتعبير عن دعمه لمحاولة ستوكهولم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، التحالف الغربي الذي قال بوتين إن احتضانه المحتمل لأوكرانيا هو سبب الحرب التي أودت بعشرات الآلاف حتى الآن.

ألقى بلينكن خطابه على أمل التعبير عن موقف أميركي حازم، متوقعاً تزايد الدعوات لوقف إطلاق النار أو التوصل إلى اتفاق سلام بعد أن تشن القوات الأوكرانية هجوماً مضاداً.

وقال بلينكن: «نظرا إلى عدم وجود أي أوهام لدينا حيال تطلعات بوتين، نعتقد أن الشرط لأي دبلوماسية ذات معنى وأي سلام حقيقي هو أوكرانيا أقوى، قادرة على الردع والدفاع في مواجهة أي عدوان مستقبلي».

وأضاف: «إن الاستثمار في قوة أوكرانيا لا يحصل على حساب الدبلوماسية، بل يمهّد الطريق لها».

وعد أن أي وقف لإطلاق النار يحافظ على مكاسب روسيا سيكون أشبه بسلام وهمي.

«جيش المستقبل»

يُرجّح أن يتزايد الضغط للتوسط في إنهاء الحرب مع الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية العام المقبل، خصوصاً بعدما ندد الرئيس السابق دونالد ترمب بتوفير الرئيس الحالي جو بايدن أسلحة لأوكرانيا متوقعا أن تنتصر روسيا.

تعكس زيارة بلينكن لهلسنكي تدهور العلاقات الأميركية الروسية خلال خمسة أعوام.

في العام 2018، سافر ترمب إلى العاصمة الفنلندية للقاء بوتين، ما أثار حينها انتقادات واسعة لترمب الذي لم يتساءل حول صحة نفي بوتين لتدخله بالانتخابات الأميركية في العام 2016.

أمّا اليوم فهناك احتمال ضئيل أن يزور بوتين أي دولة من دول الاتحاد الأوروبي أو أن يلتقي الرئيس الأميركي. ووصف بلينكن بوتين بعبارات قاسية، قائلًا إنه يرسل الروس إلى الجبهة ليموتوا «في مفرمة لحم من صنعه».

وتابع: «لطالما قال الكرملين إنه يملك ثاني أقوى جيش في العالم، وكثيرون صدقوا ذلك. اليوم يرى كثيرون الجيش الروسي ثاني أقوى جيش في أوكرانيا»، وسط ضحكات الحضور.

وسخر ممن قالوا إن السلام يعني «التوقف عن دعم أوكرانيا» أو «خفض كييف لخسائرها وتخليها عن خمس أراضيها التي تحتلها روسيا بشكل غير قانوني».

تعهّد بلينكن في المقابل مواصلة بناء «جيش المستقبل» لأوكرانيا التي تلقت نحو 50 مليار دولار من المساعدات الأميركية منذ بدء الحرب، مع سماح الولايات المتحدة مؤخراً بإرسال مقاتلات إف-16.

ولفت بلينكن إلى أن علاقة روسيا بالصين أصبحت «أحادية الجانب» أكثر فأكثر، مشيراً إلى أن الحرب في أوكرانيا عززت تصميم الولايات المتحدة ضد «التهديدات الصينية المحتملة» التي لا تستبعد استخدام القوة للسيطرة على تايوان المتمتعة بحكم ذاتي.

وقال بلينكن إن الولايات المتحدة «ترحب بأي مبادرة تساعد في جلب الرئيس بوتين إلى طاولة المفاوضات للانخراط في دبلوماسية ذات معنى»، ولكن فقط إذا كانت تضمن وحدة أراضي أوكرانيا.

وأضاف: «سندعم الجهود - أكانت من البرازيل أو الصين أو أي دولة أخرى - إذا كانت تساعد في إيجاد حلّ نحو سلام عادل ودائم يتفق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة».