​واشنطن ترفض تشديد الضغوط على روسيا في قمة «السبع»

قادة المجموعة يفشلون في التوصل إلى اتفاقات مشتركة طموحة بعد مغادرة ترمب

قادة «مجموعة السبع» مع رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبي في منتجع كاناناسكيس الجبلي بولاية ألبيرتا الكندية يوم 16 يونيو (رويترز)
قادة «مجموعة السبع» مع رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبي في منتجع كاناناسكيس الجبلي بولاية ألبيرتا الكندية يوم 16 يونيو (رويترز)
TT

​واشنطن ترفض تشديد الضغوط على روسيا في قمة «السبع»

قادة «مجموعة السبع» مع رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبي في منتجع كاناناسكيس الجبلي بولاية ألبيرتا الكندية يوم 16 يونيو (رويترز)
قادة «مجموعة السبع» مع رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبي في منتجع كاناناسكيس الجبلي بولاية ألبيرتا الكندية يوم 16 يونيو (رويترز)

على الرغم من التوصل إلى توافق في بعض القضايا، فإن قمة «مجموعة السبع» في كندا، التي كان من المفترض أن تظهر وحدة الموقف بشأن القضايا العالمية الكبرى، لم تصدر أي بيان مشترك بشأن الصراع في أوكرانيا. وتوافقت بقية دول المجموعة على بيان «قوي اللهجة»، إلا أن صدور بيان مشترك يتطلب موافقة كل الدول الأعضاء. وعزت الولايات المتحدة موقفها المخالف لسعيها إلى الاحتفاظ بقدرتها على التفاوض.

قادة «مجموعة السبع» مع رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبي في منتجع كاناناسكيس الجبلي بولاية ألبيرتا الكندية يوم 16 يونيو (رويترز)

وبعد اختتام القمة أصدر رئيس الوزراء الكندي مارك كارني إفادة رئاسية تلخص المداولات. وقال فيها: «أبدى قادة (مجموعة السبع) دعمهم لجهود الرئيس ترمب لتحقيق سلام عادل ودائم في أوكرانيا». وأضاف: «أقروا بالتزام أوكرانيا بوقف إطلاق نار غير مشروط، واتفقوا على ضرورة أن تحذو روسيا حذوها... قادة (مجموعة السبع) عازمون على استكشاف جميع الخيارات لزيادة الضغط على روسيا، بما في ذلك العقوبات المالية».

وقال كارني في مؤتمر صحافي ختامي: «هناك أمور سيقولها بعضنا، بما في ذلك كندا، تتجاوز ما ورد في إفادة الرئاسة».

وقال مسؤول كندي إن بلده تراجعت عن خططها لإصدار «مجموعة السبع» بياناً قوياً بشأن الحرب في أوكرانيا بعد معارضة الولايات المتحدة في ظل جهودها لتشجيع المفاوضات مع روسيا. وأضاف أن هذا الموقف الأميركي اتضح منذ اليوم الأول للقمة، يوم الاثنين، وأن إصدار بيان مشترك لم يكن مطروحاً بجدية.

وقال مسؤول أوروبي إن القادة أكدوا لترمب عزمهم على اتخاذ إجراءات صارمة ضد روسيا، وبدا ترمب معجباً بذلك رغم أنه لا يؤيد العقوبات من حيث المبدأ. وقال ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين إنهم سمعوا إشارات من ترمب بأنه يريد زيادة الضغط على بوتين، والنظر في مشروع قانون في مجلس الشيوخ الأميركي صاغه السيناتور ليندسي غراهام، لكنه لم يتعهد بأي شيء.

وانضمت أوتاوا إلى لندن في تشديد العقوبات على «أسطول السفن الشبح» الروسي الذي يستخدم للالتفاف على العقوبات الدولية على مبيعاتها النفطية. وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إنّ «هذه العقوبات تضرب بشكل مباشر قلب آلة الحرب الخاصة بـالرئيس بوتين، بهدف خنق قدرته على مواصلة حربه الوحشية في أوكرانيا».

المستشار الألماني فريدريش ميرتس (أ.ف.ب)

وفرضت أستراليا للمرة الأولى عقوبات على «أسطول الشبح» الروسي لناقلات النفط، وفق ما أعلنت الحكومة الأربعاء. وتستهدف العقوبات 60 سفينة مرتبطة بالأسطول الذي يخضع لعقوبات دول شريكة لأستراليا، بما فيها بريطانيا وكندا والاتحاد الأوروبي. وقالت وزارة الخارجية الأسترالية في بيان: «تستخدم روسيا هذه السفن للالتفاف على العقوبات الدولية ودعم حربها (...) ضد أوكرانيا».

ولم يخف الرئيس الأميركي، الاثنين، تشكيكه في احتمال فرض عقوبات جديدة على موسكو. وقال: «العقوبات ليست بهذه السهولة»، مشدداً على أن أي تدابير جديدة ستكون لها «تكلفة هائلة» على الولايات المتحدة أيضاً. وقال المستشار الألماني فريدريش ميرتس: «أعود إلى ألمانيا بتفاؤل حذر بشأن اتخاذ قرارات أيضاً في أميركا خلال الأيام المقبلة لفرض مزيد من العقوبات على روسيا».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصعد على متن الطائرة الرئاسية بمطار كالغاري في كندا عائداً إلى الولايات المتحدة بعدما غادر قمة «مجموعة السبع» مبكراً (أ.ب)

رغم المغادرة المبكرة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، قال مسؤول في البيت الأبيض إن ترمب أوضح أنه عاد إلى الولايات المتحدة لأن من الأفضل عقد اجتماعات عالية المستوى لمجلس الأمن القومي شخصياً، لا عبر الجوال.

وغادر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي القمة وبجعبته مساعدات جديدة من كندا التي تستضيف القمة دعماً لبلاده. وقال رئيس الوزراء الكندي إن أوتاوا ستقدم مساعدات عسكرية جديدة بملياري دولار كندي (1.47 مليار دولار) إلى كييف، بالإضافة إلى فرض عقوبات مالية جديدة.

وقال زيلينسكي في منشور عبر حسابه على «تلغرام» إنه أبلغ قادة المجموعة بأن «الدبلوماسية تمر الآن بأزمة»، وأضاف أنهم بحاجة إلى الاستمرار في مطالبة ترمب «باستخدام نفوذه الحقيقي» لفرض إنهاء الحرب.

ورغم أن كندا من أبرز المدافعين عن أوكرانيا، فإن قدرتها على مساعدة كييف تقل بكثير عن قدرة الولايات المتحدة، أكبر مورد للأسلحة. وكان زيلينسكي قد عبّر عن أمله في التحدث مع ترمب بشأن شراء مزيد من الأسلحة، وكان من المقرر أن يلتقي الرئيس ترمب في منتجع كاناناسكيس في جبال روكي الكندية، لكن الاجتماع ألغي. وكانت الولايات المتحدة قد وقعت سابقاً اتفاقاً يتيح لها الوصول إلى الموارد المعدنية الضخمة في أوكرانيا.

لقاء بين مارك كارني وكير ستارمر في أوتاوا قبل ساعات من قمة «السبع» 15 يونيو (د.ب.أ)

وحضر الجلسات الختامية للقمة رئيس الوزراء الكندي مارك كارني ونظراؤه من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان، بالإضافة إلى الرئيس زيلينسكي والأمين العام لحلف الناتو مارك روته.

وقال زيلينسكي: «نحن بحاجة إلى دعم من الحلفاء، ولهذا أنا هنا»، مضيفاً: «نحن مستعدون لمفاوضات السلام ووقف إطلاق نار غير مشروط. أعتقد أن هذا أمر بالغ الأهمية. ولكن لتحقيق ذلك، نحتاج إلى ضغوط».

وقال ترمب، يوم الاثنين، إن «مجموعة الثماني» آنذاك أخطأت في طرد روسيا بعد أن أمر بوتين باحتلال شبه جزيرة القرم في 2014. ووصف الكرملين المجموعة بأنها «عديمة الفائدة»، مضيفاً أن ترمب محق، وأن «مجموعة السبع» لم تعد ذات أهمية لروسيا، وأنها تبدو «عديمة الفائدة إلى حد ما».

غير أنّ تصريحات الرئيس الأميركي في طريق عودته إلى واشنطن، أثارت استياء، إذ لم يتردد في توجيه انتقادات لاذعة إلى قادة «مجموعة السبع»، رغم أنّ الحوارات أثناء القمة كانت ودية.

وأعرب عن أسفه لأنّ الأوروبيين «لا يقترحون اتفاقاً عادلاً في الوقت الحالي» لتخفيف حدة الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.

وقال: «إما أن نجد صفقة جيدة، وإما أنهم سيدفعون أي مبلغ نقول لهم أن يدفعوه».

وفي مؤشر إلى الانقسامات داخل «مجموعة السبع»، حمل ترمب بقوة على نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، آخذا عليه تقديمه بطريقة «خاطئة» سبب مغادرته القمة بقوله إنه فعل ذلك للعمل على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران.

British Prime Minister Keir Starmer look on as he attends media interviews during the G7 summit in Kananaskis, Alberta, Canada, June 17, 2025. (Reuters)

وكتب ترمب عبر منصته «تروث سوشيال»: «الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المحب للدعاية الشخصية، قال خطأ إنني غادرت قمة (مجموعة السبع) في كندا لأعود إلى واشنطن للعمل على وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران». وأضاف: «هذا خطأ! ليس لديه أي فكرة عن سبب عودتي إلى واشنطن، لكن بالتأكيد لا علاقة له بوقف إطلاق النار. بل أكبر من ذلك بكثير. إيمانويل يخطئ الفهم دائماً. تابعوني!».

وقال ماكرون لبعض الصحافيين على هامش القمة إن «اقتراحاً قُدم» من جانب الأميركيين «لحصول لقاء... مع الإيرانيين»، مضيفاً: «إذا نجحت الولايات المتحدة في الحصول على وقف لإطلاق النار فسوف يكون هذا جيداً».

وكان كثير من القادة يأملون في التفاوض على صفقات تجارية مع ترمب، لكن الاتفاق الوحيد الذي تم توقيعه كان إتمام الاتفاق الأميركي البريطاني الذي تم الإعلان عنه الشهر الماضي. وظل وزير الخزانة سكوت بيسنت حاضراً في القمة بعد مغادرة ترمب.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث في ألبرتا بكندا (أ.ف.ب)

وكان قد وجه كارني أيضاً دعوات حضور لدول غير أعضاء في «مجموعة السبع»، وهي المكسيك والهند وأستراليا وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية والبرازيل، في إطار سعيه إلى تعزيز التحالفات في دول أخرى وتنويع صادرات كندا بعيداً عن الولايات المتحدة. واستقبل كارني بحفاوة نظيره الهندي ناريندرا مودي، يوم الثلاثاء، بعد عامين من توتر العلاقات بين كندا والهند.

من جانب آخر، ذكرت السلطات الأوكرانية، الأربعاء، أن حصيلة القتلى بسبب الهجمات الصاروخية الروسية على العاصمة الأوكرانية كييف ارتفعت إلى 22 شخصاً. وقالت هيئة الدفاع المدني الأوكرانية إنه تم انتشال ست جثث أخرى من تحت أنقاض مبنى سكني مكون من تسعة طوابق، تم تدميره بشكل جزئي، مما رفع حصيلة القتلى بسبب الغارة الذي وقعت الثلاثاء على هذا المبنى وحده إلى 17 شخصاً.

وبشكل إجمالي، قتل 22 شخصاً وأصيب 134 في جميع أنحاء العاصمة، طبقاً لما ذكرته السلطات. وجهود الإنقاذ لا تزال جارية.

وأعلن الجيش الروسي الأربعاء عن الاستيلاء على بلدة جديدة في منطقة سومي بشمال شرقي أوكرانيا، حيث كثّفت موسكو عملياتها في الأسابيع الأخيرة. وبعد استعادة كورسك في فترة سابقة من هذا العام، أمر فلاديمير بوتين الجيش بالتقدّم مجدّداً عبر الحدود للتصدّي للقوّات الأوكرانية. وسومي ليست ضمن المناطق الأوكرانية الخمس التي أعلنت روسيا عن ضمّها رسمياً إلى أراضيها. وقالت وزارة الدفاع الروسي الأربعاء إن قوّاته استولت أيضاً على بلدة دوفنكه في منطقة خاركيف.

وسترسل كوريا الشمالية عسكريين وخبراء متفجرات للمساعدة في إعادة إعمار منطقة كورسك غرب روسيا، على ما ذكرت وكالات أنباء روسية نقلا عن رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، الثلاثاء، خلال زيارة لبيونغ يانغ. وأجرى رئيس مجلس الأمن القومي الروسي سيرغي شويغو محادثات مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون للمرة الثانية في أقل من أسبوعين.

وأصبحت كوريا الشمالية ضمن حلفاء روسيا الرئيسيين خلال حرب أوكرانيا المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات. وأرسلت آلاف الجنود لمساعدة الكرملين على إخراج القوات الأوكرانية من كورسك.

والآن سترسل بيونغ يانغ مزيداً من العسكريين ذوي الاختصاص للمساعدة في جهود إعادة البناء. ونقلت وكالة «تاس» عن شويغو قوله إنه «تم التوصل إلى اتفاق بشأن مواصلة التعاون البنّاء».

وسترسل كوريا الشمالية «فرقة بنائين، ولواءين عسكريين - 5000 عنصر»، بالإضافة إلى 1000 متخصص في إزالة الألغام إلى منطقة كورسك. ونُقل عنه أيضاً قوله إن «هذا شكل من أشكال المساعدة الأخوية من الشعب الكوري والزعيم كيم جونغ أون لبلدنا».


مقالات ذات صلة

بعد تهديدات ترمب... لافروف: قادرون على التغلب على العقوبات المحتملة

أوروبا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (إ.ب.أ)

بعد تهديدات ترمب... لافروف: قادرون على التغلب على العقوبات المحتملة

علَّق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على تهديد أميركا بعقوبات على روسيا بالقول، إنه لا يعتقد أن شركاء روسيا سيرضون بخسارة استقلالهم التجاري والاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين (رويترز) play-circle

هل ينفِّذ ترمب تهديده لروسيا بالفعل؟

تعكس خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجديدة لإرسال أسلحة إلى أوكرانيا، وتهديده المتزامن بفرض عقوبات قاسية على روسيا، تحولاً جذرياً في موقفه من الحرب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يمسك بيد السيدة الأولى ميلانيا (د.ب.أ) play-circle

ترمب يكشف عن دور زوجته ميلانيا في تغيير طريقة تعامله مع بوتين

كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن الدور الذي لعبته زوجته ميلانيا في إقناعه بتغيير طريقة تعامله مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب) play-circle

الكرملين: تصريحات ترمب بشأن روسيا وبوتين خطيرة

قالت الرئاسة الروسية، الثلاثاء، إنها تحتاج إلى وقت للرد على المهلة «الخطرة» التي منحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لموسكو لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle

ترمب سأل زيلينسكي عن قدرة أوكرانيا على ضرب موسكو خلال محادثة سرية

قالت صحيفة «فاينانشال تايمز» إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب شجع أوكرانيا في محادثات سرِّية على تكثيف ضرباتها العميقة على الأراضي الروسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أعلى محكمة في ألمانيا ترفض طعناً على استخدام المسيرات الأميركية عبر رامشتاين

أعضاء مجلس الشيوخ الثاني للمحكمة الدستورية الاتحادية يعلنون الحكم بشأن مهام الطائرات من دون طيار الأميركية عبر رامشتاين (أ.ب)
أعضاء مجلس الشيوخ الثاني للمحكمة الدستورية الاتحادية يعلنون الحكم بشأن مهام الطائرات من دون طيار الأميركية عبر رامشتاين (أ.ب)
TT

أعلى محكمة في ألمانيا ترفض طعناً على استخدام المسيرات الأميركية عبر رامشتاين

أعضاء مجلس الشيوخ الثاني للمحكمة الدستورية الاتحادية يعلنون الحكم بشأن مهام الطائرات من دون طيار الأميركية عبر رامشتاين (أ.ب)
أعضاء مجلس الشيوخ الثاني للمحكمة الدستورية الاتحادية يعلنون الحكم بشأن مهام الطائرات من دون طيار الأميركية عبر رامشتاين (أ.ب)

قضت المحكمة الدستورية الألمانية اليوم (الثلاثاء) بأن برلين لا تنتهك القانون الدولي بسماحها للولايات المتحدة باستخدام قاعدة عسكرية على الأراضي الألمانية لشن ضربات بطائرات مسيرة.

جاء قرار المحكمة رداً على دعوى دستورية قدمها مواطنون يمنيون فقدوا أقارب لهم جراء غارة أميركية بطائرات مسيرة في 2012.

وكانت القضية تبحث فيما إذا كانت ألمانيا تتحمل مسؤولية ضمان أن استخدام محطة إعادة بث الإشارات لإرسال بيانات أقمار اصطناعية إلى طائرات مسيرة في قاعدة رامشتاين الجوية لا ينتهك القانون الدولي، وفق وكالة (رويترز) للأنباء.

وقضت المحكمة بأنه وإن كانت من واجبات ألمانيا العامة حماية حقوق الإنسان الأساسية حتى للأجانب في الخارج، فإن الشروط التي تستدعي هذا الواجب لم تتوافر.

وقالت المحكمة إن وجهة نظر برلين بأن تفسير الولايات المتحدة للقانون الدولي مقبول من حيث المبدأ تندرج ضمن نطاق السلطة التقديرية الممنوحة لها في السياسة الخارجية والأمنية.

والمسيرات لا تقلع من قاعدة رامشتاين الأميركية في ألمانيا ولا توجه منها. إلا أن الإشارات تنقل عبر الكابل من الولايات المتحدة إلى رامشتاين ومنها عبر محطة بث بالأقمار الاصطناعية.

كانت الحكومة الألمانية قد زعمت أن قدرة ألمانيا على المشاركة في التحالفات العسكرية ستتعرض للخطر إذا اضطرت لضمان توافق عمليات تنفذها جيوش أجنبية في الخارج مع فهم ألمانيا للقانون الدولي لمجرد أن لهذه الجيوش قاعدة على الأراضي الألمانية.

الولايات المتحدة وألمانيا من أعضاء حلف شمال الأطلسي، وتحتفظ واشنطن بقاعدة عسكرية في رامشتاين منذ 1948.

وكان مقدما الشكوى شددا خصوصاً على «انتهاك الحق بالحياة والسلامة الجسدية» على ما أفادت المحكمة الدستورية وهي أعلى سلطة قضائية في ألمانيا خلال النظر في الشكوى في ديسمبر (كانون الأول) 2024.

مسلسل قضائي طويل

وعرفت القضية مساراً قضائياً طويلاً قبل الوصول إلى المحكمة الدستورية. وتعود الشكوى إلى العام 2014 عندما كانت أنجيلا ميركل مستشارة لألمانيا. وكانت واشنطن يومها تشن بانتظام هجمات بمسيّرات على اليمن لمحاربة تنظيم «القاعدة» خصوصاً. ويومها لم تدعم المحكمة ومقرها في مونستر في غرب ألمانيا موقف مقدمي الشكوى، إلا أنها طلبت من الحكومة «اتخاذ الإجراءات المناسبة» للتحقق من أن الولايات المتحدة تحترم القانون الدولي خلال هذه المهمات التي يجب أن تجنب المدنيين أي ضرر. واستأنفت السلطات الألمانية الحكم أمام محكمة لايبزيغ الفدرالية في شرق ألمانيا التي رفضت طلب مقدمي الشكوى في 2020. ورأت المحكمة أن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها برلين كافية لضمان احترام واشنطن للقانون الدولي. عندها، لجأ مقدما الشكوى المدعومان من المركز الأوروبي للحقوق الإنسانية والدستورية إلى المحكمة الدستورية. وتعتبر الحكومة أن الشكوى تذهب بعيداً جداً. وقال سكرتير الدولة للشؤون البرلمانية في وزارة الدفاع خلال جلسة المحكمة «لو كان على برلين التدخل لدى حلفاء لها بسبب تصرفاتهم في الخارج، فسيؤثر ذلك بشكل مستدام على قدرة ألمانيا على إقامة تحالفات»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال المركز الأوروبي للحقوق الإنسانية والدستورية الداعم للشكوى إن الولايات المتحدة «تحظى بدعم حكومات أوروبية عدة» من بينها برلين، مع أن هذه الهجمات «غالباً ما تنتهك القانون الدولي»، مشيراً إلى أن هذه الحكومات «تكيل بمكيالين على صعيد حقوق الإنسان». وأضاف المركز أنه فيما الدول المتطورة «تدين وفي بعض الحالات تقوم بملاحقات بشأن جرائم» ترتكبها دول أقل قرباً منها، إلا أن «حماستها محدودة» عندما يتعلق الأمر بجرائم يرتكبها «مسؤولون سياسيون وعسكريون، أو شركات غربية».