تبادلت روسيا وأوكرانيا، الأحد، الاتهامات بخرق هدنة عيد الفصح قصيرة الأمد، التي أعلنها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قبل يوم، ووافق عليها نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وبالإضافة إلى الخروقات، لا يُتوقّع أن تستمر الهدنة؛ إذ نقلت وكالة «تاس» عن المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، قوله إن الرئيس الروسي لم يصدر أمراً بتمديد وقف إطلاق النار في أوكرانيا، الذي تنتهي مهلته عند منتصف ليل الأحد - الاثنين بالتوقيت المحلي.
وتُظهر الاتهامات المتبادلة صعوبة فرض وقف لإطلاق النار، ولو 30 ساعة فقط، في القتال المستمر منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا قبل أكثر من 3 سنوات.
خروقات على الجبهة الشرقية
في روسيا، أفادت وزارة الدفاع بـ«محاولات أوكرانية فاشلة لمهاجمة مواقع روسية» في منطقتَي سوخايا بالكا وبوغاتير بجمهورية دونيتسك الشعبية، في إشارة إلى قرى تقع في الجزء الخاضع لسيطرة روسيا من منطقة دونيتسك الشرقية، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأعلنت موسكو أن كييف هاجمت أيضاً مناطق بريانسك وكورسك وبيلغورود الحدودية الروسية، مشيرة إلى «سقوط قتلى وجرحى من المدنيين». وأكدت موسكو أن القوات الأوكرانية «قصفت مواقع قواتنا 444 مرة، ونفذت 900 غارة بطائرات مسيّرة» ليل السبت - الأحد.
من الجانب الأوكراني، قال زيلينسكي إن روسيا نفّذت هجمات في قطاعي بوكروفسك وسيفيرسك على الجبهة الشرقية، متهماً الجيش الروسي «بمواصلة استخدام الأسلحة الثقيلة». وأشار إلى أن الجيش الروسي نفّذ 46 هجوماً و901 عملية قصف منذ سريان الهدنة. واقترح الرئيس الأوكراني مجدداً إرساء «وقف إطلاق نار كامل وغير مشروط وعادل، يمكن أن يستمر 30 يوماً على الأقل». ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مراسلها في كراماتورسك، بالقرب من خط المواجهة في شرق أوكرانيا، سماع دوي انفجارات الأحد، لكن الجبهة بدت أكثر هدوءاً، ولم يلاحظ دخان في الأفق. فيما قال قائد وحدة طائرات مسيّرة أوكرانية، طالباً عدم الكشف عن هويته، إن «نشاط العدو تقلص بشكل كبير في مناطق زابوريجيا (جنوب) وخاركيف (شمالي شرق) التي ينشط فيها بشكل دائم»، مشيراً إلى «حوادث معزولة». وقال سيرغي، وهو ضابط أوكراني في منطقة سومي شمال شرقي البلاد، إن الهدوء ساد ليل السبت - الأحد وفي الصباح مقارنة مع ما كان يحدث عادة، مشيراً إلى عدم وقوع «قصف مدفعي» روسي.
«انطباع خاطئ»
وكتب زيلينسكي، نقلاً عن تقرير من قائد الجيش أوليكسندر سيرسكي: «في المجمل، في صباح عيد الفصح، يمكننا التأكيد أن الجيش الروسي يحاول خلق انطباع عام بوقف إطلاق النار، مع تنفيذه محاولات معزولة في بعض المناطق للتقدم وإلحاق الخسائر بأوكرانيا».
وكان بوتين أعلن، السبت، عن الهدنة قصيرة الأمد بمناسبة عيد الفصح، ووافق زيلينسكي على المقترح. لكن كلاً من الرئيسين أمر قواته بالرد على أي انتهاك للهدنة.
ويأتي وقف إطلاق النار قصير الأمد في حين يمارس الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، ضغوطاً على كل من موسكو وكييف للقبول بهدنة، لكنه لم ينجح بعد في انتزاع تنازلات من الكرملين. وقال ترمب، الجمعة، إن الولايات المتحدة ستُركّز على أولويات أخرى إذا لم يُتوصل «قريباً» إلى اتفاق لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
شكوك أوكرانية... وروسية
وفي شوارع كييف، الأحد، أعرب أوكرانيون عن شكوكهم في التزام موسكو بالهدنة، ورحبوا باقتراح تمديدها. ورأت أولغا غراتشوفا (38 عاماً)، التي تدير متجراً في السوق: «لقد نكثوا وعدهم بالفعل. للأسف، لا يمكننا الوثوق بروسيا اليوم»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».
من جهته، قال سيرغي كلوتشكو (30 عاماً)، وهو عامل في السكك الحديدية: «فليفعلوا ذلك (...) حتى تنتهي هذه الحرب المروعة، ويتوقف موت شعبنا وجنودنا وأطفالنا».
أما في شوارع موسكو، فرأت المتقاعدة سفيتلانا (61 عاماً) أن هدنة عيد الفصح «لن تحقق شيئاً؛ لأن أوكرانيا لن تحترم هذه الاتفاقيات على أي حال»، عادّةً أنها «نصف إجراء». وأعربت ماريا غورانينا (85 عاماً) عن أملها في «سلام دائم»، لكنها تخشى أن «تشن أوكرانيا هجوماً مرة أخرى».
ومنذ بدء الحرب في أوكرانيا، جرت محاولتان سابقتان لإرساء هدنة؛ خلال عيد الفصح في أبريل (نيسان) 2022، ويناير (كانون الثاني) 2023، لكنهما فشلتا بسبب رفض موسكو في أول مرة، وكييف في ثاني مرة.
وتأتي هذه الهدنة في وقت أكّدت فيه روسيا استعادة السيطرة على نحو 99.5 في المائة من الأراضي التي احتلها الأوكرانيون في منطقة كورسك الروسية منذ صيف عام 2024. ومن شأن هذا التقدم أن ينقل الجبهة بأكملها مرة أخرى إلى الأراضي الأوكرانية.