لافروف يلوح باستخدام أي وسيلة في الحرب لإحباط «هزيمة استراتيجية» لروسيا

زيلينسكي: ضمانات موسكو الأمنية السابقة كانت فاشلة وأوكرانيا بحاجة إلى تحالف حقيقي

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال حضور اجتماع وزاري في مالطا يوم الخميس (أ.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال حضور اجتماع وزاري في مالطا يوم الخميس (أ.ب)
TT

لافروف يلوح باستخدام أي وسيلة في الحرب لإحباط «هزيمة استراتيجية» لروسيا

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال حضور اجتماع وزاري في مالطا يوم الخميس (أ.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال حضور اجتماع وزاري في مالطا يوم الخميس (أ.ب)

لوحت موسكو باستخدام أي وسيلة ممكنة في الحرب الدائرة في أوكرانيا هدفها إلحاق «هزيمة استراتيجية» لروسيا؛ إذ هدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن إطلاق روسيا صاروخاً فرط صوتي على أوكرانيا كان يهدف إلى جعل الغرب يدرك نيات موسكو للحفظ على أمنها القومي.

وقال لافروف للصحافي الأميركي المثير للجدل تاكر كارلسون في مقابلة نُشرت، الخميس، إن موسكو سوف تستخدم كل ما لديها من أسلحة بعيدة المدى لدرء الهزيمة في الحرب ضد أوكرانيا، مضيفاً باللغة الإنجليزية في المقابلة التي نُشرت على منصات التواصل الاجتماعي، وبينها «إكس» و«يوتيوب»: «على الولايات المتحدة وحلفائها الذين يزودون النظام في كييف بأسلحة بعيدة المدى أن يفهموا أن روسيا ستكون مستعدة لاستخدام أي وسيلة لعدم السماح لهم بالنجاح فيما يسمونه الهزيمة الاستراتيجية لروسيا».

وقال: «إنهم يقاتلون من أجل الحفاظ على الهيمنة على العالم، في أي بلد وفي أي منطقة وفي أي قارة. أما نحن فنقاتل من أجل مصالحنا الأمنية المشروعة».

لافروف مع الصحافي الأميركي تاكر كارلسون (إ.ب.أ)

وأطلقت روسيا صاروخ «أوريشنيك» فرط الصوتي على مدينة دنيبرو الأوكرانية، الشهر الماضي، فيما وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه اختبار لصاروخ قال إنه لا يمكن إسقاطه. كما أعلن بوتين أن روسيا قد تستخدم صواريخ أخرى من هذا النوع وفقاً «للظروف القتالية» إذا لزم الأمر.

وقال لافروف في المقابلة إن الغرب رفض مناقشة دعم الضمانات الأمنية لروسيا في الأسابيع والأشهر التي سبقت الغزو الكامل لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، والذي تصفه موسكو بأنه «عملية عسكرية خاصة». ومنذ ذلك الحين، لقي عشرات الآلاف، وربما مئات الآلاف من جنود الجانبين حتفهم. والأرقام غير معروفة على وجه الدقة، حيث لا يريد أي من الجيشين الاعتراف علانية بخسائره. وأضاف خلال المقابلة التي استمرت 80 دقيقة، أن الغرب يجب أن يتخلى عن أي فكرة مفادها أن روسيا ليست لديها «خطوط حمراء» ستمنع أي جانب من تجاوزها دفاعاً عن مصالحها. ونفى وزير الخارجية الروسي أن تكون بلاده بدأت الحرب.

ولا تلوح نهاية للحرب في الأفق، وليس من الواضح كيف سيتعامل الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مع الصراع عقب توليه مقاليد منصبه في 20 يناير (كانون الثاني)، رغم أنه أشار مراراً وتكراراً إلى أنه سيخفض الدعم الأميركي لأوكرانيا.

وميدانياً، قال مراقبون عسكريون في كييف إن القوات الروسية أحرزت مزيداً من التقدم على الأرض في أوكرانيا، وأفادوا، الجمعة، بأن الروس تقدموا أكثر في مدينة كوراخوف شرق أوكرانيا.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ب)


وفي بداية الأسبوع، كانت هناك تقارير مستمرة من المراقبين العسكريين بأن نصف المدينة بالفعل سقط في أيدي الروس. وأفادت تقارير أيضاً بأن الروس احتلوا قرى عدة في شمال المدينة. وإذا تأكدت هذه التقارير، فسيضع هذا القوات الروسية خلف قوات الدفاع الأوكرانية، ما يزيد الموقف تعقيداً. ويعتقد أن الروس تكبدوا خسائر فادحة خلال تقدمهم، لكن خطر قوات الدفاع المتبقية يتصاعد الآن.

نقلت وكالة «تاس» الرسمية للأنباء، الجمعة، عن وزارة الدفاع الروسية قولها إن قواتها سيطرت على قريتي بوستينكا وسوخي يالي في شرق أوكرانيا. وأضافت الوزارة أن البحرية الروسية دمرت 6 مسيرات بحرية أوكرانية في البحر الأسود.

بدوره، قال سلاح الجو الأوكراني، الجمعة، إن روسيا أطلقت أكثر من 50 طائرة مسيّرة على أوكرانيا، الليلة الماضية، تم إسقاط 32 منها.

وأضاف في بيان أنه فقد أثر 16 مسيرة أخرى بسبب التشويش الإلكتروني على الأرجح، وأن اثنتين من المسيرات غادرتا المجال الجوي الذي تسيطر عليه أوكرانيا، واتجهتا إلى روسيا البيضاء.

جانب من الدمار الذي خلّفه هجوم جوي روسي على أوديسا في 25 نوفمبر (رويترز)

وزار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بيلاروسيا، الجمعة، لتوقيع معاهدة تقديم ضمانات أمنية لأوثق حليف لموسكو. ويعقب التوقيع المقرر للوثيقة نشر نسخة منقحة من العقيدة النووية الروسية، التي وضعت بيلاروسيا، لأول مرة، تحت المظلة النووية الروسية، في خضم تصاعد حدة التوتر بين موسكو والغرب بسبب الصراع في أوكرانيا.

وشدد بوتين، وهو يتحدث إلى جانب نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية، على أن الوثيقة الجديدة تتضمن استخداماً محتملاً للأسلحة النووية التكتيكية الروسية التي تم نشرها في بيلاروسيا، كرد فعل على عدوان محتمل. وقال بوتين في تصريحات متلفزة: «إنني متأكد أن المعاهدة ستضمن أمن روسيا وبيلاروسيا».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في مينسك (سبوتنيك - رويترز)

كان بوتين وقع، الشهر الماضي، عقيدة نووية منقحة تقضي بأن أي هجوم تقليدي على روسيا من جانب أي دولة، بمشاركة دولة نووية، يعد هجوماً مشتركاً على بلاده. ويعكس توقيع بوتين على العقيدة المنقحة التي تنص على أن أي هجوم جوي ضخم على روسيا يمكن أن يؤدي إلى رد فعل نووي، استعداده للتهديد باستخدام الترسانة النووية الروسية لإجبار القوى الغربية على التراجع.

وفي هذا السياق وفي الذكرى الـ30 لمذكرة بودابست التي صادفت، يوم الخميس، استذكر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «فشل» الاتفاق الأمني، ودعا إلى ضمانات فعالة. وقال زيلينسكي في رسالته المسائية بالفيديو: «يعلم الجميع في العالم أن مجرد توقيع دولة، أو أي تعهدات أو وعود، لا تكفي كضمانات أمنية». وفي عام 1994، تعهدت أوكرانيا، مع كازاخستان وبيلاروسيا، بالتخلي عن أسلحتها النووية لصالح روسيا في بودابست. وفي المقابل، حصلت البلاد على ضمانات أمنية، بما في ذلك من موسكو.

وقال زيلينسكي إن هذه الضمانات الأمنية كانت غير فعالة، في إشارة إلى الغزو الذي شنته روسيا على بلاده. وأضاف أنه من أجل تحقيق سلام حقيقي، فإن أوكرانيا بحاجة إلى ضمانات فعالة، «وهذا يعني تحالفاً حقيقياً وأساساً أمنياً واقعياً في البلاد».


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يشيد بحزمة العقوبات «الأكبر» ضد قطاع النفط الروسي

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

زيلينسكي يشيد بحزمة العقوبات «الأكبر» ضد قطاع النفط الروسي

رحّب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الجمعة، بالعقوبات الأميركية الجديدة على قطاع النفط وأسطول ناقلاته في روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء على هامش «قمة العشرين» باليابان في يناير 2019 (أرشيفية - د.ب.أ)

ترمب يستعد للاجتماع ببوتين لإنهاء «الفوضى الدموية»

يشكّل إعلان ترمب إجراء ترتيب للاجتماع ببوتين، وترحيب الكرملين به، أحدث إشارة إلى نية ترمب إحداث تغيير جوهري في مقاربة واشنطن للحرب الأوكرانية.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا جندي روسي يطلق طائرة مسيرة صغيرة خلال المعارك في أوكرانيا (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

تقرير: روسيا ابتكرت مسيرة «غير قابلة للتشويش» تشبه الهاتف اللعبة

قالت صحيفة «تلغراف» البريطانية إن روسيا ابتكرت طائرة من دون طيار «غير قابلة للتشويش» تشبه الهاتف اللعبة تغير مسار الحرب في أوكرانيا.

أوروبا الرئيس الأوكراني مع وزير الدفاع الأميركي (أ.ب)

زيلينسكي يدعو لإجبار روسيا على السلام

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس، الحلفاء الغربيين لبلاده، إلى إرسال قوات إلى أوكرانيا بغية «إجبار روسيا على السلام»، وذلك وسط مخاوف من تضاؤل

«الشرق الأوسط» (رامشتاين (ألمانيا))
أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أ.ب)

أوستن يطالب حلفاء أوكرانيا بـ«ألّا يضعفوا»

طالب وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الخميس التحالف الدولي الذي يقدّم دعماً عسكرياً لأوكرانيا بـ«ألّا يضعف»، في وقت تخشى فيه كييف من أن تفقد دعم بلاده الأساسي.


ترمب يستعد للاجتماع ببوتين لإنهاء «الفوضى الدموية»

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء على هامش «قمة العشرين» باليابان في يناير 2019 (أرشيفية - د.ب.أ)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء على هامش «قمة العشرين» باليابان في يناير 2019 (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

ترمب يستعد للاجتماع ببوتين لإنهاء «الفوضى الدموية»

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء على هامش «قمة العشرين» باليابان في يناير 2019 (أرشيفية - د.ب.أ)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء على هامش «قمة العشرين» باليابان في يناير 2019 (أرشيفية - د.ب.أ)

يشكل إعلان الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إجراء ترتيب للاجتماع بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وترحيب الكرملين بهذا الاجتماع، أحدث إشارة إلى نية ترمب إحداث تغيير جوهري في مقاربة واشنطن للحرب الأوكرانية. ورغم عدم تحديده جدولاً زمنياً لهذا الاجتماع، لكن دعوته أحيت الأمل في التوصل إلى حل دبلوماسي لإنهاء غزو روسيا لأوكرانيا الذي بدأ في فبراير (شباط) 2022. غير أنها أثارت في الوقت نفسه مخاوف في كييف من أن التوصل إلى اتفاق سلام سريع قد يجعل أوكرانيا تدفع ثمناً باهظاً. وطرح مستشارو ترمب بالفعل، مقترحات لإنهاء الحرب تعني فعلياً التنازل عن أجزاء واسعة من أوكرانيا لصالح روسيا في المستقبل القريب.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

إنهاء الحرب الدموية

وقال ترمب، في تصريحات قبل اجتماع مع حكام الولايات الجمهوريين في مارالاغو ببالم بيتش في ولاية فلوريدا: «إنه (بوتين) يريد عقد اجتماع، ونحن نرتب لذلك». وعلّق على الحرب بين روسيا وأوكرانيا، قائلاً: «الرئيس بوتين يريد أن نلتقي. لقد قال ذلك علناً، ​​وعلينا أن نُنهي تلك الحرب. إنها فوضى دموية».

دونالد ترمب (رويترز)

ويوم الجمعة، أعلن الكرملين أن الرئيس بوتين جاهز للتحاور مع ترمب من دون شروط مسبقة. وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، للصحافيين، إن «الرئيس أعرب مراراً عن انفتاحه على إجراء اتصالات مع قادة العالم، بمن فيهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب»، مثنياً على «استعداد (ترمب) لحل المشكلات من خلال الحوار».

وأضاف بيسكوف: «لا شروط مسبقة، المطلوب هو الرغبة المتبادلة والإرادة السياسية لإجراء حوار وحل المشكلات القائمة من خلال الحوار». وتابع قائلاً: «نرى السيد ترمب يعلن أيضاً استعداده لحل المشكلات عبر الحوار، ونرحب بذلك».

فولوديمير زيلينسكي يطالب بنشر قوات الدول الشريكة في أوكرانيا (أ.ب)

وأوضح بيسكوف أنه لا توجد في الوقت الحالي خطط محددة لعقد اجتماع، لكن روسيا تفترض أن الجانبين منفتحان على الأمر. وقال: «بعد وصول السيد ترمب إلى المكتب البيضاوي، فسيكون هناك بعض الحراك بطبيعة الحال».

وأوضح ترمب أن التفاصيل لا تزال «يجري تحديدها». وطرح مستشارو ترمب مقترحات لإنهاء الحرب، تعني فعلياً التنازل عن أجزاء واسعة من أوكرانيا لصالح روسيا في المستقبل القريب. وقال بيسكوف إن موقف روسيا هو ما حدّده بوتين في يونيو (حزيران) الماضي. وقال الرئيس الروسي، حينها، إن موسكو مستعدة لإنهاء الحرب إذا تخلّت أوكرانيا عن رغبتها في عضوية حلف شمال الأطلسي وانسحبت بالكامل من أربع مناطق تسيطر عليها روسيا جزئياً. ورفضت كييف ذلك وعدّته بمثابة استسلام.

ومنذ بدء الغزو الروسي، تعهّدت الولايات المتحدة بقيادة الرئيس الديمقراطي جو بايدن بتقديم أكثر من 175 مليار دولار من المساعدات لأوكرانيا، أكثر من 60 ملياراً منها في صورة مساعدات أمنية. إلا أنه من غير المؤكد ما إذا كانت المساعدات ستستمر بالوتيرة نفسها في عهد ترمب الذي يقول إنه يريد إنهاء الحرب بسرعة، في وقت تخشى فيه كييف من أن تفقد الدعم الأميركي الأساسي، عند تولّيه السلطة.

ويوم الخميس، أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن حزمة مساعدات لكييف بقيمة 500 مليون دولار، خلال ترؤسه للمرة الأخيرة اجتماع «مجموعة الاتصال» لشركاء أوكرانيا في قاعدة رامشتاين الجوية الأميركية في ألمانيا. وطالب أوستن التحالف الدولي الذي يدعم أوكرانيا بـ«ألّا يضعف». وقال: «لا ينبغي للتحالف الذي يدعم أوكرانيا أن يتراجع. ولا ينبغي له أن يضعف. ولا ينبغي له أن يفشل».

جنديان أوكرانيان في إقليم دونيتسك يتحكمان بمسيّرة أُطلقت باتجاه المواقع الروسية (أ.ف.ب)

دفعة جديدة لأوكرانيا من أصول روسية مجمدة

وصرف الاتحاد الأوروبي دفعة أولى بقيمة 3 مليارات يورو إلى أوكرانيا، في إطار قرض مموّل من الأصول الروسية المجمدة في أوروبا، على ما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الجمعة. وكتبت فون دير لاين على حسابها في موقع «إكس»: «لقد صرفنا اليوم 3 مليارات يورو لأوكرانيا، وهي الدفعة الأولى من الاتحاد الأوروبي بموجب القرض الذي قررته مجموعة السبع». وأكدت فون دير لاين أن هذه الأموال «ستوفّر لأوكرانيا القدرة المالية لمواصلة النضال من أجل حريتها وتحقيق النصر».

جنديان أوكرانيان يشغّلان مسيّرة للتجسس قرب الحدود مع روسيا (أ.ف.ب)

وإثر الغزو الروسي لأوكرانيا، قرّر الاتحاد الأوروبي تجميد الأصول الروسية، الخاصة والمملوكة للبنك المركزي الروسي، في دول الاتحاد الأوروبي، التي يبلغ مجموعها نحو 235 مليار يورو. وهذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها الاتحاد الأوروبي باستخدام الأصول الروسية المجمّدة لتمويل مساعداته لأوكرانيا.

وفي يوليو (تموز) الماضي، دفع لها 1.5 مليار يورو باستخدام الفوائد الناتجة عن هذه الأصول.

ماكرون وترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عند اجتماعهم في قصر الإليزيه خلال 7 ديسمبر 2024 (رويترز)

رسائل مربكة

وعلى الرغم من أنه لم يتحدث كثيراً عن نهجه تجاه حلفاء الولايات المتحدة في آسيا، بخلاف تعهده بفرض تعريفات جمركية على الصين، فإنه تساءل سابقاً ما إذا كان يجب على الولايات المتحدة أن تتدخل للدفاع عن تايوان إذا غزت بكين الجزيرة.

وقالت وكالة «رويترز»، في تقرير لها، إن الرئيس ترمب تعهّد بتعزيز «السلام من خلال القوة»، بما في ذلك تعزيز الجيش الأميركي، ولكنه لم يوضح ما يعنيه ذلك عملياً. لكن بعض العلامات تشير إلى أنه يأمل في إظهار قوة وقدرة دبلوماسية إدارته الجديدة من خلال إبرام «صفقات» لإنهاء أو إدارة الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط، في حين يضغط على أعضاء حلف الناتو الأوروبيين لزيادة إنفاقهم العسكري بسرعة.

وفي هذا السياق، قد تختار روسيا والصين عدم المخاطرة بالحرب الشاملة من خلال مهاجمة تايوان أو إحدى الدول الشرقية في حلف الناتو. ولكن بدلاً من ذلك قد تشعران بالحافز لزيادة الضغط من خلال «الحرب الهجينة» أو «الحروب الرمادية»، بهدف تخويف شركاء أميركا، الذين يعدونهم أضعف أو أكثر عرضة للخطر، دون تجاوز حدود الصراع المفتوح.

زيلينسكي مع وزير الدفاع الألماني (أ.ب)

حروب هجينة

لكن ترمب يبحث عن أمثلة لإثبات قوته وهيمنة الولايات المتحدة، عبر طرحه فكرة استعادة قناة بنما والسيطرة على غرينلاند، وضم كندا. تثير مخاوف من أن مثل هذه الخطوات قد تشجع روسيا والصين على التوسع. وعلى الأقل، سيؤدي ذلك إلى تمزيق القواعد التي شجعت الدول الغربية على اتباعها منذ عام 1945، مما قد يفتح الباب أمام مزيد من الأعمال «الهجينة» أو «في المناطق الرمادية».

وفي العام الأخير من ولاية الرئيس بايدن، كانت هناك زيادة ملحوظة في أعمال التخريب المرتبطة بروسيا وأعمال أخرى قابلة للإنكار، ولكنها عدوانية بلا شك في أوروبا، بالإضافة إلى الاستعراضات العسكرية الصينية تجاه تايوان وحلفاء الولايات المتحدة الإقليميين مثل اليابان والفلبين. واستمرت تلك الأنشطة حتى في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بل ربما ازدادت حدتها.

فولوديمير زيلينسكي مع لويد أوستن (أ.ب)

وفي آخر عامين من ولايته، أشارت إدارة بايدن بشكل متكرر إلى «ردع غزو» صيني لتايوان بوصفه «أولوية استراتيجية» أولى. وفي الأسابيع الأخيرة من ولايته، سرّعت إدارته أيضاً من صفقات الأسلحة لأوكرانيا لمساعدتها على الاستمرار في القتال ضد روسيا، قبل بدء أي مفاوضات بعد تسلّم ترمب السلطة.

وستتجه الأنظار إلى واشنطن لمراقبة الأسابيع والأشهر الأولى من إدارته القادمة، بحثاً عن مؤشرات على أي تغييرات في تلك الديناميكيات. ووضع البنتاغون بالفعل جدولاً لتدريبات كبيرة في كل من أوروبا ومنطقة المحيط الهادئ للنصف الأول من هذا العام، ومن غير المرجح أن يتمّ تعديلها.

لكن يتوقع الكثير من شركاء الولايات المتحدة مزيداً من التصعيد والمواجهة، وهو أحد الأسباب التي جعلت على سبيل المثال فنلندا تتحرّك بسرعة، عندما توقف الكابل البحري الكهربائي الذي يربطها بإستونيا بشكل مفاجئ، اتهمت السفينة الروسية «إيغل إس» بقطعه. وقالت السلطات الفنلندية، آنذاك، إنها تعتقد أن السفينة كانت جزءاً من «أسطول الظل» الروسي، الذي يضم عادة سفناً رديئة الصيانة تُستخدم للتهرب من العقوبات، وأحياناً لتنفيذ عمليات خفية بالنيابة عن الكرملين.

أعلنت وزيرة الخارجية الفنلندية، الجمعة، أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) سيرسل سفينتَيْن لمراقبة البنية التحتية تحت الماء و«أسطول الظل» الروسي في بحر البلطيق.

وأكدت الوزيرة الفنلندية إيلينا فالتونين، الجمعة، خلال مؤتمر صحافي في هلسنكي، أن «الناتو سيرسل سفينتَيْن، ونعمل أيضاً على زيادة أنشطتنا الأخرى ووجودنا في المنطقة». وقالت قوة الاستطلاع المشتركة التي تقودها بريطانيا وتضم وحدات من دول الشمال ودول البلطيق بالإضافة إلى هولندا، الاثنين، إنها ستعزّز أيضاً مراقبتها للبنية التحتية تحت الماء في بحر البلطيق، رداً على الحوادث الأخيرة.

تايوان أكبر نقطة اشتعال

وبينما تستعد بكين بالفعل لتهديدات ترمب المتعلقة بزيادة الرسوم الجمركية، فضلاً عن احتمال وقوع مواجهة أوسع، ستواصل زيادة الضغط، بما في ذلك حوادث الكابلات البحرية، والانتهاكات العسكرية، والهجمات الإلكترونية، فضلاً عن زعزعة الاستقرار السياسي عندما تستطيع. وسجل العام الماضي زيادة كبيرة في الاستعراضات والانتهاكات العسكرية الصينية تجاه اليابان والفلبين وتايوان. ولكن على الرغم من أن أياً من هذه المواجهات قد يؤدي إلى حرب من الناحية النظرية، فإن تايوان تبقى أكبر نقطة اشتعال محتملة.

الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك (أ.ب)

وتشير التقارير إلى أن بكين قد منحت الجنسية الصينية لمئات أو ربما لآلاف أو أكثر من المواطنين التايوانيين الذين «طلبوا ذلك». وتخشى حكومة تايبيه أن تستخدم بكين هذه الخطوة في النهاية لتبرير عملية عسكرية ضد الجزيرة. كما استخدمت روسيا السكان الناطقين بالروسية لتبرير مهاجمة أوكرانيا. ترمب لم يدخل البيت الأبيض بعد، وعندما يصل إلى هناك، قد تتصاعد هذه الاختبارات للقوة بشكل أكبر، أو قد تتلاشى تماماً إذا اعتقد أعداء الولايات المتحدة المحتملون أنها لا تستحق المخاطرة.