أوكرانيا تنفذ أول هجوم بصواريخ «أتاكمز» الأميركية

روسيا تؤكد سقوط 6 منها على بريانسك... ولافروف يقول إن الهجوم يمثل تصعيداً غربياً

TT

أوكرانيا تنفذ أول هجوم بصواريخ «أتاكمز» الأميركية

جنود أوكرانيون يطلقون النار من مدفع «هاوتزر» (إ.ب.أ)
جنود أوكرانيون يطلقون النار من مدفع «هاوتزر» (إ.ب.أ)

أعلن الجيش الروسي أن أوكرانيا أطلقت 6 صواريخ طراز «أتاكمز»، أميركية الصنع، على منطقة بريانسك الروسية خلال الليل.

وفي وقت سابق، ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، أن القوات المسلحة الأوكرانية نفَّذت أول هجوم في منطقة حدودية داخل الأراضي الروسية، باستخدام نظام «أتاكمز» الصاروخي الأميركي، نقلاً عن وكالة «آر بي سي- أوكرانيا» للأنباء.

ورداً على سماح إدارة الرئيس جو بايدن لأوكرانيا باستخدام أسلحة أميركية الصنع لضرب عمق روسيا، أظهرت وثيقة نُشرت على الموقع الإلكتروني للحكومة الروسية، أن الرئيس فلاديمير بوتين وافق، الثلاثاء، على تحديث للعقيدة النووية.

وكان بوتين قد أمر -قبل أسابيع فقط من موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية التي أُجريت هذا الشهر- بإجراء تغييرات على العقيدة النووية، لتنص على أنه من الممكن اعتبار أي هجوم تقليدي على روسيا بمساعدة بلد يمتلك قوة نووية هجوماً مشتركاً على روسيا.

صورة تشرح مكونات نظام «أتاكمز» الصاروخي الأميركي (أ.ب)

«نية التصعيد»

من جهته، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم، إن الهجوم الذي شنته أوكرانيا على منطقة بريانسك الروسية باستخدام صواريخ «أتاكمز» التي زودتها بها الولايات المتحدة، كان إشارة واضحة إلى أن الغرب يريد تصعيد الصراع في أوكرانيا.

وقال لافروف في حديثه في ريو دي جانيرو للصحافيين: «إن حقيقة استخدام (أتاكمز) بشكل متكرر في منطقة بريانسك بين عشية وضحاها، هي بالطبع إشارة إلى أنهم يريدون التصعيد».

وتابع: «من دون الأميركيين، من المستحيل استخدام هذه الصواريخ عالية التقنية، كما قال بوتين مراراً وتكراراً».

وأشار بوتين سابقاً إلى أن الموافقة الغربية على مثل هذه الضربات الأوكرانية تعني «المشاركة المباشرة لدول حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة والدول الأوروبية في الحرب في أوكرانيا».

وأفاد لافروف إنه يأمل أن يتم قراءة العقيدة النووية الجديدة لموسكو باهتمام.

وتُعَد هذه التطورات بمثابة تصعيد جديد مثير للقلق في الصراع. وقد أعرب المسؤولون الأميركيون مؤخراً عن انزعاجهم من نشر روسيا لقوات من كوريا الشمالية، لمساعدتها في محاربة أوكرانيا.

الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمز» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)

لقد أدى مرور ألف يوم على الغزو الروسي لأوكرانيا إلى تضخيم التدقيق في كيفية تطور الحرب وكيف قد تنتهي، وسط علامات على أن نقطة تحول قد تأتي مع دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في غضون شهرين تقريباً. وتعهد ترمب بإنهاء الحرب بسرعة، وانتقد المبلغ الذي أنفقته الولايات المتحدة على دعم أوكرانيا.

ويقول المحللون إن لا روسيا ولا أوكرانيا قادرتان على الصمود في الحرب لفترة طويلة، على الرغم من أن روسيا قادرة على الاستمرار لفترة أطول بسبب مواردها الأكبر.

وتتعرض القوات الأوكرانية لضغوط روسية شديدة في ساحة المعركة، في أماكن على خط المواجهة الذي يبلغ طوله نحو ألف كيلومتر (600 ميل)؛ حيث يعاني جيشها من نقص شديد في القوات.

وأعلنت أوكرانيا اليوم أنها قصفت مستودع أسلحة عسكرياً في مدينة بريانسك الروسية في منتصف الليل، رغم أنها لم تحدد الأسلحة التي استخدمتها. وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن انفجارات وتفجيرات متعددة سُمعت في المنطقة المستهدفة.

وفي بيان نقلته وكالات الأنباء الروسية، قالت وزارة الدفاع الروسية إن الجيش أسقط 5 صواريخ «أتاكمز»، وألحق أضراراً بواحد فقط. وأشارت الوزارة إلى أن الشظايا سقطت على أراضي منشأة عسكرية غير محددة. وأضافت أن الحطام المتساقط أشعل حريقاً؛ لكنه لم يتسبب في أي أضرار أو إصابات.


مقالات ذات صلة

ماكرون يندد بموقف روسيا «التصعيدي» إزاء أوكرانيا ويدعو بوتين «للتعقّل»

أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في ريو دي جانيرو (د.ب.أ)

ماكرون يندد بموقف روسيا «التصعيدي» إزاء أوكرانيا ويدعو بوتين «للتعقّل»

ندّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، بموقف روسيا «التصعيدي» في الحرب في أوكرانيا، داعياً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى «التعقّل».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
الولايات المتحدة​ متطوع أوكراني خلال تدريب عسكري، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، في مكان غير معلن في منطقة كييف، أوكرانيا 9 يناير 2024 (رويترز)

واشنطن تقر صفقة محتملة لعتاد عسكري لأوكرانيا بقيمة 100 مليون دولار

قالت وزارة الدفاع الأميركية في بيان، اليوم (الثلاثاء)، إن وزارة الخارجية وافقت على بيع محتمل لعتاد وخدمات عسكرية قيمتها 100 مليون دولار لأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا المرجح أن يختار جوزيب بوريل البالغ من العمر 77 عاماً التقاعد بعد أن تنقّل في مناصب رئيسة (أ.ف.ب)

جوزيب بوريل ينهي مهمته «محبطاً» وتخلفه كايا كالاس الأميركية الهوى

جوزيب بوريل ينهي مهمته في الاتحاد الأوروبي «محبطاً» وخليفته كايا كالاس أميركية الهوى والصوت الأوروبي المستقل سيكون «خافتاً».

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا صاروخ باليستي روسي عابر للقارات خلال استعراض في موسكو (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:11

بوتين يقر العقيدة النووية المحدثة ويوجه رسالة تحذير للغرب

أكد الكرملين تمسكه بالأهداف التي وضعها في 24 فبراير (شباط) 2022 عندما شنّ هجومه على الأراضي الأوكرانية، كما وقّع الرئيس بوتين على العقيدة النووية المحدثة.

رائد جبر (موسكو)
أوروبا رجل مع نسخة 2024 من كتيب «في حالة الأزمات أو الحرب» في استوكهولم

السويد وفنلندا تحثّان سكانهما على الاستعداد لاحتمالات الحرب

بدأت السويد، الاثنين، في إرسال نحو خمسة ملايين كتيب إلى مواطنيها، تحثّهم فيها على الاستعداد لاحتمال وقوع حرب.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)

جوزيب بوريل ينهي مهمته «محبطاً» وتخلفه كايا كالاس الأميركية الهوى

المرجح أن يختار جوزيب بوريل البالغ من العمر 77 عاماً التقاعد بعد أن تنقّل في مناصب رئيسة (أ.ف.ب)
المرجح أن يختار جوزيب بوريل البالغ من العمر 77 عاماً التقاعد بعد أن تنقّل في مناصب رئيسة (أ.ف.ب)
TT

جوزيب بوريل ينهي مهمته «محبطاً» وتخلفه كايا كالاس الأميركية الهوى

المرجح أن يختار جوزيب بوريل البالغ من العمر 77 عاماً التقاعد بعد أن تنقّل في مناصب رئيسة (أ.ف.ب)
المرجح أن يختار جوزيب بوريل البالغ من العمر 77 عاماً التقاعد بعد أن تنقّل في مناصب رئيسة (أ.ف.ب)

قطعاً، سيفتقد العالم العربي صوت جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي الذي سيخلي مقعده، بعد أقل من أسبوعين لصالح كايا كالاس، رئيسة وزراء إستونيا السابقة، التي يفترض أن يوافق البرلمان الأوروبي على تعيينها في الأيام القليلة المقبلة.

والمرجّح أن يختار بوريل، البالغ من العمر 77 عاماً، التقاعد بعد أن تنقّل في مناصب رئيسية في إسبانيا؛ حيث شغل عدة مناصب وزارية منها منصب وزير الخارجية في أول حكومة للاشتراكي بيدرو سانشيز بعد أن كان قد ترأس البرلمان الأوروبي لـ5 سنوات. وفي عام 2019، فضّل التخلي عن منصبه الوزاري ليعود إلى بروكسل، العاصمة الأوروبية، نائباً لرئاسة المفوضية ومسؤولاً عن السياسة الخارجية والأمنية لـ5 سنوات شارفت على الانتهاء.

خيبة بوريل

بيد أن بوريل يرحل عن بروكسل وفي قلبه حرقة. وقالت مصادر دبلوماسية في باريس إن الصعوبة التي واجهها في منصبه الأخير مزدوجة؛ فمن جهة، عانى من القاعدة المعمول بها في الاتحاد، فيما يتعلق بالسياسة الخارجية التي تفرض توافر الإجماع وهو شبه مستحيل فيما يخص منطقة الشرق الأوسط. ومن جهة ثانية، وجود مجموعة من الأعضاء موالية لإسرائيل وتعارض أي انتقادات توجه إليها. وتضيف هذه المصادر أن الـ27 دولة وجدت صعوبات جمة ليس لإدانة إسرائيل على ممارساتها في غزة، التي نددت بها الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية ناهيك عن منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان وجمعيات المجتمع المدني، بل فقط للدعوة إلى وقف إطلاق النار. ومن بين الرافضين لأي موقف «معادٍ» لإسرائيل، هناك بدايةً ألمانيا وتليها النمسا والمجر وتشيكيا، فضلاً عن دول البلطيق وهولندا.

جوزيب بوريل خلال حضوره الاجتماع المخصص لمسائل الدفاع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم الثلاثاء (إ.ب.أ)

وباختصار، لم تلقَ مقترحات بوريل خلال الأشهر الـ13 المنقضية على حرب غزة أي تجاوب مع مقترحاته، وأبرزها اثنان: الأول، فرض عقوبات على وزراء ومسؤولين إسرائيليين ينفخون في نار الانتقام من الفلسطينيين في الضفة الغربية ويعتدون بشكل دائم على القرى والمزارع والمواطنين تنكيلاً وإهانات وغالباً تحت حماية الأمن الإسرائيلي. والمقترح الثاني تقدم به، الاثنين الماضي، ويقضي بتجميد الحوار السياسي مع إسرائيل بسبب ارتكابات الجيش الإسرائيلي في غزة ولبنان وهي تربطها بالاتحاد الأوروبي شراكة ثرية ومتعددة الأشكال ومن شروطها احترام حقوق الإنسان. وقبل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد، وجّه بوريل لهؤلاء رسالة مكتوبة عبّر فيها عن «مخاوف جدية إزاء الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي الإنساني في غزة». وكان أمله أن يحظى اقتراحه بموافقة الوزراء، علماً بأن مطلبه يشكل «الحد الأدنى» للتحرك المرتقب من النادي الأوروبي الرافع شعار احترام حقوق الإنسان.

بيد أن آمال بوريل الراغب في تحقيق إنجاز ما وإن متواضعاً خابت تماماً. وخرج بعد اجتماع الاثنين، ليقول: «معظم الدول الأعضاء رأت أن من الأفضل كثيراً تواصل العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع إسرائيل». وأضاف بوريل: «لكنني على الأقل أطرح على الطاولة جميع المعلومات التي تأتينا من منظمات الأمم المتحدة وكل منظمة دولية تعمل في غزة والضفة الغربية ولبنان من أجل الحكم على الطريقة التي تدار بها هذه الحرب». ووصف ما يدور في غزة بأنه «مروِّع» وأن ما تقوم به إسرائيل هو «حرب ضد الأطفال»؛ حيث إن «من بين القتلى الـ44 ألفاً في غزة، هناك 70 في المائة من الأطفال والنساء، وأعمار هؤلاء غالباً هي دون التاسعة»، ليخلص إلى القول في جملة تعكس إحباطه: «لم يعد هناك كلام إذ استنفدت كل الكلام لشرح ما يجري في الشرق الأوسط». ويمكن إضافة «دون طائل». وكان الأوروبيون قد انتظروا طويلاً قبل الدعوة إلى وقف لإطلاق النار في غزة متناغمين في ذلك مع الموقف الإسرائيلي - الأميركي الرافض له. وسارع رادوفان سيكورسكي، وزير خارجية بولندا للرد على بوريل بلهجة منتشية: «يمكنني أن أبلغكم بأن فكرة تعليق المفاوضات مع إسرائيل لم تحظَ بموافقة الوزراء»، مضيفاً: «علينا ألا ننسى من بدأ الدائرة الحالية من العنف» في إشارة إلى «حماس».

كايا كالاس خليفة بوريل في منصبه الأوروبي خلال وصولها إلى اجتماع مع وزراء الخارجية الأوروبيين الثلاثاء في بروكسل (أ.ف.ب)

كايا كالاس: الاحتذاء بالسياسة الأميركية

لم تكن هذه وحدها طموحات بوريل. فالمسؤول الأوروبي كان يدفع باتجاه أن يكون لأوروبا دورها وموقعها وتأثيرها في أزمات العالم وعلى رأسها الشرق الأوسط، جارها الجنوبي. لكن طموحه هذا خاب أيضاً، وما زالت أوروبا بعيدة لسنوات ضوئية عن تحقيق هذا الهدف. ولعل أفضل مثال ما صدر عن منظمة «أوكسفام» الخيرية في بيانها ليوم الاثنين؛ حيث اتهمت الاتّحاد الأوروبي بأن «أيديه ملطخة بالدماء» في قطاع غزة. وهاجم بوريل وزراء الخارجية بقوله: «لا يمكنكم أن تدّعوا أنكم قوة جيوسياسية إن كنتم تقضون أياماً وأسابيع وشهوراً للتوصل إلى اتفاق و(البدء) بالتحرك».

لا شك في أنه مع حلول كايا كالاس محل بوريل، فإن ملفات الشرق الأوسط لن تكون لها الأولوية. فالمسؤولة الجديدة ليس معروفاً عنها اهتمامها بهذه الملفات، بل إن ما تضعه نصب عينيها الحرب الروسية - الأوكرانية، كما أنها أطلسية الهوى، وتوقعت صحيفة «لو موند» في عددها الصادر يوم 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي أن تتقارب كثيراً مع السياسات الأميركية في المنطقة، ما يحرم الأوروبيين من صوت مستقل. وذهبت الصحيفة الفرنسية إلى تأكيد أن «الاتحاد الأوروبي سائر على طريق التخلي عن أي طموح في الشرق الأوسط». وفي جلسة الاستماع إليها في البرلمان الأوروبي يوم 12 نوفمبر لم تجد كالاس ما تقوله بالنسبة لما هو حاصل في غزة سوى دعوة الطرفين إلى «ضبط النفس» ومن غير الإشارة، من قريب أو بعيد، إلى ما يقوم به الجيش الإسرائيلي في القطاع. و«التزامها» الوحيد جاء في تأكيدها أنها ستعمل على وضع حد للنزاع في إطار حل الدولتين وهو التزام لا يقدم ولا يؤخر.

صحيح أن سياسة الاتحاد الخارجية لن ترسمها كايا كالاس، بل هي ترجمة لموقف جماعي داخل الاتحاد. والحال أن ثمة دولاً تريد أن يكون لها موقف متوازن كإسبانيا وآيرلندا وسلوفينيا، وأيضاً فرنسا. فهل ستنجح في ذلك؟ الجواب في القادم من الأشهر والسنوات.