تعرّضت شبكة الطاقة الأوكرانية لهجوم روسي «واسع»، الأحد، أسفر عن مقتل 10 أشخاص على الأقل وإصابة نحو 20 آخرين في كل أنحاء البلاد، وفق ما أعلنت السلطات الوطنية.
وتأتي هذه الضربات فيما تخشى أوكرانيا، التي تواجه صعوبات على جبهة القتال، خسارة الدعم الأميركي مع إعادة انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة. كما تأتي بعد يومين من اتصال هاتفي بين المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما عدّتها كييف «خطوة خطرة»، وفق ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».
هجوم ضخم
وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن «هجوماً ضخماً استهدف كل مناطق أوكرانيا... وبنيتنا التحتية للطاقة»، وأفاد بإطلاق 120 صاروخاً و90 طائرة مسيّرة. وقال الناطق باسم سلاح الجو الأوكراني، يوري إغنات: «كانت ليلة جهنمية»، مضيفاً أن الدفاعات المضادة للطائرات أسقطت 144 من الصواريخ والمسيّرات. وقال وزير الخارجية، أندريه سيبيغا، الأحد، إن بلاده تتعرض «لإحدى أوسع الهجمات الجوية الروسية».
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها ضربت «كل» أهدافها في هجوم واسع النطاق على «البنى التحتية الأساسية للطاقة التي تدعم المجمع الصناعي العسكري الأوكراني».
وتُكثّف روسيا الهجمات بواسطة المسيّرات والصواريخ، وقد دمّرت نصف قدرات أوكرانيا في مجال الطاقة، وفق كييف. وأعلنت شركة «ديتيك» الأوكرانية المشغلة لقطاع الطاقة أن بعض محطاتها للطاقة الحرارية تعرّضت «لأضرار جسيمة»، من دون وقوع إصابات بين موظّفيها. وتعاني أوكرانيا انقطاعات كبيرة في التيار الكهربائي، مما يثير مخاوف من شتاء قاس.
وتحضّ كييف شركاءها الغربيين على مساعدتها لإعادة بناء شبكة الكهرباء، وهو مشروع يتطلّب استثمارات كبيرة، ومدّها بدفاعات جوية لمواجهة القصف الروسي.
حصيلة ضحايا ثقيلة
وأشاد زيلينسكي، الأحد، بإسقاط طيارين يقودون مقاتلات من طراز «إف16» 10 من الأهداف التي أُطلقت باتجاه أوكرانيا. وتسلّمت كييف هذه المعدات العسكرية في هذا الصيف، بعد أكثر من عامين من الانتظار. وفي المجموع، خلفت الهجمات الروسية على أوكرانيا، ليل السبت وصباح الأحد، 10 قتلى ونحو 20 جريحاً، وفقاً للسلطات المحلية. ومن بين هؤلاء موظفان في شركة السكك الحديدية الحكومية «أوكرزاليزنيتسيا»، قُتلا خلال تفجير مستودع في نيكوبول (جنوب)، فيما أصيب 3 آخرون، وفق ما أعلنت الشركة. وقتلت امرأة وأصيب شخصان بهجوم صاروخي على منطقة لفيف (غرب) التي نادراً ما تُستهدف، وفق رئيس الإدارة العسكرية ماكسيم كوزيتسكي.
وفي جنوب البلاد، قُتل موظفان يعملان بمجموعة «أوكرنيرغو» بمنطقة أوديسا، وفق شركة «ديتيك». وخدم أحدهما في الجيش الأوكراني مع بداية الغزو، قبل أن يُسرَّح في ربيع 2023 ويعود إلى عمله السابق كهربائياً، وفق المصدر نفسه. وقتل شخصان في خيرسون واثنان آخران في ميكولايف، وفق السلطات المحلية. وأصيب أشخاص بهجمات منفصلة في دنيبرو (شرق)، وكذلك في مناطق بولتافا (وسط)، وزابوريجيا وخيرسون (جنوب). ووصلت صواريخ ومسيّرات روسية حتى ترانسكارباثيا، وهي منطقة نادراً ما تُستهدف في أقصى غرب البلاد، بعيداً عن الجبهة وعلى الحدود مع بولندا والمجر خصوصاً. ونتيجة لذلك، أعلن الجيش البولندي، الأحد، أنه أمر بإقلاع طائرات مطاردة وحشد «كل قواته وقدراته المتاحة» لحماية البلاد، خلال «هجوم واسع» تشنه روسيا على أوكرانيا. وتضع وارسو جيشها في حالة تأهب بمجرد أن ترى أن هجوماً على أوكرانيا قد يشكل خطراً على أراضيها.
في الجانب الروسي، قُتلت الصحافية المحلية يوليا كوزنتسوفا في هجوم بمسيّرة أوكرانية بمنطقة كورسك، وفق حاكم الإقليم أليكسي سميرنوف.وتعرضت هذه المنطقة لهجوم في مطلع أغسطس (آب) الماضي من قبل الجيش الأوكراني، الذي لا يزال يسيطر على جزء صغير منها. كما قُتل مدني بمسيرة أوكرانية في منطقة بيلغورود الروسية المتاخمة لأوكرانيا، وفق حاكمها فياتشيسلاف غلادكوف.
حل «دبلوماسي»
وعدّ سيبيغا أن هذه الهجمات تُشكّل «الرد الحقيقي» للرئيس الروسي فلاديمير بوتين على القادة الذين «اتصلوا به أو زاروه» أخيراً.
من جهته، قال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، الأحد، إن أي مكالمة هاتفية لن تكون قادرة على وقف العدوان الروسي في أوكرانيا، في إشارة إلى اتصال شولتس ببوتين. وكتب على منصة «إكس» أن «الهجوم (الروسي) الليلة الماضية، وهو من الأكبر في هذه الحرب، أثبت أن الدبلوماسية عبر الهاتف لا يمكن أن تحل محل الدعم الحقيقي من الغرب لأوكرانيا».
No-one will stop Putin with phone calls. The attack last night, one of the biggest in this war, has proved that telephone diplomacy cannot replace real support from the whole West for Ukraine. The next weeks will be decisive, not only for the war itself, but also for our future.
— Donald Tusk (@donaldtusk) November 17, 2024
وقبل هذه المكالمة، اجتمع الرئيس الروسي بقادة من أنحاء العالم في روسيا، بمن فيهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لحضور قمة مجموعة «بريكس». كما أعاد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية إحياء الأحاديث عن مفاوضات محتملة بين موسكو وكييف. وقال زيلينسكي، الذي استبعد منذ فترة طويلة أي مفاوضات مع موسكو، السبت، إنه يريد إنهاء الحرب في بلاده عام 2025 «بوسائل دبلوماسية»، لكنّ الموقفَين؛ الروسي والأوكراني، ما زالا متعارضين؛ ففي حين ترفض كييف التنازل عن الأراضي التي يحتلها الجيش الروسي، تشترط موسكو ذلك لإنهاء الحرب.