موسكو وكييف تتبادلان أكبر هجمات بالمسيّرات منذ بدء الحرب

الكرملين يرى «إشارات إيجابية» من ترمب لإنهاء النزاع في أوكرانيا

سكان أمام منزل متضرر بهجوم طائرة مسيّرة في منطقة أوديسا بجنوب أوكرانيا الأحد (أ.ف.ب)
سكان أمام منزل متضرر بهجوم طائرة مسيّرة في منطقة أوديسا بجنوب أوكرانيا الأحد (أ.ف.ب)
TT

موسكو وكييف تتبادلان أكبر هجمات بالمسيّرات منذ بدء الحرب

سكان أمام منزل متضرر بهجوم طائرة مسيّرة في منطقة أوديسا بجنوب أوكرانيا الأحد (أ.ف.ب)
سكان أمام منزل متضرر بهجوم طائرة مسيّرة في منطقة أوديسا بجنوب أوكرانيا الأحد (أ.ف.ب)

تبادلت روسيا وأوكرانيا هجمات قياسية بطائرات مسيَّرة خلال ليل السبت - الأحد، بينما أعلن الكرملين أنه يرى «إشارات إيجابية» في موقف الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب حول رغبته في اتفاق لإنهاء النزاع. ويثير انتخاب ترمب رئيساً للولايات المتحدة قلقاً في أوكرانيا التي تعتمد على المساعدات العسكرية الخارجية، لا سيما من واشنطن، للصمود في مواجهة الغزو الروسي الذي بدأ قبل نحو 3 سنوات. ويعد ترمب من أشدّ منتقدي المساعدات العسكرية والمالية الكبيرة التي تقدمها الولايات المتحدة لأوكرانيا، من هنا تأتي خشية كييف أن تتعرّض هذه المساعدات المهمة للخطر.

والأحد، هاجمت روسيا أوكرانيا بعدد «قياسي» من المسيّرات خلال الليل بلغ 145، حسبما أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وكتب زيلينسكي في منشور على «إكس»: «أطلقت روسيا الليلة الماضية 145 مسيّرة من طراز (شاهد) وطائرات مسيّرة هجومية أخرى ضد أوكرانيا»، داعياً شركاء كييف الغربيين إلى زيادة الإمدادات للمساعدة في حماية أجواء البلاد.

مسؤولون محليون يتفقدون حطام طائرة مسيّرة في قرية سوفينو بمنطقة موسكو الأحد (أ.ف.ب)

من جانبها، أعلنت روسيا إسقاط 34 طائرة من دون طيار في أجواء منطقة موسكو، في أكبر هجوم من نوعه يستهدف العاصمة منذ بدء الغزو مطلع عام 2022.

«إشارات إيجابية»

قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في مقابلة مع وسائل الإعلام الرسمية نُشرت، الأحد: «الإشارات إيجابية. قال ترمب أثناء حملته إنه ينظر إلى ذلك (النزاع في أوكرانيا) من خلال اتفاقات، وإنه يستطيع إبرام اتفاق يمكن أن يؤدي إلى السلام». وأضاف: «على الأقل يتحدث عن السلام وليس عن المواجهة. إنه لا يتحدث عن رغبته في إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا - وهذا ما يميزه عن الإدارة الحالية». لكنه حذر من عدم القدرة على التنبؤ بسلوك ترمب، مشيراً إلى أن الوقت سيُثبت ما إذا كان فوزه يمكن أن يؤدي إلى إنهاء الصراع في أوكرانيا. وتابع: «من الصعب القول ماذا سيحدث بعد هذا»، مشيراً إلى أن ترمب «أقل قابلية للتنبؤ» بتصرفاته من هاريس وبايدن. وحسب بيسكوف، فإنه لا يمكن أيضاً توقُّع «إلى أي مدى سيلتزم بالتصريحات التي أدلى بها خلال الحملة الانتخابية». ولم يحدد ترمب كيف ينوي التوصل إلى اتفاق سلام، أو ما هي الشروط التي يقترحها. وأكد زيلينسكي بعد انتخاب ترمب رفض كييف تقديم «تنازلات» لموسكو، مؤكداً أن ذلك سيعود بالضرر على أوروبا جمعاء. وقال خلال قمة للمجموعة السياسية الأوروبية في بودابست: «أوصَى البعض منكم (...) أوكرانيا بشدة، بأن تقدم (تنازلات) لبوتين. وهذا أمر غير مقبول بالنسبة لأوكرانيا، وبالنسبة لأوروبا كلها».

عمال الإنقاذ يزيلون الأنقاض في فناء منزل بعد هجوم بطائرة مسيّرة في قرية ستانوفوي بمنطقة موسكو الأحد (أ.ف.ب)

هجوم «ضخم»

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على قرية جديدة في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا، حيث تسارع في الأسابيع الأخيرة تقدم الجيش أمام قوات أوكرانية تفتقر إلى العديد والعتاد. وأفادت وزارة الدفاع في بيان بأن قواتها «حررت بلدة فولكتشنكا» الواقعة على مسافة نحو 5 كلم من مدينة كوراخوفيه الصناعية. وتَسَبَّبَ الهجوم الأوكراني بوقف حركة الملاحة مؤقتاً في المطارات الثلاثة للعاصمة الروسية، وأدى إلى إصابة امرأة في الثانية والخمسين من عمرها، وإشعال النيران في منزلين في قرية ستانوفوي في منطقة موسكو، بحسب مسؤولين روس. وفي حين تتعرض كييف لهجمات متكررة بالصواريخ والطائرات المسيَّرة منذ بدء الحرب في فبراير (شباط) 2022، تبقى الهجمات التي تستهدف موسكو قليلة. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت ما مجموعه 70 طائرة مسيّرة أطلقتها أوكرانيا. وأشارت إلى إسقاط 34 طائرة من دون طيار في أجواء منطقة موسكو، بينما توزعت المسيّرات الأخرى فوق بريانسك وكالوغا وتولا وكورسك. وفي أجواء منطقة موسكو، أشار المسؤولون إلى أن المسيّرات تمّ إسقاطها فوق مقاطعات رامنسكوي وكولومنا ودوموديدوفو. وكانت امرأة في رامنسكوي لقيت حتفها جراء هجوم واسع النطاق بالطائرات المسيّرة في سبتمبر (أيلول). وكانت المرة الأولى التي يتسبب فيها هجوم كهذا بمقتل شخص قرب موسكو منذ بدء قواتها غزوها لأوكرانيا قبل أكثر من عامين. وكانت السلطات الروسية أعلنت في مايو (أيار) 2023 إسقاط مسيّرتين على مقربة من الكرملين، بينما سجّل في العام نفسه الكثير من الهجمات بالطائرات من دون طيار على الحي التجاري في العاصمة.

كييف تدعو إلى تدخل أممي بشأن «إعدام جندي»

في سياق متصل، أعلنت أوكرانيا، السبت، أنها تُجري اتصالات مع الأمم المتحدة واللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» بعد مزاعم عن إعدام جندي أوكراني في ساحة المعركة على يد جندي روسي. وقال ديميترو لوبينيتس أمين المظالم المعني بحقوق الإنسان في أوكرانيا على حسابه في «تلغرام»: «أطلق الروس النار على جندي أوكراني بدا أنه مصاب وأعزل. صوّروا ذلك والفيديو ينتشر على الإنترنت». وأضاف: «أبعث رسالة إلى اللجنة الدولية لـ(الصليب الأحمر) والأمم المتحدة؛ فهذا انتهاك لاتفاقات جنيف والقانون الإنساني الدولي». وتبادلت كييف وموسكو مراراً الاتهامات بإعدام أسرى حرب منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. وتؤكد مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان من جهتها أنها «وثَّقت كثيراً من انتهاكات القانون الإنساني الدولي بحق أسرى حرب، بما في ذلك حالات إعدام بإجراءات موجزة لأسرى حرب روس وأوكرانيين». وأعلنت كييف، الثلاثاء، أنها تتحقق من صحة أنباء عن إعدام القوات الروسية 6 من جنودها بعد أَسْرِهم في شرق أوكرانيا، الجبهة التي حقق فيها الجيش الروسي مزيداً من التقدم في الأسابيع الأخيرة.


مقالات ذات صلة

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب) play-circle 01:12

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

أعلن الرئيس الأوكراني، الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أوكراني. وهذا السلاح استخدمته روسيا للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)

روسيا: تصرفات بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب

نقلت وكالة «سبوتنيك» للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله (الجمعة) إن تصرفات إدارة الرئيس بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
TT

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أسلحة أوكراني. وهذا السلاح، غير المعروف حتى الآن، استخدمته روسيا للمرة الأولى ضد أوكرانيا ولتحذير الغرب.

فيما يلي ما نعرفه عن هذا الصاروخ التجريبي الذي أُطلق عليه اسم «أوريشنيك»:

آلاف الكيلومترات

حتى استخدامه يوم الخميس، لم يكن هذا السلاح الجديد معروفاً. ووصفه بوتين بأنه صاروخ باليستي «متوسط المدى»، يمكنه بالتالي بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي قبل إطلاقه (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

وحسب الرئيس الروسي، فإن إطلاق الصاروخ كان بمثابة تجربة في الظروف القتالية؛ مما يعني أن هذا السلاح لا يزال قيد التطوير. ولم يعطِ أي إشارة إلى عدد الأنظمة الموجودة، لكنه هدّد بإعادة استخدامه.

تبلغ المسافة بين منطقة أستراخان الروسية التي أُطلق منها صاروخ «أوريشنيك»، الخميس، حسب كييف، ومصنع تصنيع الأقمار الاصطناعية بيفدينماش الذي أصابه الصاروخ في دنيبرو (وسط شرق أوكرانيا)، تقريباً 1000 كيلومتر.

وإذا كان لا يدخل ضمن فئة الصواريخ العابرة للقارات (التي يزيد مداها على 5500 كيلومتر) يمكن لـ«أوريشنيك» إذا أُطلق من الشرق الأقصى الروسي نظرياً أن يضرب أهدافاً على الساحل الغربي للولايات المتحدة.

وقال الباحث في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح (Unidir) في جنيف، بافيل بودفيغ، في مقابلة مع وسيلة الإعلام «أوستوروزنو نوفوستي»، إن «(أوريشنيك) يمكنه (أيضاً) أن يهدّد أوروبا بأكملها تقريباً».

وحتى عام 2019 لم يكن بوسع روسيا والولايات المتحدة نشر مثل هذه الصواريخ بموجب معاهدة القوى النووية متوسطة المدى الموقّعة في عام 1987 خلال الحرب الباردة.

لكن في عام 2019 سحب دونالد ترمب واشنطن من هذا النص، متهماً موسكو بانتهاكه؛ مما فتح الطريق أمام سباق تسلح جديد.

3 كلم في الثانية

أوضحت نائبة المتحدث باسم «البنتاغون»، سابرينا سينغ، للصحافة، الخميس، أن «(أوريشنيك) يعتمد على النموذج الروسي للصاروخ الباليستي العابر للقارات RS - 26 Roubej» (المشتق نفسه من RS - 24 Yars).

وقال الخبير العسكري إيان ماتفييف، على تطبيق «تلغرام»، إن «هذا النظام مكلف كثيراً، ولا يتم إنتاجه بكميات كبيرة»، مؤكداً أن الصاروخ يمكن أن يحمل شحنة متفجرة تزن «عدة أطنان».

في عام 2018، تم تجميد برنامج التسليح «RS - 26 Roubej»، الذي يعود أول اختبار ناجح له إلى عام 2012، حسب وكالة «تاس» الحكومية، بسبب عدم توفر الوسائل اللازمة لتنفيذ هذا المشروع «بالتزامن» مع تطوير الجيل الجديد من أنظمة «Avangard» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويُفترض أنها قادرة على الوصول إلى هدف في أي مكان في العالم تقريباً.

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي على متن شاحنة مدولبة (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

حسب بوتين فإن الصاروخ «أوريشنيك» «في تكوينه غير النووي الذي تفوق سرعته سرعة الصوت» يمكن أن تصل سرعته إلى 10 ماخ، «أو 2.5 إلى 3 كيلومترات في الثانية» (نحو 12350 كلم في الساعة). وأضاف: «لا توجد أي طريقة اليوم للتصدي لمثل هذه الأسلحة».

عدة رؤوس

أخيراً، سيتم تجهيز «أوريشنيك» أيضاً بشحنات قابلة للمناورة في الهواء؛ مما يزيد من صعوبة اعتراضه.

وشدد بوتين على أن «أنظمة الدفاع الجوي المتوفرة حالياً في العالم، وأنظمة الدفاع الصاروخي التي نصبها الأميركيون في أوروبا، لا تعترض هذه الصواريخ. هذا مستبعد».

وأظهر مقطع فيديو للإطلاق الروسي نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ست ومضات قوية متتالية تسقط من السماء وقت الهجوم، في إشارة -حسب الخبراء- إلى أن الصاروخ يحمل ست شحنات على الأقل. يقوم هذا على تجهيز صاروخ بعدة رؤوس حربية، نووية أو تقليدية، يتبع كل منها مساراً مستقلاً عند دخوله الغلاف الجوي.