الاتحاد الأوروبي يناقش التطبيع مع سوريا الخميس

سعي لإعادة اللاجئين بعد بروز اليمين المتطرف في الانتخابات

واصلون من لبنان عند معبر جديدة يابوس في جنوب غربي سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
واصلون من لبنان عند معبر جديدة يابوس في جنوب غربي سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يناقش التطبيع مع سوريا الخميس

واصلون من لبنان عند معبر جديدة يابوس في جنوب غربي سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
واصلون من لبنان عند معبر جديدة يابوس في جنوب غربي سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

تسعى دول في الاتحاد الأوروبي إلى تطبيع العلاقات مع سوريا، من أجل تسهيل ترحيل المهاجرين إليها، في حين يتطلّع زعماء التيار الرئيسي إلى الحدّ من الشعبية المتزايدة للأحزاب اليمينية المتطرفة المناهضة للهجرة في جميع أنحاء القارة.

وقالت تقارير إعلامية إن هذا التوجه تقوده إيطاليا، التي صرّحت رئيسة وزرائها جورجا ميلوني، الثلاثاء، أمام مجلس الشيوخ الإيطالي قبل اجتماع زعماء الاتحاد الأوروبي: «من الضروري مراجعة استراتيجية الاتحاد الأوروبي بشأن سوريا، والعمل مع جميع الجهات الفاعلة، لخلق الظروف اللازمة لعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم بطريقة طوعية وآمنة ومستدامة».

حركة نزوح كبيرة للعائلات اللبنانية باتجاه الأراضي السورية (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وتحدث تقرير موقع «بوليتيكو»، أنه بعد أن تحوّلت حملة الرئيس بشار الأسد العنيفة بمواجهة المتظاهرين في عام 2011 إلى حرب أهلية دامية، اتُّهمت حكومته باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبها، واتُّهمت بالتعذيب أيضاً.

وقطع الاتحاد الأوروبي العلاقات الدبلوماسية مع البلاد في عام 2011، ونجا النظام، واستمرت عملياته إلى حد كبير بسبب الدعم الروسي والإيراني، ومنذ ذلك الحين واجه الرئيس السوري عزلة عالمية شبه كاملة.

جوزيف بوريل وزير خارجية الاتحاد الأوروبي في حديث مع رئيس الوزراء النمساوي فيكتور أوربان (أ.ب)

وقال مصدران دبلوماسيان من الاتحاد الأوروبي لـموقع «بوليتيكو»، إن ميلوني تخطّط لإثارة العلاقة مع دمشق خلال اجتماع لزعماء الاتحاد الأوروبي الـ27 في بروكسل، الخميس.

وتأتي هذه الدعوات من إحدى أكبر دول الاتحاد الأوروبي، في أعقاب موقف منسّق من قِبل مجموعة دول أخرى، بعضها لديه أحزاب يمينية متطرفة في الحكومة (أو يمينية تدعم الحكومة)، مثل النمسا والمجر.

الدفع لتطبيع العلاقات مع سوريا التي مزقتها الحرب ورئيسها، ظهر بعد مفاجأة صعود أحزاب مناهضة للهجرة في الانتخابات الأوروبية، مطلع الصيف الحالي، مثل التجمع الوطني في فرنسا، والبديل من أجل ألمانيا.

وأشار تقرير «بوليتيكو»، إلى تعرّض رئيس وزراء بولندا، في الأسابيع الأخيرة، لانتقادات من المفوضية الأوروبية لقوله: «إن وارسو ستعلّق حقوق اللجوء للمهاجرين القادمين إلى بولندا عبر بيلاروسيا».

وأغلق المستشار الألماني أولاف شولتز حدود بلاده مع الجوار الأوروبي في أعقاب هجوم بسكين نُسب إلى مهاجِر، كما صرّح رئيس الوزراء الفرنسي المعيّن حديثاً، ميشيل بارنييه، إن قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن الترحيل يجب مراجعتها لتسريع عمليات الطرد.

الدخان يتصاعد في بلدة الخيام في جنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

وأكد أحد دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي على رأي ميلوني، قائلاً إن العمليات البرية الإسرائيلية بعد غزوها للبنان في أوائل أكتوبر أضافت زخماً للدفع نحو ترحيل المهاجرين السوريين.

ووفقاً للأمم المتحدة، فرّ ما يقرب من 200 ألف سوري ولبناني إلى سوريا منذ بداية أكتوبر (تشرين الأول)، وفي أوروبا وصل أكثر من مليون لاجئ وطالب لجوء سوري في السنوات الـ10 الماضية، وفقاً لبيانات عام 2021 من وكالة الأمم المتحدة للاجئين.

حملة الأسد الترويجية

ولفت التقرير إلى أن حكومة الرئيس الأسد، من جانبها، حريصة على عودة العلاقات مع الجوار والعالم، وقاد الأسد حملة ترويجية لسنوات، وأخبر السوريين الذين فرّوا من البلاد أن العودة أصبحت آمنة الآن.

وفي الآونة الأخيرة، كانت سوريا تموّل حملة يقودها مؤثّرون سوريون وغربيون، لتنظيف صورة بلاده، وتنشيط السياحة التي كانت ميتة إلى حد كبير منذ عقد من الزمان.

لكن المسؤولين الأوروبيين لم يحدّدوا كيف يمكن أن يحدث مثل هذا التحول نحو تطبيع العلاقات. وقال أحد مسؤولي الاتحاد الأوروبي: «لا أحد يقول: سنلتقط الهاتف لنتصل بالأسد. لا أحد يجرؤ على إثارة هذا الأمر، لكنه اقتراح خفيّ من قِبل البعض».

عائلة نازحة فرَّت من الغارات الجوية الإسرائيلية على جنوب لبنان وأنشات خيمة على كورنيش بيروت (أ.ب)

وفي يوليو (تموز)، دعت 7 دول في الاتحاد الأوروبي (النمسا، وإيطاليا، وجمهورية التشيك، وسلوفاكيا، وسلوفينيا، واليونان، وكرواتيا وقبرص)، رئيس السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إلى مراجعة استراتيجية الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا. وقالوا إن الهدف هو تحسين الوضع الإنساني في سوريا، وكذلك المساعدة في إعادة المهاجرين إلى مناطق معينة من البلاد.

غير أن الأمر أكثر تعقيداً لبعض الدول الأوروبية، فهولندا ليست مستعدة لدعم خطط استئناف المفاوضات مع سوريا؛ لأنها لا تعدّها دولة آمنة وفقاً للتقييم المحلي الهولندي، بحسب تصريح وزير خارجيتها كاسبر فيلدكامب لـ«بوليتيكو».

رد رئيس السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي على الرسالة الواردة من 7 دول في الاتحاد، كان مقتضباً؛ إذ كتب جوزيب بوريل في رسالة مؤرخة 28 أغسطس (آب) الماضي، حصلت «بوليتيكو» على نسخة منها: «إن الطريقة التي يعمل بها النظام السوري منذ عقود معروفة وموثقة، بما في ذلك الدعم المباشر من روسيا وإيران». ومع ذلك تابَع بوريل: «كان الاتحاد الأوروبي دائماً مستعداً لاستكشاف طرق لدعم الشعب السوري وتطلعاته المشروعة».

غير أن البعض داخل الاتحاد الأوروبي يصرّ على أن الوقت قد حان، على الأقل، لبدء مناقشة حول الأمر، حتى وإن كان «من المبكر للغاية أن نقول ما إذا كان بوسعنا أن ننجح في أي شيء»، بحسب أحد كبار الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي.

لاجئون سوريون بينهم شباب عند الحدود اليونانية المقدونية ضمن هجرتهم نحو دول الاتحاد الأوروبي عام 2015 (إ.ب.أ)

وقال ألكسندر شالنبرغ، وزير الشؤون الأوروبية والدولية النمساوي: «الأسد موجود، ولا يوجد أي محاولة لتبرئة ساحته، لكن أوروبا استوعبت أكثر من 1.2 مليون مواطن سوري، واقتراحنا هو تقييم منفتح: أين نقف، وإلى أين يجب أن نذهب؟ لأننا ببساطة لا نحقّق النتائج التي نودّ تحقيقها».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا أورسولا فون دير لاين عملت طبيبة مساعدة لعدة أعوام (رويترز)

فون دير لاين تسعف راكباً على متن رحلة إلى زيوريخ

قدّمت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خدماتها بصفتها طبيبة، عندما شعر أحد الركاب بتوعك على متن رحلة جوية من بروكسل إلى زيوريخ.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ سفينة شحن راسية مُحمَّلة بحاويات (أرشيفية - رويترز)

هل تؤدي رسوم ترمب الجمركية إلى إشعال حرب تجارية مع أوروبا؟

قد تكون الدول الأوروبية من بين الأكثر تضرراً إذا نفذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب التعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ذخيرة لمدفع هاوتزر أثناء تدريب في قاعدة للجيش الألماني في مونستر (رويترز)

الاتحاد الأوروبي يحقق هدفه بتزويد أوكرانيا بمليون قذيفة مدفعية

أعلن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، اليوم (الثلاثاء)، أن الاتحاد الأوروبي حقق هدفه المتمثل في تزويد أوكرانيا بمليون قذيفة مدفعية.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
شؤون إقليمية غروسي قال إن طريقة العمل القديمة مع إيران لم تعد ممكنة (أ.ف.ب)

طهران تعرض تجميد مخزون اليورانيوم عالي التخصيب

تتجه الأنظار إلى اجتماع فصلي لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ من المنتظر أن تدرس قوى أوروبية استصدار قرار «حساس» يدين إيران.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

TT

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

وقال زيلينسكي، في مقطع مصوَّر نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «وزير الدفاع الأوكراني قام بالتواصل مع شركائنا من أجل (الحصول على) أنظمة جديدة للدفاع الجوي، وتحديداً نوع من الأنظمة يمكنه أن يحمي الأرواح في مواجهة أخطار جديدة».

كذلك، عَدَّ الرئيس الأوكراني أن روسيا تسخر من دعوات حليفها الصيني إلى ضبط النفس، حين تطلق صاروخاً من الجيل الجديد على أوكرانيا.

وقال، في المقطع نفسه: «من جانب روسيا، هذا الأمر يشكل سخرية من مواقف دول مثل الصين (...) وبعض القادة الذين يدعون، في كل مرة، إلى ضبط النفس»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك»، ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية، وذلك بعد استخدامه لضرب أوكرانيا.

وقال بوتين، خلال اجتماع مع مسؤولين عسكريين بثَّ التلفزيون وقائعه: «سنواصل هذه الاختبارات، وخصوصاً في الأوضاع القتالية، وفقاً لتطور الوضع وطبيعة التهديدات التي تستهدف أمن روسيا».