هل تهديدات بوتين «النووية» جدية؟ وكيف يمكن لـ«ناتو» الرد عليها؟

هل تهديدات بوتين «النووية» جدية؟ وكيف يمكن لـ«ناتو» الرد عليها؟
TT

هل تهديدات بوتين «النووية» جدية؟ وكيف يمكن لـ«ناتو» الرد عليها؟

هل تهديدات بوتين «النووية» جدية؟ وكيف يمكن لـ«ناتو» الرد عليها؟

طرحت مجلة «نيوزويك» الأميركية سؤالاً على خبراء بشأن خيارات المتاحة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) للرد على تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن موسكو قد توسّع قواعدها لاستخدام الأسلحة النووية إذا تعرّضت لهجوم يشكل تهديداً خطيراً لسيادتها يمكن أن تنفذه قوة غير نووية بمشاركة أو دعم من قوة نووية.

ونقلت المجلة عن خبراء قولهم إن تهديد بوتين النووي «من المرجح أن يكون خدعة».

وكان الرئيس الروسي قال بعد وقت قصير من غزوه أوكرانيا، إن الدول التي تتدخل في الحرب ستواجه عواقب «لم تشهدها في تاريخها بالكامل»، ووضع قواته النووية في حالة تأهب.

ولفتت المجلة إلى أنه على الرغم من تهديدات بعض الشخصيات المقربة من الكرملين بإطلاق الصواريخ على العواصم الغربية، فقد ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية هذا الأسبوع أن الدبلوماسيين الروس أدركوا أن التهديدات النووية «لا تخيف أحداً».

ومع ذلك، رفع بوتين من مستوى تهديده بتغيير «العقيدة النووية» الغامضة لموسكو، والتي قد تشمل الرد على إطلاق هائل للصواريخ أو الطائرات من دون طيار التي تعبر حدود روسيا.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

ورغم أنه لم يذكر أي دولة، لكن السياق كان واضحاً، حيث شهدت الحرب التي بدأها زيادة في استخدام أوكرانيا للصواريخ الأميركية والبريطانية والفرنسية على أهداف روسية.

ومع ذلك، قال غوستاف جريسيل، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن تصريحات بوتين «لا تشير إلى أي تغييرات في الموقف النووي الروسي، إنها خدعة إذا كانوا جادين، لكنا شهدنا تصعيداً نووياً بالفعل».

وأشار إلى أنه وفقاً للقوانين الروسية، فإن خمس مناطق في أوكرانيا تدعي موسكو أنها ضمتها تعدّ بالفعل جزءاً من روسيا، وبالتالي فإن أي عملية دفاعية أوكرانية عليها ستعدّ هجوماً مدعوماً من الغرب.

وقال جريسيل: «لذا؛ من الناحية الفنية لا توجد فرصة حتى للنظر في هذا الهراء، لكن من ناحية الممارسة العملية، يعتمد استخدام روسيا للأسلحة النووية أم لا على حساب التكلفة والمخاطر، ويشمل ذلك ما إذا كانت الضربة النووية تجعل وضع روسيا أفضل أم أسوأ».

في ورقة بحثية لمركز استوكهولم للدراسات الأمنية نُشرت في يونيو (حزيران)، كتب جريسيل أن مناقشة «الخطوط الحمراء» لبوتين، والتي إذا تم تجاوزها ستؤدي إلى التصعيد، لم تضع في الحسبان أن الأسلحة النووية بالنسبة إلى موسكو هي للردع.

وكان للخوف من التصعيد تأثير غير مبرر على عملية صنع القرار السياسي الغربي، مثل قضايا توفير الأسلحة.

وقال جريسيل إن «التهديد النووي المتجدد من جانب روسيا هو علامة على ضعف الغرب يبدو أنهم يعتقدون أن التهديدات المضادة التي أطلقها الرئيس الأميركي جو بايدن في قضية إطلاق روسيا للأسلحة النووية ليست ذات مصداقية تماماً».

وأضاف جريسيل: «إذا وقع حلف شمال الأطلسي في الفخ، فسوف نُوقِع أنفسنا في مشكلة حقيقية الشيء الذي يتعين علينا القيام به الآن هو أن نظهر للكرملين أننا نتحداه بكل الأشكال».

من جانبه، قال المؤرخ سيرغي رادشينكو، الأستاذ في كلية جونزهوبكنز للدراسات الدولية في واشنطن إن التحذيرات النووية من موسكو «مستهلكة، لكن التهديد الأخير الذي وجهه بوتين كان أكثر اعتدالاً من التهديدات التي أطلقها الزعيم السوفييتي نيكيتا خروشوف خلال الخمسينات وأوائل الستينات».

وأضاف: «كانت الخمسينات أكثر خطورة مما لدينا اليوم؛ لأنه في ذلك الوقت لم يكن لديك بعد فهم واضح من قِبل جميع الأطراف المعنية لفكرة الدمار الشامل للجميع، ما لدينا اليوم هو الاستقرار الاستراتيجي، الذي لم يختفِ مع نهاية الحرب الباردة».

وتابع أن «التغييرات التي طرأت على العقيدة النووية لموسكو يصعب الحكم عليها؛ لأنها غامضة بعض الشيء وهناك علامة استفهام حول قضيتها الرئيسية، وهي كيف تحدد نوعية التهديد لوجود روسيا؟».

وذكر أنه في حين أن التغييرات التي أعلن عنها بوتين قد تكون «مزعجة» إذا كانت تتضمن تطبيق الردع النووي على الدول التي يمكن تفسيرها على أنها أوكرانيا، «فإن هذا لا يعالج هذه القضية الأخرى المتعلقة بالتهديد الوجودي».

وأضاف: «العقيدة لنووية سلاح نفسي أكثر من أي شيء آخر، وعندما يتعلق الأمر بقرار استخدام الأسلحة النووية، لا أعتقد أن هذا يهم على الإطلاق».

وذكر أنه على عكس عصر خروشوف، فإن تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية ستعطي الغرب تحذيراً من أي تحرك نووي وشيك.

وقال رادشينكو: «النهج الصحيح هو البحث عن علامات تشير إلى أن روسيا قد تستعد لاستخدام الأسلحة النووية، سواء كانت أسلحة نووية تكتيكية أم استراتيجية، وهذا مؤشر أكثر موثوقية بكثير على ماذا ومتى وكيف قد تستخدم روسيا الأسلحة النووية من أي قطعة ورق قد تشير إليها خلاف ذلك».

وفي المقابل، قال سيرغي ميرونوف، زعيم حزب روسيا العادلة، وهو جزء من المعارضة التي تنحاز إلى السياسة الخارجية للكرملين، إن العقيدة النووية الجديدة «ستحرم الولايات المتحدة من فرصة شن حرب ضد روسيا بأيدي شخص آخر»، في إشارة إلى أوكرانيا.

وأضاف ميرونوف في بيان لـ«نيوزويك»: «ستؤدي الأسلحة النووية الدور نفسه الذي لعبته في الأصل - دور ردع العدوان الأجنبي بكل مظاهره».

ولكن جون هاردي، نائب مدير برنامج شؤون روسيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، قال إنه على الرغم من أن بوتين أشار إلى تغيير بشأن الأسلحة النووية، فمن غير المرجح أن يكون لذلك تأثير كبير على الحرب في أوكرانيا.

وأضاف: «هذا لا يمثل تحولاً في تفكيرهم؛ بل إنه يقنن موقفهم، فلم يقرّر الروس حتى الآن استخدام الأسلحة النووية التكتيكية في أوكرانيا، ولا أرى حقاً أن هذا سيتغير، في غياب نوع من المحفز المحتمل الرئيسي الذي قد يكون على الأرجح نوعاً من الانهيار الكبير، مثل الانهيار الذي يهدد قبضة روسيا على شبه جزيرة القرم».


مقالات ذات صلة

انتخابات رئاسية واستفتاء أوروبي في مولدوفا وسط تخوف من تدخل روسي

أوروبا رئيسة مولدوفا مايا ساندو تدلي بصوتها في الانتخابات (رويترز)

انتخابات رئاسية واستفتاء أوروبي في مولدوفا وسط تخوف من تدخل روسي

يدلي المولدوفيون، الأحد، بأصواتهم خلال انتخابات رئاسية واستفتاء على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في ظل مخاوف من تدخل روسي في خضم الحرب بأوكرانيا المجاورة.

«الشرق الأوسط» (كيشيناو)
الولايات المتحدة​ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال ترؤسه اجتماعاً عبر خدمة «الفيديو كونفرنس» الاثنين (أ.ف.ب)

كتاب يوضح كيف «تفوّق» بوتين على بايدن وترمب

استعرضت صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية ما ذكره الصحافي الأميركي المخضرم بوب ودوورد في كتابه الجديد «حرب» عن تعامل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال مؤتمر صحافي في مقر حلف «ناتو» ببروكسل (إ.ب.أ)

وزير الدفاع الأميركي: نريد من إسرائيل تقليل ضرباتها في بيروت ومحيطها

قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن الولايات المتحدة تريد أن تقلل إسرائيل ضرباتها في العاصمة اللبنانية بيروت ومحيطها.

أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون يوم 19 يونيو 2024 (أ.ب)

كيف يعزّز نشر قوات كورية شمالية في روسيا التحالف العسكري بين البلدين؟

يرى خبراء أنّ قرار كوريا الشمالية نشر آلاف الجنود على خطوط المواجهة في أوكرانيا من شأنه أن يعزّز التحالف العسكري المثير للجدل مع موسكو

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (يسار) ونظيره الأوكراني أندريه سيبيها يظهران خلال جولة في كييف (إ.ب.أ)

فرنسا: مشاركة كوريا الشمالية في الحرب الأوكرانية ستمثل تصعيداً خطيراً

أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو ونظيره الأوكراني أندريه سيبيها أن مشاركة قوات من كوريا الشمالية في الغزو الروسي ستمثل تصعيداً.

«الشرق الأوسط» (باريس)

اعتقال ليبي بشبهة التخطيط لمهاجمة السفارة الإسرائيلية في ألمانيا

عناصر من الشرطة الألمانية خلال احتجاجات تضامنية مع فلسطين ولبنان (د.ب.أ)
عناصر من الشرطة الألمانية خلال احتجاجات تضامنية مع فلسطين ولبنان (د.ب.أ)
TT

اعتقال ليبي بشبهة التخطيط لمهاجمة السفارة الإسرائيلية في ألمانيا

عناصر من الشرطة الألمانية خلال احتجاجات تضامنية مع فلسطين ولبنان (د.ب.أ)
عناصر من الشرطة الألمانية خلال احتجاجات تضامنية مع فلسطين ولبنان (د.ب.أ)

اعتقلت السلطات الألمانية، أمس (السبت)، قرب برلين ليبيّاً يُشتبه بانتمائه إلى تنظيم «داعش» وبتخطيطه لشن هجوم على السفارة الإسرائيلية في ألمانيا، حسبما قالت النيابة العامة الفيدرالية لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأفاد متحدث باسم النيابة العامة بأن السلطات تشتبه بأن الرجل «خطط لشن هجوم على السفارة الإسرائيلية في برلين» وبأنه «دعم جماعة إرهابية في الخارج»، موضحاً أن الأمر يتعلق بتنظيم «داعش».

من جهتها، ذكرت صحيفة «بيلد» أن عملية كبيرة للشرطة شاركت فيها قوات خاصة، جرت في المساء في بلدة بيرناو المجاورة لبرلين، حيث أوقف المشتبه به. وقالت النيابة العامة إنه تم تفتيش منزل الموقوف الواقع في بيرناو.

وأوردت «بيلد» أن الرجل يبلغ 28 عاماً، وقد تحركت السلطات الألمانية بعد تلقيها معلومات من أجهزة استخبارات أجنبية.

ووجّه سفير إسرائيل في برلين رون بروسور عبر منصة «إكس» الشكر للسلطات الألمانية «لضمانها أمن سفارتنا».

ومنذ هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي أشعل شرارة الحرب في قطاع غزة، زادت السلطات الألمانية يقظتها في مواجهة «تصاعد معاداة السامية»، على غرار الكثير من البلدان حول العالم.

وفي بداية أكتوبر (تشرين الأول)، استهدفت هجمات سفارتي إسرائيل في كوبنهاغن وستوكهولم. وقال مسؤول في جهاز الاستخبارات السويدية (سابو) في ذلك الوقت إن تورط إيران هو «احتمال وارد».

وفي أوائل سبتمبر (أيلول)، أردت شرطة ميونيخ بالرصاص شاباً نمسوياً معروفاً بصلاته بـ«الإسلام المتطرف» بينما كان يستعد لتنفيذ هجوم على القنصلية العامة الإسرائيلية.

نقاش حول الهجرة

قال هيربرت رويل، وزير داخلية منطقة شمال الراين-ويستفاليا لصحيفة «بيلد»: «عملية اليوم كانت ناجحة لكنها في الوقت نفسه تحذير لأولئك الذين يريدون تهديد المجتمع اليهودي في ألمانيا: نحن نتعقبكم».

وقال مكتب المدعي العام إنه تم تفتيش شقة ثانية (السبت) في غرب ألمانيا. ووفقاً للصحافة، فإن الشقة تعود إلى عمّ المشتبه به الذي يُشتبه في أنه أراد الاختباء عنده قبل أن يغادر الأراضي الألمانية.

ومن المقرر أن يمثل المشتبه به أمام قاضٍ في محكمة العدل الاتحادية في كارلسروه (الأحد).

ووفقاً لصحيفة «بيلد»، وصل الليبي إلى ألمانيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 وتقدّم بطلب لجوء تم رفضه في 28 سبتمبر (أيلول) 2023.

ومن المرجّح أن يؤدي عدم اتخاذ إجراءات ترحيل بحق هذا الرجل إلى إعادة إشعال جدل حاد في ألمانيا حول تنفيذ قرارات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين.

واتخذت حكومة أولاف شولتس مؤخراً سلسلة إجراءات لتشديد ضوابط الهجرة، ويتمثل أحد هذه الالتزامات الرئيسية في تسريع عمليات ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين.

وتبنى النواب الألمان (الجمعة) قسماً مهماً من التدابير في هذا الاتجاه، في وقت يتعرض المستشار لضغوط مع صعود اليمين المتطرف في ألمانيا، كما هو الحال في أماكن أخرى في أوروبا.

وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر خلال إحياء الذكرى السنوية الأولى لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، إن «مستوى تهديد العنف المعادي للسامية مرتفع».

وأحصت الشرطة في ألمانيا أكثر من 3200 عملاً معادياً للسامية منذ بداية العام وحتى بداية أكتوبر (تشرين الأول)، وهو ما يعادل ضعف العدد المسجل في الفترة نفسها من العام الماضي.