لندن وواشنطن تتعاونان استخباراتياً بوجه تهديدات «غير مسبوقة»

مديرا أجهزتيهما قالا «ليس لديهما حليف آخر أكثر جدارة بالثقة» من بعضهما في مواجهة روسيا والصين والجماعات الإسلامية

ندوة مشتركة في لندن لمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز ورئيس جهاز المخابرات الخارجية البريطاني (إم آي 6) ريتشارد مور (رويترز)
ندوة مشتركة في لندن لمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز ورئيس جهاز المخابرات الخارجية البريطاني (إم آي 6) ريتشارد مور (رويترز)
TT

لندن وواشنطن تتعاونان استخباراتياً بوجه تهديدات «غير مسبوقة»

ندوة مشتركة في لندن لمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز ورئيس جهاز المخابرات الخارجية البريطاني (إم آي 6) ريتشارد مور (رويترز)
ندوة مشتركة في لندن لمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز ورئيس جهاز المخابرات الخارجية البريطاني (إم آي 6) ريتشارد مور (رويترز)

قبل أيام من زيارة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى واشنطن والمقررة في سبتمبر 13 (أيلول)، حيث سيستقبله الرئيس الأميركي جو بايدن، أكد مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز ورئيس جهاز المخابرات الخارجية البريطاني (إم آي 6) ريتشارد مور السبت أهمية تعاونهما في مواجهة تهديدات «غير مسبوقة» مع الإشارة إلى روسيا والصين والجماعات الإسلامية. وشددا في مقال نشرته صحيفة «فايننشيال تايمز»، قبل فعالية مشتركة نظمتها الصحيفة لهما، على أنه «ليس لديهما حليف آخر أكثر جدارة بالثقة» من بعضهما.

بيرنز ومور أكدا على أهمية تعاونهما في مواجهة تهديدات «غير مسبوقة» (رويترز)

وقالا إنه يتعين عليهما التحرك اليوم «في نظام دولي متنازع عليه حيث تواجه بلدان مجموعة من التهديدات غير المسبوقة». وجاءت تصريحات بيرنز ومور، خلال الفعالية في لندن السبت وهي المرة الأولى التي يظهران فيها معاً بشكل علني. وفي شأن الحرب في أوكرانيا قال ويليام بيرنز وريتشارد مور إنه «من المهم أكثر من أي وقت مضى مواصلة المسيرة» للتصدي لروسيا، مؤكدين أنهما «سيستمران في مساعدة» كييف، وتعهدا بتعزيز تعاونهما في هذا الصدد. وخلال مناقشة هجوم أوكرانيا على منطقة كورسك الروسية، حيث سيطرت قوات كييف على أراضٍ، وصف مور الهجوم بأنه تحرك «جريء وشجاع» لمحاولة تغيير الموقف. وأضاف «من السابق لأوانه تخمين المدة التي سيستطيع خلالها الأوكرانيون الصمود هناك (في كورسك)». ورغم وصف بيرنز الهجوم بأنه «إنجاز تكتيكي كبير» للأوكرانيين، قال إنه لا يرى أي أدلة على تراخي قبضة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على السلطة.

بيرنز ومور أكدا أنه «ليس لديهما حليف آخر أكثر جدارة بالثقة» من بعضهما (رويترز)

وتعد الولايات المتحدة وبريطانيا من الداعمين الرئيسيين لأوكرانيا مالياً وعسكرياً في مواجهة الغزو الروسي الذي بدأ في فبراير (شباط) 2022. وأكدت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية مع جهاز الاستخبارات البريطاني تصميمهما على مكافحة «حملة التخريب» ومحاولات زعزعة الاستقرار عبر المعلومات المضللة التي تنفذها موسكو في أوروبا. وتحدّثا أيضاً عن الصين باعتبارها «التحدي الجيوسياسي والاستخباراتي الرئيسي في القرن الحادي والعشرين»، بالإضافة إلى مكافحة إرهاب جماعات إسلامية. واعتبرا أن «الحفاظ على التميّز في مجال التكنولوجيا أمر حيوي» في مواجهة كل هذه التهديدات، مستشهدين بتطور الذكاء الاصطناعي. وقالا في مقالهما المشترك والفعالية، كما نقلت عنهما وكالة «رويترز»: «الشراكة تكمن في القلب النابض للعلاقة الخاصة بين بلدينا»، وأشارا إلى احتفال الجهازين قبل عامين بمرور 75 عاماً على الشراكة.

بيرنز قال إنه «من المهم أكثر من أي وقت مضى مواصلة المسيرة» للتصدي لروسيا (رويترز)

وأضافا أن الجهازين «يقفان معاً في مقاومة روسيا المعتدية والحرب العدوانية التي يشنها (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين ضد أوكرانيا». وكررا أن «الاستمرار في المسار (في أوكرانيا) أكثر أهمية من أي وقت مضى. لن ينجح بوتين في النيل من سيادة أوكرانيا واستقلالها»، وأن الجهازين سيواصلان مساعدة المخابرات الأوكرانية. وقالا إن الجهازين سيواصلان العمل لإحباط «حملة التخريب المتهورة في جميع أنحاء أوروبا من جانب المخابرات الروسية» و«استخدامها الخبيث للتكنولوجيا» لنشر المعلومات المضللة «لبث الفرقة بيننا». وتنفي روسيا انتهاج حملات تخريب وتضليل ضد الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية. وأشار بيرنز ومور إلى أنهما أعادا تنظيم الجهازين للتكيف مع تنامي نفوذ الصين، والذي وصفاه بأنه «التحدي الاستخباراتي والجيوسياسي الرئيسي في القرن الحادي والعشرين». وقالا إن الجهازين «استغلا أيضاً قنواتنا الاستخباراتية للضغط بقوة لضبط النفس وخفض التصعيد» في الشرق الأوسط، ويعملان على التوصل إلى هدنة في غزة يمكن أن توقف «الخسارة الفادحة في أرواح المدنيين الفلسطينيين» وتسمح لحركة «حماس» بإطلاق سراح الرهائن الذين احتجزتهم في هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول). وبيرنز هو كبير المفاوضين الأميركيين في المحادثات الرامية إلى التوصل إلى اتفاق. وقال البيت الأبيض الجمعة إن الرئيس الأميركي جو بايدن سيستضيف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في 13 سبتمبر. وأضاف البيت الأبيض في بيان «سيجري الزعيمان مناقشات متعمقة حول مجموعة من القضايا العالمية ذات الاهتمام المشترك تتضمن مواصلة الدعم القوي لأوكرانيا في دفاعها عن نفسها ضد العدوان الروسي، والتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار لإنهاء الحرب في غزة، وحماية الشحن الدولي في البحر الأحمر من تهديدات الحوثيين المدعومين من إيران، وتعزيز أن تكون منطقة المحيطين الهندي والهادي حرة ومفتوحة». ويأتي هذا اللقاء في حين تشهد مواقف الولايات المتحدة وبريطانيا تباعدا بشأن إسرائيل، مع إعلان بريطانيا تعليق نحو ثلاثين رخصة تصدير أسلحة إلى الدولة العبرية متحدثة عن «خطر» يتعلق باستخدامها بشكل ينتهك القانون الدولي في غزة. وزيارة ستارمر هي الثانية التي يقوم بها إلى واشنطن منذ توليه منصبه قبل شهر، كما يأتي الاجتماع قبل نحو شهرين من انتخابات الرئاسة الأميركية. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير في بيان إن بايدن وستارمر سوف «يجريان مناقشة عميقة لمجموعة من القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك».

مور رئيس جهاز المخابرات الخارجية البريطاني (رويترز)

وتابعت المتحدثة أن «الدعم القوي لأوكرانيا ودفاعها ضد العدوان الروسي» سيكون على جدول أعمال الاجتماع، وكذلك تأمين إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار من أجل إنهاء الحرب في غزة. كما سيبحث بايدن وستارمر حماية الشحن الدولي في البحر الأحمر من تهديدات الحوثيين المدعومين من إيران وتعزيز منطقة المحيطين الهندي والهادي الحرة والمفتوحة. ونقلت وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا) عن بيان البيت الأبيض قوله «إنهما سيناقشان أيضاً فرص تعزيز التعاون الأميركي البريطاني لتأمين سلاسل التوريد».


مقالات ذات صلة

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

أوروبا صورة أرشيفية لترمب وستولتنبرغ خلال قمة «الناتو» في واتفورد البريطانية ديسمبر 2019 (أ.ب)

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستدخل الحرب ضد أوكرانيا "قريبا" وكييف كرانيا تطالب بأنظمة دفاع جوي حديثة للتصدي لصواريخ روسيا

إيلي يوسف (واشنطن)
العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:41

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

البنتاغون: صاروخ بوتين لن يغير مسار حرب أوكرانيا

قلَّلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من أهمية الهجوم الذي نفذته روسيا، الخميس، ضد أوكرانيا، بصاروخ باليستي تجريبي جديد. كما أكدت أنْ لا شيء يدعو إلى تغيير

إيلي يوسف (واشنطن)

خطة هولندية لمكافحة «معاداة السامية»

اشتباكات في أمستردام بعد مباراة كرة قدم بين مكابي تل أبيب وأياكس بالقرب من محطة أمستردام سنترال (رويترز)
اشتباكات في أمستردام بعد مباراة كرة قدم بين مكابي تل أبيب وأياكس بالقرب من محطة أمستردام سنترال (رويترز)
TT

خطة هولندية لمكافحة «معاداة السامية»

اشتباكات في أمستردام بعد مباراة كرة قدم بين مكابي تل أبيب وأياكس بالقرب من محطة أمستردام سنترال (رويترز)
اشتباكات في أمستردام بعد مباراة كرة قدم بين مكابي تل أبيب وأياكس بالقرب من محطة أمستردام سنترال (رويترز)

أعلنت الحكومة الهولندية، اليوم الجمعة، إطلاق خطة جديدة لمكافحة «معاداة السامية»، بعد أسبوعين من صدامات بين مشجعي كرة قدم إسرائيليين وشبان، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وخصص مجلس الوزراء مبلغاً إضافياً قدره 4.5 مليون يورو سنوياً لهذه الخطة، سيجري استخدام جزء منه لتعزيز أمن المؤسسات اليهودية والكنس.

وقال وزير العدل ديفيد فان ويل: «للأسف، ازدادت معاداة السامية في هولندا، خلال العام الماضي، كما أظهرت الأحداث التي وقعت في أمستردام قبل أسبوعين».

بعد مباراة في الدوري الأوروبي «يوروبا ليغ» بين أياكس أمستردام وفريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي، في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تعرّض مشجعون للأخير إلى الملاحقة والضرب في شوارع العاصمة الهولندية، ما أدى إلى إصابة عدد من الأشخاص بجروح، وإثارة سخط في كثير من العواصم الغربية.

واندلعت حوادث متفرقة قبل المباراة، شملت هتافات معادية للعرب رددها مشجعو مكابي وحرق علم فلسطيني في ساحة دام المركزية، قبل أن يتعرض أنصار الفريق الإسرائيلي لأعمال عنف.

وعَدَّت إسرائيل والسلطات الهولندية أن هذه الأحداث «معادية للسامية».

ونُقل خمسة من مشجعي مكابي إلى المستشفى لفترة وجيزة؛ لتلقي العلاج بعد إصابتهم في أعمال العنف التي أثارت غضب قادة غربيين.

وتشمل استراتيجية الحكومة أيضاً تشكيل فريق عمل معنيّ بمعاداة السامية، وإصدار قوانين أكثر صرامة بشأن «تمجيد الإرهاب» والتحقيق في أعمال العنف المرتكبة خلال الاحتجاجات.

كما سيجري استهداف مشجعي كرة القدم من أجل القضاء على الهتافات المعادية للسامية في الملاعب.

وقال رئيس الوزراء ديك شوف، للصحافيين: «إنه مزيج من القمع والوقاية».