نزل الآلاف إلى الشوارع في أنحاء فرنسا اليوم السبت للاحتجاج على قرار الرئيس إيمانويل ماكرون تعيين ميشال بارنييه المنتمي إلى تيار يمين الوسط رئيساً للوزراء، بينما تتهم أحزاب يسارية ماكرون بسرقة الانتخابات التشريعية.
وشهدت مدن عدة احتجاجات حاشدة، أبرزها باريس، إضافة إلى نانت في الغرب ونيس ومرسيليا في الجنوب وستراسبورغ في الشرق. ورفع المتظاهرون شعارات أبرزها «إنكار للديمقراطية»، و«الفرنسيون لم يصوّتوا لذلك»، و«ليستقل» ماكرون.
ونُظمت نحو 150 مسيرة في كل أنحاء فرنسا، وكانت مقررة حتى قبل تعيين بارنييه الخميس.
وبحسب الشرطة، نزل 26 ألف شخص إلى الشارع في باريس، في حين قال حزب «فرنسا الأبية» (يسار راديكالي) إن العدد بلغ 160 ألفاً.
وكان الغضب سمة مشتركة بين المتظاهرين في مختلف مدن فرنسا. وقالت سيندي روندينو، وهي مصورة تبلغ (40 عاماً) شاركت في مظاهرة في نانت مع شريكها أوبين غورو (42 عاماً) وهو مزارع، «نشعر بأنه لا يتم الاستماع إلينا كناخبين». وأكدا أنهما «في حالة غضب شديد».
وخلال مظاهرة في مرسيليا (جنوب شرق) رُفعت أعلام حزب «فرنسا الأبية» وأعلام فلسطينية. وقدرت الشرطة عدد المشاركين فيها بـ3500 شخص بينما قدرهم المنظمون بـ12 ألف شخص.
وقالت أوريلي مالفان (24 عاماً) وهي طالبة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشعر وكأننا تعرضنا للسرقة». وشهدت المظاهرات مشاركة واسعة لجيل الشاب.
وقال مانون بونيجول (21 عاماً) الذي تظاهر في باريس: «بالنسبة لماكرون، أعتقد أن نتيجة التصويت غير مهمة، كان يعرف مسبقاً من يريد أن يعيّن في السلطة. أعتقد أنه على أي حال لن يكون للتصويت أي فائدة طالما ماكرون في السلطة».
وقالت المتظاهرة ألكسندرا جيرمان (44 عاماً): «هذه ديكتاتورية. منذ فترة لا يتم الاستماع إلينا في الشوارع، وحالياً لم يعد يتم الاستماع إلينا في صناديق الاقتراع».
وأضافت: «الاحتجاج هو سبيلي الوحيد لكي أقول إنني لا أوافق، حتى لو كنت أعلم جيداً أنه لن يجدي نفعاً».
وعين ماكرون بارنييه، المفاوض السابق للاتحاد الأوروبي بشأن خروج بريطانيا من التكتل، البالغ 73 عاماً رئيساً للوزراء يوم الخميس منهياً بحثاً استمر لشهرين بعد قراره إجراء انتخابات تشريعية أسفرت عن برلمان معلق ومنقسم إلى ثلاثة تكتلات.
وقال بارنييه مساء أمس الجمعة خلال أولى مقابلاته في منصبه الجديد إن حكومته التي تفتقر إلى أغلبية واضحة ستضم سياسيين محافظين وأعضاء من معسكر ماكرون وإنه يأمل في ضم بعض المنتمين إلى تيار اليسار.
ويواجه السياسي المحافظ مهمة شاقة لمحاولة دفع الإصلاحات وإقرار موازنة البلاد لعام 2025 في وقت تتعرض فيه فرنسا للضغوط من المفوضية الأوروبية وأسواق السندات لخفض عجز الموازنة.
ويتهم اليساريون، بقيادة حزب فرنسا الأبية، ماكرون بإنكار الديمقراطية وسرقة الانتخابات بعد رفضه اختيار مرشح تحالف الجبهة الشعبية الجديدة الذي فاز في انتخابات يوليو (تموز).
ونشرت مؤسسة إيلاب لاستطلاعات الرأي مسحاً أمس الجمعة أظهر أن 74 في المائة من الفرنسيين يعتقدون أن ماكرون تجاهل نتائج الانتخابات، بينما يعتقد 55 في المائة منهم أنه سرقها.
ويواصل بارنييه مشاورات تشكيل الحكومة اليوم السبت، وهي مهمة صعبة نظراً لمواجهته تصويتاً محتملاً بحجب الثقة. ومن المقرر كذلك مناقشة مسودة عاجلة لموازنة 2025 في البرلمان في مطلع أكتوبر.
ويمتلك الأغلبية تحالف الجبهة الشعبية الجديدة وحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، وربما يتمكن كلاهما من الإطاحة برئيس الوزراء عن طريق تصويت بحجب الثقة إذا قررا التعاون.
وقدم حزب التجمع الوطني موافقته الضمنية على بارنييه، مشيراً إلى وجود عدد من الشروط لكيلا يدعم إجراء تصويت بحجب الثقة، وهو ما يجعل الحزب المسؤول الفعلي عن تشكيل حكومة جديدة.
وقال جوردان بارديلا زعيم الحزب لشبكة «بي إف إم» اليوم السبت: «إنه رئيس وزراء تحت المراقبة». وأضاف: «لا يمكن فعل شيء من دوننا».