زلزال سياسي في ألمانيا... لماذا يمثل فوز اليمين المتطرف «صفعة» لشولتس؟

المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)
TT

زلزال سياسي في ألمانيا... لماذا يمثل فوز اليمين المتطرف «صفعة» لشولتس؟

المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)

يبرز اليمين المتطرف بوصفه لاعباً رئيسياً في ألمانيا، بعد نتائجه القياسية في اقتراعين إقليميين بشرق البلاد، ما زاد من إضعاف ائتلاف يسار الوسط، بزعامة أولاف شولتس، قبل عام من الانتخابات البرلمانية، وفق ما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية».

وحذَّر تينو كروبالا، الرئيس المشارِك لحزب «البديل من أجل ألمانيا» المناهض للمهاجرين، والمعروف بمواقفه المؤيِّدة لروسيا، والذي حقق انتصاراً غير مسبوق، أمس الأحد، من أنه «لن تكون هناك سياسة من دون حزب (البديل من أجل ألمانيا)».

وأصبح حزب «البديل من أجل ألمانيا» القوة السياسية الرائدة في تورينغن، وحلَّ ثانياً خلف المحافظين في ساكسونيا، وهما ولايتان من ولايات جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة.

وقال زعيم الحزب في تورينغن، بيورن هوكه، وهو من أكثر شخصيات الحزب تطرفاً، إنه «مستعدّ للتعاون»، لكن ليس هناك حزب آخر يريد التحالف معه.

وتحدثت صحيفة «تاغسبيغل» اليومية عن «زلزال سياسي في الشرق»، بينما وصفت صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» النتيجة بأنها «مُقلقة للديمقراطيين».

وإضافة إلى حزب «البديل من أجل ألمانيا»، صوّت الناخبون أيضاً لصالح حزب «بي إس دبليو» الجديد، الذي يعارض الهجرة، ويطالب بوقف إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا. أسَّس هذا الحزب شخصية يسارية راديكالية هي ساهرا فاغنكنخت، وقد حصل على 11.8 في المائة بساكسونيا، و15.8 في المائة في تورينغن.

«صفعة» لشولتس

في ولاية ساكسونيا، تقدَّم «حزب البديل من أجل ألمانيا» 7 نقاط (30.6 في المائة)، ليحتل المركز الثاني بعد حزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» المحافظ (31.9 في المائة) الذي استبعد أي تحالف مع اليمين المتطرف، لكنه سيواجه صعوبة في الحصول على غالبية ببرلمان دريسدن الإقليمي.

تُمثل النتائج التي حققها اليمين المتطرف بهاتين المنطقتين؛ حيث ترسخت جذوره على مدى السنوات العشر الماضية، انتكاسة جديدة للأحزاب الثلاثة في الائتلاف الحاكم؛ وهم: «الاشتراكيون الديمقراطيون» و«الخضر» و«الليبراليون»، قبل الانتخابات التشريعية في سبتمبر (أيلول) 2025.

ففي الانتخابات الأوروبية خلال يونيو (حزيران) الماضي، تعرضت هذه الأحزاب لهزيمة قاسية في مواجهة المعارضة المحافِظة واليمين المتطرف.

وسجّل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بزعامة شولتس، أسوأ نتيجة له في انتخابات إقليمية بتورينغن، بحصوله على نسبة تُقدَّر بـ6.1 في المائة، كما كان أداؤه أقلَّ مما كان عليه قبل خمس سنوات في ولاية ساكسونيا، بحصوله على نسبة 7.3 في المائة.

ويثير ذلك مخاوف من حصول الأسوأ في الانتخابات الإقليمية، التي ستُجرى في 22 سبتمبر بمنطقة براندنبورغ المحيطة ببرلين، والتي يقودها حالياً الحزب «الاشتراكي الديمقراطي».

وتدفع السلطة التنفيذية ثمن استياء جزء من الرأي العام، والذي يُغذيه التضخم والتحول البيئي الذي تُحاول الحكومة تنفيذه بدفع من حزب «الخضر». وتزيد المشاحنات المستمرة داخل هذا الائتلاف الثلاثي من عدم شعبيته.

وقالت ماريان كنيوير، أستاذة العلوم السياسية بجامعة دريسدن التقنية، للوكالة: «هذه صفعة كبيرة جداً للحكومة ككل، ولشولتس خصوصاً».

يُضاف إلى الهزيمة التي توقّعتها استطلاعات الرأي تأثير الهجوم الذي أودى بحياة ثلاثة أشخاص في سولينغن (غرب)، بنهاية أغسطس (آب) الماضي. والمُنفّذ المزعوم للهجوم هو لاجئ سوري يبلغ 26 عاماً، وهو ما أعاد إحياء النقاش بشأن الهجرة.

ويخرج حزب «الخضر» من البرلمان الإقليمي في تورينغن، بعد أن فشل في اجتياز عتبة الخمسة في المائة الضرورية. وقد صمَدَ بفارق ضئيل في ولاية ساكسونيا.

وقد زاد الاختراق المذهل، الذي حققه حزب «بي إس دبليو»، من زعزعة المشهد السياسي. وقد تكون للنتيجة التي حققها تداعيات تتجاوز الحدود الإقليمية، إذ إن زعيمته ساهرا فاغنكنشت تُصرّ، قبل تشكيل أي تحالف، على شرط يتمثل في رفض النشر المزمع لصواريخ أميركية متوسطة المدى في ألمانيا.



ميركل تدعو للتفكير بحلول دبلوماسية موازية لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل تتحدث على خشبة المسرح خلال تقديم كتابها «الحرية: ذكريات 1954 - 2021» في مسرح دويتشز ببرلين - 26 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)
المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل تتحدث على خشبة المسرح خلال تقديم كتابها «الحرية: ذكريات 1954 - 2021» في مسرح دويتشز ببرلين - 26 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

ميركل تدعو للتفكير بحلول دبلوماسية موازية لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل تتحدث على خشبة المسرح خلال تقديم كتابها «الحرية: ذكريات 1954 - 2021» في مسرح دويتشز ببرلين - 26 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)
المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل تتحدث على خشبة المسرح خلال تقديم كتابها «الحرية: ذكريات 1954 - 2021» في مسرح دويتشز ببرلين - 26 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

ناشدت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أوكرانيا وداعميها التفكير بالتوازي في حلول دبلوماسية في خضم معترك إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وقالت ميركل في تصريحات للقناة الثانية في التلفزيون الألماني (زد دي إف): «لا ينبغي لروسيا أن تكسب هذه الحرب... ما فعله (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) مع أوكرانيا عمل سافر منتهِك للقانون الدولي»، موضحة في المقابل: «يتعيّن دائماً التفكير بالتوازي مع حلول دبلوماسية»، مشيرة إلى أنه لا داعي لمناقشة هذه الحلول الآن. وأوضحت أن تحديد الوقت المناسب لذلك أمر يتعيَّن على الجميع (أوكرانيا وداعميها) مناقشته معاً، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».

المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل تصل لتقديم كتابها «الحرية: ذكريات 1954 - 2021» في مسرح دويتشز ببرلين 26 نوفمبر 2024... نُشرت المذكرات السياسية لميركل في 26 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

وأكدت ميركل أنها تدعم ما تفعله الحكومة الألمانية الحالية من أجل أوكرانيا، مشيرة إلى أنه من المعروف أن تحقيق أوكرانيا نصراً عسكرياً ضد جارتها الكبرى روسيا لن يكون سهلاً، وقالت: «ومع ذلك، فإنني أؤيد كل ما يفعله المجتمع الدولي لوضع أوكرانيا في وضع جيد... ليس من مصلحة أوكرانيا فحسب، بل من مصلحتنا أيضاً ألا ينتصر بوتين في هذه الحرب»، مؤكدة أنها بذلت قصارى جهدها لضمان عدم حدوث مثل هذا التصعيد.

ومن ناحية أخرى، علّقت ميركل أيضاً على سياسة الهجرة، معترفة بأن حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني الشعبوي المناهض للهجرة «أصبح بالتأكيد أقوى» مما كان عليه في الانتخابات العامة التي جرت عام 2013، بسبب العدد الكبير من المهاجرين الذين جاءوا إلى ألمانيا في عام 2015.

وفي المقابل، أشارت ميركل إلى أن نسبة تأييد حزب «البديل من أجل ألمانيا» كانت تتراوح بين 10 و11 في المائة عندما تركت منصبها، لكنها وصلت اليوم إلى 18 في المائة، وقالت: «هذا يعني أن لا بد أن شيئاً آخر قد حدث خلال تلك الفترة»، موضحة أنه «لم يكن من الجيد لنا - نحن الأحزاب الديمقراطية - أن نتجادل بهذه الشدة حول قضية اللاجئين». وأضافت أن هذا الجدال لم يضعف بالتأكيد حزب «البديل من أجل ألمانيا».

لافتة تعلن عن توقيع كتاب المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل «الحرية: ذكريات 1954 - 2021» بينما يقف الناس في طابور خارج متجر لبيع الكتب في برلين - ألمانيا 27 نوفمبر 2024 (رويترز)

وذكرت ميركل أنه يتعيَّن على الأحزاب الديمقراطية الآن تقديم حلول، وعدم تبني أجندة حزب «البديل من أجل ألمانيا» أو خطابه، معربةً عن اعتقادها أن هناك ما يكفي من الأشخاص الشجعان في ألمانيا الملتزمين بالحرية والديمقراطية.

وتابعت: «آمل أن يكون هناك توازن في النقاش السياسي خلال الحملة الانتخابية المقبلة حتى تخرج منه القوى الديمقراطية أقوى».

ونشرت ميركل، يوم الثلاثاء الماضي، مذكراتها بعنوان «الحرية: ذكريات 1954 - 2021».