كيف تمكن الجيش الأوكراني من التوغّل في روسيا بهذه السهولة؟

جنود أوكرانيون من اللواء الميكانيكي الرابع والعشرين يركبون مركبة قتال مشاة BRM1k في مكان غير معلوم في منطقة دونيتسك... أوكرانيا 17 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
جنود أوكرانيون من اللواء الميكانيكي الرابع والعشرين يركبون مركبة قتال مشاة BRM1k في مكان غير معلوم في منطقة دونيتسك... أوكرانيا 17 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
TT

كيف تمكن الجيش الأوكراني من التوغّل في روسيا بهذه السهولة؟

جنود أوكرانيون من اللواء الميكانيكي الرابع والعشرين يركبون مركبة قتال مشاة BRM1k في مكان غير معلوم في منطقة دونيتسك... أوكرانيا 17 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
جنود أوكرانيون من اللواء الميكانيكي الرابع والعشرين يركبون مركبة قتال مشاة BRM1k في مكان غير معلوم في منطقة دونيتسك... أوكرانيا 17 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

كشف التوغل الأوكراني في منطقة كورسك الروسية عن نقاط ضعف الجيش الروسي، ما شكّل مفاجأة لموسكو، حسب تقرير لصحيفة «لوموند» الفرنسية.

قبل التوغّل الأوكراني، كانت منطقة كورسك الروسية الحدودية مع أوكرانيا، تعتبر منطقة منخفضة المخاطر من قبل موسكو، حيث تتركز غالبية القوات في دونباس في شرق أوكرانيا. وكانت نقاط التفتيش على طول الحدود التي يبلغ طولها 245 كيلومتراً يديرها بشكل رئيسي المجندون الروس والوحدات الروسية المجهزة بشكل خفيف، مما جعل الاختراق الأوكراني سهلاً بشكل كبير.

جنود أوكرانيون من اللواء الميكانيكي الرابع والعشرين يستعدون لإطلاق مركبة مشاة قتالية من طراز BRM1k باتجاه المواقع الروسية في مكان غير معلوم في منطقة دونيتسك... أوكرانيا 17 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

ويشير ستيفان أودراند، مستشار المخاطر الدولية، إلى أن منطقة كورسك هادئة منذ ربيع 2022، مع وجود خطين فقط من الخنادق البسيطة، وعدد قليل من حقول الألغام، وعدد قليل من الجنود.

واستغلت القوات الأوكرانية حقيقة أن الروس قد بدأوا في إزالة الألغام في المنطقة استعداداً للهجوم، ولكن دون حشد القوات بعد. وقد زاد عنصر المفاجأة من خلال الاعتقاد الروسي بأن الأوكرانيين كانوا يركزون على دونباس وشبه جزيرة القرم، مما يجعل الهجوم على أراضيهم غير مرجح بالنسبة للروس.

ومع ذلك، قامت كييف بتجميع الآلاف من القوات بهدوء في منطقة سومي، وهي خطوة قال البعض إنها كان ينبغي أن تنبه المخابرات الروسية. وتكشف هذه النكسة إخفاقات القيادة العسكرية العليا في موسكو، مع تجاهل التحذيرات بشأن تركز القوات الأوكرانية.

ويُظهر الهجوم الأوكراني المخطط له بعناية مرة أخرى قدرة كييف على مفاجأة خصومها واستعادة زمام المبادرة، على الرغم من الاعتقاد الروسي بعكس ذلك.

لقد خطط الأوكرانيون بعناية لهجومهم في منطقة كورسك، ونشروا الآلاف من القوات المتمرسة في القتال واستخدموا طائرات من دون طيار لاختراق الدفاعات الروسية بدقة مخيفة. وعلى عكس التوغلات السابقة، أنشأوا مجموعات متنقلة، وسرعان ما ركزوا قواتهم بعد التسلل إلى المنطقة بشكل سري. وسيطروا على عدة مواقع، تراوح عددها بين 28 و74 بحسب مصادر أوكرانية وروسية.

ويكافح الرد الروسي، الذي يتسم بسوء التنسيق وبطء رد الفعل، لمواجهة هذا التقدم، وفق تقرير «لوموند».

جندي أوكراني من اللواء الميكانيكي الرابع والعشرين يستعد لإطلاق مركبة مشاة قتالية من طراز BRM1k باتجاه المواقع الروسية في مكان غير معلوم في منطقة دونيتسك... أوكرانيا 17 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

ويفتقر الرد الروسي إلى الرجال والمعدات، لأن غالبية الموارد تتركز على جبهة دونباس في شرق أوكرانيا. وتقوم موسكو بحشد التعزيزات، لكن فعالية هذا الهجوم المضاد لا تزال غير مؤكدة. فستكون الأيام المقبلة حاسمة: سيتعين على الأوكرانيين أن يقرروا ما إذا كانوا سينسحبون أو يستأنفون الهجمات أو يحافظون على مواقعهم. وهذا الخيار الأخير قد يعرضهم لحرب استنزاف لصالح روسيا.

ويتطور الوضع بسرعة، مع نزوح أعداد كبيرة من السكان الروس من منطقة كورسك نتيجة التوغّل الأوكراني. هذا النزوح يتحدى السرد الرسمي لموسكو بشأن «عملية عسكرية خاصة» تحت السيطرة، وخاصة في المناطق الحدودية مثل بيلغورود الروسية، التي تخضع الآن لحالة الطوارئ.


مقالات ذات صلة

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب) play-circle 01:12

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

أعلن الرئيس الأوكراني، الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أوكراني. وهذا السلاح استخدمته روسيا للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)

روسيا: تصرفات بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب

نقلت وكالة «سبوتنيك» للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله (الجمعة) إن تصرفات إدارة الرئيس بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
TT

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)
صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أسلحة أوكراني. وهذا السلاح، غير المعروف حتى الآن، استخدمته روسيا للمرة الأولى ضد أوكرانيا ولتحذير الغرب.

فيما يلي ما نعرفه عن هذا الصاروخ التجريبي الذي أُطلق عليه اسم «أوريشنيك»:

آلاف الكيلومترات

حتى استخدامه يوم الخميس، لم يكن هذا السلاح الجديد معروفاً. ووصفه بوتين بأنه صاروخ باليستي «متوسط المدى»، يمكنه بالتالي بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي قبل إطلاقه (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

وحسب الرئيس الروسي، فإن إطلاق الصاروخ كان بمثابة تجربة في الظروف القتالية؛ مما يعني أن هذا السلاح لا يزال قيد التطوير. ولم يعطِ أي إشارة إلى عدد الأنظمة الموجودة، لكنه هدّد بإعادة استخدامه.

تبلغ المسافة بين منطقة أستراخان الروسية التي أُطلق منها صاروخ «أوريشنيك»، الخميس، حسب كييف، ومصنع تصنيع الأقمار الاصطناعية بيفدينماش الذي أصابه الصاروخ في دنيبرو (وسط شرق أوكرانيا)، تقريباً 1000 كيلومتر.

وإذا كان لا يدخل ضمن فئة الصواريخ العابرة للقارات (التي يزيد مداها على 5500 كيلومتر) يمكن لـ«أوريشنيك» إذا أُطلق من الشرق الأقصى الروسي نظرياً أن يضرب أهدافاً على الساحل الغربي للولايات المتحدة.

وقال الباحث في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح (Unidir) في جنيف، بافيل بودفيغ، في مقابلة مع وسيلة الإعلام «أوستوروزنو نوفوستي»، إن «(أوريشنيك) يمكنه (أيضاً) أن يهدّد أوروبا بأكملها تقريباً».

وحتى عام 2019 لم يكن بوسع روسيا والولايات المتحدة نشر مثل هذه الصواريخ بموجب معاهدة القوى النووية متوسطة المدى الموقّعة في عام 1987 خلال الحرب الباردة.

لكن في عام 2019 سحب دونالد ترمب واشنطن من هذا النص، متهماً موسكو بانتهاكه؛ مما فتح الطريق أمام سباق تسلح جديد.

3 كلم في الثانية

أوضحت نائبة المتحدث باسم «البنتاغون»، سابرينا سينغ، للصحافة، الخميس، أن «(أوريشنيك) يعتمد على النموذج الروسي للصاروخ الباليستي العابر للقارات RS - 26 Roubej» (المشتق نفسه من RS - 24 Yars).

وقال الخبير العسكري إيان ماتفييف، على تطبيق «تلغرام»، إن «هذا النظام مكلف كثيراً، ولا يتم إنتاجه بكميات كبيرة»، مؤكداً أن الصاروخ يمكن أن يحمل شحنة متفجرة تزن «عدة أطنان».

في عام 2018، تم تجميد برنامج التسليح «RS - 26 Roubej»، الذي يعود أول اختبار ناجح له إلى عام 2012، حسب وكالة «تاس» الحكومية، بسبب عدم توفر الوسائل اللازمة لتنفيذ هذا المشروع «بالتزامن» مع تطوير الجيل الجديد من أنظمة «Avangard» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويُفترض أنها قادرة على الوصول إلى هدف في أي مكان في العالم تقريباً.

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي على متن شاحنة مدولبة (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

حسب بوتين فإن الصاروخ «أوريشنيك» «في تكوينه غير النووي الذي تفوق سرعته سرعة الصوت» يمكن أن تصل سرعته إلى 10 ماخ، «أو 2.5 إلى 3 كيلومترات في الثانية» (نحو 12350 كلم في الساعة). وأضاف: «لا توجد أي طريقة اليوم للتصدي لمثل هذه الأسلحة».

عدة رؤوس

أخيراً، سيتم تجهيز «أوريشنيك» أيضاً بشحنات قابلة للمناورة في الهواء؛ مما يزيد من صعوبة اعتراضه.

وشدد بوتين على أن «أنظمة الدفاع الجوي المتوفرة حالياً في العالم، وأنظمة الدفاع الصاروخي التي نصبها الأميركيون في أوروبا، لا تعترض هذه الصواريخ. هذا مستبعد».

وأظهر مقطع فيديو للإطلاق الروسي نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ست ومضات قوية متتالية تسقط من السماء وقت الهجوم، في إشارة -حسب الخبراء- إلى أن الصاروخ يحمل ست شحنات على الأقل. يقوم هذا على تجهيز صاروخ بعدة رؤوس حربية، نووية أو تقليدية، يتبع كل منها مساراً مستقلاً عند دخوله الغلاف الجوي.