كشف التوغل الأوكراني في منطقة كورسك الروسية عن نقاط ضعف الجيش الروسي، ما شكّل مفاجأة لموسكو، حسب تقرير لصحيفة «لوموند» الفرنسية.
قبل التوغّل الأوكراني، كانت منطقة كورسك الروسية الحدودية مع أوكرانيا، تعتبر منطقة منخفضة المخاطر من قبل موسكو، حيث تتركز غالبية القوات في دونباس في شرق أوكرانيا. وكانت نقاط التفتيش على طول الحدود التي يبلغ طولها 245 كيلومتراً يديرها بشكل رئيسي المجندون الروس والوحدات الروسية المجهزة بشكل خفيف، مما جعل الاختراق الأوكراني سهلاً بشكل كبير.
ويشير ستيفان أودراند، مستشار المخاطر الدولية، إلى أن منطقة كورسك هادئة منذ ربيع 2022، مع وجود خطين فقط من الخنادق البسيطة، وعدد قليل من حقول الألغام، وعدد قليل من الجنود.
واستغلت القوات الأوكرانية حقيقة أن الروس قد بدأوا في إزالة الألغام في المنطقة استعداداً للهجوم، ولكن دون حشد القوات بعد. وقد زاد عنصر المفاجأة من خلال الاعتقاد الروسي بأن الأوكرانيين كانوا يركزون على دونباس وشبه جزيرة القرم، مما يجعل الهجوم على أراضيهم غير مرجح بالنسبة للروس.
ومع ذلك، قامت كييف بتجميع الآلاف من القوات بهدوء في منطقة سومي، وهي خطوة قال البعض إنها كان ينبغي أن تنبه المخابرات الروسية. وتكشف هذه النكسة إخفاقات القيادة العسكرية العليا في موسكو، مع تجاهل التحذيرات بشأن تركز القوات الأوكرانية.
ويُظهر الهجوم الأوكراني المخطط له بعناية مرة أخرى قدرة كييف على مفاجأة خصومها واستعادة زمام المبادرة، على الرغم من الاعتقاد الروسي بعكس ذلك.
لقد خطط الأوكرانيون بعناية لهجومهم في منطقة كورسك، ونشروا الآلاف من القوات المتمرسة في القتال واستخدموا طائرات من دون طيار لاختراق الدفاعات الروسية بدقة مخيفة. وعلى عكس التوغلات السابقة، أنشأوا مجموعات متنقلة، وسرعان ما ركزوا قواتهم بعد التسلل إلى المنطقة بشكل سري. وسيطروا على عدة مواقع، تراوح عددها بين 28 و74 بحسب مصادر أوكرانية وروسية.
ويكافح الرد الروسي، الذي يتسم بسوء التنسيق وبطء رد الفعل، لمواجهة هذا التقدم، وفق تقرير «لوموند».
ويفتقر الرد الروسي إلى الرجال والمعدات، لأن غالبية الموارد تتركز على جبهة دونباس في شرق أوكرانيا. وتقوم موسكو بحشد التعزيزات، لكن فعالية هذا الهجوم المضاد لا تزال غير مؤكدة. فستكون الأيام المقبلة حاسمة: سيتعين على الأوكرانيين أن يقرروا ما إذا كانوا سينسحبون أو يستأنفون الهجمات أو يحافظون على مواقعهم. وهذا الخيار الأخير قد يعرضهم لحرب استنزاف لصالح روسيا.
ويتطور الوضع بسرعة، مع نزوح أعداد كبيرة من السكان الروس من منطقة كورسك نتيجة التوغّل الأوكراني. هذا النزوح يتحدى السرد الرسمي لموسكو بشأن «عملية عسكرية خاصة» تحت السيطرة، وخاصة في المناطق الحدودية مثل بيلغورود الروسية، التي تخضع الآن لحالة الطوارئ.