عيّن ملك تايلاند، ماها فاجيرالونغكورن، رسمياً، اليوم (الأحد)، بايتونغتارن شيناواترا، رئيسة للوزراء؛ ما يجعل من ابنة الملياردير رئيس الحكومة السابق، تاكسين شيناواترا، أصغر شخصية تتولى السلطة التنفيذية في البلاد.
يأتي تعيين بايتونغتارن بعدما أقالت المحكمة الدستورية سلفها، سرينت تافيسين، لانتهاكه القواعد؛ بتعيينه وزيراً في حكومته سبقت إدانته جنائياً.
وباتت بذلك ثالث فرد من عائلة شيناواترا يتولى المنصب بعد والدها (2001 - 2006) وعمتها ينغلاك (2011 - 2014) اللذين أطاح بكل منهما انقلاب عسكري.
وتلقت بايتونغتارن شيناواترا رسالة التكليف الملكية خلال حفل أُقيم في مقر شبكة تلفزيونية عند الساعة التاسعة والنصف صباح الأحد (02:30 ت.غ)، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».
ودعت كل مواطني بلادها إلى العمل معاً لتعزيز اقتصاد البلاد المتعثر، الذي يعاني للتعافي من تبعات جائحة «كوفيد».
وقالت بعد الاحتفال: «بصفتي رئيسة للحكومة، سأعمل مع مجلس النواب بصدر رحب وانفتاح على كل الأفكار للمساعدة في تنمية البلاد».
وتوجَّهت إلى التايلانديين بالقول: «إن هذا الواجب لا يمكن لرئيس الوزراء أن يؤديه بمفرده. آمل في أن أتمكن من تنسيق قوة كل الأجيال، كل الموهوبين في تايلاند، من الحكومة، الائتلاف، موظفي القطاع العام، القطاع الخاص، والشعب».
وحضر تاكسين شيناواترا الحفل ووقف في الصف الأمامي بجانب زوج بايتونغتارن.
وقال رئيس الوزراء السابق البالغ 75 عاماً إن على ابنته «العمل بجدّ. نقطة قوتها هي أنها شابة، يمكنها أن تطلب المساعدة من أي كان. هي متواضعة».
وتتولى بايتونغتارن رئاسة حكومة ائتلافية يقودها حزبها بيو تاي، وهو أحدث التشكيلات المنبثقة من الحركة السياسية التي أطلقها والدها في مطلع الألفية الثالثة، لكن يضم أيضاً مجموعات مؤيدة للجيش ومعروفة بمعارضتها منذ زمن طويل لتاكشين
وكانت إقالة سريتا الأربعاء الجولة الأخيرة في المعركة المتواصلة بين الجيش الموالي للملكية، وأحزاب شعبوية مرتبطة بوالد بايتونغتارن، قطب الاتصالات المالك السابق لنادي مانشستر سيتي لكرة القدم.
واختار حزب بيو تاي بايتونغتارن مرشحته، الخميس. ولم يطرح أي من الأحزاب العشرة الأخرى في الائتلاف بقيادة الحزب مرشحاً من جانبه. وانتخبها المشرّعون رسمياً، الجمعة.
عملت بايتونغتارن في إدارة سلسلة الفنادق التابعة لمجموعة الأعمال العائلية، قبل دخول معترك السياسة، أواخر 2022. وكان لها حضور شبه متواصل في حملة الانتخابات العامة العام الماضي.
استشارة الوالد
خلال تلك الانتخابات حصل حزب «إلى الأمام» التقدمي على أكبر عدد من الأصوات على خلفية وعود بمراجعة القوانين المتعلقة بالذات الملكية وإنهاء الاحتكارات التجارية القوية.
غير أن عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ شعروا بالقلق، وأجهضوا محاولة حزب «إلى الأمام» تشكيل حكومة.
وشكل حزب بيو تاي بالتالي ائتلافاً مع أحزاب موالية للجيش كانت فيما مضى من أشد المعارضين لتاكسين وأنصاره، ما أدى إلى اختيار سريتا.
وبعد أقل من عام، أصبح سريتا ثالث رئيس وزراء من حزب بيو تاي تقيله المحكمة الدستورية.
وستكون رئيسة الوزراء تحت المجهر لرصد أي مؤشرات عن نفوذ على قراراتها من قبل والدها، أكثر السياسيين تأثيراً في التاريخ الحديث لتايلاند، لكن أيضاً مِن أكثرهم إثارة للجدل.
وهي قالت الأحد إنها ستطلب النصيحة من والدها متى لزم الأمر، مع تشديدها على استقلاليتها وأفكارها الخاصة.
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان سيتولى منصب مستشار لرئيسة الوزراء الجديدة، قال تاكسين: «ليس بالضرورة. أنا مسنّ. أنا في الخامسة والسبعين من العمر، بإمكانها أن تسألني أي شيء».
ترك تاكسين شيناواترا بصمته على سياسة المملكة لعقدين من الزمن.
وأعاد رسم السياسة التايلاندية في مطلع الالفية الثانية من خلال سياسات شعبوية أكسبته وحزبه ولاء دائماً من سكان الأرياف، ومنحته الفوز في الانتخابات مرتين.
ولكن هذا النجاح جاء بتكلفة؛ إذ كانت النخب القوية في تايلاند تنظر إليه بازدراء معتبرة حكمه فاسداً واستبدادياً ومزعزعاً للاستقرار الاجتماعي.
بعدما أطاحه الجيش من رئاسة الوزراء في 2006، اختار تاكسين المنفى بعد عامين، لكنه لم يكفّ عن التعليق على الشؤون الوطنية، أو التدخل فيها، وفق منتقديه.
وهو عاد العام الماضي إلى البلاد، حيث أُودِع السجن بتهم الكسب غير المشروع واستغلال السلطة خلال عهده.
وفي حين حُكِم عليه بالسجن ثمانية أعوام، قلّص الملك العقوبة إلى سنة واحدة، بسبب ظروفه الصحية وسنّه. وأعلن محاميه السبت أنه استفاد من عفو ملكي غداة انتخاب ابنته رئيسة للوزراء.