روسيا تلجأ لحيلة خفية لتأمين المزيد من الأسلحة في حربها على أوكرانيا

تستعد لإدخال صواريخ باليستية إيرانية إلى ترسانتها... إضافة إلى قذائف مدفعية ومركبات مدرعة من كوريا الشمالية

وحدة من صواريخ «غراد» الروسية في منطقة دونيستك الثلاثاء (إ.ب.أ)
وحدة من صواريخ «غراد» الروسية في منطقة دونيستك الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

روسيا تلجأ لحيلة خفية لتأمين المزيد من الأسلحة في حربها على أوكرانيا

وحدة من صواريخ «غراد» الروسية في منطقة دونيستك الثلاثاء (إ.ب.أ)
وحدة من صواريخ «غراد» الروسية في منطقة دونيستك الثلاثاء (إ.ب.أ)

تسعى روسيا، في ظل احتدام الحرب في أوكرانيا، إلى اتباع استراتيجية جديدة لتعزيز ترسانتها العسكرية. حيث تعمل موسكو على استغلال حيل خفية وطرق غير تقليدية لتأمين المزيد من الأسلحة والعتاد لدعم قواتها في الصراع المستمر؛ مما يثير تساؤلات حول مدى تأثير هذه التكتيكات على مسار الحرب.

إطلاق قاذفة صواريخ «غراد» روسية باتجاه المواقع الأوكرانية في منطقة دونيستك الثلاثاء (إ.ب.أ)

ويقول ستافروس أتلاماز أوغلو، المتخصص في الشأن الدفاعي، في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، إن الغزو المستمر الذي تشنّه القوات الروسية على أوكرانيا تحول صراعاً طويل الأمد، حيث تواجه روسيا صعوبة في تعويض أنظمة أسلحتها الثقيلة رغم الخسائر الكبيرة.

ومع استمرار الحرب، تعتمد روسيا بشكل متزايد على حلفائها، مثل إيران وكوريا الشمالية للحصول على دعم عسكري، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والمركبات المدرعة. وفي الوقت نفسه، تواصل الولايات المتحدة تزويد أوكرانيا بمساعدات عسكرية كبيرة لمواجهة هذه التطورات، حيث تعهدت بأكثر من 55 مليار دولار مساعداتٍ أمنية.

وتسلط التحالفات العسكرية المتعمقة بين روسيا وإيران وكوريا الشمالية الضوء على التداعيات العالمية للصراع. وفي أوكرانيا، تواجه القوات الروسية أكبر تحدٍ لها منذ الفشل في احتلال أفغانستان في الثمانينات. وتقترب «العملية العسكرية الخاصة» التي كان من المفترض أن تستمر من ثلاثة أيام إلى أسبوعين، الآن بسرعة من 900 يوم من القتال الشديد.

قوة أوكرانية تتقدم عبر معبر حدودي مع روسيا الثلاثاء (رويترز)

وخلال هذه الفترة، فقدت القوات الروسية ما يقرب من 600 ألف قتيل وجريح أو أسير، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من أنظمة الأسلحة الثقيلة.

ويقول أتلاماز أوغلو إنه رغم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومستشاريه في الكرملين تمكنوا من تلبية الطلبات الكبيرة على القوى البشرية في الجيش الروسي، فهم يواجهون صعوبة أكبر في توفير الأنظمة العسكرية الثقيلة. ومن الأسهل إرسال المرتزقة والمجرمين والفقراء الروس ليلقوا حتفهم بدلاً من إنتاج أنظمة الأسلحة المتقدمة الضرورية لمواجهة خصم مزود بأسلحة وذخائر من الولايات المتحدة وحلف «ناتو».

لذلك؛ يتجه بوتين والكرملين بشكل متزايد إلى حلفاء غير تقليديين لتلبية متطلبات المعدات الحربية.

ووفقاً لأجهزة الاستخبارات الأوروبية، تستعد روسيا لإدخال صواريخ باليستية إيرانية إلى ترسانتها. ويبدو أن أفراداً روساً موجودون حالياً في إيران يتلقون تدريباً على استخدام سلاح الصواريخ الباليستية الموجهة بالأقمار الاصطناعية «فاتح - 360». وتتوقع موسكو الحصول على مئات من هذه الصواريخ بعيدة المدى لمهاجمة أوكرانيا.

ويقول أتلاماز أوغلو، كما جاء في تقرير الوكالة الألمانية من واشنطن، إنه على مدى سنوات، تعاونت موسكو مع طهران بالنسبة لبرامج تبادل عسكري. وقد أثبتت الهجمات الإيرانية بطائرات «شاهد» المسيّرة فتكها بشكل خاص ضد المراكز الحضرية الأوكرانية والبنية التحتية الحيوية، حيث استخدم الجيش الروسي آلافاً من هذه المسيّرات.

كما أن كوريا الشمالية هي بلد آخر يقدم مساعدات عسكرية لروسيا، بما في ذلك قذائف المدفعية والمركبات المدرعة. وقالت نائبة المتحدث باسم البنتاغون، سابرينا سينج، خلال مؤتمر صحافي مؤخراً: «لذلك، أعتقد أن ما نشهده هو تعميق الشراكة والتعاون بين جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية وروسيا. وقد كنا واضحين جداً بشأن مخاوفنا من هذا التحالف المتعمق، بالإضافة إلى إيران، التي تزود روسيا بالذخيرة والقدرات بينما تواصل شنّ حرب غير قانونية وغير شرعية ضد جارتها ذات السيادة».

وأضافت: «فيما يتعلق بالمركبة المدرعة التي تشيرون إليها، بصراحة لم أطلع على هذا التقرير، لكننا نعلم أن كوريا الشمالية تقدم مساعدات عسكرية لروسيا. ما يمكنني قوله هو أننا نركز على ضمان حصول أوكرانيا على ما تحتاج إليه لتكون ناجحة في ساحة المعركة».

وتشير تقارير ميدانية إلى أن القوات الروسية تستخدم مركبات مدرعة مضادة للدبابات من طراز «بولساي» التي قدمتها كوريا الشمالية. ولمواجهة مثل هذه المساعدات من إيران وكوريا الشمالية وربما الصين، قدمت الولايات المتحدة مليارات الدولارات في شكل مساعدات عسكرية لأوكرانيا.

قوات روسية ترسل تعزيزات إلى جبهة كورسك (إ.ب.أ)

وحتى الآن، التزمت الولايات المتحدة بأكثر من 55 مليار دولار في ثلاث وستين حزمة من المساعدات الأمنية. وقالت سينج: «لقد رأيتمونا نطرح حزماً بموجب سلطة السحب الرئاسية بشكل متسق تقريباً. سنستمر في القيام بذلك. وبالطبع، فإن أوكرانيا تحظى بدعم مجموعة الاتصال الخاصة بالدفاع عن أوكرانيا التي يعقدها الوزير تقريباً كل شهر. وأعتقد أن هذا هو إظهار قوي للدعم من الولايات المتحدة والدول ذات التفكير المماثل في جميع أنحاء العالم لأوكرانيا».


مقالات ذات صلة

روسيا تجلي المزيد من السكان من كورسك

يقف أشخاص تم إجلاؤهم في منطقة كورسك في طابور لملء نموذج للحصول على مساعدات إنسانية في مركز توزيع المساعدات الإنسانية في كورسك (أ.ب)

روسيا تجلي المزيد من السكان من كورسك

أعلن القائم بأعمال حاكم منطقة كورسك الروسية أليكسي سميرنوف في وقت متأخر من يوم الأربعاء إن السلطات في المنطقة قررت إخلاء مقاطعة غلوشكوف من السكان.

«الشرق الأوسط» (كييف) «الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا 
دمار ناتج عن غارة أوكرانية في بيلغورود (أ.ف.ب)

أوكرانيا تُوسّع اختراقها للأراضي الروسية

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن قوات كييف تواصل تحقيق مكاسب على الأرض في منطقة كورسك، وإنها توغلت لمسافة أخرى تتراوح بين كيلومتر وكيلومترين،

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا مركبة عسكرية أوكرانية تمر عبر نقطة عبور حدودية مدمرة مع روسيا (أ.ف.ب)

أوكرانيا تعتزم إنشاء «منطقة عازلة» وفتح «ممرات إنسانية» في كورسك الروسية

أعلنت أوكرانيا، اليوم (الأربعاء)، إنشاء «منطقة عازلة وفتح ممرات إنسانية» في منطقة كورسك الروسية، حيث شنت قواتها هجوماً غير مسبوق في السادس من أغسطس.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني لدى اجتماعه مع الرئيس الأميركي في كييف 20 فبراير 2023 (رويترز)

أوكرانيا تواصل تقدمها في روسيا وبايدن يصف العملية «بالمعضلة الحقيقية» لموسكو

كييف تعلن السيطرة على 74 بلدة في منطقة كورسك بعد أسبوع من شن آلاف الجنود الأوكرانيين هجوماً مفاجئاً عبر الحدود

«الشرق الأوسط» (كييف) «الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا جنود أوكرانيون يقودون مركبة عسكرية مدرعة في منطقة سومي بالقرب من الحدود مع روسيا 13 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

زيلينسكي يؤكد «تقدُم» القوات الأوكرانية في كورسك... وروسيا تنفي

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال إن القوات الأوكرانية «تواصل تقدمها» في منطقة كورسك الروسية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

تراجع الحريق المدمر حول أثينا... ورجال الإطفاء ما زالوا بحالة تأهب

تظهر صورة التقطتها طائرة من دون طيار منطقة غابات محترقة بعد حريق غابات في رابينتوسا بالقرب من أثينا باليونان... 13 أغسطس 2024 (رويترز)
تظهر صورة التقطتها طائرة من دون طيار منطقة غابات محترقة بعد حريق غابات في رابينتوسا بالقرب من أثينا باليونان... 13 أغسطس 2024 (رويترز)
TT

تراجع الحريق المدمر حول أثينا... ورجال الإطفاء ما زالوا بحالة تأهب

تظهر صورة التقطتها طائرة من دون طيار منطقة غابات محترقة بعد حريق غابات في رابينتوسا بالقرب من أثينا باليونان... 13 أغسطس 2024 (رويترز)
تظهر صورة التقطتها طائرة من دون طيار منطقة غابات محترقة بعد حريق غابات في رابينتوسا بالقرب من أثينا باليونان... 13 أغسطس 2024 (رويترز)

تراجع الحريق الهائل المشتعل منذ الأحد في ضواحي أثينا إلى بؤر متفرقة، غير أن فرق الإطفاء تبقى متأهبة الأربعاء لمكافحة النيران التي أسفرت عن مقتل امرأة ونزوح الآلاف وتسببت بأضرار جسيمة.

أوضح متحدث باسم فرق الإطفاء لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «الحريق لم يعد بنفس الشدة التي كان عليها في الأيام الماضية، ولكن لا تزال هناك بعض البؤر التي قد تؤدي إلى اندلاع النيران من جديد».

وأضاف: «لا يزال نحو 530 من رجال الإطفاء منتشرين في المكان مع 145 آلية وتلقينا المساعدة من زملائنا الأوروبيين لكنهم لم ينتشروا بعد في أتيكا».

وتم إرسال 300 عنصر إطفاء تقريباً، ومروحيات وعربات إطفاء وصهاريج إلى اليونان من ست دول هي فرنسا وإيطاليا وتشيكيا ورومانيا وصربيا وتركيا، تلبية لنداء المساعدة الذي وجهته السلطات اليونانية ولا سيما عبر تفعيل آلية الحماية المدنية للاتحاد الأوروبي.

وأدت الرياح القوية إلى اتساع رقعة أسوأ حرائق غابات في اليونان هذا العام والذي انتشر على مساحات جافة وأتى على 10 آلاف هكتار ودمر عددا لا يحصى من المباني والمركبات.

ولحقت أضرار جسيمة بحوالي مائة منزل وفقا للدفاع المدني اليوناني.

تظهر هذه الصورة التي التقطتها طائرة من دون طيار منطقة محترقة بعد حريق غابات في قرية رابينتوسا باليونان... 13 أغسطس 2024 (رويترز)

وأتت النيران على 37 بالمائة من مساحة غابات أتيكا في السنوات الماضية، بحسب الموقع الإلكتروني للأرصاد الجوية.

واندلع الحريق الأحد بالقرب من مدينة ماراثون التاريخية، على مسافة 40 كيلومترا شمال شرق العاصمة أثينا، والتي تعد أكثر من سبعة آلاف نسمة وتقرر إخلاؤها.

أمر الدفاع المدني بإجلاء سكان المنطقة. وفتحت السلطات كثيرا من الملاعب لاستقبال النازحين.

وصباح الثلاثاء، عثر على جثة تعود إلى مولدافية في الستين من العمر في مصنع متفحم في خالاندري قرب أثينا، بحسب السلطات.

عطل في عمود كهرباء

ومشّط المحققون المنطقة التي اندلع فيها الحريق في بلدة فارنافاس، وبحسب صحيفة «كاثيميريني» يرجح المسار وجود عطل في عمود كهرباء.

وحول المساعدات المالية، من المقرر منح 4.7 مليون يورو للبلديات الثماني المتضررة. وستحصل كل أسرة متضررة على 600 يورو لتغطية احتياجاتها الأولى و6 آلاف يورو لإصلاح أو استبدال أجهزتها الكهربائية. كما سيتم تقديم 4500 يورو للأشخاص الذين تعرضوا لإعاقة بسبب إصابتهم خلال الكارثة الطبيعية.

كما من المقرر توفير بدل شهري يتراوح بين 300 و500 يورو للأشخاص الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم ويبحثون عن سكن مؤقت.

لكن الغضب يتنامى في البلاد التي تشهد حرائق مدمرة كل صيف تقريبا وتفتقر رغم ذلك إلى الاستعدادات.

وبعد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء، قال رئيس الحكومة كيرياكوس ميتسوتاكيس: «نحن نبذل قصارى جهدنا ليتحسّن الوضع عاما بعد عام، لكن للأسف، الظروف تصبح أصعب».

تظهر هذه الصورة التي التقطتها طائرة من دون طيار منطقة محترقة بعد حريق غابات في قرية رابينتوسا باليونان... 13 أغسطس 2024 (رويترز)

وقال زعيم حزب سيريزا المعارض اليساري، ستيفانوس كاسيلاكيس، «مع نقص في اليد العاملة وافتقار إلى المعدات والتنسيق غير الفعال إطلاقا، ها هي الحماية المدنية التي يعتز بها ميتسوتاكيس، على عكس جميع المواطنين الذين يحبون وطنهم».

كما اعتبر رئيس الحزب الاشتراكي نيكوس أندرولاكيس أن «أشياء كثيرة يجب أن تتغير بشكل فوري في خطط الحماية المدنية وحماية الغابات، مع دور أكثر فعالية لخدمة الغابات واستقدام رجال الإطفاء الموسميين للوقاية حتى في أشهر الشتاء».

شكر رئيس الوزراء أثناء زيارته لقاعدة عسكرية الأربعاء حيث تتمركز طائرات الإطفاء، الطيارين على تفانيهم و«العمل الرائع الذي قاموا به» في الأيام الأخيرة.

وقال ميتسوتاكيس، الذي أشار إلى أنه طلب سبع طائرات جديدة من طراز كنداير ولكن لن يتم تسليمها حتى 2027، «لقد بذلنا كل ما في وسعنا للحصول على طائرات جديدة في أسرع وقت ممكن».

وأضاف أن «الحل لن يأتي فقط من الأجواء، هناك ضرورة لإجراء جوهري من أجل الوقاية».

ومساء الثلاثاء، تظاهر أمام البرلمان حوالي 200 شخص للتعبير عن غضبهم.

حذّر رجال الإطفاء الأربعاء من أن خطر الحرائق لا يزال مرتفعا للغاية، خاصة في شمال اليونان.

واليونان عرضة لحرائق الغابات بعد شتاء جاف جدا. وسُجلت في شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) أعلى درجات الحرارة منذ بدء جمع البيانات عام 1960.