ابنة الجواسيس الروس... تريد أن تصبح مثلهم

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبابلو غونزاليس (وسط) ومجموعة من السجناء المفرَج عنهم خلال وصولهم إلى مطار فنوكوفو الحكومي خارج موسكو (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبابلو غونزاليس (وسط) ومجموعة من السجناء المفرَج عنهم خلال وصولهم إلى مطار فنوكوفو الحكومي خارج موسكو (أ.ب)
TT

ابنة الجواسيس الروس... تريد أن تصبح مثلهم

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبابلو غونزاليس (وسط) ومجموعة من السجناء المفرَج عنهم خلال وصولهم إلى مطار فنوكوفو الحكومي خارج موسكو (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبابلو غونزاليس (وسط) ومجموعة من السجناء المفرَج عنهم خلال وصولهم إلى مطار فنوكوفو الحكومي خارج موسكو (أ.ب)

في مشهد يشبه روايات الجاسوسية، نشأت صوفيا ودانييل تحت غطاء عميق من والديهما، وقد اكتشفا للتو أن حياتهما في الأرجنتين كانت كذبة، ولم تكن سوى واجهة، لكن التلفزيون الحكومي سارع بعرض ولائهما الجديد لروسيا.

نشأ الطفلان في بيئة «كاذبة»، حيث كانا يعتقدان أنهما مواطنان أرجنتينيان، بينما كان والداهما، أرتيوم وآنا دولتسيف، يعملان جاسوسين روسيين تحت غطاء عميق. بعدها انتقلت الأسرة إلى ليوبليانا عاصمة سلوفينيا، حيث كانوا معروفين بأسماء مزيفة، ويتحدثون الإسبانية في المنزل.

كان جيرانهما يعرفونهما بـكلودفيغ جيش، متخصص في تكنولوجيا المعلومات، وماريا ماير، فنانة. وكانت الأسرة تتحدث الإسبانية في المنزل والإنجليزية مع الجيران. وكان الطفلان يذهبان إلى المدرسة البريطانية الدولية المحلية، حسبما أفادت صحيفة «التايمز».

لكن خلف هذه الواجهة المبنية بعناية، كانا في الحقيقة جاسوسين روسيين متخفّيَين، ويعتقد أنهما أمضيا سنوات في تنفيذ مهمات عبر أوروبا. وقد قُبض عليهما أواخر عام 2022 بعد مداهمة الشرطة لمنزل العائلة، وتم وضع الطفلين في رعاية أسر بديلة.

لم يعلم الطفلان بالحقيقة إلا يوم الخميس، عندما كانا على طائرة حكومية روسية متجهة إلى موسكو، خلال تبادل سجناء تاريخي بين الشرق والغرب، حيث أخبرهما والداهما أن حياتهما كانت كذبة.

عند وصولهم إلى موسكو، استقبلهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنفسه، مانحاً الطفلين الورود والأحضان. وقدم لهما التحيّة بالإسبانية قائلاً: «Buenas noches» (أمسية سعيدة)، مما أضفى طابعاً درامياً على المشهد.

وتم تصوير الأطفال في مقابلة مع قناة «روسيا 1»، حيث أبدت صوفيا البالغة من العمر 12 عاماً اهتماماً بأن تصبح جاسوسة مثل والديها.

بينما قال دانييل، الذي احتفل بعيد ميلاده التاسع: «إنه يحب عائلته الكبيرة في روسيا».

فبعد سنوات من العيش تحت غطاء عميق، يواجه الوالدان صعوبة في العودة للتحدث باللغة الروسية.

قالت آنا، متوقفة للبحث عن الكلمات الصحيحة: «عندما وصلنا إلى موسكو، أدركنا أننا لا نستطيع التحدث بالروسية على الإطلاق».

وحسب الصحيفة البريطانية، سلطت التقارير الإعلامية الحكومية الضوء على التضحيات التي قدمها الوالدان من أجل روسيا، لافتة إلى أن ما قاما به هو من أجل مصلحة وطنهما.

قالت مارغريتا سيمونيان، رئيسة قنوات «RT»: «يعيشون وفقاً لقصة تغطية، ويُجبرون على إنجاب الأطفال وتربيتهم وفقاً لهذه القصة... كل ذلك لصالح بلدهم. يا لهم من أشخاص».

تظل هذه القصة شاهدة على حياة الجواسيس والتضحيات الكبيرة التي يقدمونها من أجل وطنهم، حتى ولو كان ذلك على حساب حياة أبنائهم.


مقالات ذات صلة

جاسوسان روسيان مفرج عنهما يتحدثان عن حياتهما بهوية مزورة

أوروبا بوتين مستقبلاً مواطنين روساً بعد إتمام صفقة التبادل في موسكو 1 أغسطس (إ.ب.أ)

جاسوسان روسيان مفرج عنهما يتحدثان عن حياتهما بهوية مزورة

روى جاسوسان روسيان أفرج عنهما خلال عملية كبيرة لتبادل السجناء مع دول غربية، حياتهما بهوية مزورة، وقالا إنهما أخفيا كل شيء عن أولادهما إلى حد نسيان لغتهما الأم.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث إلى عسكريين خلال حفل لإحياء يوم القوات الجوية للقوات المسلحة الأوكرانية في مكان غير معلوم بأوكرانيا في 4 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

المخابرات الأوكرانية تكشف وتفكك شبكة تجسس روسية

أعلن جهاز المخابرات الأوكرانية، الاثنين، أنه كشف وفكك شبكة تجسس روسية، وقبض على 9 أشخاص متورطين في تلك العملية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم بوتين أثناء استقباله مواطنين روسيين في موسكو 1 أغسطس بعد إتمام صفقة التبادل (إ.ب.أ)

كيف تنكّر جاسوسان روسيان كعائلة أرجنتينية تقيم في سلوفينيا؟

امرأة أرجنتينية وزوجها كانا جاسوسين روسيين، تم زرعهما كجزء من شبكة تجسس واسعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبابلو غونزاليس (وسط) ومجموعة من السجناء المفرَج عنهم خلال وصولهم إلى مطار فنوكوفو الحكومي خارج موسكو (أ.ب)

صحافي إسباني أم جاسوس روسي... لماذا يشكّل بابلو غونزاليس لغزاً؟

صحافي يحمل الجنسية الإسبانية أفرج عنه في صفقة تبادل السجناء بين بولندا وروسيا ويشبته في كونه جاسوساً روسياً.

«الشرق الأوسط» (وراسو)
آسيا كيم جو آي ابنة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون تحضر عرضاً عسكرياً بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس جيش كوريا الشمالية في ساحة كيم إيل سونغ في بيونغ يانغ في 8 فبراير 2023 (رويترز)

مصادر استخبارية: زعيم كوريا الشمالية يُعد ابنته لخلافته

أبلغ جهاز الاستخبارات الكورية الجنوبية، اليوم الاثنين، النواب في البرلمان أن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يحضّر ابنته المراهقة لتولي قيادة كوريا الشمالية.

«الشرق الأوسط» (سيول)

جاسوسان روسيان مفرج عنهما يتحدثان عن حياتهما بهوية مزورة

بوتين مستقبلاً مواطنين روساً بعد إتمام صفقة التبادل في موسكو 1 أغسطس (إ.ب.أ)
بوتين مستقبلاً مواطنين روساً بعد إتمام صفقة التبادل في موسكو 1 أغسطس (إ.ب.أ)
TT

جاسوسان روسيان مفرج عنهما يتحدثان عن حياتهما بهوية مزورة

بوتين مستقبلاً مواطنين روساً بعد إتمام صفقة التبادل في موسكو 1 أغسطس (إ.ب.أ)
بوتين مستقبلاً مواطنين روساً بعد إتمام صفقة التبادل في موسكو 1 أغسطس (إ.ب.أ)

روى جاسوسان روسيان أُفرج عنهما خلال عملية كبيرة لتبادل السجناء مع دول غربية، حياتهما بهوية مزورة، وقالا إنهما أخفيا كل شيء عن أولادهما إلى حد نسيان لغتهما الأم.

أوقف أرتيوم دولتسيف وآنا دولتسيفا في ديسمبر (كانون الأول) 2022 في سلوفينيا التي وصلا إليها عام 2017. وكانا يعيشان فيها بجوازات سفر أرجنتينية تحت اسمي لودفيغ غيش وماريا روزا ماير مونوس مع طفليهما.

وحكم عليهما القضاء السلوفيني، الأربعاء، بالسجن لأكثر من عام ونصف عام بتهمة «التجسس وتزوير وثائق»، وهي عقوبة تعادل المدة التي أمضياها في الحبس.

في اليوم التالي استقبلهما الرئيس فلاديمير بوتين استقبال الأبطال في موسكو بعد إطلاق سراحهما في أكبر عملية تبادل سجناء بين موسكو والغرب منذ الحرب الباردة.

وفي مقابلة بثها التلفزيون الروسي العام، مساء الاثنين، أكدت آنا دولتسيفا أنها أعلمت ولديها في الطائرة التي كانت تقلهم إلى روسيا بأنهما ليسا أرجنتينيين. وأضافت: «أخبرنا ولدينا أننا روس وأنهما روسيان وأننا عائلة دولتسيف».

وأوضحا أنهما لم يتحدثا مطلقا الروسية مع ولديهما بل الإسبانية فقط. وعلى مدرج المطار استقبلهم فلاديمير بوتين بـ«مساء الخير» بالإسبانية.

وأوضحت آنا دولتسيفا أنها لا تزال تلاقي صعوبة في التحدث مجدداً بلغتها الأم.

وقالت: «بعد فترة لا تفكر بلغتك (...) وعندما وصلنا (إلى روسيا) أدركنا أننا لم نعد قادرين على التحدث بالروسية».

خلال المقابلة، قال الصحافي الروسي إن العميلين «التقيا في ملهى ليلي وتزوجا ثم اختفيا: وبدأ عملهما».

ووفقاً للصحافي، كانت آنا دولتسيفا المتحدرة من مدينة نيجني نوفغورود، تدير معرضاً فنياً في سلوفينيا، بينما أسس زوجها المتحدر من باشكورتوستان، «شركة ناشئة في مجال المعلوماتية».

وأضافت: «قامت أسرة دولتسيف بتربية طفليها ككاثوليك ناطقين بالإسبانية».

وفي أثناء احتجازهما قال أرتيوم دولتسيف إن عميلاً روسياً كان يزورهما بانتظام، حتى إنه «نقل لهما تحية» بوتين.

وفي المقابلة، لفظت ابنتهما صوفيا إحدى أولى العبارات التي تعلمتها بالروسية: «لدي جدتان، وروسيا جميلة جداً»، بتشجيع من والدتها بالإسبانية.

وأكد أرتيوم دولتسيف «أن أهم شيء بالنسبة لنا هو العائلة، والعائلة هي بلدنا».

ولفتت زوجته إلى أنها تشعر «بامتنان كبير» لفلاديمير بوتين، وأن الزوجين سيواصلان «خدمة روسيا».