دُعيت قوات الشرطة البريطانية إلى تكثيف الدوريات خارج المساجد وأماكن إقامة طالبى اللجوء، وسط خطط لتنظيم 19 مظاهرة على الأقل لليمين المتطرف في أنحاء إنجلترا خلال الأيام المقبلة، وفق تقرير لصحيفة «الغارديان» الجمعة.
وانتشرت المظاهرات العنيفة من ساوثبورت إلى لندن، وهارتلبول، ومانشستر، وألدرشوت بعد الفظائع التي ارتكبت في نادي عطلة للأطفال يوم الاثنين الماضي.
مزيد من الاضطرابات
وقال قادة المجتمع المحلي، الخميس، إنهم يشعرون بخوف زائد من مزيد من الاضطرابات بعد أن استهدفت الحشود من المحرضين على «التخويف»، المساجد وأماكن إقامة طالبي اللجوء. وبدأت أعمال الشغب بعد انتشار معلومات مغلوطة على نطاق واسع على الإنترنت حول هوية ودوافع المشتبه به في جرائم القتل في ساوثبورت، الذي ذكر، الخميس، أنه أكسل روداكوبانا، البالغ من العمر 17 عاماً. ولم تتمكن وسائل الإعلام من ذكر اسم الفتى الذي ولد في كارديف لوالدين روانديين، لأنه لم يتجاوز الـ18 من العمر. لكن القاضي أندرو ميناري، قال إنه ينبغي الإبلاغ عن اسمه على أساس أن استمرار حجب هويته يهدد «بالسماح للآخرين الذين يخططون لمزيد من الأضرار بالاستمرار في نشر المعلومات المضللة في دائرة مفرغة».
ومن المقرر أن يمثل روداكوبانا بعد ذلك أمام المحكمة في أكتوبر (تشرين الأول) بتهمة قتل أليس داسيلفا أغيار، البالغة من العمر 9 أعوام، وإيلسى دوت ستانكومبى، البالغة من العمر 7 أعوام، وبيبى كينغ، البالغة من العمر 6 أعوام، ومحاولة قتل 10 آخرين. وكانت مساجد في ساوثبورت وهارتلبول قد تعرضت لهجمات من مثيري الشغب يومي الثلاثاء والأربعاء، وسط شائعات على الإنترنت تقول إن المشتبه به مسلم، في حين أنه لا يُعرف سوى القليل عن معتقداته أو دوافعه.
وفي مانشستر وألدرشوت في هامبشاير، استهدف المتظاهرون أماكن إقامة طالبي اللجوء وهم يحملون لافتات مكتوباً عليها «اطردوهم، لا تدعموهم»، و«لا شقق للمهاجرين غير الشرعيين». وفي وسط لندن، ألقى المتظاهرون المشاعل والعلب المعدنية وهم يهتفون «لتسُد بريطانيا»، و«أنقذوا أطفالنا»، وشعارات الحكومة المحافظة السابقة: «أوقفوا القوارب (المهاجرين)».
ووقعت المأساة الاثنين في مدرسة للرقص خلال نشاط لأطفال تراوح أعمارهم بين 6 أعوام و11 عاماً، محوره أعمال النجمة الأميركية تايلور سويفت. ووصف شهود على المأساة مشاهد مرعبة لأطفال ينزفون في الشوارع، وأمهات مذهولات يبحثن عن أطفالهن. ووفق رواية الشرطة، فقد دخل المعتدي المبنى، وأخذ يهاجم الأطفال الذين كانوا يشاركون في دروس رقص.
«أمن المساجد»
من جانبها، قالت شركة «أمن المساجد»، التي تقدم المشورة لقادة الدين حول الحماية، أنها تلقت استفسارات من أكثر من 100 مسجد تطلب المساعدة في الأيام الأخيرة. وقال شوكت ورايش، مدير الشركة، إن التوصيات الأمنية للشركة على الإنترنت جرى تنزيلها «بالمئات» نتيجة «السرد الزائف المعادي للمسلمين الذي يتم الترويج له في أعقاب جرائم القتل في ساوثبورت». كما كانت هناك تقارير سردية عن إلغاء المساجد لمناسبات هذا الأسبوع إثر المخاوف الأمنية. واطلعت صحيفة «الغارديان» على تفاصيل ما لا يقل عن 19 مظاهرة لليمين المتطرف يجري التخطيط لها في الأيام المقبلة في البلدات والمدن في جميع أنحاء إنجلترا.
وتجري كثير من الأحداث تحت شعار «كفى» و«احموا أطفالنا»، وهو الشعار نفسه الذي استخدمه المتظاهرون خارج مقر الحكومة البريطانية مساء الأربعاء. وجرى اعتقال أكثر من 110 أشخاص بعد أن اشتبك المتظاهرون مع الشرطة. ومن المقرر أن تُنظم مظاهرات مضادة في مانشستر وليفربول وسط مخاوف من أن يشعر مناهضو الهجرة بالجرأة بسبب الاضطرابات التي نجمت عن عمليات القتل في ساوثبورت.
وتهيمن مشاعر «الصدمة» و«الذهول» على ساوثبورت وجميع أنحاء بريطانيا، الثلاثاء، غداة حادث طعن أسفر عن مقتل 3 فتيات وإصابة 8 أطفال آخرين في مدرسة للرقص في شمال غرب إنجلترا.
وأعلنت الشرطة وفاة طفلة تبلغ 9 سنوات صباح الثلاثاء، متأثرة بجروحها. وكان عمر الضحيتين الأوليين، اللتين توفيتا، الاثنين، 6 و7 أعوام. وتستجوب الشرطة شاباً يبلغ 17 عاماً، بُعيد المأساة التي وقعت الاثنين، في منتصف العطلة المدرسية، خلال نشاط لأطفال تراوح أعمارهم بين 6 و11 عاماً محوره أعمال النجمة الأميركية تايلور سويفت. وأعربت المغنية التي تقوم حالياً بجولة حول العالم، عن «صدمة كبيرة» في منشور على «إنستغرام»، مضيفة: «كانوا مجرد أطفال صغار في حصة للرقص». لم تقدم الشرطة بعد أي معلومة عن الدافع المحتمل، واكتفت بإعلان استبعاد فرضية الهجوم الإرهابي. في مدينة ساوثبورت الساحلية الصغيرة التي تبعد نحو 20 كيلومتراً من ليفربول، يشعر السكان بالرعب. في الآن ذاته، يتدفق المعزون ويترك المارة زهوراً وبطاقات في شارع هارت؛ حيث وقعت المأساة. وقالت ليان حسن التي كانت ابنتها في حضانة قريبة: «لا أستطيع أن أصدق أن ما وقع حدث بالقرب من هنا»، مضيفة: «يجب أن يكون الأطفال آمنين في النادي... يجب أن يكونوا قادرين على الاستمتاع بإجازتهم دون خوف من التعرض للطعن».
وقال نايجل فوسيت جونز، قس جمعية إنجيلية محلية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن السكان في حالة من «الصدمة والذهول والإحباط، بينما ينتظرون أنباء عن المصابين الآخرين». ووفق أحدث حصيلة للشرطة، فإن 5 من الأطفال الـ8 المصابين في حالة «حرجة».
وأكد وزير الدولة لشؤون الجاليات البرتغالية في الخارج خوسيه سيزاريو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن والدي الضحية البالغة 9 سنوات برتغاليان، ويتحدران من جزيرة ماديرا. كما أصيب شخصان بالغان بجروح خطيرة، ربما أثناء محاولتهما «حماية» الأطفال. ووفق وسائل إعلام بريطانية، فإن المصابين هما منشّط النادي، ورجل يعمل بالجوار اسمه جوناثان هايس، ويبلغ 63 عاماً. وقالت زوجته هيلين لصحيفة «ديلي تلغراف» إنه تعرّض للطعن في ساقه أثناء محاولته التدخل، موضحة أنه «سمع صراخاً، وخرج، فرأى المهاجم، رأى أنه أصاب طفلاً، وحاول انتزاع السكين منه». ووصف شهود على المأساة مشاهد مرعبة لأطفال ينزفون في الشوارع، وأمهات مذهولات يبحثن عن أطفالهن.
مدينة «في حداد»
بعد وزيرة الداخلية إيفيت كوبر، زار رئيس الوزراء كير ستارمر مكان الهجوم بعد ظهر الثلاثاء؛ إذ وضع إكليلاً من الزهور البيضاء بين كثير من باقات الزهور التي تركها السكان. وأشار إلى أن العائلات تعاني «ألماً شديداً وحزناً لا يمكن لمعظمنا أن يتخيله». ووفق رواية الشرطة التي جرى استدعاؤها إلى مكان الحادث قبيل ظهر الاثنين، فقد دخل المعتدي المبنى، وأخذ يهاجم الأطفال الذين كانوا يشاركون في دروس الرقص. وأطلق المعجبون البريطانيون بالمغنية تايلور سويفت مجموعة على الإنترنت جمعت حتى الآن تبرعات بعشرات الآلاف من الجنيهات الاسترلينية في غضون ساعات. وألغى نادي كرة القدم المحلي مباراة ودية كان من المقرر إجراؤها في المساء، وفتح صالة الملعب للراغبين في التجمع بعد المأساة.
لم تقدم الشرطة أي معلومات عن المُشتبه به، باستثناء عمره وكونه من كارديف في ويلز، ما أثار حيرة جزء من السكان، خصوصاً مع انتشار معلومات كاذبة عنه.
ووفق شبكة «بي بي سي»، فإن عائلته تنحدر من رواندا.