محاكمة صحافي أميركي في روسيا تصل إلى مراحلها الأخيرة

الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش المتهم بالتجسس خلال مثوله أمام محكمة بموسكو في 23 أبريل 2024 (رويترز)
الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش المتهم بالتجسس خلال مثوله أمام محكمة بموسكو في 23 أبريل 2024 (رويترز)
TT

محاكمة صحافي أميركي في روسيا تصل إلى مراحلها الأخيرة

الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش المتهم بالتجسس خلال مثوله أمام محكمة بموسكو في 23 أبريل 2024 (رويترز)
الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش المتهم بالتجسس خلال مثوله أمام محكمة بموسكو في 23 أبريل 2024 (رويترز)

تختتم محكمة روسية، الجمعة، مرافعاتها في المحاكمة العاجلة للصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش المتهم بالتجسس، وهي محاكمة ندّد بها البيت الأبيض وصحيفة «وول ستريت جورنال» التي يعمل غيرشكوفيتش لصالحها، ووصفاها بأنها صورية.

وأصبح المراسل (البالغ 32 عاماً) أول صحافي غربي في روسيا يُتهم بالتجسس منذ الحقبة السوفياتية، وقد أوقف في مارس (آذار) 2023 خلال قيامه بمهمة صحافية في مدينة إيكاترينبرغ في جبال الأورال.

وأمضى غيرشكوفيتش نحو 16 شهراً في السجون الروسية، وهو يواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى 20 عاماً إذا ثبتت إدانته.

وبعد جلسة ثانية مغلقة في محكمة سفيردلوفسك الإقليمية في يكاترينبرغ، الخميس، قالت متحدثة باسم المحكمة إن القاضي حدّد جلسة الجمعة للاستماع إلى المرافعات الختامية.

عرض رسم لمراسل صحيفة «وول ستريت جورنال» إيفان غيرشكوفيتش الذي أوقف بتهم التجسس في روسيا خلال مؤتمر «WSJ Tech Live» في لاغونا بيتش (أ.ف.ب)

وأكدت إيكاترينا ماسلينيكوفا، رئيسة المكتب الإعلامي لمحكمة سفيردلوفسك الإقليمية، لوكالة الصحافة الفرنسية، خارج المحكمة، الخميس، أن «جلسة ستعقد غداً عند الساعة 10:30 (05:30 بتوقيت غرينيتش)، وستكون هناك مرافعات ختامية».

وتم تقديم جلسة الخميس لنحو شهر بناء على طلب فريق الدفاع. ويمثل هذا التقدم المفاجئ في القضية تغييراً سريعاً بعد أن أمضى غيرشكوفيتش 15 شهراً محتجزاً في سجن ليفورتوفو سيئ السمعة في موسكو.

وتم تمديد فترة احتجازه بشكل روتيني خلال سلسلة جلسات في محكمة في موسكو، حضرها غيرشكوفيتش الذي ظهر في قفص الاتهام. ولم يتمكن الصحافيون من رؤية غيرشكوفيتش خلال جلسة الاستماع المغلقة التي عقدت الخميس.

تبادل!

أبدت موسكو وواشنطن انفتاحهما على صفقة تبادل، يطلق بموجبها سراح مراسل صحيفة «وول ستريت جورنال»، لكن لم تقدم أي منهما أي إشارات حول الموعد المحتمل لحدوث ذلك.

دانيال غيرشكوفيتش شقيقة إيفان تحمل صورةً لأخيها ووالديها في ألبوم زفافها داخل شقتها في فيلادلفيا (أ.ف.ب)

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأربعاء، إن المحادثات بين الأجهزة الخاصة الأميركية والروسية بشأن تبادل محتمل للسجناء مستمرة، من دون تسمية أشخاص محددين.

وأشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى رغبته بإطلاق سراح فاديم كراسيكوف، وهو روسي مدان في ألمانيا بجريمة قتل قائد انفصالي شيشاني، لكن قضاة ألمانيا يعدّونها عملية اغتيال دبرتها السلطات الروسية.

ولم يقدم الكرملين أي دليل علني على مزاعم التجسس ضد غيرشكوفيتش، مكتفياً بالقول إنه تم القبض عليه «متلبساً» وكان يعمل لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

وشاهد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية عضو البرلمان الإقليمي الروسي فياتشيسلاف فيغنر، الذي صرح في وقت سابق لوسائل إعلام حكومية أن غيرشكوفيتش أجرى مقابلة معه خلال إعداد أحد تقاريره، وهو يغادر المحكمة خلال جلسة الخميس.

الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش المتهم بالتجسس خلال مثوله أمام محكمة بموسكو في 23 أبريل 2024 (رويترز)

ويتهم ممثلو الادعاء غيرشكوفيتش بالتجسس على شركة تصنيع الدبابات الروسية «أورالفاغونزافود». وقالت واشنطن إن هذه المزاعم ملفقة، وأعلنت لجنة خبراء تابعة لـ«الأمم المتحدة» في يوليو (تموز) أنه محتجز بشكل تعسفي.

وكان آخر ظهور علني لغيرشكوفيتش أمام المحكمة في 26 يونيو (حزيران)، عندما تحدث لفترة وجيزة فقط لتحية الصحافيين.

ورفضت إدارة السجون الروسية إبلاغ وكالة الصحافة الفرنسية بمكان احتجازه بعد انتهاء الجلسة أو سبب حلق شعر رأسه.

«أفضل طريقة ممكنة»

نشأ غيرشكوفيتش في نيوجيرسي، وهو يتحدث الروسية بطلاقة، وعمل مراسلاً في روسيا لمدة 6 سنوات. وعام 2017، انتقل إلى العاصمة الروسية للعمل في صحيفة «موسكو تايمز» الناطقة بالإنجليزية.

لاحقاً عمل لحساب وكالة الصحافة الفرنسية، ثم أصبح مراسلاً لصحيفة «وول ستريت جورنال» في موسكو، قبل أسابيع من الغزو الروسي لأوكرانيا.

وغطى خلال هذه الفترة أثر الحرب على الروس العاديين، وتحدث أحياناً إلى عائلات جنود قتلى. حتى بعد مغادرة عشرات من المراسلين الغربيين الآخرين روسيا في أعقاب هجومها على أوكرانيا، وتطبيق قوانين الرقابة العسكرية الصارمة، واصل عمله هناك في إعداد التقارير.

وأطلقت حملة كبيرة للإفراج عن غيرشكوفيتش، الذي أمضى أكثر من عام في سجن ليفورتوفو في موسكو بعد اعتقاله.

وقالت والدته، إيلا ميلمان، لصحيفة «وول ستريت جورنال» في مارس (آذار): «إنه يتعامل مع الأمور بأفضل طريقة ممكنة».

وتحتجز روسيا مواطنين أميركيين آخرين في سجونها، بينهم الجندي السابق في مشاة البحرية بول ويلان، المحتجز منذ أكثر من 5 سنوات بتهمة التجسس، والصحافية الأميركية الروسية ألسو كورماشيفا التي اعتُقلت العام الماضي أثناء زيارتها عائلتها.

وأصدرت محكمة في موسكو، الخميس، حكماً بالسجن 13 عاماً على المظلي الأميركي السابق، وموسيقي الروك مايكل ترافيس ليك، بتهمة تهريب المخدرات.

ونبّه البيت الأبيض المواطنين الأميركيين الذين ما زالوا في البلاد إلى ضرورة «المغادرة على الفور» بسبب خطر الاعتقال غير المشروع.


مقالات ذات صلة

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

أفاد تقرير صحافي اليوم (الأحد) بأن وزيراً في الحكومة البريطانية سيحذر من أن روسيا مستعدة لشن موجة من الهجمات الإلكترونية على بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

احتجت إيران، الحليف الوثيق لموسكو، لدى السلطات الروسية بعد عملية توقيف «عنيفة» لطالبَين إيرانيين في مدينة قازان الروسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا سفينة تتبع كوريا الشمالية في ميناء روسي (صورة نشرتها مجموعة «أوبن سورس سنتر»)

لقطات جوية تظهر انتهاك كوريا الشمالية للعقوبات المفروضة على النفط الروسي

خلص تحليل لصور التقطتها أقمار اصطناعية إلى ترجيح أن كوريا الشمالية تلقت أكثر من مليون برميل من النفط من روسيا على مدى ثمانية أشهر.

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)

روسيا: تصرفات بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب

نقلت وكالة «سبوتنيك» للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله (الجمعة) إن تصرفات إدارة الرئيس بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

موسكو تؤكد عزمها الرد على التصعيد الأميركي «غير المسبوق»

صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)
صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)
TT

موسكو تؤكد عزمها الرد على التصعيد الأميركي «غير المسبوق»

صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)
صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)

أكدت موسكو، الأحد، عزمها الرد على ما سمّته التصعيد الأميركي «غير المسبوق»، فيما دعا الرئيس الأوكراني إلى تعزيز الدفاعات الجوية لبلاده بعدما أسقطت وحدات الدفاع الجوي 50 من إجمالي 73 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا ليل السبت - الأحد فوق كثير من المناطق.

وقال الكرملين في بيان إنه يتعين على روسيا أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته الإدارة الأميركية بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا. وأضاف أن الولايات المتحدة تتخذ «خطوات متهورة» بشكل زائد مما يثير توترات بشأن الصراع في أوكرانيا. وذكّر الكرملين بأن «العقيدة النووية المحدثة لروسيا بمثابة إشارة إلى الغرب».

وخففت روسيا الأسبوع الماضي من القيود المفروضة على العقيدة النووية ليصبح من الممكن عدّ أي هجوم تقليدي بمساعدة بلد يمتلك قوة نووية هجوماً مشتركاً على روسيا.

«أضرار بالغة خلال دقائق»

وفي وقت لاحق، حذّر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف الولايات المتحدة من أن روسيا ستزود أعداء أميركا بتقنيات نووية إذا أقدمت واشنطن على تزويد كييف بأسلحة نووية. ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء عن ميدفيديف قوله: «صاروخ أوريشنيك الروسي يمكنه إلحاق أضرار بالغة بالعواصم الغربية خلال دقائق»، داعياً أوروبا إلى التوقف عن الدعم العسكري لأوكرانيا. وأضاف ميدفيديف، في منشور عبر تطبيق «تلغرام»: «تتساءل أوروبا عن الضرر الذي يمكن أن يسببه نظام (أوريشنيك) إذا كان مزوداً برؤوس نووية، وما إذا كان من الممكن إسقاط هذه الصواريخ ومدى سرعة وصولها إلى عواصم العالم القديم»، بحسب ما ذكرته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء. وقال ميدفيديف إن «الضرر سيكون بالغاً، ومن المستحيل إسقاط الصاروخ بالوسائل الحديثة، نحن نتحدث عن دقائق»، مشيراً إلى أن «الملاجئ لن تساعد في شيء، وأن الأمل الوحيد هو أن تقدم روسيا على إصدار تحذير مسبق قبل عمليات الإطلاق... ولذلك من الأفضل للعواصم الغربية التوقف عن دعم الحرب في أوكرانيا». وكان المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف قد أكد أن المواجهة الحالية يتم إشعالها من قبل الدول الغربية، مشيراً إلى أن المرسوم الخاص بتحديث العقيدة النووية لروسيا يمكن عدّه إشارة للغرب.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر دولي في كييف السبت (د.ب.أ)

هجوم بـ73 مسيّرة

بدوره، قال الرئيس الأوكراني إن بلاده بحاجة إلى تعزيز دفاعاتها الجوية لحماية المدنيين بعدما أسقطت وحدات الدفاع الجوي 50 من إجمالي 73 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا الليلة الماضية فوق كثير من المناطق. وأضاف عبر تطبيق «تلغرام» أنه «تم إطلاق إنذارات من هجمات جوية بشكل يومي تقريباً في أنحاء أوكرانيا هذا الأسبوع». وتابع قائلاً إن روسيا استخدمت خلال الأسبوع الماضي أكثر من 800 قنبلة جوية موجهة ونحو 460 طائرة مسيّرة هجومية، وما يزيد على 20 صاروخاً من أنواع مختلفة. وذكر أن «أوكرانيا ليست أرضاً لتجربة الأسلحة فيها. أوكرانيا دولة ذات سيادة ومستقلة. لكن روسيا لا تزال تواصل مساعيها لقتل شعبنا ونشر الخوف والذعر وإضعافنا».

«إقالة» قائد عسكري روسي

في سياق متصل، قال مدونون موالون لروسيا ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع أندريه بيلوسوف إقصاء القادة غير الأكفاء. ونقلت وسائل إعلام روسية عن مصادر لم تحددها قولها إن الكولونيل جنرال جينادي أناشكين قائد الجيش في المنطقة الجنوبية أقيل من منصبه. لكن لم يصدر بعد تأكيد رسمي.

واشتكى مدونون روس معنيون بالحرب منذ فترة طويلة من طريقة قيادة العمليات حول سيفيرسك، إذ قالوا إن الوحدات الروسية هناك يزج بها في معارك طاحنة دون دعم مناسب، مقابل ما بدا أنها مكاسب تكتيكية ضئيلة. وقال ريبار، وهو مدون مؤيد لروسيا يحظى باحترام: «فقط الكسالى لم يكتبوا عن المشاكل هناك... بشكل عام، استغرق الأمر من النظام نحو شهرين حتى يستجيب للأمر بالشكل المناسب». وأضاف ريبار: «أقيل أناشكين من منصبه بسبب تقارير كاذبة عن جبهة سيفيرسك»، مستخدماً الاسم الذي تطلقه روسيا على المنطقة، حسبما نقلت عنه وكالة «رويترز».

ونقلت صحيفة «آر بي سي» عن مصدر لم تذكر اسمه في وزارة الدفاع قوله إن أناشكين نُقل ضمن عمليات «تغيير مناصب مخططة» للقادة. وفي تقاريره عن تغيير القيادات، نقل المدون الحربي البارز المؤيد لروسيا يوري بودولياكا عن وزير الدفاع بيلوسوف قوله: «يمكن أن ترتكب الأخطاء لكن الكذب مرفوض».

وقبل حلول فصل الشتاء، تقدمت القوات الروسية بأسرع وتيرة في أوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022، رغم أن التقدم جاء أبطأ بكثير في بعض المناطق، خصوصاً حول سيفيرسك في منطقة دونيتسك في الشرق. وإذا تمكنت روسيا من السيطرة على منطقة سيفيرسك، فيمكنها بعد ذلك التقدم نحو كراماتورسك وهي مدينة رئيسة في المنطقة.