فرنسا تواجه صعوبة في تشكيل حكومة بعد نتائج الانتخابات البرلمانية

ماكرون طلب من رئيس وزرائه البقاء في الوقت الراهن «من أجل استقرار البلاد»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طلب من رئيس حكومته غابرييل أتال (خلف) الاستمرار في مزاولة منصبه (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طلب من رئيس حكومته غابرييل أتال (خلف) الاستمرار في مزاولة منصبه (أ.ب)
TT

فرنسا تواجه صعوبة في تشكيل حكومة بعد نتائج الانتخابات البرلمانية

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طلب من رئيس حكومته غابرييل أتال (خلف) الاستمرار في مزاولة منصبه (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طلب من رئيس حكومته غابرييل أتال (خلف) الاستمرار في مزاولة منصبه (أ.ب)

إذا كانت هناك حاجة إضافية لتبيان المرحلة الحرجة التي دخلتها فرنسا بعد الإعلان عن نتائج الدورة الثانية للانتخابات البرلمانية، يتعين النظر إلى طلب الرئيس إيمانويل ماكرون من غابرييل أتال، رئيس حكومته، البقاء في منصبه «في الوقت الحاضر من أجل المحافظة على استقرار البلاد».

أتال تصرف وفق العرف المعمول به في فرنسا الذي يقول باستقالة الحكومة بعد حصول الانتخابات التشريعية أياً تكن نتائجها. وسارع الأخير إلى قصر الإليزيه قبيل ظهر أمس الإثنين لتقديم كتاب استقالته الذي كان من المفروض أن يقبله رئيس الجمهورية، وأن يكلفه بتصريف الأعمال حتى ولادة حكومة جديدة. والحال أن هذه الولادة ستكون، بسبب النتائج التي أفضت النتائج النهائية، عسيرة، بالتالي يرجح أنها لن ترى النور قبل أيام أو حتى أسابيع. والحال أن فرنسا مقبلة على استحقاق عالمي عنوانه استضافة الألعاب الأولمبية، ولأسبوعين، بدءاً من 26 من الشهر الحالي، وبعدها استضافة الألعاب الأولمبية الخاصة بالمعاقين (البارا - أولمبية) في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، وبالتالي ونظراً للتحديات الأمنية ووجود عشرات القادة الدوليين وتوافد مئات الآلاف من الزوار، فإن على الحكومة الحالية أن تبقى في مكانها لإدارة هذا الحدث الحيوي.

مناصرو جبهة اليسار يحتفلون بانتصارهم في الدور الثاني من الانتخابات التشريعية في باريس ليل الأحد - الاثنين (د.ب.آ)

نفق مظلم

حقيقة الأمر أن نتائج جولة الإعادة حملت مجموعة من المفاجآت، أهمها، قطعاً، فشل اليمين المتطرف، رغم الدينامية الاستثنائية التي استفاد منها في الجولة الأولى، والتي مكنته من الحصول على 33.4 بالمائة من الأصوات، وعلى 10.3 مليون صوت. والحال أن نتائج جولة الإعادة وضعته في المرتبة الثالثة بعد «الجبهة الشعبية الجديدة» (تحالف اليسار والخضر) الذي فاز بـ182 مقعداً، وحل وراءه «ائتلاف الوسط» (معسكر الرئيس ماكرون) الذي نجح في احتلال 168 مقعداً، أما «التجمع الوطني» فحصل على 143 مقعداً في البرلمان الجديد بينما كان يطمح للفوز بالأكثرية المطلقة (289 مقعداً)، وأن يفرض بذلك نفسه لاعباً أساسياً مؤهلاً لحكم فرنسا. وسبق لرئيسه جوردان بارديلا أن دأب في الأسابيع الثلاثة التي جرت خلالها الحملة الانتخابية على تقديم نفسه رئيساً للحكومة الجديدة.

العبرة الأولى التي يمكن استخلاصها من هذه النتائج مزدوجة: الأولى، أن فرنسا، رغم هبّة اليمين المتطرف وفوزه في الانتخابات الأوروبية وفي الجولة الأولى من البرلمانية، ليست جاهزة حتى اليوم لتسليم عنانها لليمين المتطرف على غرار ما فعل الإيطاليون والهولنديون والمجريون. والعبرة الثانية عنوانها نجاح «الجبهة الجمهورية» المشكلة من تحالف اليسار ومن معسكر ماكرون في قطع طريق السلطة على «التجمع الوطني» من خلال انسحاب 220 من مرشحي المجموعتين في الدورة الثانية لتسهيل فوز معارضي مرشحي اليمين المتطرف، الأمر الذي حرمهم من عشرات المقاعد. فقبل الانسحاب، كانت استطلاعات الرأي تفيد بأن مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف، ورئيس حزب «التجمع الوطني»، يتأهبان لتسلم السلطة. وكررت لوبان أن حزبها «جاهز» لتسلمها، لا بل إن بارديلا ربط هذه الخطوة بحصول حزبه على الأكثرية المطلقة لتنفيذ برنامجه في الحكم. وبعد النتائج سارع بارديلا إلى التنديد بما أقدم عليه منافسوه، معتبراً أن ما قاموا به «مغاير لسنة الطبيعة». وعلى أي حال، تتعين الإشارة إلى أن «التجمع الوطني» زاد عديد نوابه من 89 في برلمان عام 2022 إلى 143 نائباً في البرلمان الجديد ما يُبين أن زحفه متواصل وإن لم يكن كاملاً هذه المرة.

رئيس حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف جوردان بارديلا بعد ظهور نتائج جولة الإعادة الأحد (أ.ف.ب)

المفاجأة الكبرى

لم يكن أحدٌ يتوقع، بما في ذلك استطلاعات الرأي، أن يحل تحالف اليسار المشكل من الاشتراكيين والشيوعيين و«حزب فرنسا الأبية» والخُضر في المقدمة. وخلال أسبوعين كاملين كانت سهام ائتلاف الوسط واليمين بجناحيه التقليدي والمتطرف تستهدف التحالف الذي لم يكن أحد يتوقع ولادته بسبب الانقسامات العميقة آيديولوجياً وسياسياً وبرامجياً بين مكوناته. وعلى رأس المستهدفين حزب «فرنسا الأبية» ورئيسه جان لوك ميلونشون المتهم بمعاداة السامية والترويج للفوضى وضرب قيم الجمهورية... ورغم ذلك، نجح قادته في التوافق على برنامج مشترك وتشكيل كتلة موحدة وخوض الانتخابات بها، كما نجح ميلونشون في أن تكون له مجموعته النيابية الأكبر داخل تحالف اليسار ما يمكنه من أن يكون في موقع الطرف القوي.

قطعاً، استفاد تحالف اليسار من الانسحابات المتبادلة. بيد أن المستفيد الأكبر هو «ائتلاف الوسط» أو معسكر ماكرون الذي كان مقدراً له أن يخرج مثخناً بالجراح من المنافسة الانتخابية. وبالطبع، تقلص عديد نوابه من 245 نائباً إلى 156 نائباً، لكنه في المقابل حافظ على نواة صلبة ستمكنه من أن يبقى لاعباً رئيسياً في المعركة المقبلة الخاصة بتشكيل تحالف حكومي باعتبار أن أي مجموعة من المجموعات الثلاث لا تتمتع بالأكثرية المطلقة، وأن التفاهم مع اليمين المتطرف مستبعد تماماً، بحيث لا يبقى في الميدان سوى تحالف اليسار ومعسكر ماكرون. صحيح أن الأخير «هزم» مارين لوبان مرة ثالثة بحرمانها من حكم فرنسا (بعد أن هزمها في المنافسة الرئاسية عامي 2017 و2022)، إلا أنه أدخل البلاد في متاهة لا قعر واضحاً لها.

وذهبت صحيفة «لو فيغارو» اليمينية في عددها يوم الاثنين إلى اعتبار أن «حكم التاريخ سيكون قاسياً»، واصفة حل البرلمان بأنه «عمل جنوني»، مضيفة أن ماكرون «سعى لتوضيح الوضع السياسي» في البلاد، لكن ما حصده هو برلمان «يصعب التحكم به» بسبب تفتته إلى ثلاث مجموعات متناحرة. ماكرون خسر «الأكثرية النسبية» التي حكم بواسطتها طوال عامين. وبسبب «نرجسيته ومزاجه» حل البرلمان فأخطأ الحساب، بحيث إن مركز السلطة ومصدر القرارات سوف ينتقل من قصر الإليزيه إلى البرلمان. وفي أي حال، فإن نتائج التشريعيات الثلاث تبين تراجع شعبيته وقوته الحزبية وقدرته على التحكم بالبرلمان. ففي عام 2017، كانت له كتلة نيابية من 350 نائباً، وتراجعت في عام 2022 إلى 249 نائباً لتهبط الأحد الماضي إلى 156 نائباً. وإذا كان ماكرون سعى لتجنب وصول حكومة من اليمين المتطرف تتقاسم معه حكم البلاد في إطار «نظام التعايش»، فإن عليه، منذ اليوم، أن يتعايش في المرحلة المقبلة مع اليسار.

رئيس حزب «فرنسا الأبية» جان لوك ميلونشون يتحدث للصحافة بعد ظهور النتائج ليل الأحد الاثنين (د.ب.أ)

أي حكومة لفرنسا؟

كان ميلونشون أول من علق على نتائج جولة الإعادة. وبالنظر لتقدم جبهة اليسار، فقد سارع إلى المطالبة بتعيين رئيس للحكومة لتنفيذ برنامج الحكم الذي وضعته. وذهب ميلونشون إلى تحذير ماكرون من «التلاعب»، وتنادت الأحزاب الأربعة لعقد أول اجتماع تنسيقي جرى ليل الأحد - الاثنين، وستعقبه اجتماعات متلاحقة في الساعات والأيام المقبلة للاتفاق على اسم مرشحها لرئاسة الحكومة وعلى الاستراتيجية التي سيعملون على هديها. ومن الأسماء المطروحة رئيس الجمهورية السابق الاشتراكي فرنسوا أولاند الذي فاز بمقعد نيابي، وأوليفيه فور، الأمين العام للحزب الاشتراكي، والنائبة الاشتراكية السابقة فاليري رابو، ومارين توندوليه زعيمة حزب الخضر. وقالت الأخيرة، الاثنين، لإذاعة «آر تي أل» إنه «وفقاً لمنطق مؤسساتنا، يجب على إيمانويل ماكرون اليوم أن يدعو الجبهة الشعبية الجديدة رسمياً لترشيح رئيس للوزراء». وأضافت: «هل سيفعل ذلك أم لا؟ بما أن هذا الرئيس مليء بالمفاجآت دائماً، سنرى». أما ماتيلد بانو، رئيسة مجموعة «فرنسا الأبية» في البرلمان السابق، فرأت أن ميلونشون «مؤهل لتسلم رئاسة الحكومة»، بينما شركاؤه في تحالف اليسار لا يرغبون به باعتباره شخصية تثير تحفظات كثيرة.

تقول أوساط الإليزيه إن ماكرون غير مستعجل لتسمية رئيس جديد للحكومة، وأنه ينتظر التشكيلة النهائية للمجموعات البرلمانية. بيد أن الهدف الحقيقي الذي يسعى إليه هو محاولة إحداث انشقاق داخل جبهة اليسار بإبعاد الاشتراكيين والخضر عن «فرنسا الأبية»، ومحاولة اجتذابهم للدخول في حكومة ائتلافية تذهب من اليمين الكلاسيكي وحتى اليسار الاشتراكي، وتضم، بطبيعة الحال، وزراء من معسكره.

وقالت مارين توندوليه، زعيمة حزب الخضر لإذاعة «فرانس إنتر»، الاثنين: «لن يكون الأمر بسيطاً، ولن يكون سهلاً، ولن يكون مريحاً... وسيستغرق بعض الوقت». والسبب الرئيس في ذلك الاختلافات الجوهرية بين المطالب والبرامج، إن بالنسبة لمستقبل قانون تعديل سن التقاعد، أو تجميد قانون الهجرات، ورفع الحد الأدنى للأجور، وإعادة فرض ضريبة الثروة، فضلاً عن علاقات فرنسا مع الخارج، بما في ذلك حرب أوكرانيا، وحرب غزة، حيث يدعو اليسار إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية من غير تأخير.

ليس هناك ما يؤشر إلى إمكانية التفاهم على حكومة تجمع الأضداد، خصوصاً أن فرنسا لم تعتد على قيام حكومات ائتلافية على غرار ما يحصل في بلجيكا وإسبانيا أو إيطاليا. لذا، فإن الخروج من المأزق المؤسساتي قد يكون بالذهاب إلى حكومة من التكنوقراط، أي غير سياسية، وبرئيس تقبله كل الأطراف، مع التعهد بعدم إسقاطها في البرلمان لمدة سنة يمكن بعدها لرئيس الجمهورية أن يحل البرلمان مجدداً، ويدعو لانتخابات تشريعية أخرى.

يبقى أن أمراً كهذا يتطلب من ماكرون أن يغير النهج «العمودي» الذي اتبعه في الحكم منذ سبع سنوات. الوضع السياسي تغير جذرياً، ولن يكون مستقبلاً «الحاكم بأمره»، بينما فرنسا دخلت مرحلة من المطبات الهوائية الخطرة.


مقالات ذات صلة

ماذا وراء الخلاف الحاد بين نتنياهو وماكرون؟

تحليل إخباري نتنياهو يصافح ماكرون في القدس أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

ماذا وراء الخلاف الحاد بين نتنياهو وماكرون؟

أزمة حادة بين ماكرون ونتنياهو، والإليزيه يسعى لتطويقها... ورسالة فرنسية ضمنية إلى بايدن تدعوه «للانسجام» في المواقف.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (رويترز)

ميقاتي يطالب «بالضغط على إسرائيل» لوقف إطلاق النار في لبنان

دعا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الأحد، إلى «الضغط على إسرائيل» من أجل «وقف إطلاق النار» بعد ليلة من الغارات العنيفة هزّت الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

ماكرون يأسف لخيارات نتنياهو في لبنان خصوصاً «العمليات البرية»

أسف الرئيس الفرنسي لما قام به رئيس الوزراء الإسرائيلي من «خيار» لجهة التدخل العسكري في لبنان، مع تأكيده حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا وفد الداخلية الجزائري المشارك في أشغال اجتماع وزراء «مجموعة الـ7» (الداخلية الجزائرية)

الجزائر تطلب من فرنسا «تحسين ظروف» رعاياها المهاجرين

ناشدت الجزائر السلطات الفرنسية «الاعتناء» بملايين المهاجرين الجزائريين، على أساس أنهم يعانون «التمييز والإسلاموفوبيا وخطاب الكراهية».

أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إ.ب.أ)

ماكرون يطالب بالكفّ عن تسليم الأسلحة للقتال في غزة

دعا الرئيس الفرنسي، السبت، إلى الكفّ عن تسليم الأسلحة للقتال في غزة، لافتاً إلى أن الأولوية هي للحلّ السياسي للحرب المستمرة منذ عام بين إسرائيل وحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (باريس)

الآلاف يتظاهرون في أوروبا دعماً لغزة بعد عام على اندلاع الحرب

فلسطينيون يحملون أعلاماً ولافتات في سيدني بأستراليا خلال مظاهرة تطالب بوقف إطلاق النار في غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون أعلاماً ولافتات في سيدني بأستراليا خلال مظاهرة تطالب بوقف إطلاق النار في غزة (أ.ف.ب)
TT

الآلاف يتظاهرون في أوروبا دعماً لغزة بعد عام على اندلاع الحرب

فلسطينيون يحملون أعلاماً ولافتات في سيدني بأستراليا خلال مظاهرة تطالب بوقف إطلاق النار في غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون أعلاماً ولافتات في سيدني بأستراليا خلال مظاهرة تطالب بوقف إطلاق النار في غزة (أ.ف.ب)

تظاهر آلاف الأشخاص دعماً لغزة في أوروبا وجنوب أفريقيا، ومئات في فنزويلا، السبت، في الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» في القطاع الفلسطيني المحاصر.

وسار المتظاهرون إلى وسط لندن صباح السبت، حيث لوّحوا بلافتات وأعلام فلسطينية ولبنانية، حسبما أفاد صحافي في «وكالة الصحافة الفرنسية».

وشاركت شخصيات سياسية في هذه المظاهرة، بينها الزعيم السابق لحزب العمّال (مستقل حالياً) جيريمي كوربن، ورئيس الحكومة الأسكوتلندية السابق حمزة يوسف.

وهتف المشاركون الذي تظاهروا سلمياً في لندن: «أوقفوا القصف» و«فلسطين حرة حرة» و«أوقفوا قصف المستشفيات». وقالت صوفيا تومسون (27 عاماً) التي شاركت في المظاهرة مع أصدقائها: «يجب التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وقف إطلاق النار الآن. كم عدد الفلسطينيين أو اللبنانيين الأبرياء الذين يجب أن يُقتلوا؟». وأضافت: «حقيقة أنّنا كثر تُظهر أنّ الحكومة لا تتحدث نيابة عن الشعب».

فتاة تربط الكوفية الفلسطينية لأخرى خلال مظاهرة بلندن تطالب بوقف إطلاق النار في غزة (إ.ب.أ)

ومن المقرّر تنظيم مظاهرة في لندن، الأحد، لإحياء ذكرى 1205 أشخاص قُتلوا في الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقُتل 41825 شخصاً معظمهم مدنيون، بحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، منذ أن بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية مكثفة رداً على الهجوم غير المسبوق لـ«حماس».

وفي لبنان، قتل أكثر من ألفي شخص منذ هذا التاريخ، بحسب السلطات.

وجرت مظاهرة مماثلة، السبت، في العاصمة الآيرلندية دبلن، هتف فيها المتظاهرون: «الحرية والعدالة للفلسطينيين»، بحسب مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

متظاهرون يحملون لافتات في لندن تطالب بوقف تسليح إسرائيل (إ.ب.أ)

وفي فرنسا، تظاهر، السبت، مئات الأشخاص في باريس ومدن كبرى مثل ليون (جنوب شرق)، وتولوز (جنوب غرب) وستراسبورغ (شرق)، للتعبير عن «تضامنهم مع الفلسطينيين واللبنانيين».

ففي باريس، تجمع المتظاهرون من ساحة الجمهورية حتى ساحة كليشي هاتفي:ن «فلسطين ستعيش، فلسطين ستنتصر». وتقدم الموكب شخصيات سياسية من اليسار الراديكالي، أبرزهم ممثلا حزب «فرنسا الأبية»، جان لوك ميلانشون ومانون أوبري.

«متعجبة»

ووسط الحشد، قالت مايا (37 عاماً)، وهي باحثة في علوم الفيزياء تحمل الجنسيتين الفرنسية واللبنانية جاءت من بيروت قبل أسبوع، إنها «متعجبة من التعامل الإعلامي» مع التصعيد في لبنان، موضحة: «لا نسمع عن قصف المدنيين».

وفي ليون، أكد جيروم فاينيل، رئيس جمعية محلية تدعم الشعب الفلسطيني، وهو أحد آلاف المشاركين في المسيرة، بحسب الشرطة، أنها بالنسبة له فرصة للتنديد بذكرى «عام من الوحشية غير المسبوقة».

يهود أرثوذكس يرفعون علم لبنان خلال مظاهرة في لندن لدعم لبنان وغزة (إ.ب.أ)

وفي مدينة بازل السويسرية، تجمع آلاف الأشخاص في حديقة بالقرب من محطة القطارات للمشاركة في مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين، دعا إليها الاتحاد السويسري الفلسطيني ومائة منظمة تقريباً.

وفي جنوب أفريقيا، تظاهر مئات الأشخاص في وسط مدينة كيب تاون، السبت، وهم يلوحون بالأعلام الفلسطينية، ويرددون شعارات معادية لإسرائيل في مظاهرة مؤيدة لغزة.

وحمل المتظاهرون لافتات تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية وبالعنصرية، وسار كثير منهم إلى البرلمان، في احتجاج نظمته حملة التضامن مع فلسطين، واضعين الكوفية الفلسطينية.

وكان بعض المتظاهرين يهتفون: «إسرائيل دولة عنصرية» و«كلنا فلسطينيون». وأكد بعضهم أنهم يدعمون الشكوى التي رفعتها بلادهم ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.

سيدة ترتدي زياً يشبه قطعة من البطيخ في لندن خلال مظاهرة لدعم غزة (إ.ب.أ)

ورفعت جنوب أفريقيا القضية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عادّة أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على غزة ينتهك اتفاقية عام 1948 في الأمم المتحدة، بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

ويقارن كثير من مواطني جنوب أفريقيا موقف إسرائيل تجاه الفلسطينيين، بنظام «الفصل العنصري» القمعي الذي فرض حكم الأقلية البيضاء في البلاد حتى أول انتخابات شارك فيها الجميع عام 1994.

وفي برلين، استقطبت مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين أكثر من ألف شخص، بينما استقطبت أخرى مؤيدة لإسرائيل نحو 650 شخصاً، وفقاً للشرطة.

وفي روما، اندلعت اشتباكات بين شبان مؤيدين للفلسطينيين والشرطة، حيث تم إلقاء زجاجات ومفرقعات نارية، واستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه بعد مظاهرة شارك فيها آلاف الأشخاص.

جان لوك ميلانشون خلال مظاهرة في باريس لدعم غزة (إ.ب.أ)

وهتف المتظاهرون: «يجب أن تتوقف إيطاليا عن بيع وإرسال أسلحة إلى إسرائيل»، و«فلسطين حرة»، و«إسرائيل دولة مجرمة».

وفي مدريد، تظاهر 5000 شخص، وفقاً للسلطات، بدعوة من شبكة التضامن ضد احتلال فلسطين (RESCOP)، رافعين لافتات كتب عليها «قاطعوا إسرائيل»، و«الإنسانية ميتة في غزة».

ودعا المتظاهرون رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، الذي ازدادت انتقاداته لإسرائيل في الأشهر الأخيرة، إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع هذا البلد.

أعضاء في حزب «فرنسا الأبية» يشاركون في مظاهرة بباريس لدعم غزة (إ.ب.أ)

وفي فنزويلا، تظاهر مئات من مؤيدي حكومة نيكولاس مادورو وأعضاء الجالية العربية خارج مقر الأمم المتحدة في كراكاس. وهتف التشافيزيون، وهم يحملون علماً لفلسطين بطول 25 متراً: «تحيا فلسطين الحرة» و«إيران، إيران، اضربي تل أبيب». وقدم التشافيزيون للأمم المتحدة وثيقة تدعو إلى إنهاء «الإبادة الجماعية» للشعب الفلسطيني، وإلى «عمل ملموس» ضد إسرائيل.