لماذا لا ترى روسيا وأوكرانيا تركيا وسيطاً مناسباً لإنهاء الحرب بينهما؟

رغم استضافتها مفاوضات سلام سابقة ودورها في اتفاقية الحبوب

إردوغان التقى بوتين في آستانة على هامش قمة شنغهاي الأربعاء بعد فترة من انقطاع اللقاءات المباشرة بينهما (الرئاسة التركية)
إردوغان التقى بوتين في آستانة على هامش قمة شنغهاي الأربعاء بعد فترة من انقطاع اللقاءات المباشرة بينهما (الرئاسة التركية)
TT

لماذا لا ترى روسيا وأوكرانيا تركيا وسيطاً مناسباً لإنهاء الحرب بينهما؟

إردوغان التقى بوتين في آستانة على هامش قمة شنغهاي الأربعاء بعد فترة من انقطاع اللقاءات المباشرة بينهما (الرئاسة التركية)
إردوغان التقى بوتين في آستانة على هامش قمة شنغهاي الأربعاء بعد فترة من انقطاع اللقاءات المباشرة بينهما (الرئاسة التركية)

جاء رفض روسيا عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالوساطة مع أوكرانيا ليثير التساؤلات مجدداً عن السبب وراء عدم قبول كل من موسكو وكييف قيام تركيا بدور الوسيط لإنهاء الحرب وإحلال السلام بينهما. وبعد ساعات من لقاء إردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة منظمة شنعهاي للتنمية في آستانة، أعلن المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن «إردوغان لا يمكنه القيام بدور الوسيط في الصراع الروسي الأوكراني». وأضاف بيسكوف، رداً على سؤال في مقابلة مع تلفزيون روسي، ليل الأربعاء - الخميس، عما إذا كان بإمكان إردوغان الاضطلاع بهذا الدور، بالقول: «لا، هذا غير ممكن».

واقترح إردوغان على بوتين، خلال لقائهما في آستانة، أن تساعد تركيا في إنهاء الحرب الأوكرانية الروسية. ونقلت الرئاسة التركية عن إردوغان قوله، خلال حديثه مع بوتين، إنه يعتقد أنه من الممكن التوصل إلى سلام عادل يلائم الجانبين.

جانب من مباحثات إردوغان وبوتين في آستانة الأربعاء (الرئاسة التركية)

وسبق لتركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، أن استضافت جولة مفاوضات ولقاء غير رسمي بين الجانبين الروسي والأوكراني في إسطنبول وأنطاليا عام 2022، ولم تتوصلا إلى أي تقدم بشأن وقف الحرب بين الجانبين.

ونجحت وساطة تركيا مع «الأمم المتحدة» في التوصل إلى اتفاقية الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود، التي وقّعت في إسطنبول في 22 يوليو (تموز) 2022، والتي سمحت بخروج 33 مليون طن من الحبوب من أوكرانيا، لكنها توقفت بعد عام واحد لانسحاب روسيا منها، بسبب عدم تنفيذ الشق الخاص بها في الاتفاقية.

كما استضافت أنقرة في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 لقاء جمع مدير هيئة المخابرات الخارجية الروسية، سيرغي ناريشكين، ومدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ويليام بيرنز، لم يتم الكشف عما دار فيه، لكن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان وصفه، في مقابلة تلفزيونية مؤخراً، بأنه كان «تاريخياً».

وكان بوتين قد أكد خلاله لقائه وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في موسكو في 11 يونيو (حزيران) الماضي، أن موسكو تبدي اهتماماً بمبادرات تركيا، بما في ذلك ما يتعلق بأمن البحر الأسود، وندرس بعناية وباحترام كبير جميع مبادرات الجمهورية التركية في هذا المسار، وسنبقى على اتصال معها. ولفت بوتين إلى الدور الذي لعبه إردوغان في إبرام «صفقة الحبوب» في البحر الأسود، قائلاً: «ليس خطأنا. إنه لسوء الحظ لم يتم تمديدها. مبادرات أنقرة اللاحقة رفضها الجانب الأوكراني أيضاً في اللحظة الأخيرة».

جانب من مراسم توقيع اتفاقية الحبوب في إسطنبول عام 2022 (أرشيفية)

بدوره، أكد فيدان أن «تركيا مصممة على مواصلة جميع أنشطة الوساطة الممكنة بين روسيا وأوكرانيا». وتسعى تركيا إلى عقد مؤتمر سلام حول أوكرانيا بصيغة منصة إسطنبول، وأجرت اتصالات مع الجانبين الروسي والأوكراني خلال الأسابيع الأخيرة لهذا الغرض.

وعلّق هاكان على لقائه بوتين، على هامش اجتماعات وزراء خارجية دول مجموعة «بريكس»، في 11 يونيو، قائلاً إن هناك رسائل بعث بها الرئيس إردوغان، منها أن قضية أوكرانيا مهمة للغاية، و«بحثنا أين نقف، وأكدنا أن تكلفة الحرب المستمرة على المنطقة والعالم مرتفعة للغاية، والأسوأ من ذلك أن هذا الخطر قد ينمو وينتشر جغرافياً ومنهجياً، وأن الأسلحة النووية قد تأتي إلى الواجهة، وقد رأيت هذا خلال رحلتي إلى الصين وروسيا».

وأضاف فيدان: «نرى دائماً أساساً لعملية التفاوض، من الضروري مساعدته قليلاً، هناك انتخابات حاسمة في أوروبا والولايات المتحدة، وهناك ميل للانتظار قليلاً، ولا يريد كل طرف أن يظهر ضعفاً في موقفه بأن يكون أول من ينادي بالسلام والتفاوض والحوار».

وبحسب مراقبين، لا ترى روسيا في تركيا وسيطاً مناسباً مع أوكرانيا، بسبب العلاقات بينهما في المجال العسكري، وتزويدها بالطائرات المسيرة، والتخطيط لإنشاء مصنع بطارياتها المقاتلة الجديدة «كآن» في أوكرانيا، فضلاً عن تأييدها انضمامها للناتو.

زيلينسكي يتوسط قادة «آزوف» (أ.ب)

وتغاضت موسكو ظاهرياً عن إخلال أنقرة باتفاق تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، وقيامها بتسليم 5 من قادة كتيبة «آزوف» للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي خلال زيارته تركيا العام الماضي، على الرغم من الاتفاق على عدم تسليمهم إلا بعد نهاية الحرب.

وعلى الرغم من الغضب الذي شعرت به روسيا، التي تعدّ «آزوف» جماعة إرهابية، فإنها أعلنت أنها تقدر أن تركيا دولة عضو بالناتو، وأن هناك ضغوطاً عليها.

لكن الغضب الروسي انعكس في عدم إتمام بوتين زيارة لتركيا تحدثت عنها أنقرة كثيراً، وأعلنت أكثر من موعد لقيامه بها، كان الكرملين ينفيه في كل مرة، إلى أن التقى إردوغان بوتين، الأربعاء، ودعاه مجدداً لزيارة تركيا.

على الجانب الآخر، فإن أوكرانيا ذاتها لا ترى في تركيا وسيطاً مناسباً مع روسيا، وفي أبريل (نيسان) الماضي، وقبل فترة من انعقاد مؤتمر السلام الدولي حول أوكرانيا في سويسرا، قال زيلينسكي إن تركيا لا تستطيع التوسط، وإن دورها كوسيط في الحرب الروسية الأوكرانية «ليس كافياً» بالنسبة لأوكرانيا. وأضاف زيلينسكي أنه «ممتن» للدعم ورغبة الوساطة التي أبداها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، لكن تركيا التي تربطها علاقات قوية مع روسيا لديها مصالح أخرى.

وفي إشارة إلى علاقات تركيا الاقتصادية مع روسيا، قال زيلينسكي إن أنقرة وحدها لن تكون كافية للوساطة.

وسعت أنقرة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا إلى الحفاظ على موقف متوازن بين الدولتين الجارتين في منطقة البحر الأسود، ورفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية على روسيا، فيما أكدت تمسكها بوحدة وسيادة أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

كييف تسعى إلى إقناع ترمب بجدوى الاستثمار في مواردها لمواصلة دعمها

أوروبا رجال إطفاء أوكرانيون يعملون في مكان ما بعد هجوم جوي في دنيبرو وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)

كييف تسعى إلى إقناع ترمب بجدوى الاستثمار في مواردها لمواصلة دعمها

تكافح أوكرانيا من أجل الاحتفاظ بأوراقها التي قد تتيح لها التوصل إلى اتفاق متوازن، بعدما بات من شبه المؤكد أن الإدارة الأميركية الجديدة مقبلة على هذا الخيار.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني في مؤتمر صحافي بختام أعمال اجتماع وزراء «مجموعة السبع» في فيوجي الثلاثاء (أ.ف.ب)

«مجموعة السبع» لـ«حل دبلوماسي» في لبنان

أنهى وزراء خارجية «مجموعة السبع» اجتماعها الذي استمر يومين في فيوجي بإيطاليا، وقد بحثوا خلاله القضايا الساخنة في العالم.

«الشرق الأوسط» (روما)
أوروبا الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمس» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)

اجتماع لمجلس «الناتو - أوكرانيا» لبحث دعم كييف والضربة الصاروخية الروسية

يعقد حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأوكرانيا الثلاثاء اجتماعا في بروكسل على مستوى السفراء، لبحث التصعيد على الجبهة وإطلاق صاروخ روسي باليستي فرط صوتي على أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل) «الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا تظهر هذه الصورة التي نشرتها قناة وزارة الدفاع الروسية الرسمية على «تلغرام» يوم الثلاثاء 26 نوفمبر 2024... حطام صاروخ «أتاكمس» الذي تم العثور عليه في أراضي مطار كورسك في روسيا (قناة وزارة الدفاع الروسية الرسمية على تلغرام - أ.ب)

روسيا: أوكرانيا شنّت ضربتين باستخدام صواريخ «أتاكمس» الأميركية

أعلنت روسيا اليوم الثلاثاء أنها تعرضت في الأيام الأخيرة لضربتين أوكرانيتين نُفّذتا بصواريخ «أتاكمس» الأميركية، السلاح الذي توعدت موسكو برد شديد في حال استخدامه

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا امرأة تمشي خارج مبنى السفارة البريطانية في موسكو (أرشيفية - أ.ف.ب)

روسيا تطرد دبلوماسياً بريطانياً بتهمة التجسس

أعلنت روسيا، الثلاثاء، أنها طردت دبلوماسياً بريطانياً بتهمة التجسس، في أحدث ضربة للحالة المتدهورة بالفعل للعلاقات بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

«مجموعة السبع» لـ«حل دبلوماسي» في لبنان

وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني في مؤتمر صحافي بختام أعمال اجتماع وزراء «مجموعة السبع» في فيوجي الثلاثاء (أ.ف.ب)
وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني في مؤتمر صحافي بختام أعمال اجتماع وزراء «مجموعة السبع» في فيوجي الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

«مجموعة السبع» لـ«حل دبلوماسي» في لبنان

وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني في مؤتمر صحافي بختام أعمال اجتماع وزراء «مجموعة السبع» في فيوجي الثلاثاء (أ.ف.ب)
وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني في مؤتمر صحافي بختام أعمال اجتماع وزراء «مجموعة السبع» في فيوجي الثلاثاء (أ.ف.ب)

انشغل وزراء خارجية «مجموعة السبع»، في اجتماعهم في فيوجي بإيطاليا، بأوضاع لبنان وروسيا وغزة وبمذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأعرب الوزراء في بيان ختامي، الثلاثاء، عن دعمهم «لوقف فوري لإطلاق النار» في لبنان، مؤكدين أن «الوقت حان للتوصل إلى حل دبلوماسي».

وقالوا: «ندعم المفاوضات الجارية من أجل وقف فوري لإطلاق النار بين إسرائيل و(حزب الله)». وأضافوا: «حان الوقت للتوصل إلى حل دبلوماسي، ونرحب بالجهود الدبلوماسية المبذولة في هذا الاتجاه».

روسيا

أدان الوزراء «بأشد العبارات الخطاب النووي غير المسؤول والتهديدي لروسيا، وكذلك موقفها القائم على الترهيب الاستراتيجي»، مشيرين إلى أن «دعمهم وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها واستقلالها سيبقى ثابتاً».

واستخدمت روسيا على الأراضي الأوكرانية صاروخاً باليستياً متوسط المدى (يصل إلى 5500 كيلومتر)، صُمّم ليحمل رأساً نووياً، وأدانت كييف إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات.

وجاء ذلك في أعقاب ضربتين نفذتهما أوكرانيا على الأراضي الروسية بصواريخ «أتاكمز» الأميركية، وصواريخ «ستورم شادو» البريطانية، وهي أسلحة يصل مداها إلى نحو 300 كيلومتر.

نتنياهو وغزة

أعلن وزراء الخارجية أن دول المجموعة ستفي بالتزاماتها «الخاصة» فيما يتعلق بمذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية بحق نتنياهو.

وزراء خارجية «مجموعة السبع» خلال اجتماعهم في فيوجي الثلاثاء (إ.ب.أ)

وقالوا في البيان الختامي: «نؤكد مجدداً التزامنا بالقانون الإنساني الدولي، وسنفي بالتزاماتنا الخاصة. ونؤكد أنه لا يمكن أن يكون هناك تكافؤ بين حركة (حماس) الإرهابية ودولة إسرائيل».

وحثوا الحكومة الإسرائيلية «على احترام التزاماتها الدولية والوفاء بمسؤوليتها لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية الشاملة والسريعة والآمنة ودون عوائق»، إلى قطاع غزّة، الذي «يشهد عدداً مأساوياً ومستمراً بالارتفاع للقتلى».

وورد في البيان الختامي أن «الوضع في غزّة قد أدى إلى بلوغ مستويات غير مسبوقة من انعدام الأمن الغذائي؛ ما أثر في جزء كبير من السكان، خصوصاً في الشمال».

وشدد البيان على أن «ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني، يمثل أولوية، إلى جانب ضمان الأمن أيضاً»، وذلك «بشكل يتم فيه تسليم المساعدات فعلياً إلى الفئات الأكثر ضعفًا».

وقال الوزراء: «نستنكر بشدة تصاعد أعمال العنف التي يمارسها المستوطنون المتطرفون ضد الفلسطينيين؛ ما يقوض الأمن والاستقرار في الضفة الغربية، ويهدد آفاق السلام الدائم».

وأعربوا عن دعمهم «الأونروا» لأداء مهمتها بفاعلية، وأكدوا الدور الحيوي الذي تلعبه.

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك

كانت السعودية قد أكدت، الاثنين، أهمية تعزيز الشراكات المتعددة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، مشددة في الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول «مجموعة السبع» (G7) مع نظرائهم من بعض الدول العربية، على ضرورة تحمُّل المجتمع الدولي مسؤولياته، والتحرك من أجل وقف فوري لإطلاق النار، وضمان إيصال المساعدات دون قيود والعمل على تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة عبر حل الدولتين.

جاء الموقف السعودي في كلمة لوزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان تطرق خلالها للمستجدات في غزة ولبنان خلال مشاركته في الجلسة الموسعة للاجتماع، مؤكداً في الوقت نفسه، ضرورة خفض التصعيد في لبنان واحترام سيادته، بالإضافة إلى الحاجة الملحة للتوصل لحل دائم للأزمة في السودان، وإنهاء المعاناة الإنسانية فيه.

وعُقدت الجلسة التي حملت عنوان «معاً لاستقرار الشرق الأوسط»، بمشاركة الأردن، والإمارات، وقطر، ومصر، وأحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية. بينما بحث الأمير فيصل بن فرحان مع أنطونيو تاياني، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإيطالي، في لقاء ثنائي على هامش مشاركته في الجلسة الموسعة للاجتماع الوزاري، العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تنميتها في مختلف المجالات، إضافة إلى مناقشة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

ولاحقاً، بحث وزير الخارجية السعودي مع نظيرته الكندية ميلاني جولي العلاقات الثنائية بين البلدين، وناقشا آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة بشأنها.

حضر اللقاءين الأمير فيصل بن سطام بن عبد العزيز سفير السعودية لدى إيطاليا.