بوتين يهدد بتسليح كوريا الشمالية ويصعّد التوتر مع الغرب بشأن أوكرانيا

أصدر الرئيس الروسي تحذيره في ختام رحلة إلى آسيا وقع خلالها اتفاقية دفاع مشترك مع بيونغ يانغ

صاروخ باليستي عابر للقارات يعرض في بيونغ يانغ (الوكالة المركزية الكورية)
صاروخ باليستي عابر للقارات يعرض في بيونغ يانغ (الوكالة المركزية الكورية)
TT

بوتين يهدد بتسليح كوريا الشمالية ويصعّد التوتر مع الغرب بشأن أوكرانيا

صاروخ باليستي عابر للقارات يعرض في بيونغ يانغ (الوكالة المركزية الكورية)
صاروخ باليستي عابر للقارات يعرض في بيونغ يانغ (الوكالة المركزية الكورية)

حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الولايات المتحدة وحلفاءها، بشكل مباشر، من أنه على استعداد لتسليح كوريا الشمالية إذا استمر إمداد كييف بالأسلحة المتطورة التي استخدمتها بالفعل في ضرب الأراضي الروسية، مما رفع المخاطر بالنسبة للقوى الغربية التي تدعم أوكرانيا.

أطلق بوتين التهديد في تعليقات لصحافيين رافقوه في رحلته في وقت متأخر من مساء الخميس إلى فيتنام، قبل أن يعود إلى روسيا بعد رحلة شملت أيضاً كوريا الشمالية.

الزعيمان الكوري الشمالي والروسي (أ.ف.ب - سبوتنيك)

كان الرئيس الروسي قد أطلق تهديداً مماثلاً، وإن كان أقل صراحة، قبل يوم واحد في بيونغ يانغ، حيث أحيا اتفاقية للدفاع المشترك تعود إلى حقبة الحرب الباردة مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون. وتتطلب الاتفاقية من كل دولة تقديم المساعدة العسكرية للدولة الأخرى «بكل الوسائل المتاحة لها» في حالة وقوع هجوم.

وأطلق بوتين تهديده بتسليح بيونغ يانغ، رغم مخالفة ذلك للعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة، كرد فعل على القرارات التي اتخذتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في الأشهر الأخيرة بالسماح لأوكرانيا بتوجيه ضربات محددة إلى الأراضي الروسية باستخدام أسلحتها.

اتخذ البيت الأبيض هذا القرار، الشهر الماضي، لكنه استمر في حظره للهجمات الأبعد مدى في عمق البلاد باستخدام الأسلحة الأميركية. وقال بوتين: «إن أولئك الذين يزودون هذه الأسلحة يعتقدون أنهم ليسوا في حالة حرب معنا. حسناً، كما قلت، فإننا نحتفظ بالحق في توريد الأسلحة إلى مناطق أخرى من العالم، بما في ذلك في بيونغ يانغ».

وتساءل بوتين عن وجهة الأسلحة قائلاً: «وأين ستذهب بعد ذلك؟»، مشيراً إلى أن كوريا الشمالية قد تبيع الأسلحة الروسية إلى جهات مارقة أخرى معادية للولايات المتحدة وحلفائها في جميع أنحاء العالم.

ورغم أن بوتين لم يحدد الأسلحة التي سوف يعطيها لكوريا الشمالية، فإن كيم يسعى إلى تطوير الرؤوس النووية والصواريخ والغواصات والأقمار الاصطناعية، وهي جميعها مجالات تمتلك فيها روسيا بعضاً من أكثر التقنيات تطوراً وخطورةً في العالم.

جاءت زيارة الزعيم الروسي إلى بيونغ يانغ لتؤكد كيف أصبحت الحرب في أوكرانيا المبدأ التوجيهي لسياسته الخارجية، متجاوزة أولويات أخرى لطالما سعى الكرملين إلى تحقيقها لسنوات.

أكد الرئيس الروسي وزعيم كوريا الشمالية على أن الشراكة بين البلدين تعزز «السلم والاستقرار» في منطقة آسيا والمحيط الهادي (أ.ف.ب)

وتقول واشنطن وسيول إن كوريا الشمالية أرسلت عشرات الصواريخ الباليستية وأكثر من 11 ألف حاوية شحن من الذخيرة إلى روسيا لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا، مما ساعد بوتين على التغلب على نقص الذخيرة. وقد نفت كل من روسيا وكوريا الشمالية أي تبادل للأسلحة، وهو ما من شأنه أن ينتهك عقوبات الأمم المتحدة.

لسنوات، شاركت روسيا في جهود الأمم المتحدة لكبح برنامج كيم للأسلحة النووية والصواريخ، حيث وافقت على قرار تلو الآخر في مجلس الأمن يهدف إلى الحد من قدرة نظامه على الحصول على الأسلحة والتكنولوجيا والموارد. وتزامن فرض القيود مع إجراء كوريا الشمالية لست تجارب نووية وتطوير برنامج صاروخ باليستي عابر للقارات.

الرئيسان الفيتنامي والروسي في القصر الرئاسي بهانوي أمس (أ.ب)

لكن الآن عمل بوتين على تغيير مساره بدرجة كبيرة، إذ دعا إلى رفع العقوبات نفسها التي وافق عليها، مدفوعاً برغبته في زيادة تكلفة دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا، وحاجة روسيا إلى مخزونات كوريا الشمالية الهائلة من الذخيرة والأسلحة التقليدية لاستخدامها في ساحة المعركة.

وقال بوتين: «يزود الغرب أوكرانيا بالأسلحة ويقولون لا يهم كيف يتم استخدامها. يمكننا نحن أيضاً أن نقول إننا سلمنا شيئاً لشخص ما، ثم لم يعد لدينا سيطرة على أي شيء. دعهم يفكرون في ذلك».

أثار إحياء بوتين لمعاهدة الدفاع المشترك مع كوريا الشمالية التي تعود إلى زمن الحرب الباردة، وإشاراته بأنه قد يسلح نظام كيم، المخاوف في كوريا الجنوبية واليابان، اللتين تستضيفان عشرات الآلاف من القوات الأميركية. وقال مسؤولون كوريون جنوبيون إنهم سيفكرون في تقديم مساعدة لأوكرانيا رداً على ذلك. وحذرهم بوتين في تصريحاته الخميس قبل مغادرة المنطقة من مغبة تنفيذ ذلك.

وقال بوتين: «سيكون هذا خطأ كبيراً جداً. آمل ألا يحدث ذلك. وإذا حدث، فسنتخذ أيضاً إجراءات غالباً لن ترضي القيادة الكورية الجنوبية الحالية». وقال إن اتفاقية الدفاع المشترك لا ينبغي أن تقلق كوريا الجنوبية، لأنها تدعو إلى تدخل روسيا عسكرياً فقط في حالة العدوان على كوريا الشمالية، وقال إن سيول ليست لديها أي نية لشن مثل هذا الهجوم.

كما قارن الزعيم الروسي، الذي جعل من انتقاد «العقوبات الخانقة» محور رسالته الدولية، القيود المفروضة على كوريا الشمالية بحصار لينينغراد من قبل النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، الذي تسبب في وفاة أخيه الأكبر الذي كان يبلغ من العمر آنذاك عاماً واحداً. وأكد بوتين في تصريحاته الخميس أن تلك العقوبات يجب أن يُعاد تقييمها، خصوصاً تلك التي تتعلق بهجرة العمالة، قائلاً إن الأسر الكورية الشمالية غير قادرة على كسب المال وإطعام أطفالها. وتساءل: «هل يذكرك هذا بأي شيء؟»، في إشارة إلى الحرب العالمية الثانية، متسائلاً: «وهل هذا إنساني؟».

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: عقدتُ اجتماعاً «مثمراً» مع المبعوث الأميركي

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يصافح المبعوث الأميركي الخاص لأوكرانيا وروسيا جوزيف كيث كيلوغ خلال لقائهما في روما بإيطاليا الأربعاء 9 يوليو الحالي (أ.ب) play-circle

زيلينسكي: عقدتُ اجتماعاً «مثمراً» مع المبعوث الأميركي

أكد الرئيس الأوكراني، الاثنين، أنه عقد اجتماعاً «مثمراً» في كييف مع المبعوث الأميركي كيث كيلوغ تخلله بحث في التعاون الدفاعي والعقوبات على روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جندي أوكراني يعمل على تعزيز خط المواجهة باتجاه دونيتسك الشهر الماضي (أ.ف.ب)

الجيش الروسي يعلن السيطرة «كارل ماركس» في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، اليوم (الأحد) أن قواتها سيطرت على بلدة كارل ماركس بمنطقة دونيتسك، في ظل استمرار تقدمها بشرق أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا قوات خاصة أوكرانية تتبع جهاز الأمن (جهاز الأمن الأوكراني عبر «تلغرام»)

أوكرانيا: مقتل عملاء يعملون لصالح روسيا في كييف

قالت أوكرانيا إن عملاء من جهاز الخدمة السرية الروسي قتلوا في منطقة كييف خلال عملية نفذها جهاز الأمن الأوكراني (إس بي يو) لاعتقالهم.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ علما أستراليا والصين خلال زيارة رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي لموقع Trip.com في شنغهاي اليوم (إ.ب.أ)

أستراليا ترفض الكشف عن موقفها العسكري من حرب أميركية - صينية

قال وزير الصناعات الدفاعية الأسترالي بات كونروي، اليوم (الأحد)، إن أستراليا ستتخذ قرارًا في حينه وليس مسبقاً فيما يتعلق بإرسال قوات لأي صراع.

«الشرق الأوسط» (سيدني )
آسيا زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (يسار) يصافح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ) play-circle

زعيم كوريا الشمالية يؤكد دعم بلاده لروسيا في الحرب ضد أوكرانيا

ذكرت وسائل إعلام كورية شمالية أن الزعيم كيم جونغ أون أكد دعم بيونغ يانغ غير المشروط لجميع الإجراءات التي تتخذها القيادة الروسية لحل الوضع في أوكرانيا بشكل جذري.

«الشرق الأوسط» (سيول)

وزيرا الخارجية الإسرائيلي والفلسطينية يُشاركان في اجتماع ببروكسل

وزيرة الخارجية الفلسطينية فارسين أغابكيان شاهين (الخارجية الفلسطينية)
وزيرة الخارجية الفلسطينية فارسين أغابكيان شاهين (الخارجية الفلسطينية)
TT

وزيرا الخارجية الإسرائيلي والفلسطينية يُشاركان في اجتماع ببروكسل

وزيرة الخارجية الفلسطينية فارسين أغابكيان شاهين (الخارجية الفلسطينية)
وزيرة الخارجية الفلسطينية فارسين أغابكيان شاهين (الخارجية الفلسطينية)

يشارك وزيرا الخارجية الإسرائيلي والفلسطينية في اجتماع بين الاتحاد الأوروبي والدول المجاورة الواقعة إلى جنوبه يُعقد في بروكسل، اليوم (الاثنين)، بحسب مصادر رسمية، في أول حضور مشترك في لقاء على هذا المستوى منذ اندلاع الحرب في غزة. لكن السلطة الفلسطينية نفت أن يكون جدول الأعمال يتضمن لقاء بين الوزيرة الفلسطينية ونظيرها الإسرائيلي، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مكتب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن الأخير سيعقد على هامش الاجتماع الوزاري لقاءات مع مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، والمفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا شويتزا، إضافة إلى عدد من نظرائه المشاركين.

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في المفوضية الأوروبية ببروكسل في فبراير الماضي (إ.ب.أ)

وأكدت الخارجية الفلسطينية مشاركة الوزيرة فارسين أغابكيان شاهين، لكنها نفت أن يكون على جدول أعمالها «أي لقاءات أو اجتماعات مع وزير خارجية دولة الاحتلال»، وذلك تعقيباً على تقارير بهذا الشأن.

وجاء في بيان صادر عن «الخارجية» أن الوزيرة ستلقي كلمة «تركز فيها على معاناة الشعب الفلسطيني في ظل حرب الإبادة والتهجير المستمرة على قطاع غزة، وسياسة التجويع الممنهجة التي تمارسها دولة الاحتلال، والحصار المالي المفروض على الحكومة الفلسطينية».

وأضاف أنها ستتطرق أيضاً إلى الوضع في الضفة الغربية المحتلة حيث يتصاعد العنف وتشن إسرائيل منذ أشهر عملية عسكرية في شمالها، أدت إلى تهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

وأوضحت الوزارة أنه من المقرر أن تعقد الوزيرة اجتماعات مع كالاس وعدد من وزراء الخارجية الأوروبيين.

وأكدت أنها ستطالب بـ«الوقف الفوري لجرائم الإبادة والتهجير والضم، وإجبار الحكومة الإسرائيلية على الانصياع لإرادة السلام الدولية وفتح مسار سياسي تفاوضي لإنهاء الاحتلال، وتمكين شعبنا من حقه في تقرير المصير».