الحرب الأوكرانية تتصدر أجندة قمة «السبع» المزدحمة بقضايا الهجرة والشرق الأوسط والذكاء الاصطناعي

توافق على استخدام 50 مليار يورو من أصول روسيا المجمدة لصالح أوكرانيا

الأعضاء المشاركون في المنتدى هم كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة (إ.ب.أ)
الأعضاء المشاركون في المنتدى هم كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة (إ.ب.أ)
TT

الحرب الأوكرانية تتصدر أجندة قمة «السبع» المزدحمة بقضايا الهجرة والشرق الأوسط والذكاء الاصطناعي

الأعضاء المشاركون في المنتدى هم كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة (إ.ب.أ)
الأعضاء المشاركون في المنتدى هم كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة (إ.ب.أ)

«هذه طاولة مصنوعة من خشب الزيتون المعمّر الذي يكثر في هذه المنطقة ومعظم أنحاء إيطاليا»... بهذه العبارات افتتحت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني الجلسة الأولى من أعمال قمة الدول الصناعية السبع التي سيطرت على أجندتها الحرب الأوكرانية واستخدام فوائد الأصول الروسية في مساعدة كييف في حربها ضد موسكو.

عدد من زعماء العالم يجلسون للتحضير لجلسة عمل حول أفريقيا وتغير المناخ والتنمية في منتجع بورجو إجنازيا خلال قمة «مجموعة السبع» (أ.ف.ب)

وفي منتجع ساحر يطلّ على ساحل الأدرياتيك المقابل لدول البلقان، وقفت رئيسة وزراء إيطاليا محفوفة عن يمينها بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد هزيمته، وانتصارها في الانتخابات الأوروبية، وعن يسارها بالرئيس الأميركي جو بايدن الذي انتظرته للمصافحة 25 دقيقة تحت قرص الشمس الحادة قبل أن تعاتبه لحظة وصوله.

أول القادمين كانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين، التي بدا الفتور على لقائها مع ميلوني، لأول مرة منذ أشهر، ما يوحي بأن التحالف الذي كان معلناً بينهما ودعم رئيسة الوزراء الإيطالية لتجديد ولايتها قد أصبحا في خبر كان.

فتور منسدل على هذه القمة، السابعة التي تستضيفها إيطاليا، في أكثر من اتجاه: مع ماكرون بسبب من التقارب بين ميلوني ومارين لوبان، ومع المستشار الألماني أولاف شولتس حول ملفّ الهجرة، ومع نظيرها الكندي الذي انتقد بشدّة موقفها من الحقوق الجنسانية في قمة العام الماضي التي استضافتها اليابان في هيروشيما... وفتور مع بايدن ينذر به النقاش حول البيان الختامي بعد أن قررت ميلوني شطب أي إشارة فيه إلى موضوع الإجهاض والحقوق التناسلية الذي يشكّل أحد العناوين الأساسية لحملة الرئيس الأميركي الانتخابية.

لكن كل ذلك لم يمنع ميلوني من الإعلان عن ثقتها بأن هذه القمة ستكون «تاريخية» على أكثر من صعيد، وتستضيف للمرة الأولى بابا الفاتيكان في الندوة المخصصة لمناقشة الذكاء الاصطناعي، وربما الهجرة.

ورغم تشعب القضايا أمام القمة، فإن الحرب الأوكرانية بقيت المهيمنة على اللقاء، ومن المقرر أن يخاطب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الحاضرين في وقت لاحق الخميس. وقال دبلوماسيون إنه تم التوصل إلى الاتفاق بشأن حزمة قروض كبيرة بعد أشهر من المفاوضات، وإن دول المجموعة وافقت على منح أوكرانيا قرضاً مقداره 50 مليار دولار، عبر استخدام المال الناتج عن الأصول الروسية المجمدة، وهذا ما أكدته مصادر الوفد الأميركي بأن المجموعة توصلت إلى «اتفاق سياسي مبدئي» حول المساعدة.

ميلوني مع زيلينسكي (إ.ب.أ)

ومن المقرر أن تستخدم أوكرانيا، التي مزقتها الحرب، حزمة القروض لتعزيز دفاعها العسكري ضد روسيا، وتمويل إعادة إعمار البنية التحتية وتمويل موازنة الدولة الأوكرانية.

وفي هذا الصدد، صرّحت الناطقة بلسان الخارجية الروسية ماريّا زاخاروفا بقولها: «هذه الخطوة لن تحمل شيئاً حسناً للغرب، فهي غير قانونية ومن شأنها زعزعة النظام المالي الدولي وإثارة أزمات مدمرة». كما وصفت زاخاروفا هذه المحاولات التي يقوم بها الغرب بالإجرامية، وأنها ستؤدي إلى رد من موسكو مؤلم جداً للاتحاد الأوروبي.

وقالت الحكومة الأميركية إنه تم تجميد نحو 280 مليار دولار من أموال البنك المركزي الروسي في الدول الغربية بسبب العقوبات المفروضة منذ الهجوم الروسي الشامل على أوكرانيا قبل أكثر من عامين.

من المقرر أن يخاطب زيلينسكي الحاضرين في وقت لاحق الخميس (أ.ب)

وقالت ميلوني إن المحور الأساسي الذي ستدور حوله الرئاسة الإيطالية للمجموعة هو الدفاع عن النظام الدولي الذي يقوم على القواعد والقوانين التي قوّضها العدوان الروسي على أوكرانيا، وتسبب في زعزعة الاستقرار في الوقت الذي تعصف بالعالم أزمات متعددة. وشددت ميلوني على أن مجموعة السبع ستولي الاهتمام نفسه بأزمة الشرق الأوسط وتداعياتها على الوضع الدولي.

وتحدثت عن علاقات المجموعة مع الدول النامية والاقتصادات الناشئة بوصفها محورية بالنسبة للدول الصناعية الكبرى، مشددة على الأولوية التي تعطيها المجموعة للقارة الأفريقية «التي نريد أن نبني معها نموذجاً تعاونياً يقوم على شراكة تعود بالمنفعة على الطرفين، بعيداً عن السلوك الأبوي أو الافتراسي».

وقالت إن إيطاليا ستولي اهتماماً كبيراً لموضوع الهجرة وغيره من التحديات الكبرى، مثل تغيّر المناخ والعلاقة السببية بين الطاقة والأمن الغذائي الذي يحتلّ موقعاً مركزياً في إيطاليا التي توجد في عاصمتها الوكالات الدولية الأربع المعنية بالأغذية والزراعة.

موضوع آخر أفردت له الرئاسة الإيطالية جلسة كاملة هو الذكاء الاصطناعي، وتستضيف فيه البابا فرنسيس، الذي شكّل مؤخراً لجنة مخصصة للبحث في مستقبل هذه التكنولوجيا الجديدة، وما يمكن أن تولّده من فرص وينشأ عنها من مخاطر تؤثر على التوازنات الجيوسياسية في العالم.

وأفادت جهات إيطالية مطلعة بأن خطوة ميلوني لحذف الإشارة إلى الإجهاض من مشروع نص البيان الختامي قد أثارت استياء معظم الوفود المشاركة، وخاصة الوفدين الفرنسي والألماني، فيما أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان أنه سيكون على طاولة اللقاء الثنائي بين بايدن وميلوني. وقال سوليفان إن الرئيس الأميركي لا يترك مناسبة إلا ويتحدث فيها عن حقوق الإنسان بكل إبعادها، مع الأصدقاء والمنافسين والخصوم، مضيفاً: «ولا أتوقع أن يتغيّر ذلك بهذه المناسبة».

تحدث الاثنان لبضع لحظات قبل أن تشير ميلوني نحو إطار شعار مجموعة السبع الذي وقعه كل زعيم حاضر بعلامة (د.ب.أ)

وأكدت أوساط مقربة من ميلوني أن خطوة رئيسة الوزراء الإيطالية جاءت مثل لفتة تجاه بابا الفاتيكان الذي يشارك للمرة الأولى في قمة المجموعة، معربة عن اعتقادها بأن الرئيس الأميركي لا يسعى إلى صدام مع رئيسة الوزراء الإيطالية التي ذهبت أبعد من توقعاته في مواقفها من الحرب في أوكرانيا، ومشروع طريق الحرير الصيني وغيرها من القضايا الدولية الأخرى.

لكن مصادر الوفد الأميركي المرافق لبايدن قالت إن سيّد البيت الأبيض لا يمكن أن يوقّع على بيان يتجاهل الحق في الإجهاض، لأن ذلك سيقضي نهائياً على حظوظه الانتخابية بعد الموقف الذي اتخذه إثر قرار المحكمة العليا بإلغائه على الصعيد الفيدرالي وتبنته حملة ترمب. ومن المنتظر أيضاً أن يكون ملف الهجرة موضع تجاذبات في القمة، حيث تشكّل إيطاليا وبريطانيا محوراً ثنائياً في مواجهة بقية الأعضاء الذين تكاد تكون مواقفهم متطابقة حوله.


مقالات ذات صلة

تدفقات الاستثمار إلى بريطانيا الأدنى ضمن مجموعة السبع

الاقتصاد مشاة فوق جسر «لندن بريدج» في العاصمة البريطانية وفي الخلفية «تاور بريدج» على نهر التيمز (رويترز)

تدفقات الاستثمار إلى بريطانيا الأدنى ضمن مجموعة السبع

كشف تحليل حديث عن أن تدفق الاستثمارات الجديدة إلى بريطانيا كان الأقل ضمن مجموعة الدول صاحبة الاقتصادات الأكثر تقدماً في العالم خلال 3 سنوات على التوالي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا زعماء «مجموعة السبع» خلال قمتهم في منتجع بورجو إجنازيا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

الصين: البيان الختامي لمجموعة السبع «مليء بالغطرسة والتحيز والأكاذيب»

ردت بكين بقوة، الاثنين، على البيان الختامي لقادة مجموعة السبع الذين هاجموا الصين، وقالت إنه «مليء بالغطرسة والتحيز والأكاذيب».

«الشرق الأوسط» (بكين)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً أصيب بقصف إسرائيلي في دير البلح الجمعة (رويترز)

إسرائيل تقصف غزة... ومقتل «أسيرين» لدى «حماس»

قصف الجيش الإسرائيلي (الجمعة) قطاع غزة المحاصر والمدمر، فيما دعا زعماء مجموعة السبع إلى السماح لوكالات الأمم المتحدة بالعمل دون عائق.

«الشرق الأوسط» (رفح)
أوروبا البابا فرنسيس يشارك في جلسة عمل حول الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خلال قمة السبع... البابا يحذّر من تحوّل الذكاء الاصطناعي لـ«أسلحة قتالة مستقلّة»

حذر البابا فرنسيس في كلمته أمام قمة مجموعة السبع المنعقدة في جنوب إيطاليا اليوم (الجمعة)، من الاستخدام العسكري للذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (روما)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس يتلقى تهاني عيد ميلاده من قادة مجموعة السبع وقادة الاتحاد الأوروبي في اليوم الثاني من قمة مجموعة السبع في سافيلتري - إيطاليا 14 يونيو 2024 (رويترز)

مجموعة السبع تحتفل بعيد ميلاد المستشار الألماني شولتس (فيديو)

نهاية تصالحية لأسبوع صعب بالنسبة للمستشار الألماني أولاف شولتس، إذ احتفل رؤساء دول وحكومات مجموعة السبع بعيد ميلاده في إيطاليا.

«الشرق الأوسط» (روما)

اليمين المتطرف الفرنسي يستعد لاحتمال فوزه بعرض برنامجه


جوردان بارديلا رئيس «التجمع الوطني» في مؤتمره الصحافي بباريس أمس (إ.ب.أ)
جوردان بارديلا رئيس «التجمع الوطني» في مؤتمره الصحافي بباريس أمس (إ.ب.أ)
TT

اليمين المتطرف الفرنسي يستعد لاحتمال فوزه بعرض برنامجه


جوردان بارديلا رئيس «التجمع الوطني» في مؤتمره الصحافي بباريس أمس (إ.ب.أ)
جوردان بارديلا رئيس «التجمع الوطني» في مؤتمره الصحافي بباريس أمس (إ.ب.أ)

عرض اليمين المتطرف في فرنسا برنامجه الحكومي، أمس، تحسباً لفوزه المحتمل في الانتخابات التشريعية التي ستُجرى الجولة الأولى منها الأحد المقبل، في ظل الأرقام التي تقدمها استطلاعات الرأي.

ويريد اليمين المتطرف، ممثلاً بـ«التجمع الوطني»، الذي يقوده جوردان بارديلا، منع مزدوجي الجنسية من تولي عدد من «المناصب الاستراتيجية في قطاعي الدفاع والأمن»، إذ تبقى مقصورة على الفرنسيين وحدهم. كما يريد الحد من لمِّ الشمل العائلي وتسريع طرد غير المرغوب فيهم. ويريد أيضاً، بناءً على استفتاء لا يمكن أن يحصل إلا بموافقة رئيس الجمهورية، إلغاء ما يُسمّى «حق الحصول على الجنسية الفرنسية لمن يُولدون على الأراضي الفرنسية»، الأمر الذي يصعب على ماكرون القبول به بوصفه معمولاً به منذ عام 1851.

وفي السياسة الخارجية، يبدي بارديلا تحفظاً على إرسال مدربين فرنسيين إلى الأراضي الأوكرانية، ويرفض استخدام الصواريخ الفرنسية لاستهداف الأراضي الروسية، أو تزويد كييف بطائرات «الميراج» الفرنسية.