مناورات كبرى بين اليمين واليسار في فرنسا بعد الإعلان عن انتخابات مبكرة

مارين لوبان زعيمة حزب «التجمع الوطني» اليميني بفرنسا خلال مقابلة تلفزيونية في بولون بيلانكور خارج باريس يوم 10 يونيو 2024 (أ.ف.ب)
مارين لوبان زعيمة حزب «التجمع الوطني» اليميني بفرنسا خلال مقابلة تلفزيونية في بولون بيلانكور خارج باريس يوم 10 يونيو 2024 (أ.ف.ب)
TT

مناورات كبرى بين اليمين واليسار في فرنسا بعد الإعلان عن انتخابات مبكرة

مارين لوبان زعيمة حزب «التجمع الوطني» اليميني بفرنسا خلال مقابلة تلفزيونية في بولون بيلانكور خارج باريس يوم 10 يونيو 2024 (أ.ف.ب)
مارين لوبان زعيمة حزب «التجمع الوطني» اليميني بفرنسا خلال مقابلة تلفزيونية في بولون بيلانكور خارج باريس يوم 10 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

انطلقت مناورات كبرى بين أحزاب اليمين واليسار في فرنسا بحثاً عن تحالفات لخوض الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها إيمانويل ماكرون، فيما أرجأ الرئيس الفرنسي المؤتمر الصحافي الذي يعتزم عقده بهذا الصدد إلى الأربعاء، وفق ما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبعدما أعلن ماكرون الأحد حل «الجمعية الوطنية (البرلمان)» ودعا إلى انتخابات تشريعية مبكرة، مفجراً قنبلة سياسية حقيقية، أعلن «قصر الإليزيه» إرجاء المؤتمر الصحافي الذي يعتزم أن يوضح فيه «التوجه الذي يراه مناسباً للأمة» إلى ظهر الأربعاء بعدما كان مقرراً الثلاثاء.

وتابعت الرئاسة أنه «يجري العمل حالياً على التوضيحات السياسية التي دعا إليها رئيس الجمهورية الأحد»، مشيرة إلى أن «القوى الجمهورية من جهة؛ والقوى المتطرفة من جهة أخرى، تعملان على التموضع»، وذلك قبل 18 يوماً من الدورة الأولى لأقصر حملة انتخابية في تاريخ الجمهورية الخامسة.

وأظهر استطلاع للرأي أجراه معهدا «هاريس إنترأكتيف» و«تولونا» ونشرت نتائجه الاثنين، أن «التجمع الوطني»؛ حزب اليمين المتطرف الذي كان الفائز الأكبر في الانتخابات الأوروبية الأحد الماضي في فرنسا، حصل على 34 في المائة من نيات التصويت في الدورة الأولى من الانتخابات في 30 يونيو (حزيران) الحالي، مما يسمح له، وفق الاستطلاع، بالحصول في الدورة الثانية بعد أسبوع على غالبية نسبية قدرها ما بين 235 و265 مقعداً من أصل 577 في «الجمعية الوطنية».

أما المعسكر الرئاسي، فيمنحه استطلاع الرأي 19 في المائة من نيات التصويت وما بين 125 و155 مقعداً فقط.

وكتب ماكرون على «إكس» الاثنين: «أنا أثق بقدرة الشعب الفرنسي على اتخاذ الخيار الأنسب له وللأجيال المقبلة».

من جانبه، أكد رئيس الوزراء، غابريال أتال، خلال اجتماع للكتلة النيابية للحزب الرئاسي: «سأضطلع بواجبي بصفتي مواطناً متمسكاً ببلاده سيبذل كل ما أمكنه لتفادي الأسوأ»، وفق ما أفاد به مساعدون له.

وحذر أتال، في أول تصريحات له منذ إعلان الرئيس، بأن الانتخابات المبكرة «تنطوي على رهان أكثر خطورة، وله طابع تاريخي أكبر من انتخابات 2022»؛ لأن اليمين المتطرف «على أبواب السلطة» في فرنسا.

من جانبه، حرص «التجمع الوطني» بزعامة مارين لوبان على الظهور في الواجهة سعياً لتشكيل «تجمع» حول رئيسه الشاب جوردان بارديلا الذي أُعلن ترشيحه لرئاسة الوزراء بعدما قاد بنجاح قائمة الحزب في الانتخابات الأوروبية.

«فرصة تاريخية»

وأعلنت مارين لوبان، التي سبق لها أن هزمت 3 مرات في سعيها للوصول إلى الرئاسة: «أمامنا فرصة تاريخية للسماح للمعسكر الوطني بإعادة وضع فرنسا على السكة»، مؤكدة أنه «قادرة بالطبع» على عدم تقديم مرشح في مواجهة حزب «الجمهوريين» اليميني في الدوائر التي يجري فيها التوصل إلى اتفاق معه.

وقالت: «هذا ما نعمل عليه، ولكن مع نقاط سياسية يتفق كل طرف حولها»، مشيرة إلى «مشروع قائم على ورشتين كبريين: الدفاع عن القدرة الشرائية والنهوض بالاقتصاد، ومكافحة انعدام الأمن والهجرة».

وكانت لوبان استقبلت بعد الظهر ابنة شقيقتها ماريون ماريشال التي ترأست لائحة حزب «استرداد (روكونكيت)» بزعامة إريك زمور.

وأكدت: «التقيت في مطلق الأحوال عدداً من المسؤولين الآخرين لنتمكن، تحديداً، من بناء هذه الغالبية»، عادّةً أن «هذا ما ينتظره منا الفرنسيون».

أما ماريون ماريشال، فقالت إنها ستلتقي الثلاثاء نيكولا دوبون إينيان زعيم حزب «انهضي فرنسا» اليميني المتطرف.

«جبهة شعبية»

وفي اليسار، أعيد خلط الأوراق مساء الاثنين، فدعا «الحزب الاشتراكي» و«الشيوعيون» و«أنصار البيئة» و«فرنسا المتمردة» من اليسار الراديكالي، في بيان، إلى «تشكيل جبهة شعبية»، مؤكدين عزمهم على «دعم ترشيحات منفردة منذ الدورة الأولى» من الانتخابات التشريعية.

كما دعت هذه الأحزاب إلى «الانضمام إلى المسيرات» المقررة في نهاية الأسبوع بدعوة من «النقابات الرئاسية» و«التظاهر بأعداد كبيرة».

وصدر الإعلان في وقت تجمع فيه مئات المتظاهرين الشباب القادمين من تجمع ضد اليمين المتطرف في ساحة «لا ريبوبليك»، أمام المقر العام الباريسي لأنصار البيئة؛ حيث كان قادة اليسار متجمعين بعد الظهر.

وخاطبت رئيسية «الخضر» مارين توندولييه الناشطين الذين كانوا يهتفون: «توصلوا إلى اتفاق»، فقالت لهم: «هذا ما فعلناه. نجحنا في الاتفاق».

وكان رئيس «القائمة الاشتراكية» في الانتخابات الأوروبية، رافاييل غلوكسمان، أكد قبل بضع ساعات موقفه الحازم حيال «فرنسا المتمردة» بزعامة جان لوك ميلانشون.

وطرح، في حال فوز اليسار، اسم رئيس نقابة «الكونفدرالية الديمقراطية الفرنسية للعمل (CFDT)» لوران برجيه لمنصب رئيس الوزراء، في اقتراح لم يحظَ حتى الآن بتأييد أحزاب اليسار الأخرى.

وبعد حصوله على 13.83 في المائة من الأصوات الأحد، استبعد غلوكسمان تقدمه هو نفسه لرئاسة الوزراء، لكنه حذر: «من الواضح أنه لن يكون جان لوك ميلانشون» كذلك، داعياً إلى «عدم إعادة تشكيل (نوبيس)»؛ وهو تحالف شكلته أحزاب اليسار لخوض الانتخابات التشريعية عام 2022، فاز بـ151 مقعداً في البرلمان، لكنه تفكك في الخريف الماضي.

وتواجه الأحزاب مهلة ضاغطة؛ إذ يتحتم تقديم الترشيحات في ما بين الأربعاء والأحد الساعة 18.00 (16.00 بتوقيت غرينيتش)، وفق المرسوم الذي نشر في الجريدة الرسمية. وتبدأ الحملة الانتخابية للدورة الأولى الاثنين.


مقالات ذات صلة

شباب محبط من السياسة في تونس يرى الحلّ في الهجرة

شمال افريقيا شبان تونسيون يتظاهرون في تونس العاصمة يوم 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

شباب محبط من السياسة في تونس يرى الحلّ في الهجرة

بحسب دراسة أجراها «الباروميتر العربي» صدرت قبل أكثر من شهر، فإن 7 من كل 10 شباب تونسيين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما يريدون الهجرة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مزارعات من فريانة أكدن أنهم سيشاركن في الانتخابات لتحسين أوضاعهن وأوضاع أسرهن (أ.ف.ب)

مزارعات تونس المهمشات مصرّات على التصويت لمحاربة الفقر والتهميش

مزارعات تونس المهمشات يؤكدن مشاركتهن في الانتخابات الرئاسية لتحسين أوضاعهن في ظل تدهور اقتصادي واجتماعي كبير.

«الشرق الأوسط» (فرنانة - تونس)
الولايات المتحدة​ صورة مدمجة تظهر المرشحين الرئاسيين كامالا هاريس ودونالد ترمب (أ.ف.ب)

أزمة الشرق الأوسط تخيّم على الانتخابات الرئاسية الأميركية

خيّم النزاع في الشرق الأوسط إلى حد كبير على حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومع تصاعد حدة التوتر، يمكن أن يغيّر هذا النزاع نتيجة انتخابات الرئاسة في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق والمرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة في 23 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب رفض تقديم مساعدات حرائق الغابات في كاليفورنيا قبل معرفة من سيصوت له

قال تقرير لموقع «بوليتيكو» إنه في السنوات الأربع التي جلس فيها دونالد ترمب في البيت الأبيض، فضّل أحياناً اعتماد التفضيل السياسي في الاستجابة للكوارث.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول  في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

للأسبوع الخامس... المستثمرون يواصلون تخارجهم من الأسهم الأميركية

خفض المستثمرون حيازاتهم في صناديق الأسهم الأميركية للأسبوع الخامس على التوالي حتى 25 سبتمبر مدفوعين بمخاوف مستمرة بشأن صحة الاقتصاد

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

 روسيا: المواجهة الحالية مع الغرب لم يسبق لها مثيل في التاريخ

مبنى الكرملين في موسكو (رويترز)
مبنى الكرملين في موسكو (رويترز)
TT

 روسيا: المواجهة الحالية مع الغرب لم يسبق لها مثيل في التاريخ

مبنى الكرملين في موسكو (رويترز)
مبنى الكرملين في موسكو (رويترز)

قال دبلوماسي روسي كبير، اليوم الخميس، إن المواجهة الحالية بين بلاده والغرب بشأن أوكرانيا لم يسبق لها مثيل في التاريخ، وإن أي خطأ قد يؤدي إلى كارثة.

وبحسب «رويترز»، جاء ذلك رداً على سؤال عن تشبيه الأزمة الحالية بأزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.

وأثارت الحرب الأوكرانية المستمرة منذ عامين ونصف العام مواجهة كبرى بين روسيا والغرب، والتي يقول مسؤولون روس إنها تدخل حالياً أخطر مرحلة حتى الآن. وهي أكبر حرب برية تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وشبه دبلوماسيون روس الأزمة الحالية بأزمة عام 1962 عندما رأى البعض أن القوتين العظميين في الحرب الباردة على وشك خوض حرب نووية بعد أن نصبت موسكو صواريخ في كوبا سراً.

لكن سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، قال للصحافيين في موسكو اليوم الخميس: «ما يحدث لم يسبق له مثيل».

وذكر ريابكوف، الذي يشرف على عملية الحد من الأسلحة والعلاقات مع أمريكا الشمالية، أنه ينبغي عدم الاستهانة بخطر اندلاع صدام مسلح بين القوتين النوويتين.

وأردف قائلاً إن ارتكاب أي خطأ في المرحلة الحالية قد يؤدي إلى كارثة، لكنه شكك فيما إذا كانت دول الغرب قادرة على «تقييم عواقب مسارها بحكمة».

وحذرت روسيا الولايات المتحدة وحلفاءها قبل أسابيع من أنها لو سمحت لأوكرانيا بضرب العمق الروسي بصواريخ غربية فستعدُّ ذلك تصعيداً كبيراً.

ويناشد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حلفاء بلاده منذ أشهر السماح لكييف بإطلاق الصواريخ الغربية في العمق الروسي للحد من قدرة موسكو على شن هجمات.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 12 سبتمبر (أيلول): «إن موافقة الغرب على مثل هذه الخطوة تعني مشاركة دول حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة والدول الأوروبية في حرب أوكرانيا بشكل مباشر».

وغير بوتين عقيدة روسيا النووية ليقلل من شروط استخدام مثل هذه الأسلحة وفقاً للوضع.

ودعا زيلينسكي الغرب إلى التجاوز عما يسمى «الخطوط الحمراء» لروسيا وتجاهلها. وحث بعض الحلفاء في الغرب الولايات المتحدة على القيام بذلك. وتقول روسيا إن هذه حماقة.