موسكو تكرر تحذيراتها لحلفاء كييف من الانخراط المباشر في الصراع بأوكرانيا

الكرملين يهاجم قمة سويسرا... يعد عدم مشاركة الصين ضربة لجهود زيلينسكي

الرئيس الفرنسي ماكرون والمستشار الألماني شولتس بمناسبة الاجتماع الوزاري المشترك في ألمانيا يوم 28 مايو (أ.ب)
الرئيس الفرنسي ماكرون والمستشار الألماني شولتس بمناسبة الاجتماع الوزاري المشترك في ألمانيا يوم 28 مايو (أ.ب)
TT

موسكو تكرر تحذيراتها لحلفاء كييف من الانخراط المباشر في الصراع بأوكرانيا

الرئيس الفرنسي ماكرون والمستشار الألماني شولتس بمناسبة الاجتماع الوزاري المشترك في ألمانيا يوم 28 مايو (أ.ب)
الرئيس الفرنسي ماكرون والمستشار الألماني شولتس بمناسبة الاجتماع الوزاري المشترك في ألمانيا يوم 28 مايو (أ.ب)

ما زال اقتراح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عدم استبعاد نشر قوات غربية في أوكرانيا يثير التحذيرات الغاضبة من موسكو، رغم تردد عدد من حلفاء كييف حيال ذلك. وحذّرت روسيا مراراً من خطوة من هذا النوع، وكررت ذلك، الثلاثاء، وتعهّدت أنها ستدمر أي معدات عسكرية غربية تُرسل إلى البلاد. وأفاد وزير الدفاع الأوكراني، الاثنين، بأنه ما زال يجري محادثات مع باريس وحلفاء آخرين بشأن مسألة المدرّبين.

الرئيس ماكرون والرئيس زيلينسكي في قصر الإليزيه بعد التوقيع على اتفاقية أمنية مشتركة يوم 16 فبراير الماضي (رويترز)

وقالت مجموعة من دول حلف شمال الأطلسي في الأسابيع القليلة الماضية إنها ستسمح لأوكرانيا بضرب أهداف داخل روسيا بأسلحة زودت بها كييف، وحذر الرئيس فلاديمير بوتين من أن هذا الأمر قد يؤدي إلى تصعيد الحرب إلى صراع عالمي.

وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الثلاثاء، تعليقاً على الموضوع وإمكانية إرسال مدربين فرنسيين إلى أوكرانيا، إن هناك سبباً لاعتقاد أن هؤلاء المدربين يعملون بالفعل في البلاد، وهم هدف مشروع للقوات المسلحة الروسية. وأضاف لافروف، خلال مؤتمر صحافي: «فيما يتعلق بمسألة المدربين الفرنسيين، لدي سبب لاعتقاد أن هناك كثيراً من الحقائق المحددة في هذا الشأن، وهم يعملون بالفعل في أوكرانيا»، وفق ما ذكرته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء، ونقلته «وكالة الأنباء الألمانية». وتابع لافروف: «بغض النظر عما إذا كانوا أفراداً في القوات المسلحة الفرنسية، أو مجرد مرتزقة، فإنهم يمثلون هدفاً مشروعاً لقواتنا المسلحة».

لافروف في اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون في أستانا (أ.ف.ب)

وكان ماكرون قد ذكر أن «باريس ستبذل قصارى جهدها لمنع روسيا من كسب الصراع». ووفق ماكرون، ناقش زعماء الدول الغربية إمكانية إرسال قوات إلى أوكرانيا، ولكن لم يجرِ التوصل إلى توافق في الآراء. وقال قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي إن المدرّبين العسكريين الفرنسيين سيصلون قريباً إلى البلاد، لكن وزارة الدفاع في كييف نفت لاحقاً الإعلان.

وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين: «أي مدرّبين منخرطين في تدريب النظام الأوكراني لن يتمتعوا بأي حصانة. لا يهم إن كانوا فرنسيين أم لا».

ولا تنشر فرنسا رسمياً عسكريين يساعدون أو يدرّبون القوات الأوكرانية حالياً.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الداعي إلى فتح الباب أمام تمكين أوكرانيا من استخدام الصواريخ الأميركية بعيدة المدى (إ.ب.أ)

قال رئيس «الدوما» (مجلس النواب) الروسي، فياتشيسلاف فولودين، الثلاثاء، إن الطريقة الأكثر فاعلية وسرعة لإنهاء الصراع في أوكرانيا هي التوقف عن تزويد «النازيين في كييف بالأسلحة»، وفق وكالة «سبوتنيك». وأشار فولودين عبر تطبيق «تلغرام» إلى اقتناع «مزيد ومزيد من البلدان الآن... بأن سياسات واشنطن وبروكسل تستند إلى النفاق والمعايير المزدوجة».

وقال فولودين: «تحاول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جر الدول إلى المؤتمر في سويسرا، والكذب بشأن رغبتها في تسوية سلمية، من ناحية، ومن ناحية أخرى يمنحون الإذن لنظام كييف بضرب الأراضي الروسية بأسلحتها. في حين أن الطريقة الأكثر فاعلية وسرعة لإنهاء الصراع في أوكرانيا هي التوقف عن تزويد النازيين في كييف بالأسلحة». وأضاف أن أي محاولات لفرض أي قرارات على روسيا «يجري اعتمادها في الاجتماعات المتحيزة التي تنظمها واشنطن وبروكسل» محكوم عليها بالفشل. وقال فولودين: «حل القضية الأوكرانية دون مشاركة روسيا أمر مستحيل. عدد المشاركين في مؤتمر سويسرا أصبح أقل من أي وقت مضى».

ومن المقرر أن تستضيف سويسرا مؤتمراً حول أوكرانيا يومي 15 و16 يونيو (حزيران) الحالي بالقرب من مدينة لوسيرن، ولن تحضره روسيا. وقال الكرملين، الثلاثاء، إن رفض بعض الدول المشاركة في القمة هو أمر مفهوم؛ لأن الاجتماع يفتقر للأهداف الواضحة، وسيكون عبثياً إذا لم تشارك فيه روسيا.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

وذكرت أوكرانيا أن أكثر من 100 دولة ومنظمة أبدت استعدادها للمشاركة. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين: «هذا عمل عبثي تماماً، وتسلية فارغة».

وأضاف، كما نقلت عنه «رويترز»، أنه من الواضح أن الاجتماع لم يستهدف الخروج بنتائج «وبالتالي لا تريد كثير من الدول تضييع الوقت».

وفي ضربة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قالت الصين إنها لن تشارك، وهو ما أشار إليه رئيس البرلمان الروسي فياتشيسلاف فولودين بارتياح في منشور على «تلغرام»، الثلاثاء.

وتنعقد القمة في مرحلة حاسمة من الحرب المستمرة التي دخلت عامها الثالث في فبراير (شباط) الماضي؛ حيث تحقق القوات الروسية منذ فبراير سلسلة من المكاسب بشكل تدريجي. وتقول روسيا إنها منفتحة على الحوار على أساس «الحقائق الجديدة» التي أحدثتها على الأرض؛ حيث تسيطر قواتها على نحو 18 في المائة من أوكرانيا. وتقول أوكرانيا إن السلام لا يمكن أن يتحقق إلا بانسحاب كامل لكل القوات الروسية، واستعادة وحدة أراضيها.

وبخصوص قيام أوكرانيا باستخدام أسلحة غربية في ضرب أهداف داخل روسيا، قال المستشار الألماني أولاف شولتس إنه لا يرى أي خطر في تحوله الأخير بشأن سياسته تجاه أوكرانيا، حيث سمح لكييف باستخدام الأسلحة التي قدمتها ألمانيا لضرب الأراضي الروسية. وقال شولتس في مقابلة مع محطة الإذاعة البافارية «أنتين بايرن»، الاثنين: «نحن على يقين بأن ذلك لن يسهم في التصعيد، لأنه، كما وصف الرئيس الأميركي أيضاً، يتعلق فقط بالقدرة على الدفاع عن مدينة رئيسية مثل خاركيف، على سبيل المثال. وأعتقد أنه من المنطقي للجميع أن يكون هذا ممكناً»، وقد اتخذ القرار «بعناية» مع «أصدقاء وحلفاء» ألمانيا. وشدد المستشار الألماني على أن الحكمة مطلوبة، وأضاف: «يمكن لمواطني ألمانيا الاعتماد على ذلك. لن أسمح لأي ضغط بإقناعي باتخاذ قرار غير صحيح، وليس في الوقت المناسب».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رفقة رئيس الوزراء الهولندي مارك روته في زيارة لقاعدة جوية تحوي طائرات «إف - 16» (أ.ب)

وكان المتحدث باسم الحكومة شتيفن هيبستريت قد أعلن، الجمعة، قرار المستشار الألماني السماح لأوكرانيا التي تتعرض لهجوم من موسكو بإطلاق أسلحة قدمتها ألمانيا ضد أهداف عسكرية في روسيا. وفي اليوم السابق، سمحت الحكومة الأميركية لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الأميركية على نطاق محدود ضد أهداف على الأراضي الروسية. وبررت كل من ألمانيا والولايات المتحدة هذه الخطوة بالهجوم الروسي الأخير على منطقة خاركيف شمال شرقي أوكرانيا.

وكانت ألمانيا والولايات المتحدة قد ربطتا من قبل توريد أنظمة أسلحة معينة إلى أوكرانيا بشروط صارمة لاستخدامها، وذلك على خلفية مخاوف من أن الصراع مع روسيا قد يتصاعد أكثر، وأن يصبح حلف شمال الأطلسي طرفاً في الحرب.

وقال نائب المستشار الألماني، روبرت هابيك، الثلاثاء إن روسيا تهاجم منطقة خاركيف بشكل مكثف من مواقع قريبة من الحدود، وتدمر مباني سكنية ومراكز تسوق، مضيفاً أنه يتعين لذلك السماح لأوكرانيا بمنع الهجمات التي تشن من الأراضي الروسية، حتى تتمكن من حماية حياة الأطفال والنساء والرجال بصورة أفضل، مضيفاً أن منع أوكرانيا من القيام بذلك يعني موت مزيد من الناس. وقال: «تنطبق القاعدة الآن على منطقة محددة بدقة حول خاركيف، بغرض الدفاع عن النفس، والحماية. ولكن كل ما قررناه كان بإمكاننا أن نقرره بسرعة أكبر».

وقد أبدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ووزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس منذ فترة طويلة انفتاحهما تجاه رفع القيود.

وحذر الحزب الاشتراكي الديمقراطي - بوصفه أكبر شريك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا - من حدوث مواجهة مباشرة مع روسيا إذا رأى الكرملين أن المساعدات العسكرية عمل عدواني.

وقال أليكسي سميرونوف حاكم منطقة كورسك إن وحدات الدفاع الجوي الروسية اعترضت 20 طائرة مسيّرة أوكرانية، الاثنين، في المنطقة الواقعة بجنوب روسيا على حدود أوكرانيا.

وأضاف على تطبيق «تلغرام» أن القوات الأوكرانية هاجمت 4 قرى في منطقته باستخدام طائرات هجومية مسيّرة وطائرات هليكوبتر، لكن لم ترد أنباء عن وقوع إصابات.

وفي منطقة بيلغورود إلى الجنوب الشرقي، قال الحاكم الإقليمي فياتشيسلاف جلادكوف إن وحدات الدفاع الجوي أسقطت «أهدافاً عدة محمولة جواً»، وتضررت أسطح بعض المساكن.

وتشن أوكرانيا بانتظام هجمات على المناطق الحدودية الروسية؛ ما يثير غضب الكرملين. وقال الرئيس فلاديمير بوتين إن الهجمات دفعت القوات الروسية إلى التوغل، الشهر الماضي، في الأجزاء الشمالية من منطقة خاركيف لإقامة «منطقة عازلة». ويقول الجيش الروسي إنه سيطر على نحو 12 قرية، لكن المسؤولين الأوكرانيين يقولون إن قواتهم لا تزال تسيطر على 70 في المائة من فوفشانسك، وهي بلدة رئيسية تبعد 5 كيلومترات عن الحدود.


مقالات ذات صلة

الجيش الروسي يعلن السيطرة «كارل ماركس» في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني يعمل على تعزيز خط المواجهة باتجاه دونيتسك الشهر الماضي (أ.ف.ب)

الجيش الروسي يعلن السيطرة «كارل ماركس» في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، اليوم (الأحد) أن قواتها سيطرت على بلدة كارل ماركس بمنطقة دونيتسك، في ظل استمرار تقدمها بشرق أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا قوات خاصة أوكرانية تتبع جهاز الأمن (جهاز الأمن الأوكراني عبر «تلغرام»)

أوكرانيا: مقتل عملاء يعملون لصالح روسيا في كييف

قالت أوكرانيا إن عملاء من جهاز الخدمة السرية الروسي قتلوا في منطقة كييف خلال عملية نفذها جهاز الأمن الأوكراني (إس بي يو) لاعتقالهم.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ علما أستراليا والصين خلال زيارة رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي لموقع Trip.com في شنغهاي اليوم (إ.ب.أ)

أستراليا ترفض الكشف عن موقفها العسكري من حرب أميركية - صينية

قال وزير الصناعات الدفاعية الأسترالي بات كونروي، اليوم (الأحد)، إن أستراليا ستتخذ قرارًا في حينه وليس مسبقاً فيما يتعلق بإرسال قوات لأي صراع.

«الشرق الأوسط» (سيدني )
آسيا زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (يسار) يصافح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ) play-circle

زعيم كوريا الشمالية يؤكد دعم بلاده لروسيا في الحرب ضد أوكرانيا

ذكرت وسائل إعلام كورية شمالية أن الزعيم كيم جونغ أون أكد دعم بيونغ يانغ غير المشروط لجميع الإجراءات التي تتخذها القيادة الروسية لحل الوضع في أوكرانيا بشكل جذري.

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا يفترشون ارصفة محطات المتروا بعد تعرض كييف لهجوم بالمسيرات(رويترز) play-circle

روسيا تشن هجمات على غرب أوكرانيا بطائرات مسيرة وصواريخ

روسيا تشن هجمات على غرب أوكرانيا بطائرات مسيرة وصواريخ عزت فشل الاتفاق مع الأمم المتحدة بشأن المواد الغذائية والأسمدة للعقوبات الغربية

«الشرق الأوسط» (كييف - موسكو)

ميلوني تحذّر من «حرب تجارية داخل دول الغرب» بسبب الرسوم الجمركية الأميركية

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (إ.ب.أ)
رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (إ.ب.أ)
TT

ميلوني تحذّر من «حرب تجارية داخل دول الغرب» بسبب الرسوم الجمركية الأميركية

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (إ.ب.أ)
رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (إ.ب.أ)

حذّرت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، الأحد، من احتمال اندلاع «حرب تجارية داخل دول الغرب» بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية بنسبة 30 في المائة على منتجات الاتحاد الأوروبي.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت ميلوني في بيان نقله مكتبها إن «حرباً تجارية داخل دول الغرب من شأنها أن تضعفنا جميعاً في مواجهة التحديات العالمية التي نتعرض لها معاً».

وأضافت «أوروبا تملك القوة الاقتصادية والمالية اللازمة لتأكيد موقفها والتوصل إلى اتفاق عادل وسليم. وستقوم إيطاليا بدورها. كعادتها» وذلك فيما يؤخّر الاتحاد الأوروبي رده على أمل التوصل إلى اتفاق.
وأعلن ترمب السبت، أنه يعتزم فرض رسوم بنسبة 30 في المائة على المكسيك والاتحاد الأوروبي، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول الأول من أغسطس (آب).
ومنذ ذلك الحين، تنتقد المعارضة الإيطالية ميلوني وحزبها اليميني المتطرف «إخوة إيطاليا» ب«الخضوع» في مواجهة تهديدات واشنطن.
وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الأحد، أن بروكسل ستمدد تعليق الرسوم الجمركية المضادة رداً على الرسوم الأميركية على الصلب والألمنيوم، مع سعيها للتوصل إلى اتفاق يجنب الاتحاد الأوروبي رسوماً جمركية بنسبة ثلاثين في المائة.