هل يغيّر استخدام أوكرانيا الأسلحة الغربية لضرب روسيا مسار الحرب؟

جندي أوكراني يحمل صاروخاً أميركياً (رويترز)
جندي أوكراني يحمل صاروخاً أميركياً (رويترز)
TT

هل يغيّر استخدام أوكرانيا الأسلحة الغربية لضرب روسيا مسار الحرب؟

جندي أوكراني يحمل صاروخاً أميركياً (رويترز)
جندي أوكراني يحمل صاروخاً أميركياً (رويترز)

نالت أوكرانيا الموافقة على استخدام الأسلحة الغربية لضرب أهداف داخل الأراضي الروسية.

وقبل هذا القرار، قصرت الدول الغربية استخدام كييف لأسلحتها على الأهداف العسكرية الموجودة داخل أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم والأراضي المحتلة. وكانت هذه الدول تشعر بالقلق من أن مهاجمة الأهداف عبر الحدود المعترف بها دولياً بالأسلحة التي توفرها دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد الصراع، وفق ما نقلته شبكة «بي بي سي» البريطانية.

لكن التقدم الروسي الأخير في منطقة خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، والتي تبعد 30 كيلومتراً فقط عن الحدود، أقنع حلفاء كييف بأن أوكرانيا، لكي تدافع عن نفسها، يجب أن تكون قادرة على تدمير الأهداف العسكرية على الجانب الآخر من الحدود أيضاً.

تغير موقف الولايات المتحدة

وفي أعقاب الضغوط المتزايدة من أوكرانيا ودول أوروبية أخرى، وافقت الولايات المتحدة على تغيير سياستها والسماح لكييف بضرب روسيا بالأسلحة الغربية.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، يوم الجمعة الماضي، خلال مؤتمر صحافي في براغ، عقب اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، إن خطوة واشنطن كانت ثمرة استراتيجية الولايات المتحدة في التكيف مع المتغيرات في ساحة المعركة. وقال بلينكن إن الولايات المتحدة تستجيب في الوقت الراهن لما تراه يحدث في منطقة خاركيف وما حولها.

وحذَّر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم الثلاثاء الماضي، حلف شمال الأطلسي، من السماح لأوكرانيا بإطلاق أسلحتها على روسيا، وأثار مجدداً خطر اندلاع حرب نووية بعدما رفع كثير من الحلفاء القيود المفروضة على استخدام الأسلحة المقدمة لكييف.

وربما يكون تجنب التصعيد هو السبب وراء عدم إدراج الولايات المتحدة أسلحة بعيدة المدى -مثل «ATACMS» (أنظمة الصواريخ التكتيكية للجيش)- في إذنها بضرب روسيا.

شحنة صواريخ أميركية مضادة للطائرات لدى وصولها إلى كييف (أرشيف- أ.ف.ب)

ويبلغ مدى هذه الصواريخ 300 كيلومتر، ويمكن استخدامها لضرب القواعد العسكرية والمطارات داخل الأراضي الروسية.

ولا تترك مثل هذه القيود لأوكرانيا سوى خيار التركيز على الأهداف القريبة من حدودها؛ لكن هذا لا يزال يشكل تحولاً كبيراً في سياسة حلفاء كييف الرئيسيين.

كيف سيؤثر قرار الموافقة على استخدام أوكرانيا الأسلحة الغربية على مسار الحرب؟

حتى مع استخدام أسلحة ذات مدى قصير -يصل إلى 70 كيلومتراً- يمكن لقاذفات الصواريخ المتعددة مثل «HIMARS» أن تعطل بشكل كبير العمليات اللوجستية الروسية وحركة القوات، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى إبطاء أي خطط هجومية.

ويقول يوري بوفك، من مجموعة خاركيف التكتيكية التي تنسق العمليات العسكرية في الشمال الشرقي: «الآن، يمكن لأوكرانيا ضرب الأماكن التي يركز فيها العدو قواته ومعداته، ومرافق تخزين الإمدادات التي تستخدم لمهاجمة أوكرانيا».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، صرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بأن روسيا تجمع قواتها على بعد 90 كيلومتراً فقط من خاركيف، لشن هجوم آخر.

وقام معهد دراسات الحرب بتحليل صور الأقمار الاصطناعية، وأكد وجود «أنشطة موسعة في المخازن والمستودعات» في تلك المنطقة؛ لذا فإن القدرة على استهداف تلك المنشآت ستعزز بشكل جدي قدرة القوات الأوكرانية على صد الهجمات الجديدة في المنطقة.

ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يساعد رفع الحظر المفروض على الأسلحة الغربية في حماية أوكرانيا من القنابل الانزلاقية الروسية المعروفة محلياً باسم «KAB»، وهي قنابل لها تأثير مدمر، وتُستخدم بانتظام لقصف خاركيف والمدن الحدودية الأخرى. ولكن لوقف مثل هذه الهجمات، يجب على القوات الأوكرانية استهداف الطائرات التي تُسقط تلك القنابل القاتلة.

والسلاح الوحيد القادر على اعتراض تلك الطائرات الموجود تحت تصرف أوكرانيا في هذه اللحظة، هو نظام الدفاع الجوي الأميركي «باتريوت». ومع ذلك، فإن الحصول على هذا السلاح بالقرب من خاركيف يمثل مخاطرة كبيرة؛ حيث يمكن للمُسيَّرات التجسسية اكتشافه بسرعة، ويمكن لموسكو إطلاق صواريخ مثل «إسكندر» لتدمير هذا النظام باهظ الثمن.

جنود أوكرانيون خلال دورة تدريبية على نظام الدفاع الجوي «باتريوت» (د.ب.أ)

ومن المثير للاهتمام أن المملكة المتحدة وفرنسا تزودان أوكرانيا بصواريخ «كروز- ستورم شادو» (Storm Shadow) التي يتم إطلاقها من الجو بشكل مشترك. ولم تقيد البلدان استخدامها بشكل صريح. ويمكن أن يصل مداها إلى 250 كيلومتراً.

وفي الواقع، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للصحافيين، الأسبوع الماضي: «يتعين علينا أن نسمح لأوكرانيا بأن تدمر المواقع العسكرية التي تنطلق منها الصواريخ، أي المواقع التي تتعرض منها أوكرانيا للهجوم».

وقال ضابط طيران عسكري، رفض الكشف عن هويته لـ«بي بي سي»، إن هذه التصريحات هي بمثابة إذن لاستخدام صواريخ «كروز- ستورم شادو».

ولفت الضابط إلى أن أوكرانيا يمكنها الآن ضرب المطارات في منطقتي كورسك وبيلغورود المتاخمتين لأوكرانيا.

لكن مثل هذه العمليات ستكون محدودة من حيث ما يمكن أن تحققه. وسيتعين على طائرات «Su-24» الأوكرانية المجهزة بصواريخ «كروز» هذه الاقتراب من الحدود الروسية من أجل إطلاقها، مما يجعلها عرضة لأنظمة الدفاع الجوي الروسية.


مقالات ذات صلة

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

يوميات الشرق مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

إهمال الدولة اللبنانية لمجتمع الصمّ يبرز في محطّات عدّة. إن توجّهوا إلى مستشفى مثلاً، فليس هناك من يستطيع مساعدتهم...

فيفيان حداد (بيروت)
الاقتصاد صائغ يعرض قطعة من الذهب في متجره بمدينة الكويت (أ.ف.ب)

الذهب يواصل مكاسبه مع احتدام الحرب الروسية - الأوكرانية

ارتفعت أسعار الذهب، يوم الخميس، للجلسة الرابعة على التوالي مدعومة بزيادة الطلب على الملاذ الآمن وسط احتدام الحرب الروسية - الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ناقلة نفط خام في محطة نفط قبالة جزيرة وايدياو في تشوشان بمقاطعة تشجيانغ (رويترز)

النفط يرتفع وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية

ارتفعت أسعار النفط، يوم الخميس، وسط مخاوف بشأن الإمدادات بعد تصاعد التوتر الجيوسياسي المرتبط بالحرب الروسية - الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
شؤون إقليمية آموس هوكستين (أ.ف.ب)

هوكستين يصل إلى تل أبيب قادماً من بيروت: هناك أمل

وصل المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، إلى إسرائيل قادماً من لبنان، في إطار جهود الوساطة لوقف إطلاق النار بين «حزب الله» والدولة العبرية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

لا يعاني الأطفال الذين يعيشون في بلدان مزقتها الحرب من نتائج صحية نفسية سيئة فحسب، بل قد تتسبب الحرب في حدوث تغييرات بيولوجية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

البنتاغون: صاروخ بوتين لن يغير مسار حرب أوكرانيا

صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
TT

البنتاغون: صاروخ بوتين لن يغير مسار حرب أوكرانيا

صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

قلَّلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من أهمية الهجوم الذي نفذته روسيا، الخميس، ضد أوكرانيا، بصاروخ باليستي تجريبي جديد. كما أكدت أنْ لا شيء يدعو إلى تغيير جهوزيتها أو عقيدتها النووية، رداً على تغيير روسيا عقيدتها.

وقال مسؤول دفاعي أميركي إنَّ بلاده تجري تحليلاً دقيقاً للصاروخ الجديد الذي استخدمته روسيا، مقللاً في الوقت ذاته من احتمال أن «يغير مسار الحرب».

وبعد يوم من التكهنات حول نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا، قالت وزارة الدفاع الروسية إنها استخدمت صاروخاً «باليستياً» متوسط ​​المدى من طراز «أوريشنيك» لأول مرة في أعمال قتالية في استهدافها مجمعاً صناعياً عسكرياً في أوكرانيا.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن روسيا لم تكن ملزمةً بتحذير الولايات المتحدة بشأن الضربة، ومع ذلك أبلغتها قبل 30 دقيقة من الإطلاق.