ماكرون في أول زيارة دولة إلى ألمانيا منذ ربع قرن

تستمر 3 أيام... وتبحث خطر اليمين المتطرف وتوتر العلاقات مع برلين

شارك ماكرون في فعاليات الاحتفال بالذكرى الـ75 للدستور الألماني في برلين الأحد (أ.ف.ب)
شارك ماكرون في فعاليات الاحتفال بالذكرى الـ75 للدستور الألماني في برلين الأحد (أ.ف.ب)
TT

ماكرون في أول زيارة دولة إلى ألمانيا منذ ربع قرن

شارك ماكرون في فعاليات الاحتفال بالذكرى الـ75 للدستور الألماني في برلين الأحد (أ.ف.ب)
شارك ماكرون في فعاليات الاحتفال بالذكرى الـ75 للدستور الألماني في برلين الأحد (أ.ف.ب)

وصل إيمانويل ماكرون، الأحد، إلى ألمانيا في أول زيارة دولة يجريها رئيس فرنسي لهذا البلد منذ ربع قرن، سعياً لتخفيف التوتر والتحذير من مخاطر اليمين المتشدد قبيل انتخابات الاتحاد الأوروبي. وتستمر زيارة ماكرون ثلاثة أيام، وتشمل أربع محطّات للتأكيد على الأهمية التاريخية للعلاقة ما بعد الحرب بين البلدين الرئيسيين في الاتحاد الأوروبي، في وقت تحيي فيه فرنسا الشهر المقبل ذكرى مرور 80 عاماً على إنزال النورماندي الذي شكل بداية نهاية الاحتلال الألماني في الحرب العالمية الثانية.

علاقة متينة

وفي الأشهر الماضية، طغى التوتر على العلاقة التي تعد بمثابة محرّك للاتحاد الأوروبي؛ إذ لم تخفِ برلين امتعاضها من رفض ماكرون استبعاد إرسال قوات إلى أوكرانيا، في حين يُقال إن المسؤولين الألمان لا يشعرون بالارتياح أحياناً حيال سياسات الرئيس الفرنسي الخارجية القائمة على «الاستعراض» في أحيان كثيرة، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي جلسة أسئلة وأجوبة مع الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي في وقت سابق هذا الشهر، طلب ماكرون مساعدة من المستشار الألماني أولاف شولتس لدى سؤاله عمّا إن كانت العلاقة بين فرنسا وألمانيا تسير بشكل جيّد. وقال شولتس في تصريحات بالفيديو، أدلى بها باللغة الفرنسية، على منشورات ماكرون على «إكس»: «مرحباً أصدقائي الأعزاء، فلتحيا الصداقة الفرنسية - الألمانية!». وردّ عليه ماكرون بالألمانية: «شكراً أولاف! أتفق معك تماماً».

زيارة دولة نادرة

وبينما يزور ماكرون برلين بشكل متكرر، تعدّ هذه أول زيارة دولة منذ 24 عاماً لرئيس فرنسي، بعد تلك التي قام بها جاك شيراك سنة 2000، والسادسة منذ أول زيارة دولة ما بعد الحرب قام بها شارل ديغول عام 1962.

ماكرون وشتاينماير في برلين الأحد (رويترز)

وأجرى ماكرون، بعد ظهر الأحد، محادثات مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير الذي يعد دوره فخرياً إلى حد كبير. وسيتوجّه بعد ظهر الاثنين إلى دريسدن في شرق ألمانيا، لإلقاء خطاب عن أوروبا خلال مهرجان أوروبي. أما الثلاثاء، فيزور ماكرون مدينة مونستر الألمانية، ليتوجّه لاحقاً إلى ميزبرغ خارج برلين لعقد محادثات مع شولتس، وحيث ينعقد اجتماع مشترك للحكومتين الفرنسية والألمانية. وركّزت صحيفة «فرانكفورتر ألغيماينه تسايتونغ» الألمانية على زيارة ماكرون المقررة إلى شرق ألمانيا. وقالت: «لطالما كانت العلاقات الفرنسية - الألمانية المهمة للغاية بالنسبة للاستقرار الأوروبي، بالدرجة الأولى علاقة مع ألمانيا الغربية». وأضافت: «هذه هي الحال الآن إلى حد كبير. لكن إيمانويل ماكرون مدفوع بالطموح لتغيير ذلك».

الانتخابات الأوروبية

تأتي الزيارة قبل أسبوعين من حلول موعد الانتخابات الأوروبية، حيث تظهر الاستطلاعات أن ائتلاف ماكرون متخلّف بشكل كبير عن اليمين المتشدد، وقد يواجه صعوبة في بلوغ المركز الثالث، وهو أمر سيشكّل مصدر إحراج كبير للرئيس الفرنسي. ويتوقع أن يُحذّر ماكرون خلال خطابه في دريسدن، حيث يحظى حزب «البديل من أجل ألمانيا» بدعم كبير، من المخاطر التي يشكّلها اليمين المتشدد لأوروبا.

جانب من فعاليات الاحتفال بالذكرى الـ75 للدستور الألماني في برلين الأحد (أ.ف.ب)

وفي خطاب مهم بشأن السياسة الخارجية الشهر الماضي، وجّه ماكرون تحذيراً من التهديدات التي تواجهها أوروبا في عالم متغيّر، غداة الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022. وقال إن «أوروبا التي نعرفها اليوم قابلة للموت... يمكن أن تموت، ويعتمد الأمر على خياراتنا فحسب». ويسعى مسؤولون من الطرفين للتأكيد على أنه بينما يسود التوتر بين فترة وأخرى بشأن مسائل محددة، تبقى العلاقة مبنية على أسس متينة.

 

خلافات جوهرية

لكن رفض ماكرون استبعاد إرسال قوات إلى أوكرانيا أثار ردّاً حاداً بشكل غير معهود من شولتس، جاء فيه أن لا خطط من هذا النوع لدى ألمانيا. كما أن ألمانيا لا تشارك ماكرون حماسته لاستقلال استراتيجي أوروبي أقل اعتماداً على الولايات المتحدة. وقالت هيلين ميار-دولاكروا، المتخصصة في التاريخ الألماني لدى جامعة السوربون في باريس، إن «العلاقة الفرنسية - الألمانية قائمة على الاختلاف وإيجاد طرق للتوصل إلى تسويات»، في حين وصف مدير برنامج أوروبا لدى شركة «مجموعة أوراسيا» لتحليل المخاطر، مجتبى رحمن، العلاقات بين فرنسا وألمانيا بأنها «ما زالت محرجة وتميل إلى العدائية». وأضاف على منصة «إكس»: «في المسائل الكبرى، يجب توقع تقدّم ضئيل» فحسب.


مقالات ذات صلة

معسكر ماكرون يحرص على تغييب صورته في حملته الانتخابية

أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

معسكر ماكرون يحرص على تغييب صورته في حملته الانتخابية

مع اقتراب الانتخابات التشريعية المبكرة المحفوفة بالمخاطر للغالبية الرئاسية في فرنسا، يحرص المرشّحون من معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون على تغييب صورته تماماً.

أوروبا زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن (رويترز)

لوبن: ماكرون لن يستطيع إرسال قوات لأوكرانيا إذا فزنا في الانتخابات

أثارت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن، اليوم الخميس، الجدل حول من سيكون مسؤولاً عن الجيش إذا قاد حزب «التجمع الوطني» الحكومة بفوزه في الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي خلال قمة مجموعة السبع بإيطاليا في يونيو الحالي (الرئاسة الجزائرية)

مناكفات انتخابية فرنسية بظل جزائري

بينما تتخوّف الجزائر من مصير ملفات مشتركة مع فرنسا حال تحقيق اليمين المتطرف فوزاً عريضاً تجدّدت مناكفات بين متنافسين فرنسيين على خلفية حرب غزة وجرائم الاستعمار.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
أوروبا الرئيس الفرنسي وعقيلته مع العاهل الأردني والملكة رانيا على باب قصر الإليزيه الاثنين (إ.ب.أ)

القمة الفرنسية - الأردنية توجّه 5 رسائل حول غزة والضفة والتصعيد في لبنان

5 رسائل وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعاهل الأردني عبد الله الثاني بمناسبة اجتماعهما في قصر الإليزيه، يوم الاثنين.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جوردان بارديلا رئيس «التجمع الوطني» في مؤتمره الصحافي الاثنين بباريس (إ.ب.أ)

اليمين المتطرف يعرض برنامجه تحسباً للفوز في انتخابات فرنسا

تلوح في الأفق الفرنسي أزمة نظام بدأت ملامحها تظهر يوماً بعد يوم، بينما الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية ستُجرى، الأحد المقبل.

ميشال أبونجم (باريس)

رئيس لجنة التحقيق الروسية لبوتين: علينا إعادة العمل بعقوبة الإعدام

رئيس لجنة التحقيق الروسية ألكسندر باستريكين (رويترز)
رئيس لجنة التحقيق الروسية ألكسندر باستريكين (رويترز)
TT

رئيس لجنة التحقيق الروسية لبوتين: علينا إعادة العمل بعقوبة الإعدام

رئيس لجنة التحقيق الروسية ألكسندر باستريكين (رويترز)
رئيس لجنة التحقيق الروسية ألكسندر باستريكين (رويترز)

حضّ رئيس أعلى وكالة تحقيق جنائية في روسيا، الجمعة، الرئيس فلاديمير بوتين على رفع تعليق العمل بعقوبة الإعدام، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت روسيا قد أوقفت تنفيذ العقوبة القصوى عام 1996، بصفته شرطاً أساسياً للانضمام إلى مجلس أوروبا، المنظمة الحقوقية التي طُردت منها بعد غزوها أوكرانيا.

ومنذ ذلك الحين، تزايدت دعوات مشرعين ومؤيدين لبوتين إلى إلغاء تعليق العمل بالعقوبة، من أجل إنزالها بحق مرتكبي الهجوم على قاعة للحفلات الموسيقية بالقرب من موسكو في مارس (آذار) الماضي، الذي أودى بحياة أكثر من 140 شخصاً.

وقال رئيس لجنة التحقيق الروسية ألكسندر باستريكين، أمام منتدى قانوني في سان بطرسبرغ، الجمعة: «علينا أن نفكر في رفع تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام». وأضاف: «في بعض الحالات يجب تطبيقها، وأنا أؤيّد عقوبة الإعدام في هذه الحالات».

وأشار باستريكين إلى أن بوتين يمكن أن يرفع الوقف الاختياري بمرسوم. وتابع: «أخبرني بعض المحامين الأكفاء والمؤهلين أننا بحاجة إلى تغيير الدستور وإلى إجراء استفتاء، لكنني أعتقد أنه يتعيّن علينا ببساطة رفع تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام بمرسوم رئاسي».

وفي مارس الماضي، أشار رئيس البرلمان الروسي، فياتشيسلاف فولودين، إلى أنه يجب إلغاء التعليق المؤقت من قبل المحكمة الدستورية الروسية.

وإذا أعاد بوتين العمل بعقوبة الإعدام، فإن الآلية القانونية ستكون مجرد إجراء شكلي.

وفي مارس الماضي، قال المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف: «لا توجد مشاركات في هذه النقاشات في الوقت الحالي».

وينص القانون الجنائي الروسي على فرض عقوبة الإعدام، لكن لم يتم اللجوء إليه منذ أكثر من 25 عاماً.

كما اقترح الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف، الذي يشغل الآن منصب نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، إعادة فرض عقوبة الإعدام على أشد الجرائم خطورة.

وأعرب منتقدون عن قلقهم حيال الاقتراح، مشيرين إلى مخاوف من أن «الكرملين» قد يستخدمه رادعاً ضد المعارضة أو المعارضين السياسيين.