اجتماعات المجلس الأوروبي لوزراء الخارجية والدفاع لم تتمخّض عن أي مساعدات عسكرية لأوكرانيا

بوريل محبَط ويقول: «صواريخ باتريوت موجودة في عواصم الدول التي تملك القرار»

جوزيب بوريل في لوكسمبورغ محبَطاً بعد اجتماعات وزراء خارجية ودفاع الاتحاد الأوروبي (إ.ب.أ)
جوزيب بوريل في لوكسمبورغ محبَطاً بعد اجتماعات وزراء خارجية ودفاع الاتحاد الأوروبي (إ.ب.أ)
TT

اجتماعات المجلس الأوروبي لوزراء الخارجية والدفاع لم تتمخّض عن أي مساعدات عسكرية لأوكرانيا

جوزيب بوريل في لوكسمبورغ محبَطاً بعد اجتماعات وزراء خارجية ودفاع الاتحاد الأوروبي (إ.ب.أ)
جوزيب بوريل في لوكسمبورغ محبَطاً بعد اجتماعات وزراء خارجية ودفاع الاتحاد الأوروبي (إ.ب.أ)

رغم اعترافهم بالضرورة الملحّة لتسريع تقديم المساعدات الحربية لأوكرانيا، والنداءات المتكررة التي أطلقها الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بورّيل، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الدول الأعضاء في الاتحاد لتزويد القوات الأوكرانية بالذخائر والمنظومات المضادة للصواريخ، لم تتمخّض اجتماعات المجلس الأوروبي لوزراء الخارجية والدفاع في لوكسمبورغ عن أي إعلان محدد بهذا الشأن.

حجة لحبيب وزيرة خارجية بلجيكا مع منسّق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)

ولم يتردد بورّيل في نهاية المناقشات، التي استمرّت حتى ساعة متأخرة من ليل الاثنين، في الإعراب عن إحباطه إزاء عدم توصل الدول الأعضاء إلى التزام واضح بشأن هذه المساعدات، وقال: «يؤسفني القول إنه لا توجد لدينا صواريخ باتريوت في بروكسل، وهي موجودة في عواصم الدول التي تملك القرار»، ثم أضاف: «عاد الوزراء إلى عواصمهم وهم على بيّنة من الطلبات التي تقدمت بها أوكرانيا، ومن احتياجاتها، وأنا على أمل أنهم سيتخذون القرار المناسب».

وأكدت مصادر دبلوماسية مطّلعة أن المناقشات المطوَّلة التي دارت في المجلس الاستثنائي أظهرت مؤشرات إيجابية واضحة حول استعداد الدول الأعضاء لتسريع إرسال المساعدات، لكن من غير تحديد مواعيد لإرسالها أو نوعيتها وكمياتها في الوقت الذي تُكرر السلطات الأوكرانية منذ أسابيع أن الحرب تتجه إلى خسارة في حال عدم وصول هذه المساعدات بسرعة.

من جهته قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس: «إن ثمة توافقاً تاماً بين الدول الأعضاء على ضرورة مواصلة تقديم الدعم لأوكرانيا للدفاع عن حريتها وديمقراطيتها، وأن تحصل على المساعدة العسكرية والموارد المالية اللازمة».

اجتماع وزراء خارجية ودفاع الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ أمس (د.ب.أ)

وعزت مصادر دبلوماسية عدم صدور التزام محدَّد من المجلس الأوروبي بشأن تقديم المساعدات لأوكرانيا إلى أجواء الارتياح التي سادت عواصم الاتحاد بعد موافقة الكونغرس الأميركي، نهاية الأسبوع الفائت، على حزمة المساعدات بقيمة 61 مليار إلى أوكرانيا، مما يشكّل تخفيفاً كبيراً للأعباء الأوروبية التي كانت قد بدأت تنعكس على مواقف بعض الدول الأعضاء لمواصلة تقديم الدعم الحربي والمادي لأوكرانيا. وأعربت هذه المصادر عن خشيتها من أن يؤدي الإفراج عن المساعدات الأميركية الموعودة إلى تلكؤ الشركاء الأوروبيين في بذل مزيد من الجهود لتقديم مساعدات إضافية من الترسانات الوطنية التي ما زال عدد كبير منها يواجه نقصاً في الذخائر.

وكان لافتاً في مناقشات المجلس الأوروبي أن ألمانيا، التي ما زالت تقاوم الضغوط لإرسال صواريخ جو - أرض من طراز «تاوروس» إلى أوكرانيا، طرحت مبادرة لتسريع تقديم مساعدات من منظومات للدفاع الجوي، وأعلنت أنها سترسل إلى أوكرانيا دفعة ثالثة من صواريخ «باتريوت»، ودعت دولاً أخرى مثل إسبانيا واليونان اللتين تملكان مثل هذه المنظومات إلى الانضمام إلى مبادرتها.

منظومة باتريوت المضادة للطيران التي زوِّدت بها أوكرانيا لتعطيل فاعلية الطيران الروسي (د.ب.أ)

وقالت وزيرة الدفاع الألمانية سيمجيه مولر، إن الاجتماع أثمر تعهدات من الدول الأعضاء بمراجعة احتياطياتها لمد القوات الأوكرانية بمزيد من المساعدات. وأفادت مصادر مطلعة بأن إسبانيا ليست حالياً في وارد تزويد أوكرانيا بصواريخ «باتريوت» التي كانت نجم المناقشات في المجلس، وأن مدريد لن تتخلى في الوقت الراهن عن بطاريات باتريوت الثلاث الموجودة في تركيا على الحدود السورية. وكان وزير الخارجية الإسباني قد أعلن أن الإفصاح عن تفاصيل المساعدات الأوروبية ومواقيت تسليمها يحدّ من فاعلية هذه المساعدات وليس في مصلحة أمن أوكرانيا.

وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا يتحدث خلال اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ أمس (د.ب.أ)

من جهته قال وزير الدفاع السويدي بال جونسون، إن بلاده لا تستبعد إرسال بعض صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا، وأضاف: «لكننا نركّز في الوقت الراهن على المساعدات المالية وعلى إمكانية إرسال بطاريات صواريخ أرض - جو المحمولة السويدية». لكنّ اليونان أعربت على لسان الناطق بلسان الحكومة، عن أنها لن تتخلى عن بطاريات صواريخ «باتريوت» التي تملكها، لأن ذلك من شأنه إضعاف الدفاعات الجوية الوطنية وقدراتها على الردع، في إشارة إلى الوضع المتوتر غالباً على طول الحدود مع تركيا.

لكن فيما كان التقدم الظاهر شبه معدوم على الجبهة الأوكرانية، كان المجلس الأوروبي أسرع وأكثر حزماً في الاتفاق على توسيع دائرة العقوبات المفروضة على إيران لمنع إنتاج الصواريخ وإرسالها إلى روسيا. وقرر المجلس الأوروبي أيضاً توسيع هذه العقوبات لتشمل إرسال الصواريخ والمسيرات الإيرانية إلى الميليشيات الموالية لإيران في منطقة الشرق الأوسط، مثل: «حزب الله» في لبنان، و«الحوثيين» في اليمن، و«الحشد الشعبي» في العراق. وقال بورّيل إن هذا الاتفاق الذي يحتاج لبضعة أسابيع حتى إنجازه بالكامل، سيشمل قيوداً على تصدير المكونات الأوروبية للمُسيرات.


مقالات ذات صلة

حريق بمستودع نفط في كورسك الروسية بعد هجوم بمسيرات أوكرانية

أوروبا عمال إطفاء يحاولون إخماد حريق منشأة نفطية في كورسك بعد قصفها من قبل أوكرانيا في 15 فبراير (شباط) 2024 (أ.ف.ب)

حريق بمستودع نفط في كورسك الروسية بعد هجوم بمسيرات أوكرانية

النيران اندلعت في 3 خزانات بمستودع للنفط في المنطقة نتيجة هجوم بطائرات مسيرة شنته أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
آسيا وزيرا خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)

محادثات «صريحة ومثمرة» بين وزيري خارجية أميركا والصين

أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن محادثات «صريحة ومثمرة» أجراها مع نظيره الصيني، وانغ يي، في لاوس.

«الشرق الأوسط» (فينتيان (لاوس))
أوروبا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مشاركته باجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان الجمعة (رويترز)

لافروف: تصريحات كييف في شأن مفاوضات السلام «متناقضة»

رأت روسيا أن تصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووزير خارجيته ديمتري كوليبا حول مفاوضات السلام تنم عن تناقض.

«الشرق الأوسط» (فينتيان (لاوس))
أوروبا القوات الروسية دمرت 7 مسيّرات أوكرانية فوق أراضي مقاطعة ريازان (رويترز)

روسيا: تدمير 21 مسيّرة أوكرانية خلال الليل وصباح اليوم

أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم (السبت) تدمير 21 طائرة دون طيار أوكرانية خلال ساعات الليل والصباح في عدد من مقاطعات البلاد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (قناة الكرملين عبر «تلغرام»)

الكرملين يعترف بأزمة ديموغرافية «كارثية» ويدعو لزيادة المواليد

لفت الكرملين النظر إلى أن الحالة الديموغرافية «كارثية على مستقبل الأمة»، في حين عجزت السياسات المختلفة المنفّذة في روسيا منذ ربع قرن عن زيادة معدل المواليد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

أوروبا ترفض دواء لألزهايمر وافقت عليه أميركا بسبب أعراضه الجانبية

المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
TT

أوروبا ترفض دواء لألزهايمر وافقت عليه أميركا بسبب أعراضه الجانبية

المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)
المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)

اتخذت وكالة الأدوية الأوروبية أمس (الجمعة) قراراً برفض طرح دواء لداء ألزهايمر في الاتحاد الأوروبي يهدف إلى الحد من التدهور المعرفي للمرضى؛ إذ اعتبرت أن هذا العقار المرتقب جداً غير آمن.

ورأت الوكالة الناظمة أن النتائج التي يحققها الدواء المطروح باسم «ليكيمبي» (Leqembi) والمُجاز له في الولايات المتحدة «غير متوازنة مع خطر الآثار الجانبية الخطيرة المرتبطة به»، وأبرزها «احتمال حصول نزف في أدمغة المرضى».

وتوقع الخبراء «خيبة أمل» لدى عدد كبير من المرضى من هذا الرأي الذي تأخذ به عادة المفوضية الأوروبية صاحبة القرار النهائي.

وأكدت شركة الصناعات الدوائية اليابانية «إيساي» (Eisai) التي ابتكرت «ليكيمبي» بالتعاون مع الأميركية «بايوجين» (Biogen) أنها ستتقدم بطلب لـ«إعادة النظر في رأي» وكالة الأدوية الأوروبية، معربةً عن «خيبة أمل شديدة».

ونقل بيان عن المديرة السريرية في «إيساي» لين كرايمر قولها إن «ثمة حاجة كبيرة لا تتم تلبيتها لخيارات علاجية جديدة ومبتكرة تستهدف السبب الكامن وراء تطور المرض».

ورخّصت إدارة الغذاء والدواء الأميركية في مايو (أيار) 2023 لعقار «ليكيمبي» الذي يشكل ليكانيماب (lecanemab) مكوّنة للمرضى الذين لم يصلوا إلى مرحلة متقدمة من المرض. وأشارت «إيساي» إلى أنه يباع أيضاً في اليابان والصين.

وفشل الباحثون طوال عقود في إحراز تقدّم فعلي في محاربة مرض ألزهايمر الذي يصيب عشرات الملايين من الناس في كل أنحاء العالم.

ويعاني نحو ثمانية ملايين شخص في الاتحاد الأوروبي شكلاً من أشكال الخرف، ويمثل مرض ألزهايمر أكثر من نصف هذه الحالات، وفقاً لموقع «ألزهايمر أوروبا». ولا يتوافر إلى اليوم أي دواء يحقق الشفاء.

أعراض جانبية مثيرة للجدل

ولم يتوصل الطب بعد إلى فهم وافٍ للسبب الدقيق لمرض ألزهايمر، إلّا أن مراقبة أدمغة المرضى تُظهر وجود لويحات أميلويد تتشكل حول الخلايا العصبية وتدمرها على المدى البعيد.

ويؤدي ذلك إلى فقدان الذاكرة الذي يُعدّ أبرز تجليات المرض. وفي المراحل الأخيرة منه، لا يعود المرضى قادرين على القيام بالمهام والأنشطة الحياتية اليومية أو على الانخراط في أحاديث.

ويتيح دواء «ليكيمبي» الذي يؤخَذ عن طريق الوريد مرة كل أسبوعين، تقليل عدد لويحات الأميلويد، وفق ما أظهرت التجارب السريرية. لكن الرأي السلبي لوكالة الأدوية الأوروبية لاحظ «بشكل خاص الظهور المتكرر في الصور الطبية لتشوهات مرتبطة بالأميلويد (...) من بينها تورم ونزف محتمل في أدمغة المرضى».

ورأت اختصاصية التنكس العصبي بجامعة أدنبره البروفيسورة تارا سبايرز جونز أن هذا الرأي الذي أصدرته وكالة الأدوية الأوروبية «سيكون مخيباً لآمال الكثيرين». لكنّها اعتبرت في بيان أن «ثمة أسباباً تدعو إلى الاستمرار في التفاؤل»؛ إذ أظهر ليكانيماب أنه «من الممكن إبطاء تطور المرض». وأضافت: «نحن الآن بحاجة إلى تكثيف جهودنا لاكتشاف أدوية جديدة وأكثر أماناً»، حسبما أفاد تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

«فوارق ثقافية»

أما الأستاذ في مستشفى «يو سي إل» الجامعي في لندن بارت دي ستروبر، فرأى أن قرار وكالة الأدوية الأوروبية «مؤسف ولكنه ليس غير متوقع». واعتبر أن «هذه النتيجة تُظهر التباين الثقافي الكبير في الطريقة التي يُنظر بها إلى المخاطر والابتكار في مختلف المناطق»، ملاحظاً أن «أوروبا تميل إلى النظر لنصف الكوب الفارغ، في حين تنظر دول كالولايات المتحدة والصين واليابان إلى النصف الممتلئ».

وأعطت إدارة الغذاء والدواء الأميركية الضوء الأخضر مطلع شهر يوليو (تموز) الفائت لطرح دواء جديد آخر لمرض ألزهايمر توصلت إليه شركة «إلاي ليلي» الأميركية يتوقع أن يبطئ تطور المرض.

وباتت القرارات المتعلقة بالأدوية ضد مرض ألزهايمر تخضع لمراقبة من كثب منذ الجدل في شأن «أدوهيلم» (Aduhelm) الذي جرت الموافقة عليه في يونيو (حزيران) 2021، وابتكرته أيضاً شركتا «إيساي» و«بايوجين» ويستهدف لويحات الأميلويد كذلك.

وكان «أدوهيلم» أول دواء معتمد في الولايات المتحدة ضد المرض منذ عام 2003. إلا أنّ هذا العلاج أحدث جدلاً كبيراً؛ إذ عارضت وكالة الأدوية الأميركية رأي لجنة خبراء اعتبروا أن العلاج لم يثبت فاعليته بشكل كافٍ خلال التجارب السريرية. وقيّدت الوكالة في وقت لاحق استخدامه، حاصرة إياه بالأشخاص الذين يعانون حالات خفيفة من المرض.

وأكّد تقرير للكونغرس الأميركي أخيراً أنّ سعر الدواء مرتفع (56 ألف دولار في السنة)، في حين أعلن نظام التأمين الصحي الفيدرالي «ميديكير» المخصص لكبار السن، أنه لن يغطي تكاليفه إلا إذا أُخذ في إطار تجارب سريرية.