وزيرة الداخلية الألمانية: زيادة الهجرة أدت إلى ارتفاع معدلات الجريمة

41 % من الجرائم نفذها مهاجرون... ودعوات لنقاش «صريح» حول الهجرة

وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر تتحدث للصحافة بعد مؤتمر صحافي لتقديم إحصائيات الجريمة للشرطة الفيدرالية الألمانية في برلين بألمانيا في 09 أبريل 2024 (إ.ب.أ)
وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر تتحدث للصحافة بعد مؤتمر صحافي لتقديم إحصائيات الجريمة للشرطة الفيدرالية الألمانية في برلين بألمانيا في 09 أبريل 2024 (إ.ب.أ)
TT

وزيرة الداخلية الألمانية: زيادة الهجرة أدت إلى ارتفاع معدلات الجريمة

وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر تتحدث للصحافة بعد مؤتمر صحافي لتقديم إحصائيات الجريمة للشرطة الفيدرالية الألمانية في برلين بألمانيا في 09 أبريل 2024 (إ.ب.أ)
وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر تتحدث للصحافة بعد مؤتمر صحافي لتقديم إحصائيات الجريمة للشرطة الفيدرالية الألمانية في برلين بألمانيا في 09 أبريل 2024 (إ.ب.أ)

أثارت إحصاءات معدلات الجريمة في ألمانيا، التي سجلت ارتفاعاً هو الأعلى منذ عام 2016، جدلاً واسعاً حول دور المهاجرين في رفع هذه المعدلات. إذ أظهرت الإحصاءات التي قدمتها وزارة الداخلية، أن 41 في المائة من مرتكبي الجرائم العام الماضي مهاجرون لا يحملون الجنسية الألمانية، علماً بأن 15 في المائة من سكان ألمانيا من المهاجرين.

وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر بعد مؤتمر صحافي لتقديم إحصائيات الجريمة للشرطة الفيدرالية الألمانية في برلين، ألمانيا، 09 أبريل 2024 (أ.ب.ا )

ارتفاع كبير في جرائم العنف والسرقة

وبحسب «الداخلية»، فقد سجلت ألمانيا العام الماضي، ما يقارب 6 ملايين جريمة، في زيادة بـ5.5 في المائة على العام الذي سبق. وأظهرت الإحصاءات التي قدمتها وزيرة الداخلية نانسي فيزر في مؤتمر صحافي ببرلين، ارتفاعاً كبيراً في جرائم العنف والسرقة تحديداً. وارتفعت معدلات الجريمة بين الألمان بنسبة 2.2 في المائة، بينما ارتفعت نسبة المتورطين بجرائم بين من هم من غير الألمان بنسبة 14.5 في المائة.

ولم تنفِ فيزر تأثير ارتفاع الهجرة في ألمانيا على معدلات الجريمة، ورداً على سؤال إذا ما كانت الهجرة إلى ألمانيا قد «جعلت البلاد أقل أمناً»، اعترفت فيزر بذلك بالقول إن «زيادة الهجرة أدت إلى ارتفاع معدلات الجريمة»، ولكنها أضافت أنه لهذا السبب، يجب اتخاذ خطوات إضافية لتعزيز جهود الاندماج.

وأظهرت الإحصاءات أن المهاجرين من جورجيا ودول المغرب العربي من أكثر الجنسيات الأجنبية المتورطين في الجرائم، بينما تورط الأوكرانيون بالجرائم أقل من المعدل بسبب وجود عدد أكبر من النساء والأطفال الأوكران، وليس الرجال، كما في الفئات الأخرى من المهاجرين.

ومع ذلك، حرصت فيزر على التأكيد أن ألمانيا «ما زالت من أكثر الدول أماناً». وأعادت وزيرة الداخلية ارتفاع معدلات الجريمة إلى 3 عوامل؛ أولها عودة الحياة إلى طبيعتها بعد الإغلاقات خلال وباء كورونا وزيادة نشاط تجار المخدرات وارتفاع معدلات الهجرة.

خطوات لتعزيز اندماج المهاجرين

تحدثت فيزر التي تنتمي للحزب الاشتراكي، عن خطوات لتعزيز اندماج المهاجرين وتخفيف العبء عن البلديات المثقلة بعدد كبير من طالبي اللجوء، كإحدى الخطوات لمواجهة ارتفاع معدلات الجريمة بين المهاجرين. وحذرت بأنه سيتم تسريع ترحيل المهاجرين المتورطين في الجرائم بالمستقبل، وقالت: «إذا لم يتم احترام القانون، فسيتعين على الأشخاص الرحيل». وقالت إن الأوكران سيتم استثناؤهم من الترحيل لأن ذلك غير ممكن حالياً بسبب الحرب في بلادهم.

وشارك في المؤتمر الصحافي إلى جانب فيزر، رئيس تجمع وزراء داخلية الولايات الألمانية مايكل شتوبين المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي المعارض، والذي دعا إلى «نقاش مفتوح وغير متحيز» حول نتائج الإحصاءات التي تشير إلى تورط المهاجرين بشكل كبير في الجرائم. وقال إن «تجاهل نسبة تورط المهاجرين بجرائم ليس فقط خطأ ولكنه أيضاً مؤذٍ»، ودعا إلى زيادة جهود ترحيل المهاجرين المتورطين بجرائم.

ودعا عدد من المسؤولين في الحزب الديمقراطي المسيحي المعارض الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، إلى اتخاذ خطوات ملموسة للتعامل مع زيادة معدلات الجريمة بين المهاجرين.

استنفار لعناصر من الشرطة الألمانية المختصة بمكافحة الجريمة (غيتي)

وقال نائب رئيس الكتلة النيابية للاتحاد المسيحي النائب أندريا لينهولز، إنه يتعين على الحكومة «إدارة الهجرة بشكل أفضل ويتعين علينا أن نعرف من يدخل إلى بلدنا». وأضاف أن ألمانيا «وصلت إلى أقصى طاقتها» في القدرة على دمج مهاجرين، مشيراً إلى أنه يمكن دمج أشخاص ولكن «ليس بشكل جماعي».

ودعا كذلك وزير داخلية ولاية بافاريا يواشيم هيرمان المنتمي للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، إلى «التنبه بشكل خاص لمن هم من غير الألمان والذين يشكلون تهديداً للأمن»، داعياً إلى التسريع في ترحيلهم.

وما زال ترحيل السوريين غير ممكن، بحسب تقييم «الخارجية» الألمانية الذي تستند إليه «الداخلية» في قرارات الترحيل. وعلق وزير داخلية شمال الراين فستفاليا هيربرت رويل المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي، على ارتفاع معدلات الجريمة، بالقول في تصريحات لصحيفة «بيلد»، إن «المزاج في المجتمع تغير، والخلافات يتم حلها بالأيادي عوضاً عن الكلام»، مضيفاً أن «الحروب والأزمات تؤجج المزاج وهي أشبه ببرميل البارود».

وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر تتحدث للصحافة، بعد مؤتمر صحافي لتقديم إحصائيات الجريمة للشرطة الفيدرالية الألمانية في برلين، ألمانيا، الثلاثاء (أ.ب.أ"

وصدرت تحذيرات كذلك من أن استمرار ارتفاع الجريمة سيؤدي إلى زيادة الضغط على الشرطة، وقال أمين عام اتحاد نقابات الشرطة يوشين كوبلكه في تصريحات لوكالة «الصحافة الألمانية»، إنه يجب الاستثمار بشكل أكبر وفوري في تأمين أعداد إضافية من عناصر الشرطة وتعزيز صلاحياتهم. وأضاف: «نحتاج إلى أموال أكثر يتم استثمارها في الوقاية وتسريع الملاحقات القضائية». ودعا إلى البحث في منع حمل السكاكين بين من هم في عمر الشباب، لتخفيض جرائم الطعن التي سجل العام الماضي ارتفاعاً فيها كذلك. وقال: «لا أحد يحتاج لحمل سكين للدفاع عن نفسه في شوارعنا». وأظهرت الإحصائية أن أكثر من 100 ألف متهم كانوا دون سن الـ14 عاماً، في ارتفاع بنسبة 43 في المائة عن عام 2019. ومن بين هؤلاء، نسبة كبيرة من الذين لا يتحدثون الألمانية، وهم من المهاجرين.


مقالات ذات صلة

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: حملة تفتيشات جديدة بحثاً عن إرهابيين سابقين في «الجيش الأحمر»

تُعد جماعة «الجيش الأحمر»، التي تأسست في عام 1970، إحدى أبرز الجماعات اليسارية بألمانيا الغربية السابقة في فترة ما بعد الحرب حيث تم تصنيفها هناك جماعة إرهابية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا: «(حماس) نظمت عمليات تخبئة أسلحة في دول أوروبية مختلفة لتنفيذ هجمات محتملة ضد مؤسسات يهودية وغربية في أوروبا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

​ميركل لم تندم على قرار إدخال اللاجئين السوريين رغم أنه دفعها للتقاعد

كتاب ميركل «حرية» طرح للبيع في مكتبة ببرلين (رويترز)
كتاب ميركل «حرية» طرح للبيع في مكتبة ببرلين (رويترز)
TT

​ميركل لم تندم على قرار إدخال اللاجئين السوريين رغم أنه دفعها للتقاعد

كتاب ميركل «حرية» طرح للبيع في مكتبة ببرلين (رويترز)
كتاب ميركل «حرية» طرح للبيع في مكتبة ببرلين (رويترز)

لم تبد المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أي ندم حول قرارها بفتح أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين عام 2015، رغم اعترافها بأن هذا القرار كان «نقطة تحول» بالنسبة إليها، وكان سبباً أساسياً في تقاعدها السياسي، وكاد أن يدفعها للخروج أبكر من الحياة السياسية.

وفي كتابها «حرية» الذي صدر الثلاثاء، وجاء مترجماً إلى 30 لغة، كتبت ميركل تفاصيل قرارها التاريخي الذي أدخل أكثر من مليون سوري إلى ألمانيا، وتسبب في دخول حزب يميني متطرف، هو «البديل من أجل ألمانيا»، في البرلمان للمرة الأولى منذ هزيمة النازيين.

وبرّرت ميركل ذلك في كتابها الممتد لـ700 صفحة، بأنه كان القرار الإنساني الوحيد الذي كان بإمكانها اتخاذه أمام صور عشرات آلاف اللاجئين السوريين الذين يحاولون العبور إلى أوروبا براً وبحراً. وقالت إنه من الناحية القانونية، كان رفض السماح لهم بالدخول إلى ألمانيا «مبرراً»، استناداً لـ«اتفاقية دبلن» التي تنظم اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي، وتفرض على الدولة الأولى التي يدخل إليها اللاجئ أن تنظر في الطلب، ما يعني أن العبء الأساسي كان يقع آنذاك على إيطاليا واليونان.

المستشارة السابقة أنجيلا ميركل بعد إعلانها تقاعدها في مؤتمر حزبها «المسيحي الديمقراطي» عام 2017 (أ.ف.ب)

وروت في سيرتها التي كتبتها بنفسها بمساعدة سكرتيرتها القديمة وصديقتها بيته باومان، كيف شغلتها أزمة اللاجئين معظم عام 2015، وروت تلقيها اتصالاً على جوالها يوم الأحد 19 أبريل (نيسان) من ذاك العام من رئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينزي غادة غرق مركب للاجئين قبالة سواحل ليبيا ومقتل المئات. وقالت إن يومها كان عيد ميلاد زوجها يواكيم الـ66، وكانا يعدان لقضاء يوم هادئ سوياً. ولكن اتصال رينزي ألغى كل شيء. فهو كان يستجديها مساعدة بلاده التي لم تعد قادرة على التعامل مع أزمة اللاجئين، وعقد قمة لقادة أوروبا لمناقشة الأزمة. وقالت إن رينزي كان يقول بأن الأزمة لم تعد تتعلق بإيطاليا وحدها بل باتت أزمة أوروبية، ويستجدي ألا تترك إيطاليا وحدها. وأكدت حين ذلك، بحسب روايتها، أن رينزي كان محقاً.

وبقيت أزمة اللاجئين طاغية في الأشهر التي تلت ذلك، وكانت أعداد الواصلين إلى ألمانيا تتضاعف يومياً. وتروي في كتابها عن اتصال تلقته من مستشار النمسا آنذاك فيرنر فايمان يوم الجمعة 4 سبتمبر (أيلول)، وصف لها أن الطرقات السريعة في النمسا مليئة باللاجئين الذين يعبرون الحدود من المجر ويدخلون إليها. كان فايمان يطلب بتقاسم الأعباء بين ألمانيا والنمسا. وكتبت: «لم يشأ فايمان اتخاذ القرار بنفسه. المسؤولية كانت تقع على عاتقي، وأنا كنت مصرة على قبولها. كنا نواجه كارثة إنسانية». وروت كيف تشاورت مع الحزب «الاشتراكي» الذي كان يشاركها الحكومة قبل اتخاذ القرار، وكيف لم يعارض الحزب السماح للاجئين بالدخول. ولكنها لم تتمكن من الاتصال بوزير داخليتها آنذاك هورست زيهوفر، الذي كان أيضاً زعيم الحزب «المسيحي البافاري»، وهو الحزب الشقيق لحزبها. واصطدمت آنذاك ميركل مع زيهوفر بشأن سياسة الهجرة، فهو كان معارضاً شديداً لقرارها. ولكن في تلك الليلة، قالت ميركل إنها لم تتمكن من الحديث معه، بغض النظر عن عدد المرات التي حاولت الاتصال به. وبعد أن تأكدت من قانونية «فتح الأبواب» أمام اللاجئين، أصدرت قرابة الساعة 11 ليلاً، بياناً مشتركاً مع مستشار النمسا نشراه على «فيسبوك»، يقولان فيه إنه يمكن للاجئين دخول ألمانيا والنمسا. وقالت إنهما اختارا النشر على «فيسبوك»، لأنهما اعتقدا بأن اللاجئين يعتمدون على التطبيق لجمع المعلومات.

وما تبع ذلك، هو رواية ميركل للردود على قرارها، من استياء وزير داخليتها، إلى الانتقادات التي تلقتها، منها من الصحافة المحافظة. وقالت إن قرارها أحدث شرخاً ليس فقط داخل حزبها، ولكن أكثر مع الحزب «المسيحي البافاري» الشقيق الذي كان على الجهة المعاكسة منها في سياستها تجاه اللاجئين. وكتبت: «لقد رأيت أن سياسة الهجرة أصبحت نقطة تحول في ولايتي... ولكن ليس فقط منذ ذلك الحين كنت أفكر فيما إذا كنت سأترشح لولاية جديدة عام 2017، بل بدأت بالتفكير في ذلك بداية عهدي الثالث عام 2013».

وروت أنها تحدثت عن هذا الموضوع مع الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما، حيث تربطها علاقة شخصية قوية معه. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، زار أوباما برلين في زيارة وداعية، وقالت إنهما التقيا في فندق أدلون في 16 نوفمبر على العشاء، وأخبرته أنها تفكر في التقاعد وعدم الترشح مجدداً العام المقبل. وكتبت عن ذلك: «كنا نجلس معاً فقط، وكان يسأل سؤالاً من هنا وآخر من هناك لمساعدتي على التوصل إلى قرار، ولكن عدا ذلك احتفظ برأيه لنفسه. أحسست بأنه أراد أن يؤكد على استمراري بالمسؤولية... وقال إن أوروبا ما زالت بحاجة إلي، ولكن في النهاية علي أن أتبع حدسي».

وفي النهاية قالت ميركل إنها قررت الترشح مرة جديدة، بالفعل فاز حزبها بنسبة 33 في المائة، وهو معدل أقل من الانتخابات التي مضت، ولكنه كان ما زال فوزاً كبيراً. ولكن قرارها بالتقاعد بقي يلاحقها، والهوة بين حزبها والحزب «المسيحي البافاري» الشقيق ظلت تتسع بسبب سياسة الهجرة، حتى اتخذت القرار أخيراً وأعلنته بعد عام إثر خسائر في انتخابات محلية مُني بها حزبها، بشكل أساسي بسبب سياسة الهجرة. وكتبت: «لم أعد قادرة على الإكمال بالعمل كالعادة». ورغم قرارها عدم الترشح مرة جديدة لزعامة حزبها، فقد قالت إنها كانت واثقة في أنها كانت لتنتخب مرة جديدة، لو أنها ترشحت «وإن بأغلبية ضئيلة».

صورة أرشيفية للمستشارة السابقة أنجيلا ميركل وباراك أوباما (أ.ب)

وبالفعل، غادرت ميركل منصبها، وكانت شعبيتها لا تزال مرتفعة رغم الانتقادات التي واجهتها بسبب أزمة اللاجئين، ومساهمتها في صعود اليمين المتطرف. وقالت إنه في النهاية، كانت حجج التقاعد أقوى من البقاء، وكتبت: «تطورات أزمة اللاجئين كانت نقطة تحول في عهدي...»، واعترفت بأن قرارها هذا أسهم في زيادة حظوظ «البديل من أجل ألمانيا»، وكتبت عن ذلك: «عام 2013 تأسس (البديل من أجل ألمانيا) بوصفه حزباً معارضاً لليورو، وفشل ولم ينجح في دخول البرلمان. ولكن بعد عامين فقط، كسب زخماً جديداً مستغلاً أزمة اللاجئين».

وفي عام 2017 دخل «البديل من أجل ألمانيا» البرلمان بنسبة 12 في المائة من الأصوات، وهو اليوم حظي بنسبة تصل إلى 19 في المائة، وفق استطلاعات الرأي للانتخابات المقبلة في نهاية فبراير (شباط) المقبل.

وتطرقت ميركل في كتابها لعوارضها الصحية في العامين الأخيرين من عهدها، ونوبات الرعشة التي كانت تتعرض لها. وقالت إن النوبة الأولى حصلت أثناء وقوفها إلى جانب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في برلين أثناء الاستقبال الرسمي له.

وتكرر مرتين خلال أسابيع قليلة خلال وقوفها إلى جانب زعماء آخرين. وقالت إنها خضعت آنذاك لفحوصات عصبية وداخلية مفصلة من دون أن تظهر علة. وقالت إن طبيباً في النهاية قال لها إن التوتر هو سبب تلك الرعشات. وشرحت أن والدتها كانت قد توفيت خلال تلك الفترة، وأنه لم تتح لها الفرصة لأن تحزن عليها بسبب انشغالها الدائم. وتابعت أنها منذ ذلك الحين، قررت أن تبقى جالسة في كل الاستقبالات الرسمية التي تجريها؛ تفادياً لعودة الرعشة، وهو ما حصل فعلاً.