«الأطلسي» يحيي مرور 75 عاماً على تأسيسه على وقع الحرب الروسية واحتمال عودة ترمب

انطلق بـ12 عضواً في واشنطن عام 1949 وأصبح يضم 32 أحدثهم فنلندا والسويد كنتيجة لغزو أوكرانيا عام 2022

وزراء خارجية الدول الأعضاء أمام مقر الحلف في بروكسل (أ.ف.ب)
وزراء خارجية الدول الأعضاء أمام مقر الحلف في بروكسل (أ.ف.ب)
TT

«الأطلسي» يحيي مرور 75 عاماً على تأسيسه على وقع الحرب الروسية واحتمال عودة ترمب

وزراء خارجية الدول الأعضاء أمام مقر الحلف في بروكسل (أ.ف.ب)
وزراء خارجية الدول الأعضاء أمام مقر الحلف في بروكسل (أ.ف.ب)

أجمعت قيادات الحلف الأطلسي خلال الاحتفال باليوبيل الماسي لتأسيس ما يصفه كثيرون بأنه أنجح تحالف عسكري في التاريخ، على أن منظمة الدفاع الغربية هي اليوم أقوى وأكثر وحدة من أي وقت مضى، لكنها لم تتردد في الاعتراف بأن التهديدات التي تتعرّض لها لم تعد مقصورة على الجهات الخارجية مع الحرب الدائرة في أوكرانيا، وأن ثمّة أخطاراً تعتمل منذ فترة من الداخل، خاصة في حال عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض بعد انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وزراء خارجية «الناتو» في صورة جماعية (رويترز)

هذا ما دفع الأمين العام للحلف ينس ستولتنبيرغ لتوجيه رسالة واضحة إلى واشنطن عندما قال إن الولايات المتحدة تحتاج للحلف الأطلسي بقدر ما تحتاج إليه أوروبا، وإنها قطعاً ستكون أضعف من دونه.

«أوروبا تحتاج للولايات المتحدة للحفاظ على أمنها، كما تحتاج الولايات المتحدة لأوروبا. معاً نحن أقوى وأكثر أماناً»، هذا ما قاله ستولتنبيرغ خلال الاحتفالات التي شهدها مقر المنظمة في بروكسل، والتي ستتكرر بمزيد من الأبهة والفخامة في العاصمة الأميركية مطالع يوليو (تموز) المقبل بمناسبة مرور 75عاماً على توقيع معاهدة واشنطن في 4 أبريل (نيسان) 1949 التي على أساسها قام الحلف الدفاعي الغربي.

وانطلق الحلف باثني عشر عضواً من أميركا الشمالية وأوروبا، وقد أُسس في وقت شهد مخاوف متزايدة من التهديد العسكري الذي شكله الاتحاد السوفياتي على الديمقراطيات الأوروبية. وبعد مرور 75 عاماً، أصبح عدد أعضاء الحلف 32 وأصبح له دور مركزي في الشؤون العالمية، بعدما دفعت الحرب الروسية في أوكرانيا الحكومات الأوروبية مرة أخرى للنظر إلى موسكو باعتبارها تهديداً أمنياً كبيراً. وجاء انضمام أحدث عضوين وهما فنلندا والسويد كنتيجة مباشرة للغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022.

وفي كلمته التي كادت تكون موجهة بشكل حصري إلى الحليف الأميركي، قال الأمين العام للحلف: «بفضل المنظمة الأطلسية أصبح للولايات المتحدة من الحلفاء والأصدقاء أكثر من أي قوة عظمى أخرى»، مذكّراً بأن المرة الأولى التي تمّ فيها تفعيل المادة الخامسة من المعاهدة التأسيسية، التي تكرّس الدفاع المشترك بموجب مبدأ اعتبار أي اعتداء على إحدى الدول الأعضاء بمثابة اعتداء على جميع الأعضاء، كانت في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001 ضد الولايات المتحدة.

أعلام دول «ناتو» بمقر الحلف في بروكسل (أ.ف.ب)

هذه العبارات التي أدلى بها ستولتنبيرغ أمام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، كانت في الواقع موجهة إلى دونالد ترمب الذي لم يرد ذكر اسمه مرة واحدة خلال الاحتفالات في العاصمة البلجيكية، لكنه كان حاضراً في أذهان جميع الوزراء الحاضرين الذين كرروا جميعاً ضرورة الحفاظ على وحدة الصف خاصة بعد دعوة ترمب الاتحاد الروسي ليفعل ما يحلو له بكل عضو في الحلف الأطلسي لا ينفق ما هو مقرر لتمويل الدفاع المشترك؛ أي ما لا يقلّ عن 2 في المائة من الناتج القومي الإجمالي.

وذهب الأمين العام للحلف إلى أقصى ما يمكن الذهاب إليه لثني ترمب عن تنفيذ تهديداته في حال عودته إلى البيت الأبيض، عندما قال: «أوروبا تزيد إنفاقها العسكري باستمرار وبشكل ملحوظ، وعندما تعود الدول الأعضاء إلى الاجتماع بعد أشهر في واشنطن ستكون غالبيتها العظمى قد خصصت ما يزيد عن النسبة المقررة للإنفاق العسكري»، مشدداً على أن الأمر لا يقتصر على المال فحسب؛ «لأن الحلفاء الأوروبيين يضعون في تصرّف الحلف قوات مسلحة من الدرجة الأولى، وشبكة واسعة من أجهزة المخابرات المتطورة، ونفوذاً دبلوماسياً فريداً، ما يساهم في مضاعفة القوة الأميركية». كما اتفق أعضاء الحلف على أهمية توفير المزيد من أنظمة الدفاع الجوي لحماية أوكرانيا من هجمات الصواريخ الباليستية الروسية.

بلينكن مع ستولتنبيرغ (أ.ف.ب)

واجتمع وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا مع نظرائه في الحلف وناشدهم توفير أنظمة دفاع جوي إضافية جديدة، وخصوصاً منظومة الصواريخ «باتريوت» أميركية الصنع. وقال ستولتنبيرغ بعد الاجتماع: «الحلفاء يتفهمون مدى إلحاح الأمر». وأضاف خلال مؤتمر صحافي: «سيعود الحلفاء الآن (إلى بلدانهم)... للبحث عن سبل يمكنهم من خلالها توفير المزيد من الأنظمة، وخصوصاً الصواريخ (باتريوت)، مع التأكد قطعاً من توافر الذخيرة وقطع الغيار لتلك الأنظمة». وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن تقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا مهم بشكل خاص؛ لأن دولاً مثل الصين وكوريا الشمالية وإيران تدعم جهود روسيا لبناء قاعدتها الصناعية الدفاعية.

مجموعة من وزراء خارجية «ناتو» (أ.ب)

وأضاف بلينكن في المؤتمر الصحافي مع ستولتنبيرغ: «أعتقد بناء على ما سمعته اليوم أن الجميع، بما في ذلك الولايات المتحدة، سيضاعفون جهودهم... وإذا لزم الأمر سيوفرون الموارد التي لا تزال أوكرانيا بحاجة إليها»، في إشارة إلى احتياجاتها من الدفاعات الجوية والمدفعية والذخائر. لكن لم يكشف ستولتنبيرغ أو بلينكن عن أي تعهد أو هدف محدد للمساعدات.

معظم الكلمات التي ألقاها وزراء خارجية الدول الأعضاء طوال يومين من الاحتفالات التي كانت خاتمتها حول قالب كبير من الشوكولا البلجيكية، شدّدت على أهمية الحفاظ على وحدة الصف ودور الحلف الحيوي في الدفاع عن الأمن والسلم في أوروبا، في حين ذهب البعض إلى التركيز على دور الحلف في صون قيم الديمقراطية والتعددية والتسامح والحرية التي يقوم عليها المشروع الأوروبي، والتي تتعرّض لهجوم ممنهج من القوى اليمينية المتطرفة الصاعدة باطراد في المهد السياسي الأوروبي، غالباً بتواطؤ مع موسكو أو بدعم مباشر منها.

وزيرة خارجية ألمانيا مع نظيرها الأوكراني والأمين العام للحلف (إ.ب.أ)

ولإدراكه أن مثل هذا الخطاب لا يلقى آذاناً صاغية عند المرشح ترمب في حال عودته إلى البيت الأبيض، قال ستولتنبيرغ، أيضاً في معرض الرد على التصريحات الأخيرة التي صدرت عن الكرملين، عادّة أن روسيا والحلف الأطلسي أصبحا في حال مواجهة مباشرة: «إن الحلف الأطلسي ليس طرفاً في النزاع الدائر، ولن يكون طرفاً فيه أبداً». وأضاف: «ليس لدينا أي خطط لنشر قوات قتالية تابعة لحلف شمال الأطلسي داخل أوكرانيا، وليس هناك أي طلب لفعل ذلك».

واتفقت الدول الأعضاء في الحلف في اليوم الأول للاجتماع على البدء في التخطيط للقيام بدور أكبر في تنسيق المساعدات العسكرية لأوكرانيا لمساعدتها في قتال روسيا. وقال بلينكن: «هذه مناقشة مستمرة سنجريها في الأسابيع المقبلة، وأتصور أنكم سترون شيئاً ما خلال القمة عندما نجتمع معاً في واشنطن في يوليو». ووفقاً لدبلوماسيين، اقترح ستولتنبيرغ إنشاء صندوق بقيمة 100 مليار يورو (نحو 108 مليارات دولار) لدعم الجيش الأوكراني على مدى خمس سنوات.

بوتين مصافحاً وزير دفاعه سيرغي شويغو في 7 مارس (إ.ب.أ)

ورد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، على خطط الحلف قائلاً إن أنشطته لا تعزز حالياً الأمن ولا الاستقرار في أوروبا، «بل على العكس من ذلك فهي عامل مزعزع للاستقرار». وأضاف بيسكوف أن «(الناتو) تم تخطيطه وتشكيله وإنشاؤه وإدارته من قبل الولايات المتحدة كأداة للمواجهة» خاصة في أوروبا. وقال بيسكوف في موسكو إن العلاقات بين روسيا والحلف «تدهورت فعلياً إلى مستوى المواجهة المباشرة»، مضيفاً أن «الناتو» هو «متورط في الصراع بشأن أوكرانيا».


مقالات ذات صلة

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

أفاد تقرير صحافي اليوم (الأحد) بأن وزيراً في الحكومة البريطانية سيحذر من أن روسيا مستعدة لشن موجة من الهجمات الإلكترونية على بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

يمثل الصعود العسكري النووي للصين هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي بأميركا في ظل التقارب بكين وموسكو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

قال الكرملين، الأحد، إن موسكو يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته واشنطن، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
TT

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)

كل المؤشرات تؤكد أن الأوضاع على جبهات القتال لا تميل لمصلحة أوكرانيا. وفي تقييم للوضع الميداني قالت الاستخبارات البريطانية العسكرية إن خط المواجهة كان أكثر «اضطراباً» من أي وقت مضى منذ بدء الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022، في تعبير ملطف عمّا تعانيه قوات كييف، على الرغم من كونها من المدافعين عنها.

وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أقرّ مصدر رفيع المستوى في هيئة الأركان العامة الأوكرانية (الجمعة) بأن القوات الروسية تتقدَّم مسافة بين «200 و300 متر يومياً» قرب كوراخوف، وهي من المواقع المهمة التي قد تسقط قريباً. وفي علامة على هذا التقدم، أعلن الجيش الروسي (الجمعة) سيطرته على بلدة نوفودميتريفكا شمال كوراخوف. وتحتوي هذه المنطقة خصوصاً على رواسب كبيرة من الليثيوم.

واليوم (السبت) أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أنه يتوقع أن يبدأ الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا، المشارَكة الفعلية في القتال قريباً، ضد القوات الأوكرانية، خصوصاً في منطقة كروسك الروسية.

تصعيد مدروس أو متهور؟

وأتت تلك التحذيرات بعد الضجة التي أحدثتها روسيا، جراء الضربة «المدروسة» تداعياتها بدقة، التي نفَّذتها بصاروخ تجريبي فرط صوتي، أرادت من خلالها توجيه رسائل متعددة الاتجاهات. وشهد الأسبوع الماضي، تغييراً جذرياً للصراع في أوكرانيا، خلال سعي طرفَي النزاع المحموم للاستعداد لعودة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، للسلطة.

وخلال هذا الأسبوع، تقاذفت واشنطن وموسكو المسؤولية عن التصعيد. وقالت إدارة بايدن إن سماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ «أتاكمز» لضرب العمق الروسي، جاء رداً على استقدام نحو 11 ألف جندي كوري شمالي، حيث ترجح تقييمات استخباراتية أميركية وكورية جنوبية، أن يصل عددهم إلى نحو 100 ألف.

في المقابل، قالت موسكو إن ضربتها الصاروخية، كانت رداً على السماح باستهداف أراضيها بالصواريخ الغربية. وفي حين وصف كل من الجانبين الآخر بأنه «متهور»، يخشى البعض من أن يتحوَّل هذا التصعيد بسرعة إلى حرب. فواشنطن تحاول بشكل يائس تغيير الوضع الميداني المتراجع لأوكرانيا على الخطوط الأمامية، قبل مغادرة بايدن الرئاسة. وروسيا تتجه نحو مسارات أكثر خطورة لاستعادة قيمة الردع التي فقدتها في السنوات الثلاث الماضية. ورغم أن الطرفين لن ينخرطا في صراع مباشر، بدليل حرص موسكو على إبلاغ واشنطن قبل 30 دقيقة عن ضربتها الصاروخية، فإنهما سينخرطان بشكل أوسع في المواجهة التي أصبحت «عالمية» في أوكرانيا.

وطلبت أوكرانيا من حلفائها الغربيين تزويدها بأحدث جيل من أنظمة الدفاع الجوي لحماية نفسها. وكشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقطع مصور نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي عن أن «وزير الدفاع الأوكراني تَواصَل مع شركائنا من أجل (الحصول على) أنظمة جديدة للدفاع الجوي، وتحديداً نوع من الأنظمة يمكنه حماية الأرواح بمواجهة أخطار جديدة».

دعا رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، أقرب حليف لموسكو داخل الاتحاد الأوروبي، (الجمعة)، إلى عدم الاستهانة بتهديدات روسيا، الدولة المجهَّزة «بأكثر الأسلحة تدميراً في العالم»، التي «تبني سياستها ومكانتها في العالم بشكل عام على القوة العسكرية».

مشاركة جنود بيونغ يانغ

ويقدِّر وزير الدفاع الأميركي وجود نحو 10 آلاف عنصر من الجيش الكوري الشمالي الآن في منطقة كورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا، والمحتلة جزئياً من جانب قوات كييف، وقد تم «دمجهم في التشكيلات الروسية» هناك.

وقال أوستن للصحافة خلال توقفه في فيجي بالمحيط الهادئ: «بناءً على ما تم تدريبهم عليه، والطريقة التي تم دمجهم بها في التشكيلات الروسية، أتوقَّع تماماً أن أراهم يشاركون في القتال قريباً» في إشارة إلى القوات الكورية الشمالية.

رجال إطفاء أوكرانيون يعملون في مكان ما بعد هجوم جوي في دنيبرو وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)

وذكر أوستن أنه «لم يرَ أي تقارير مهمة» عن جنود كوريين شماليين «يشاركون بنشاط في القتال» حتى الآن، على الرغم من صدور تقارير أوكرانية، أشارت إلى مقتل عدد منهم في ضربة نفَّذتها كييف بصواريخ «أتاكمز» أخيراً في بريانسك.

وقال مسؤولون حكوميون في كوريا الجنوبية ومنظمة بحثية، هذا الأسبوع، إن موسكو تُقدِّم الوقود وصواريخ مضادة للطائرات، ومساعدة اقتصادية لبيونغ يانغ، مقابل القوات التي تتهم سيول وواشنطن كوريا الشمالية بإرسالها إلى روسيا.

ولم ينكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وجود قوات كورية شمالية، وبدلاً من ذلك انتقد الغرب بسبب دعمه لأوكرانيا. وقالت كوريا الشمالية، الشهر الماضي، إن أي نشر لقوات في روسيا سيكون «عملاً يتوافق مع قواعد القانون الدولي» لكنها لم تؤكد إرسال قوات.

الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمز» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)

وفي حين يعجل فريق الرئيس ترمب الحديث عن المفاوضات، كانت الأوضاع على جبهات القتال قاتمةً في كل مكان في أوكرانيا. فالقوات الروسية تواصل الضغط على القوات الأوكرانية في منطقة كورسك لإخراجها منها، وتتقدم جنوب خاركيف، بالقرب من مدينة كوبيانسك. وتتعرَّض خطوط الإمداد للخطر حول منطقة دونباس الشرقية، في حين جنوب زابوريجيا تحت ضغط أكبر، بحسب تقييمات عسكرية في واشنطن.

التأثير على ترمب

ورغم وصف المسؤولين الأميركيين وحلف شمال الأطلسي، الصاروخ الروسي «أوريشنيك» بأنه «متوسط ​​المدى وتجريبي»، في تعليقات بدت كأنها تسعى إلى التقليل من أهميته، فإنها كانت تشير في الواقع إلى خلاف أوسع مع موسكو، يعود إلى عام 2019، خلال رئاسة ترمب الأولى. في ذلك العام، انسحب ترمب من معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة، التي كانت تحد من تطوير مثل هذه الأسلحة، متهماً روسيا بانتهاكها.

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ويرى البعض أن إصرار المسؤولين الغربيين على أن هذا الصاروخ «متوسط المدى»، الذي بدا قادراً على حمل أسلحة نووية، ربما يكون إشارة إلى استمرار روسيا في السعي للحصول على مثل هذه الأسلحة خارج تلك المعاهدة التي انتهت صلاحيتها الآن. لكنه ربما كان أيضاً بمثابة إشارة إلى ترمب، بأن موسكو لا تزال منخرطة في تصنيع تلك الأسلحة التي اتهمها بتطويرها خلال ولايته الأولى.

لقاء روته بترمب

وأشارت تقارير إعلامية أميركية، إلى أن لقاء الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس ترمب، في بالم بيتش بولاية فلوريدا، كانت على رأسه، مناقشاتهما الوضع في أوكرانيا. وقالت فرح دخل الله، الناطقة باسم «الناتو»، اليوم (السبت) في بيان مقتضب: «ناقشا كل القضايا الأمنية العالمية التي تواجه حلف شمال الأطلسي».

وطبقاً لمعلومات من مصادر داخل الحلف، ناقش الجانبان الاجتياح الروسي المستمر لأوكرانيا، بالإضافة إلى قضية الإنفاق الدفاعي لأعضاء «الناتو»، بين قضايا أخرى.

كما اجتمع روته وفريقه أيضاً مع مايكل والتز، الذي اختاره ترمب لمنصب مستشار الأمن القومي، وأعضاء آخرين بفريق الأمن القومي للرئيس المنتخب، حسب بيان «الناتو».

وكان روته، رئيس الوزراء الهولندي السابق، أشار إلى رغبته في لقاء ترمب بعد يومين من فوزه في الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأكّد وقتها أنه يريد أن يبحث معه «التهديد» الذي يمثّله تعزيز العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية. وتولى روته منصب الأمين العام للناتو في أكتوبر (تشرين الأول).

ومن المقرر أن يعقد حلف شمال الأطلسي (ناتو) وأوكرانيا محادثات في بروكسل (الثلاثاء)؛ لبحث الوضع. وتقول كييف إنها تتوقَّع قرارات «ملموسة» من حلفائها.

واختار ترمب، يوم الأربعاء، مات ويتاكر، القائم بالأعمال السابق بمنصب المدعى العام، سفيراً لبلاده لدى حلف شمال الأطلسي. وأوضح ترمب في بيان أن ويتاكر «محارب قوي، ووطني وفي، وسيضمن الارتقاء بمصالح الولايات المتحدة والدفاع عنها، وتعزيز العلاقات مع حلفائنا في الناتو، والوقوف بثبات في مواجهة التهديدات للأمن والاستقرار». غير أن اختياره ويتاكر ممثلاً لدى «الناتو»، عُدَّ اختياراً غير اعتيادي، نظراً لخلفيته بصفته محامياً، وعدم تمتعه بخبرة في السياسة الخارجية.

مبعوث خاص لأوكرانيا

ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر مطلعة أن ترمب، يدرس اختيار ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية خلال فترة رئاسته الأولى من 2017 إلى 2021، مبعوثاً خاصاً للصراع بين روسيا وأوكرانيا. ومن المتوقع أن يلعب غرينيل، الذي شغل أيضاً منصب سفير واشنطن لدى ألمانيا، دوراً رئيساً في جهود ترمب لوقف الحرب إذا تم اختياره في نهاية المطاف لهذا المنصب. ورغم أنه لا يوجد في الوقت الراهن مبعوث خاص معني بحل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، فإن ترمب يفكر في إنشاء هذا الدور، وفقاً لتلك المصادر. وقالت المصادر إن ترمب قد يقرر في نهاية المطاف عدم تعيين مبعوث خاص للصراع في أوكرانيا، رغم أنه يفكر جدياً في القيام بذلك.